سودانايل:
2025-08-13@19:21:32 GMT

متى نكف عن هذا..!!

تاريخ النشر: 8th, May 2025 GMT

تأمُلات
كمال الهِدَي

. أتابع منذ صبيحة يوم أمس حالة الهيجان والنشر المتعجل لأخبار ورسائل بعض من يحاولون صُنع بطولات زائفة بمعاداتهم للإمارات واستدرار عواطف البسطاء لإتخاذ مواقف ربما تضر بهم وبأسرهم وبالآخرين.

. وكعادتنا نتعجل في (الكوبي بيست) ولا يفكر معظمنا سواءً كنا أناساً عاديين أو حتى صحفيين قبل أن نعيد نشر ما يصلنا.



. فخبر مثل أن دول مجلس التعاون الخليجي إتخذت موقفاً بقطع العلاقات الإقتصادية والسياسية مع السودان بسبب قطع علاقته بالإمارات خبر زائف ولا يمكن أن يقبله أي عقل، لكننا لا نفكر قبل أن ننشر وهنا تكمن المشكلة الحقيقية، وهذا أحد أسباب إستمرار هذه الحرب اللعينة وما أدى لأن ندمر بلدنا بأنفسنا ثم نبدأ في لوم الآخرين.

. فأولاً يا سادة دول هذا المجلس التي تتكلمون عنها لا تتخذ القرارات، سيما الكبيرة منها، على طريقة (سلق البيض) كما يحدث عندنا.

. وهنا سأعطيكم نموذجاً صغيراً حتى يفهم البعض كيف تمضي الأمور في دول المجلس.

عملت لسنوات في قسم التحرير الإنجليزي بوكالة الأنباء العمانية وفي بعض الأحيان كان الإخوة في قسم التحرير العربي يمدوننا بخبر قد لا يتعدى خمسة أسطر لكن لأهميته يرفق معه المحرر المسئول في القسم العربي الذي يجاورنا ويفصلنا عنه باب زجاجي، يرفق معه الملاحظة التالية " يمكنكم تجهيز الترجمة لكن لا تنشروا لأن الموافقة النهائية لم تأت بعد".

. وحين تُدون مثل هذه الملاحظة يلتزم بها أقلنا خبرة في القسم لأن النظام يحكم كل شيء، وقد ننتظر لساعات قبل أن يُقَرر في الخبر بشكل نهائي ويتم إرساله للوكالات والصحف والمؤسسات على الواير.

. ضربت مثلاً بخبر صغير في مؤسسة رسمية واحدة فما بالكم بالقرارات الكبيرة التي تخص الدول بأكملها!

هذه أمور يتم التداول فيها بتريث ونقاشات مستفيضة يا قوم، ولا يوجد بين هؤلاء الناس برهان أو عطا يصحو صباحاً فيعين من يريد ويطرد من يرغب في طرده، أو يلعن هذا ويقطع العلاقات مع ذاك.

. أنا أصلاً غير مقتنع بأن حكومة البرهان قطعت علاقتها بالإمارات نفسها، فقطع العلاقات لا يكون عبر مجلس دفاع أو أمن ولا من خلال الميديا، بل له قنواته المحددة وآليات يعرفها الجميع، لكننا عندما نريد تصديق الكلام (الساي) نصدقه ونبدأ برغبة (مُحيرة) في إثارة البلبلة.

. وإن كان قطع العلاقة مع الإمارات نفسها موضع شك فما بالكم بالخبر الزائف حول قطع الخليجيين علاقاتهم مع السودان!

. ثم أن موقفك كمواطن عادي لا ناقة له أو جمل من الإمارات و ( قطع علاقتك) بها ليس دليل وطنية إطلاقاً بل هو موقف عاطفي لا يقبله العقل.

. ولكي لا يسوقك بالخلا من يحافظون على علاقتهم بالإمارات نفسها وبغيرها من البلدان التي يقولون في الإعلام أنها عدوة لنا ولبلدنا، لابد أن تفهم عزيزي المواطن البسيط أن أي حرب في هذا الكون عندما يسمح أهلها بإستمرارها وتمددها، يتعلق الأمر بعد ذلك بأطراف إقليمية ودولية تصبح جزءاً من هذه الحرب بشكل أو بآخر.

