العراق بين البراغماتية والتوازن الإقليمي قراءة في تعقيدات الموقف
تاريخ النشر: 10th, August 2025 GMT
10 أغسطس، 2025
بغداد/المسلة:
محمد حسن الساعدي
منذ سقوط النظام السابق عام 2003، وجد العراق نفسه محاطًا بتحديات إقليمية متشابكة، وأزمات داخلية مركبة، وواقع دولي مضطرب. في هذا السياق، سعت الحكومات العراقية المتعاقبة إلى اعتماد سياسة تقوم على التوازن في العلاقات الخارجية، مع محاولة إضفاء صبغة براغماتية على قراراتها، بما يضمن مصالح البلاد ويحفظ استقرارها.
لعب العراق دوراً مفصلياً في الازمة السورية،إذ دخل على خط الازمة وبسرعة من أجل تخفيف وطأة المتغيرات على الارض بسرعة دون ان يشعر بها المواطن السوري يعد العراق،إذ يعد العراق شريك رئيسي في نجاح عملية انتقال السلطة في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد، وها هلي بغداد ودمشق تلتزم بتعزيز العلاقات بينهما على الرغم من اختلافاتهما السياسية والأيديولوجية، وه نهج عملي نابع من حرص العراق على التعايش السلمي مع جيرانه وان يمارس دوره في تحقيق الامن والاستثرار للمنطقة ،وهو آتٍ من الشعور بالتهديدات الأمنية العابرة للحدود الوطنية المشتركة للبلدين بما في ذلك عودة ظهور داعش سواءً على الجبهة الداخلية السورية أو على الحدود الموازية لسوريا.
من المحتمل ان يعقد الماضي الإرهابي لاحمد الشرع بالإضافة إلى التوترات الجيوسياسية المرتبطة بالمنطقة عموماً العلاقات العراقية السورية ،وبالرغم من ان العراق وقف ضد الأسد بعد 2003 الا انه قرر الانضمام الى جهود الأسد في حربه ضد داعش في 2011، ومن بعدها دعم النظام السوري، وكان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني قبل أسبوع من انهيار نظام الأسد داعما لهذا النظام،ولكن بدأ التغير في خطاب السياسيين العراقيين بعد انهيار النظام،وبقي العراق كشعب وجمهور مختلف في نظرته الى الشرع وهيئة تحرير الشام على انها منظمة إرهابية.
بعد سيطرة هيئة تحرير الشام على دمشق تكيفت القيادة العراقية بسرعة مع واقع سوريا الجديد وأعاد كبار المسؤولين العراقيين ضبط خطابهم للإشارة إلى دعمهم للانتقال السوري وتمهيد الطريق لعلاقات مستقرة،بالمقابل سعى النظام السوري الجديد إلى طمأنة العراق بالتزامه بحماية المجموعات الدينية والعرقية في سوريا والحفاظ على علاقات سلمية مع الدول المجاورة، الا أن مكونات الشعب العراقي أختلفوا في النظرة الى الشرع، بين مراقب وبين موافق،وفي نفس الوقت هناك من يعتقد بضرورة تطبيع العلاقات مع دمشق، اما الاكراد فأنهم يعتقدون ان اي تطبيع مع دمشق من شأنه أن يحسن أوضاع السكان الأكراد في سوريا، ما يزيد من تعقيد هذه الديناميكيات خصوصاً مع الاستعدادت التي يقوم العراق لاجراء الانتخابات البرلمانية المقبلة،ولم يتضح بعد الدور الذي ستلعبه مسألة علاقات العراق مع سوريا ما بعد الأسد في تشكيل نتيجة التصويت.
قد تبرز قضية دور العراق في مستقبل سوريا كقضية مهمة في السياسة العراقية حيث يقدم المرشحون رؤى متنافسة لسياسة العراق تجاه سوريا، وأخذت بغداد بالاهتمام بمكافحة الإرهاب وأمن الحدود بسبب الويلات التي تركها تنظيم داعش الى جانب تجارة المخدرات التي تنشط عبر الحدود.
العراق جاد في البحث عن منافذ لمصادر الطاقة عبر بانياس من كركوك، والحاجة إلى المياه، وعلى الرغم أن الحكومة السورية الجديدة تمثل تحدي الى العراق إلا أن بغداد ستستفيد بشكل كبير من علاقة مستقرة قائمة على الاحترام المتبادل مع دمشق ، إذ أن هناك مجالات كثيرة للتعاون اذا ما نجح البلدان بتجاوز نقاط التوتر بينهما، ويمكن ان تكون حجر أساس في حماية الملف الامني بين الدولتين الجارتين من خلال تمتين العلاقة الاقتصادية وبما يحقق نوايا العراق في استقرار المنطقة ككل،وتفويت الفرصة على من يحاول تغيير خارطتها بما يحقق اهدافه الخبيثة.
