عودة الهدوء بين الهند وباكستان وواشنطن ولندن تدعوان لاستمرار الاتصالات
تاريخ النشر: 12th, May 2025 GMT
دعت الولايات المتحدة وبريطانيا كلا من الهند وباكستان إلى الحفاظ على وقف إطلاق النار ومواصلة الاتصالات، في وقت أكد الجيش الباكستاني إعادة إرسائه "مبدأ الردع"، بينما نوه نظيره الهندي اليوم الاثنين بعودة الهدوء بين الجانبين.
وتحدث وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو في وقت متأخر أمس الأحد مع نظيره البريطاني ديفيد لامي، وناقشا التوترات الراهنة بين الهند وباكستان.
وقال روبيو إن الولايات المتحدة تدعم الحوار المباشر بين الهند وباكستان، وتحث على مواصلة جهود تحسين الاتصالات.
وفي إسلام آباد قالت القوات المسلحة الباكستانية أمس إنها ضربت 26 هدفا هنديا في عملية" البنيان المرصوص" لإعادة إرساء الردع بعد أن انتهكت الهند المجال الجوي الباكستاني في وقت سابق من هذا الأسبوع واستهدفت بشكل منفصل قواعد جوية في ضربات في الصباح الباكر.
ونفي المتحدث باسم الجيش الباكستاني ارتكاب أي انتهاكات لوقف إطلاق النار. وقال في مؤتمر صحفي حضره ممثلون للقوات الجوية والبحرية "لم يرتكب الجيش الباكستاني أو القوات المسلحة أي انتهاكات لوقف إطلاق النار".
على الجانب الآخر أعلن الجيش الهندي اليوم الاثنين أن الحدود بين بلاده وباكستان كانت هادئة وشهدت "أول ليلة هادئة منذ أيام"، وذلك بعد وقف إطلاق نار مفاجئ خلال السبت الماضي.
إعلانوقال الجيش الهندي في بيان له "ساد الهدوء إلى حد كبير الليلة في جميع أنحاء… كشمير ومناطق أخرى على طول الحدود الدولية". وأضاف البيان: "لم تسجل أي حوادث، هذه أول ليلة هادئة منذ أيام".
والليلة الماضية هي الثانية على التوالي دون إطلاق نار أو قصف في بونش، المدينة الحدودية الواقعة في الجزء الخاضع لإدارة الهند من كشمير.
وكانت بونش من أكثر المناطق تضررًا في الصراع الأخير، حيث قُتل ما لا يقل عن 12 من سكانها، وفرّ معظم السكان، الذين يُقدر عددهم بـ 60 ألف نسمة، من منازلهم.
وبدأ أمس الأحد الناس العودة إلى المدينة، رغم أن الكثيرين ظلوا قلقين من أن وقف إطلاق النار لن يصمد.
الخط الساخنوفي وقت سابق أمس الأحد قال القائد العام للعمليات العسكرية الهندية إن جيش بلاده أرسل "رسالة عبر خط ساخن" إلى باكستان بشأن انتهاكات وقف إطلاق النار المتفق عليه هذا الأسبوع وأبلغها بنية نيودلهي الرد حال تكرارها.
وقال الفريق راجيف غاي القائد العام للقوات المسلحة الهندية خلال مؤتمر صحفي في إشارة إلى وقف إطلاق النار "أحيانا، تستغرق هذه التفاهمات وقتا لتؤتي ثمارها وتتجلى على أرض الواقع".
وتم الاتفاق على الهدنة أول أمس السبت بعد 4 أيام من الهجمات الصاروخية والطائرات المسيرة والمدفعية بين البلدين، التي أسفرت عن مقتل 70 شخصا على الأقل ونزوح الآلاف.
وكانت هذه أسوأ أعمال عنف منذ آخر صراع مفتوح بين الخصمين النوويين عام 1999، وأثارت مخاوف عالمية من احتمال تحولها إلى حرب شاملة.
وسادت شكوك في البداية، حيث تبادل الجانبان الاتهامات بخرق وقف إطلاق النار بعد ساعات فقط من إعلانه المفاجئ من قبل الرئيس الأميركي دونالد ترامب على وسائل التواصل الاجتماعي.