. ولهذا فالموقف الوطني الجاد والمتعقل كان أن تُرفض هذه الحرب منذ ساعاتها الأولى حتي لا نفتح الباب لأي تدخلات إقليمية أو دولية.

. ولو تذكرون حتى أيام الإعتصام وقبل أن تكون هناك حرب، كنا ندعو لأن يحلحل الثوار أمورهم سريعاً ويسدون الثغرات بالصورة المثلي منعاً لأي تدخلات خارجية قد تأتي لاحقاً.

. وحتى بعد بدء هذه الحرب اللعينة وإنقسام السودانيين حولها كمعسكري هلال مريخ ظللنا نتساءل: لماذا لا يقطع الجيش خطوط إمداد الجنجويد وهو القادر على مثل هذا الفعل وقتها بحكم تفوقه بسلاح طيران لا يملك مثله الجنجويد.

لكن ذلك لم يحدث، وأظهر لنا جيش الكيزان (فلاحته) فقط في هدم بيوت المواطنين والأسواق فوق رؤوس الناس.

. والمفارقة اليوم أن كل من أيدوا ذلك نراهم يدعون البطولات الآن، ويصرخون من إمتلاك الجنجويد لأسلحة متطورة، ويوزعون صكوك الوطنية وفقاً لأمزجتهم ورغباتهم.

. وقبل أن تردد كلامهم تأمل عزيزي المواطن العادي العالم من حولك وقل لنا: أي حرب في هذا الكون لم ترتبط بها أطراف خارجية!!

. هذا بالطبع ليس دفاعاً عمن يتدخلون في شئون الآخرين لكنه واقع العالم الذي نعيش فيه، فنحن لا نقطن جزيرة معزولة.

. وسؤال آخر: أليس هناك من يدعمون الجيش وحكومة البرهان، فكيف لا تعتبر ذلك خيانة وعمالة حين يستعين من تحب وتناصر بقوى خارجية!

. المباديء لا تتجزأ يا قوم.

. بالطبع سيردد المغيبون " لكن تلك مليشيا خارجة إرتكبت فظائع.. الخ".

. لن أنكر ذلك، ولن أحاول تبرير جرائم الجنجويد الفظيعة لأنني لم أكن من أنصارهم حتى عندما كان يُطلق عليهم اسم الدلع (الدعم السريع)، لكن لا أنا ولا أنت من أتى بهم.

فمن أسس هذه القوات وسن لها القوانين ودافع عنها في قاعات الأمم المتحدة ومكنها من التمدد ومن ثروات البلد، ومن سمح لها بتأسيس علاقات خارجية مستقلة عن الجيش والدولة معروف لنا جميعاً، وإن أردت أن تتغابى فلا تفترض أن الآخرين لابد أن يتغابوا ويغالطوا الحقائق مثلك.

. كما أن أمور السياسة تراكمية ولا ينفع معها حديث البسطاء " كده خلونا نخلص مما نحن فيه وبعدين نشوف لومكم للجيش والدولة".

فما فعله الجيش والدولة أدى للنتائج الحالية، وليس بوسعك أن تغير هذا الوضع أو تعيده لما قبله لمجرد رغبتك في ذلك.

. يعني ببساطة وصورة أوضح أقول أن كل ما نحن فيه سببه الكيزان وجيشهم وعمالتهم وخيانتهم للوطن ومواطنه، ولو لم يصروا على إطالة أمد هذه الحرب لما إمتلك الجنجويد مسيرات ولا أي مضادات متطورة أو غيرها، ولولا الكيزان وجيشهم لما عرف الجنجويد طريقهم للعلاقات الإقليمية والدولية المستقلة، فلا توهم نفسك بأن هناك خونة وعملاء حين يقبل مواطن سوداني بمواصلة العيش في بلد يدعي بعض هؤلاء معاداته فيما يحافظون على مصالحهم فيه.

ولا تحرضوا البسطاء على اتخاذ مواقف أنتم أنفسكم لا تملكون القدرة علي اتخاذها، لكن هذا ليس بغريب عليكم.

