أكد اللواء الدكتور رضا فرحات، نائب رئيس حزب المؤتمر، أستاذ العلوم السياسية، أن زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى العاصمة اليونانية أثينا، وتوقيع إعلان تدشين مجلس التعاون الأعلى بين مصر واليونان، تعكس نقلة نوعية في العلاقات بين البلدين، وتأتي كترجمة عملية للتفاهم السياسي العميق والتقارب الاستراتيجي الذي تشهده العلاقات الثنائية في السنوات الأخيرة.

وأضاف الدكتور فرحات أن هذه الزيارة التاريخية تؤسس لمرحلة جديدة من التنسيق المؤسسي بين البلدين، خاصة في ظل التحديات المتصاعدة في منطقة شرق المتوسط، مشيرا إلى أن توقيت الزيارة يعكس إدراك القيادة السياسية لأهمية توسيع الشراكات الإقليمية، وبناء محاور استقرار مع الدول ذات المصالح والرؤى المشتركة.

وأوضح أن إعلان تدشين مجلس التعاون الأعلى بين مصر واليونان لا يحمل فقط دلالة رمزية على عمق العلاقات، بل يحمل مضمونا عمليا سيساهم في تعزيز التعاون المشترك في مجالات الاقتصاد والطاقة والأمن، ويضع آليات محددة لمتابعة تنفيذ المشروعات التنموية والاستثمارية التي تم الاتفاق عليها كما يفتح المجال لآفاق أوسع من التعاون الثنائي، خاصة في مشروعات الربط الكهربائي، والنقل البحري، والتبادل التجاري.

وتابع فرحات أن مصر تسعى من خلال هذا الإطار المؤسسي إلى ترسيخ موقعها كمركز إقليمي للطاقة، عبر تصدير الكهرباء النظيفة إلى أوروبا، مؤكدا أن مشروع الربط الكهربائي بين مصر واليونان، الذي يمثل أحد أكبر مشروعات البنية التحتية في المنطقة، سيعود بفوائد اقتصادية هائلة على البلدين، وسيساهم في تعزيز أمن الطاقة الأوروبي.

وأشار نائب رئيس حزب المؤتمر إلى أن التعاون المصري اليوناني لا يقتصر على المجال الاقتصادي فقط، بل يمتد إلى التنسيق السياسي والأمني، خاصة فيما يتعلق بالملف الليبي، ومكافحة الإرهاب، والهجرة غير الشرعية، وحقوق الشعب الفلسطيني، وهي ملفات تمثل أولوية لكلا البلدين في ظل الأوضاع الإقليمية المتغيرة كما أثنى فرحات على مبادرة "إحياء الجذور" التي تجمع بين مصر واليونان وقبرص، مؤكدا أن هذا البعد الثقافي والتاريخي يعزز من روابط الصداقة بين الشعوب، ويدعم الجهود السياسية في بناء شراكات أكثر تماسكاً وتأثيراً.

وأوضح أستاذ العلوم السياسية أن السياسة الخارجية المصرية بقيادة الرئيس السيسي أثبتت خلال السنوات الأخيرة قدرتها على بناء تحالفات استراتيجية متوازنة، تدعم مصالح مصر القومية، وتعزز استقرار المنطقة، وتمنح الدولة المصرية مكانة متقدمة في محيطها الإقليمي والدولي.

اقرأ أيضاًالرئيس السيسي يلتقي رئيس وزراء اليونان بـ أثينا لبحث التعاون الثنائي

رئيس الوزراء: وجهت بتنفيذ تكليفات الرئيس السيسي خلال عيد العمال

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: الهجرة غير الشرعية الرئيس السيسي الطاقة الربط الكهربائي مكافحة الإرهاب التبادل التجاري التعاون الاقتصادي الملف الليبي النقل البحري زيارة السيسي الأمن التعاون الاستراتيجي أمن الطاقة إحياء الجذور حقوق الفلسطينيين السياسة الخارجية التعاون السياسي علاقات مصر اليونان مجلس التعاون الأعلى التفاهم السياسي التحالفات الاستراتيجية بین مصر والیونان