يقف العراق اليوم على مفترق طرق حرج، وهو مطالب بالحفاظ على نهجه التوازني دون أن يكون رهينة للضغوط الخارجية أو الخلافات الداخلية.
البراغماتية التي ينتهجها يجب أن تكون قائمة على رؤية استراتيجية واضحة تعلي من مصلحة الدولة لا مصالح الأطراف. فالتحول من التوازن السلبي إلى الحياد الإيجابي، ومن البراغماتية التكتيكية إلى السياسة الواقعية القائمة على السيادة، هو التحدي الأكبر في المرحلة المقبلة.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts
المصدر: المسلة
إقرأ أيضاً:
مصدر مسؤول في الحكومة السورية عن مؤتمر قسد: تؤكد الحكومة أن هذا المؤتمر شكّل ضربة لجهود التفاوض الجارية وبناءً على ذلك فإنها لن تشارك في أي اجتماعات مقررة في باريس ولن تجلس على طاولة التفاوض مع أي طرف يسعى لإحياء عهد النظام البائد تحت أي مسمى أو غطاء وتدع
2025-08-09Zeinaسابق مصدر مسؤول في الحكومة السورية عن مؤتمر قسد: إذ تستعيد هذه الخطوة نهج المؤتمرات التي سعت لتقسيم سوريا قبل الاستقلال فإن الحكومة السورية تؤكد أن الشعب السوري الذي أفشل تلك المخططات وأقام دولة الاستقلال سيُفشل اليوم هذه المشاريع مجدداً ماضياً بثقة نحو بناء الجمهورية الثانية انظر ايضاًمصدر مسؤول في الحكومة السورية عن مؤتمر قسد: إذ تستعيد هذه الخطوة نهج المؤتمرات التي سعت لتقسيم سوريا قبل الاستقلال فإن الحكومة السورية تؤكد أن الشعب السوري الذي أفشل تلك المخططات وأقام دولة الاستقلال سيُفشل اليوم هذه المشاريع مجدداً ماضياً بثقة نحو بناء الجمهورية الثانية
آخر الأخبار 2025-08-09مصدر مسؤول في الحكومة السورية عن مؤتمر قسد: تؤكد الحكومة السورية على أن حق المواطنين في التجمع السلمي والحوار البنّاء سواء على مستوى مناطقهم أو على المستوى الوطني هو حق مصون تضمنه الدولة وتشجّع عليه شريطة أن يكون في إطار المشروع الوطني الجامع الذي يلتف حول وحدة سوريا أرضاً وشعباً وسيادة 2025-08-09أذربيجان وأرمينيا توقعان اتفاق سلام تاريخياً برعاية أميركية 2025-08-08وزير الطاقة: إعادة هيكلة قطاع الطاقة في سوريا وإطلاق شركات قابضة لتعزيز الإنتاج 2025-08-08الأمم المتحدة تدعو إسرائيل إلى وقف خطتها للاستيلاء على غزة 2025-08-08“موتوريكس” يجمع أحدث الابتكارات في قطاع السيارات والذكاء الاصطناعي في سوريا 2025-08-08نحو مؤسسات أكثر كفاءة… دورة لتعزيز الأداء المؤسسي في القطاع العام 2025-08-08عودة منشد الثورة عبد الرحمن فرهود بفعالية جماهيرية في حماة 2025-08-08وزارة الطاقة السورية: 5 ساعات كهرباء إضافية مع بداية الأسبوع المقبل 2025-08-08اليابان: إجلاء 360 ألف شخص من منازلهم واضطراب حركة النقل بسبب الأمطار الغزيرة 2025-08-08اتفاقيات اقتصادية سورية – تركية تعمق الشراكة الإستراتيجية بين البلدين
صور من سورية منوعات الصين تنجح باختبار هبوط وإقلاع مركبة فضائية مأهولة على سطح القمر 2025-08-08 مرصد كوبرنيكوس للتغير المناخي: العالم يسجل ثالث أكثر شهور تموز حرارة على الأرض 2025-08-07
مواقع صديقة | أسعار العملات | رسائل سانا | هيئة التحرير | اتصل بنا | للإعلان على موقعنا |