. فمعظم من ظلوا يحرضون على إستمرار هذه الحرب يرفلون في نعيم البلدان التي يدعون معاداتها ولم يكتووا في يوم بنيران هذه الحرب.

. والعتب دائماً على من يصدق الأفاكين ويخضع لإبتزازهم كنتيجة لضعفه أو عدم إلمامه العميق بظروف ما يجري في بلده.

. ليس مطلوباً منك كمواطن أن تطبل لأي طرف أو تزين خطأ هذا أو ذاك ولا أن تنافق أهل دولة معينة، لكنك ليس المعني أيضاً بقطع العلاقات مع الدول.

[email protected]  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: هذه الحرب

إقرأ أيضاً:

أنس.. الكلمة التي أرعبت الرصاصة

لمن يهمه الأمر  الاحتلال يلوّح باجتياح غزة بجدية، والمدينة تنزف منذ اثنين وعشرين شهرًا تحت نيران البر والبحر والجو. شهداؤها بعشرات الآلاف، وجرحاها بمئات الآلاف، وإن لم يتوقف هذا الجنون فلن يبقى من غزة سوى الركام، وستغيب صورة وصوت أهلها، وستسجّلكم ذاكرة التاريخ كشهود صامتين على جريمة إبادة لم يفعل أحد شيئًا لوقفها.

 أنس الشريف، تغريدة قبل ساعة من استشهاده.
حين كنت شابًّا غِرًّا، كنت أظن كما رسمته وسائل الإعلام الغربية أن الإرهاب سيارة مفخخة، أو طائرة مختطَفة، أو حزام ناسف، وأن الإرهابي لا يكون إلا ذا لحية كثّة وملامح متجهّمة. لكنني أدركت لاحقًا أن هذا النمط ليس إلا شكلاً بدائيًّا أمام إرهاب الدول الذي نشهده اليوم؛ كالمجزرة المستمرة في غزة على مرأى ومسمع العالم. فالإرهابي ذو اللحية الكثّة ليس سوى مبتدئ أمام أولئك الذين يرتدون البذلات الفاخرة، ويعقدون ربطات العنق اللامعة، ويبتسمون بثقة أمام عدسات الكاميرات.

وقد تأتي صورة الإرهاب أحيانًا أقل دمويّة، كما حدث قبل أيام في بريطانيا حين خرجت مظاهرة سلمية تندّد بالمجزرة، فاعتُقل 522 مشاركًا فيها، كان أكثر من نصفهم قد تجاوزوا الستين عامًا.

افتتح الكيان الصهيوني هجومه الجديد على غزة باغتيال الصحفي النشيط أنس الشريف وثلاثة من رفاقه، بعد لحظات فقط من تغطيتهم للهجوم الهمجي على القطاع، في نهج ممنهج لإسكات الأصوات الحرة وترهيب الصحفيين وثنيهم عن كشف فصول المجزرة الجديدة التي بدأت للتو.

ولم تُخفِ الدولة المجرمة أن الاغتيال كان مقصودا، زاعمةً أن أنس قائد خلية لحماس. فكل صحفي تغتاله، في روايتهم، حماس، وكل طفل جائع يُقتل عند مواقع توزيع المساعدات حماس، وكل مسجد أو كنيسة أو مستشفى يُقصف حماس، وكل مظاهرة حماس، وكل ناشط فلسطيني حماس، بل إن قول الحقيقة حماس، والأمم المتحدة حماس، والدول التي تدين المجزرة حماس.

لقد تحوّلت هذه الكذبة المبتذلة إلى أسطوانة ممجوجة لا يرددها إلا نتن ياهو وزبانيته، وزبائن جيفري إبستين مغتصبو الأطفال، والسياسيون الفاسدون الذين تحرّكهم أموال اللوبيات الصهيونية.

