الجزيرة:
2025-08-10@15:57:40 GMT

كوارث بيئية لا تنسى.. تجفيف بحر آرال

تاريخ النشر: 7th, May 2025 GMT

كوارث بيئية لا تنسى.. تجفيف بحر آرال

في ستينيات القرن الماضي، نفذ الاتحاد السوفياتي مشروعا ضخما لتحويل المياه إلى السهول القاحلة في كازاخستان وأوزبكستان وتركمانستان، من نهري "سير داريا" و"أمو داريا" لإنشاء مزارع قطن ضخمة، فتحول المشروع إلى كارثة بيئية أدت إلى تجفيف بحر آرال.

استُخدم النهران الرئيسيان في المنطقة، واللذان يتغذيان من الثلوج الذائبة وهطول الأمطار على الجبال البعيدة، لتحويل الصحراء إلى مزارع شاسعة لزراعة القطن ومحاصيل أخرى، في زمن الصراع.

اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4كيف تتعافى النظم البيئية بعد الحرائق؟list 2 of 4التطرف المناخي يهدد شبه الجزيرة العربيةlist 3 of 4إسبانيا مهددة بتحول مساحات واسعة إلى صحراء بحلول 2050list 4 of 4لماذا صار التصحر أزمة تتجاوز البيئة وتمس البشر؟end of list

كان نهرا "سير داريا" و"أمو داريا" يتدفقان من الجبال، ويشقان طريقهما عبر صحراء "كيزيلكوم"، ليجتمعا أخيرا في أدنى جزء من الحوض. فكونا البحيرة الضخمة التي عرفت ببحر آرال، والذي كان يعد أكبر مسطح مائي في المنطقة ورابع أكبر بحيرة في العالم.

ويقع بحر آرال على الحدود بين كازاخستان شمالا وأوزبكستان جنوبا، وهو بحر داخلي مغلق، شكل في يوم ما امتدادا أزرق في قلب آسيا الوسطى، وكانت مساحته تبلغ 68 ألف كيلومتر مربع، وهو ما يساوي تقريبا مساحة بحيرة فيكتوريا في أفريقيا وضعف مساحة دولة مثل بلجيكا.

وبعد أن فقدت 90% من مساحتها الأصلية، تحولت منطقة بحر آرال من واحة مزدهرة إلى صحراء قاحلة، مع ما رافق ذلك من كوارث اقتصادية واجتماعية وصحية جعلت العلماء يصفونها بـ"تشرنوبل الصامت". ولم يبق من البحيرة سوى بعض البرك المائية المتفرقة، بينما يتحول قاعها الجاف إلى مصدر للعواصف الرملية الملحية السامة.

إعلان

"التنمية المدمرة"
عندما كانت جمهوريات آسيا الوسطى ضمن اتحاد الجمهوريات السوفياتية، قرر الزعيم السوفياتي آنذاك، جوزف ستالين، تحويل صحاريها الشاسعة إلى مزارع ضخمة للقطن، دون الالتفات إلى التوازنات البيئية والمناخية الهشة.

وشق تبعا لذلك آلاف الكيلومترات من قنوات الري لسحب مياه نهري "أمو داريا" و"سير داريا" وتوجيهها لاستصلاح الأراضي الزراعية في تركمانستان وأوزبكستان ومناطق أخرى في جنوب كازاخستان، فحصلت الكارثة تدريجيا.

منذ منتصف الثمانينيات من القرن الماضي، بدأت مياه بحر آرال في الانحسار بحدة، وانقسم لاحقا إلى مسطحين مائيين، أحدهما شمالا في كازاخستان، والثاني جنوبا بمساحة أوسع نسبيا في أوزبكستان. وتظهر صور الأقمار الصناعية لوكالة ناسا، أن المسطح المائي الجنوبي انكمش كثيرا منذ عام 2002 وانقسم إلى مسطحين، شرقي وغربي. ثم جفت مياه الجزء الشرقي تماما عام 2014.

وعبر عقود من الزمن وبفعل التبخر وانقطاع مياه النهرين اللذين يغذيانه، تراجعت شواطئ بحر آرال تدريجيا وتقلصت مساحته بنسبة 90%، وتعرضت مساحات شاسعة منه لعوامل التعرية وخاصة قاعه الذي صار مكشوفا ومغطى بالأملاح البحرية التي زادت نسبة ملوحتها.

كان بحر آرال شريانا اقتصاديا مهما للبلدان المتاخمة له، وغذت مياهه العذبة السكان، كما ساهم في ازدهار الزراعة والصيد والرعي والتجارة حتى على طول طريق الحرير الرابط بين الصين وأوروبا، لكنه اليوم أصبح معضلة بيئية تكشف عن المآلات الخطِرة لاستنزاف الطبيعة.