إقرأ أيضاً:

السيسي يستقبل حفتر.. حين تُعيد الجغرافيا تشكيل السياسة وتختبر القاهرة بوصلتها في الغرب

في مساء شتوي بارد من ديسمبر 2025، كانت القاهرة تشبه مدينة تستعد لقراءة فصل جديد من خرائط الإقليم. لم يكن استقبال الرئيس عبد الفتاح السيسي للمشير خليفة حفتر في قصر الاتحادية مجرد لقاء عابر على صفحات البروتوكول، بل كان أشبه بفتح غرفة الخرائط على مصراعيها، حيث تتقاطع خطوط الحدود مع مصالح الأمن القومي، وتتجاور حسابات البحر مع حسابات الصحراء. لحظة تحمل رائحة السياسة الثقيلة، وتقول إن الجغرافيا ما زالت أقوى من كل خطابات النوايا.

القاهرة، التي تعتبر ليبيا امتدادًا مباشرًا لنَفَسها الغربي، كانت ترسل رسالة لا تحتاج إلى دبلوماسية: لا فراغ استراتيجي عند حدود مصر، ولا سماح بتحويل ليبيا إلى ساحة مفتوحة للمرتزقة وألعاب القوى الإقليمية. البيان الرسمي، وإن جاء هادئًا، أعاد التأكيد على وحدة ليبيا وخروج القوى الأجنبية وضرورة الذهاب إلى انتخابات شاملة، لكنه أخفى بين السطور ملامح رؤية مصرية أكثر حسمًا: حماية مصالحها، منع تهديد حدودها، وتحصين المتوسط من أي محاولة لإعادة رسم خرائطه دون حضور القاهرة.

في عمق المشهد، بدا اللقاء كأنه تثبيت لوزن شرق ليبيا في معادلات المرحلة المقبلة، وتعزيز لقدرة هذا التيار على الإمساك بخيوط التفاوض. لكنه في الوقت ذاته كشف إدراكًا مصريًا بأن القوة بلا سياسة تتحول إلى عبء، وأن ليبيا لا تحتاج طرفًا ينتصر بل دولة تستعيد تماسكها. فكل فراغ هناك يعني فوضى هنا، وكل انزلاق في الشرق أو الغرب ينعكس على القاهرة مباشرة، سواء عبر الحدود الرملية أو عبر البحر المتوسط.

أما ملف الهجرة غير الشرعية فكان حاضرًا كظل لا يفارق الساحل الليبي، أي استقرار في الشرق سيحد من قدرة شبكات التهريب، ويمنح مصر مساحة أوضح لملاحقة خطوط التسلل، بينما أي انفجار سياسي سيحوّل البحر إلى ممر مفتوح للهاربين والفوضى معًا.

لذا بدا واضحًا أن ضبط الحدود البحرية والبرية لم يعد مسألة أمنية فقط، بل جزءًا من سياج استراتيجي يحمي الداخل المصري من ارتدادات الفوضى الليبية.

ومع ذلك، كان على القاهرة أن تتحرك بوعي تجاه مفارقات المشهد: ألا تتحول ليبيا إلى رقعة صراع بين محاور خارجية، وألا يُبنى النفوذ المصري على تحالف أحادي يُهمل المكونات الليبية الأخرى، وألا تجرّها معارك المتوسط إلى مواجهات جانبية مع لاعبين إقليميين يبحثون عن موطئ قدم في شرق البحر.

في المجموع، بدا استقبال السيسي لحفتر إعلانًا بأن مصر عادت لاعبًا مباشرًا في رسم مستقبل غربها، لا مراقبًا يتحسّس النتائج. لكنه إعلان يحمّل القاهرة مسؤولية شاقة: تثبيت الحدود، ضبط المتوسط، متابعة الداخل الليبي، ومراقبة ما يجري في السودان الممتد أثره حتى طرابلس وطبرق في آن واحد.