وإذا كان أنس، كما يزعم الكيان المجرم، رأس خلية إرهابية، فلماذا لم يُغتَل وحده؟ ولماذا استُهدِف معه ثلاثة صحفيين آخرين، وابن شقيقته الذي لم يكن يحمل سوى حلم أن يصبح صحفيًّا مثل أنس حين يكبر؟
بالطبع، لن تثور وسائل الإعلام الأجنبية ولا كبار صحفييها لاغتيال أنس
ورغم سيطرة الكيان على 80% من قطاع غزة، وإقامته مصائد الموت التي يسميها مراكز مساعدات، وإنكاره وجود مجاعة أو إبادة جماعية، وادعائه أن الصحفيين يكذبون، فإنه في الوقت نفسه يمنع دخول الصحفيين الأجانب إلى القطاع. وهذا وحده دليل قاطع على أن ما ينقله الصحفيون من هناك هو الحقيقة العارية.

بالطبع، لن تثور وسائل الإعلام الأجنبية ولا كبار صحفييها لاغتيال أنس؛ قد يصدرون إدانات ويبدون شيئًا من الغضب، لكنه غضب لا يرقى إلى اعتبار اغتياله جريمة تمسهم جميعًا. وهم لم يغضبوا من قبل على اغتيال أكثر من 245 صحفيًّا حصدتهم آلة الحرب خلال اثنين وعشرين شهرًا، أي بمعدل صحفي واحد كل ثلاثة أيام، وهو رقم لم يشهد التاريخ مثله.

قبل اغتياله، تعرّض أنس لحملة تشويه صهيونية منظمة، قادها المتحدث باسم جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي، الذي نعته بالإرهابي لمجرد ظهوره على شاشة التلفاز جائعًا منهكًا، وكأن الجوع أصبح تهمة إرهاب! ولعمري، لم أرَ في حياتي إرهابيًّا جائعًا.

وقد شُكّلت لجنة للدفاع عنه، وحذّرت المنظمات الأممية المعنية بحماية الصحفيين من الخطر الذي يحدق بحياته، وسط عشرات التغريدات التي نشرها بنفسه. لكن تلك التحذيرات ضاعت في الفراغ، بل إن وسائل الإعلام الغربية شككت في الأمر وتبنّت الرواية الصهيونية. عندها كتب أنس وصيته، وحمل كفنه، ومضى في جهاده بالكلمة والصورة حتى اللحظة الأخيرة.

لحق أنس ورفاقه بركب مئات الصحفيين الذين فقدوا منازلهم وعائلاتهم أولًا في محاولة لترهيبهم، لكنهم أبوا أن يضعوا الكاميرا أرضًا أو أن يصمتوا أمام الجريمة. قبل عامين، لم يكن اسم أنس يتردّد في الأروقة ولا يظهر على الشاشات، لكنه تسلّم الراية من رفيقٍ مضى شهيدًا قبله، وسيتسلمها من بعده آخرون، يحملون أرواحهم بأيديهم ليواصلوا هذه المهمة المقدسة، وهم يدركون أن ثمنها غالبًا حياتهم، مؤمنين بأن الكلمة والصورة ستنتصران على الرصاصة والقنبلة يومًا ما.

الدستور الأردنية

مقالات مشابهة

  • 5 أطعمة التي تلعب دورًا هامًا في مكافحة السرطان
  • الشيباني: سوريا تمر بوقت دقيق بعد سنوات الحرب التي أثرت على كل بيت في البلاد ولا يمكننا الحديث عن المستقبل دون الحديث عما جرى في عهد النظام البائد والدمار والمعاناة التي لحقت بملايين السوريين
  • قتل الشاهد.. الجريمة التي تُضاعف جريمة الحرب
  • شاهد - التحولات التي أحدثها القرار اليمني في 19 مايو على موازين القوة البحرية
  • One UI 8 قائمة هواتف سامسونج التي ستحصل على تحديث
  • جنرال إسرائيلي: لماذا لم تُهزم “حماس” بعد كل الضربات التي تلقتها؟
  • دولة حزب الله في لبنان التي انتهى زمنها
  • أنس.. الكلمة التي أرعبت الرصاصة
  • جنرال إسرائيلي: لماذا لم تُهزم حماس بعد كل الضربات التي تلقتها؟
  • باسم نعيم : نتنياهو يواصل “الأكاذيب” التي اعتاد عليها منذ بداية الحرب