ومثل البحر نموذجا للتنوع البيئي أيضا، إذ تزخر مياهه بنحو 24 نوعا من الأسماك، توفر نحو 500 ألف طن سنويا، وبعد جفافه اختفى تماما نحو 20 نوعا بفعل انحسار المياه وزيادة الملوحة، ومن ثم فقد البحر قيمته الاقتصادية والتجارية وخسرت آلاف العائلات مصدر رزقها.

سفن صدئة على الرمال بعد أن جفت مياه بحر آرال (غيتي)

كارثة بيئية
مع جفاف بحر آرال، انهارت مصايد الأسماك والمجتمعات التي تعتمد عليها. وتلوثت المياه الملحة زيادة بالأسمدة والمبيدات الحشرية. وأصبح الغبار المتطاير من قاع البحيرة والملوث بالمواد الكيميائية الزراعية يشكل مخاطر جمة على السكان.

إعلان

وتشير الدراسات إلى أن نحو 75 مليون طن من غبار الأملاح السامة تحملها الرياح كل عام من القعر الجاف لبحر آرال، فتنتشر مسافات بعيدة مشكلة غيوما من الغبار الملحي السام.

كما انتشر الغبار المالح من قاع البحيرة في الحقول، مما أدى إلى تدهور التربة وتسممها أحيانا، وفقد أيضا التأثير الملطف لبرودة الشتاء وحرارة الصيف بجفاف هذا المسطح المائي الضخم.

ويقدر الخبراء أيضا، أن تجفيف بحر آرال جلب عواقب صحية خطِرة على السكان، إذ إن نحو 5 ملايين نسمة يعانون مشاكل صحية بسبب الغبار الملحي الذي تنقله الرياح والمعبأ بتركيزات قوية وسامة من كلوريد الصوديوم، والمبيدات الحشرية المسرطنة التي تغلغلت في السلسلة الغذائية بالمنطقة.

وقدرت بعض الأبحاث أن حالات الإصابة بالسرطان ارتفعت بـ25 ضعفا في المنطقة، كما انتشرت أمراض أخرى مرتبطة بالغبار الملحي والتأثيرات البيئية لتجفيف البحر.

كما رصد العلماء أيضا تأثيرات أخرى تمثلت في تشوهات دقيقة في مساحة تبلغ 500 كيلومتر حول مركز البحيرة القديمة. حيث خشن سمك القشرة الأرضية بمعدل 4 سنتيمترات خلال أربع سنوات فقط (2016-2020).

ويعود ذلك لاختفاء وزن هائل يقدر بـ1.1 مليار طن من المياه، وهو ما يعادل وزن 150 هرما بحجم هرم خوفو الأكبر.

وكان هذا الوزن الضخم يضغط على طبقات الأرض العميقة، وعند زواله، بدأ الوشاح الأرضي الساخن يتدفق لتعويض الفراغ، مسببا هذا الانتفاخ التدريجي الذي من المتوقع أن يستمر عقودا قادمة حسب العلماء.

ورغم أن بحر آرال بدأ يستعيد كميات كبيرة من مياهه، واتسعت مساحته خصوصا في كازاخستان، تبقى آثار الكارثة البيئية التي تسببت فيها محاولة إعادة هندسة الطبيعة لتحقيق أهداف اقتصادية آنية، ماثلة ومستمرة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات بيئي بحر آرال

إقرأ أيضاً:

بوتين يتصل مع قادة كازاخستان وأوزبكستان.. أوربان يدعو لقمة روسية أوروبية لحماية أمن القارة

أجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اليوم الجمعة، اتصالات هاتفية مع كل من الرئيس الكازاخستاني قاسم جومارت توكاييف، والرئيس الأوزبكستاني شوكت ميرضيائيف، اطلع خلالها على آخر الخطوات والمباحثات الرامية إلى إيجاد سبل لحل الصراع الأوكراني بشكل سلمي، بالإضافة إلى نتائج محادثاته مع المبعوث الرئاسي الأمريكي الخاص، ستيفن ويتكوف.

وأوضح المكتب الصحفي للكرملين أن بوتين بحث مع توكاييف تقدم الحوار مع الولايات المتحدة بشأن الأزمة الأوكرانية، في إطار علاقات التحالف والشراكة الاستراتيجية بين روسيا وكازاخستان، مشيراً إلى أهم نتائج الاجتماع الأخير مع المبعوث الأمريكي.

بدوره، أعرب توكاييف عن امتنانه للمعلومات التي تلقاها ورحب بالخطوات الهادفة إلى إيجاد حل سلمي للنزاع.

في سياق متصل، أجرى بوتين اتصالاً هاتفياً مع الرئيس الأوزبكستاني شوكت ميرضيائيف، حيث قدم بوتين تقييمه لمحادثاته مع المبعوث الأمريكي خلال لقائه في الكرملين يوم 6 أغسطس الجاري.

وأكد ميرضيائيف دعمه الكامل للجهود المبذولة لإيجاد حلول سياسية ودبلوماسية للأزمة الأوكرانية، معبراً عن شكره للرئيس الروسي على هذه المعلومات المهمة.