ولكي تحتفظ هذه الخطوة بزخمها، يصبح من الضروري التوازن بين ثلاثة مسارات:

ربط الدعم العسكري بمسار سياسي واضح يضمن انتخابات شاملة.

تشديد الرقابة على الحدود والبحر لوقف شبكات التهريب والهجرة.

تفعيل دبلوماسية إقليمية متوازنة تمنع الاشتعال في شرق المتوسط وتُبقي ليبيا خارج دوائر الحروب بالوكالة.

البعد الاستخباراتي، ما وراء الصور والتصريحات.

قد يبدو اللقاء سياسيًا في ظاهره، لكنه في عمقه يحمل إشارات استخباراتية واضحة:القاهرة تُعيد بناء شبكة تنسيق ميداني مع شرق ليبيا تشمل مراقبة الحدود، تبادل معلومات عن الميليشيات والمقاتلين الأجانب، ومسارات تهريب السلاح والبشر.

هناك اهتمام مصري برسم “خريطة مصادر التهديد” داخل ليبيا، من مواقع المرتزقة إلى ممرات الصحراء وصولًا إلى الموانئ التي يمكن أن تتحول إلى نقاط انطلاق للهجرة غير الشرعية.

المعلومات المتداولة تشير إلى رغبة مصر في امتلاك صورة كاملة عن التحركات الإقليمية في ليبيا: التمويل، السلاح، القيادات الجديدة، وتغيّر الولاءات القبلية.

كما تسعى القاهرة إلى ضمان ألا يتحول الساحل الليبي الشرقي إلى نقطة نفوذ لقوى قد تغيّر موازين المتوسط، سواء في الطاقة أو الحدود البحرية أو قواعد النفوذ العسكري.

إنها قراءة استخباراتية تقول إن ليبيا ليست مجرد جار، بل لوحة أمنية مفتوحة، وأي ضباب عليها يعني ظلامًا على حدود مصر.

(محمد سعد عبد اللطيف «كاتب وباحث في الجيوسياسية والصراعات الدولية»).

اقرأ أيضاًمحامٍ لدى «الجنائية الدولية»: قائد الجنجويد الأسبق علي كوشيب ارتكب جرائم وفظائع في السودان

خالد الترجمان: الخطوط الحمراء المصرية بين سرت والجفرة منعت التوغّل نحو الحقول والموانئ النفطية

مقالات مشابهة

  • المؤتمر الأردني-الروماني الطبي يعزز الشراكة الأكاديمية والتدريبية بين البلدين
  • وليد شاكر نموذجًا.. أستاذ قانون دستوري يوضح ضوابط الطعون الانتخابية
  • عاجل- الرئيس السيسي يتلقى اتصالًا هاتفيًا من ملك البحرين لمناقشة الأوضاع الإقليمية وتعزيز التعاون الثنائي
  • فؤاد هنو يلتقي سفير اليونان: العلاقات الثقافية بين البلدين نموذج مُلهم للتواصل الحضاري
  • برلماني: استثمارات ليوني نموذج لنجاح الشراكة بين الدولة والقطاع الخاص العالمي
  • السيسي يستقبل حفتر.. حين تُعيد الجغرافيا تشكيل السياسة وتختبر القاهرة بوصلتها في الغرب
  • أستاذ علوم سياسية: واشنطن بدأت معركة تفكيك أوكار الإخوان
  • علوم الرياضة بجامعة كفر الشيخ تمنح درجة الدكتوراه لبحث مبتكر في الوقاية من الإصابات العضلية
  • تعاون لبناني–ياباني يتعزّز: منحة جديدة تدعم الأمن الصحي وتكرّس الشراكة بين البلدين
  • مصر وروسيا توقعان عددًا من الاتفاقات لتوسيع الشراكة العلمية والأكاديمية بين البلدين