وتركزت المحادثات بين بوتين وميرضيائيف على تدابير ضمان ديناميكية نمو التجارة والاستثمار المتبادلين بين البلدين، وتسريع تنفيذ مشاريع التعاون في القطاعات الاقتصادية ذات الأولوية، إلى جانب استمرار الاتصالات والتبادلات التجارية والإنسانية على المستوى الإقليمي.

كما استعرض الجانبان جدول الفعاليات والاجتماعات المقبلة لتعزيز التعاون المستقبلي.

رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان: أوروبا بحاجة إلى لقاء بوتين وإلا ستُبعد عن قرارات أمن القارة

أكد رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، اليوم الجمعة، على ضرورة عقد قمة بين القادة الأوروبيين والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مشددًا على أن عدم القيام بذلك سيؤدي إلى إبعاد أوروبا عن صناعة القرارات المتعلقة بأمن القارة.

وأضاف أوربان أن أوروبا في الوقت الحالي “نائمة” ولا تتخذ الخطوات اللازمة لمواجهة التحديات الأمنية.

وفي تصريح لإذاعة “كوسوث”، قال أوربان: “إذا أمكن، يجب عقد قمة روسية أوروبية في أقرب وقت، ويفضل أن يكون ذلك قبل القمة الروسية الأمريكية، وإن لم يكن، فبعدها بالتأكيد”.

وأعرب عن أمله في اللقاء المرتقب بين بوتين والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، واصفًا إياه بـ”الأمر المفرح”، لكنه في الوقت ذاته انتقد أوروبا لكونها “نائمة” في ظل هذا الوضع الحساس.

وشدد أوربان على أن أوروبا إذا أرادت أن تكون قادرة على اتخاذ قراراتها الأمنية بنفسها، فلا يمكنها أن تبقى كطفل مستاء يغضب من روسيا، بل يجب أن تتصرف وفق قواعد الدبلوماسية وأن تحل المشاكل عبر المفاوضات.

وأوضح أن عقد قمة روسية أوروبية أمر ضروري وإلا ستصبح الدول الأوروبية “لاعبين ثانويين في إدارة القضايا الأمنية في القارة”.

وأشار رئيس الوزراء المجري إلى أن “وقف إطلاق النار ورفع العقوبات لن يتحقق إلا عبر مفاوضات مباشرة بين الرئيسين الأمريكي والروسي”.

وأكد في تصريحات سابقة أن أوروبا أضاعت فرصة الوساطة لعجزها عن ضمان تنفيذ اتفاقيات مينسك، مؤكدًا أن السلام في أوكرانيا لا يمكن تحقيقه إلا عبر حوار مباشر بين روسيا والولايات المتحدة.

يُذكر أن مساعد الرئيس الروسي يوري أوشاكوف أعلن مؤخرًا أن روسيا والولايات المتحدة اتفقتا على عقد لقاء بين بوتين وترامب في الأيام المقبلة، وقد اختار بوتين الإمارات كأحد الأماكن المناسبة لهذا الاجتماع.

في سياق متصل، أشار أوربان إلى أن أغلبية دول الناتو ترى أن أي صراع مع روسيا قد يؤدي إلى حرب عالمية ثالثة، مؤكداً أن الاتحاد الأوروبي لا يمكنه الفوز في الصراع في أوكرانيا، وأن الأحزاب اليمينية المحافظة في أوروبا تخشى عودة قتلى من أوكرانيا إلى القارة في نعوش.

كما انتقد وزير الخارجية المجري سابقًا دعم الاتحاد الأوروبي لأوكرانيا، معتبرًا أن انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو يعد “إشعالًا لبرميل بارود في قلب أوروبا”، في إشارة إلى خطورة التصعيد المحتمل في المنطقة.

مقالات مشابهة

  • النسيان.. نعمة أم نقمة؟
  • موجة كوارث وعنف تهز العالم.. حرائق وحوادث مميتة وأزمات أمنية
  • رشوان توفيق: أنا ابن دعاء أمي وحياتي كلها رضا وذكريات لا تنسى
  • «الشارقة للدفاع عن النفس» يدشن معسكر كازاخستان
  • “روساتوم” تطلق أعمال تشييد أول محطة نووية في كازاخستان
  • لابيد: قرار الحكومة الإسرائيلية باحتلال غزة كارثة ستؤدي إلى كوارث
  • 90 طالبًا على طريق التخصص.. ننشر أسماء الطلاب المقبولين بمدرسة مياه الشرب في البحيرة
  • بوتين يتصل مع قادة كازاخستان وأوزبكستان.. أوربان يدعو لقمة روسية أوروبية لحماية أمن القارة
  • رشوان توفيق يذرف الدموع على الهواء.. حكايات لا تنسى عن والدته
  • العرب في بانكوك.. للسياحة والعلاج أيضا