وأشاد ترامب بقادة البلدين لاتفاقهم على وقف إطلاق النار وقال إنه سيزيد التجارة معهما "بشكل كبير".
إعلانوقال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو إن الهند وباكستان اتفقتا أيضا على بدء محادثات حول "مجموعة كبيرة من القضايا في موقع محايد".
وشكرت إسلام آباد واشنطن على تسهيل وقف إطلاق النار ورحبت بعرض ترامب التوسط في النزاع حول كشمير مع الهند، لكن نيودلهي لم تعلق على مشاركة الولايات المتحدة في الهدنة أو إجراء محادثات في موقع محايد.
وتؤكد الهند أن النزاعات مع باكستان يجب أن تحل مباشرة بين البلدين، وترفض أي تدخل من طرف ثالث.
وتتقاسم الهند ذات الأغلبية الهندوسية وباكستان المسلمة السيطرة على كشمير، لكن كل منهما يطالب بالسيادة على الإقليم بالكامل، واندلعت بينهما حربان من قبل بشأن الإقليم.
وتتهم الهند باكستان بالمسؤولية عن التمرد في الجزء الخاضع لإدارتها من الإقليم، لكن باكستان تقول إنها لا تقدم سوى الدعم المعنوي والسياسي والدبلوماسي للانفصاليين بكشمير.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات وقف إطلاق النار الهند وباکستان فی وقت
إقرأ أيضاً:
قراءة في وقف إطلاق النار بين الهند وباكستان
لم تكد الهند وباكستان تعلنان التوصل إلى وقف إطلاق النار بينهما يوم السبت 10 مايو/أيار بعد 4 أيام من هجمات صاروخية ومدفعية متبادلة خلفت عشرات القتلى حتى عادتا إلى تبادل الاتهامات بانتهاك كل طرف للاتفاق، فما هو رأي كل طرف بما حصل خلال تلك الفترة؟ وهل يصمد وقف إطلاق النار؟
طرحت الجزيرة نت السؤالين السابقين وغيرهما على رئيس المعهد الهندي للدراسات العالمية وصحفي باكستاني متخصص في القضايا الجيوإستراتيجية، فكانت هذه الإجابات.
ضربات هندية موجعةرئيس المعهد الهندي للدراسات العالمية، أشوك ساجانهار، والذي كان أيضا سفيرا سابقا لدى كازاخستان والسويد ولاتفيا، يرى أن باكستان "تلقت ضربات قاسية وعقابا شديد من الهند" لدرجة أنها لن تجرؤ على خرق وقف إطلاق النار بشكل كبير.
واعتبر أن الهند نجحت في تنفيذ عمليتها "سيندهور"، التي استهدفت فيها 9 من معاقل ومخابئ "الإرهابيين" في باكستان، وفق قوله.
وقال إن الهند تمكنت من صد جميع الهجمات القادمة من باكستان فلم تتمكن من إلحاق أي تأثير يُذكر بأي من القواعد الجوية الهندية أو المنشآت العسكرية، في حين كان نظام الدفاع الجوي الباكستاني عاجزا تماما عن التصدي للصواريخ الهندية التي أطلقتها عبر طائرات "رافال" و"سوخوي 30″، بحسب قوله.
إعلانونفى الصحفي صحة الرواية الباكستانية بأنها أسقطت طائرات هندية وقال إن "ذلك من نسج خيالها"، لأنها لم تعرض أي دليل ملموس يثبت ادعاءاتها ولم يكن لدى المسؤولين الباكستانيين أي معلومات حقيقية ليقدموها، في حين أسقطت الهند طائرتين من طراز جيه إف-17 وجيه إف-10، ودمرت بالكامل نظام الدفاع الجوي الباكستاني والعديد من القواعد والمطارات الجوية الباكستانية، على حد زعمه.
صمود الاتفاق
واعتبر ساجانهار أن واشنطن تفضل استمرار هذا الاتفاق لأنها لا ترغب في اندلاع مزيد من النزاعات والحروب في العالم، خاصة وأن الحرب الروسية الأوكرانية والحرب الإسرائيلية على قطاع غزة تستنزفان جزءا كبيرا من اهتمامها، وهي تود الآن أن تُركّز بشكل أكبر، ليس على الساحة الأوروبية، بل على ساحة المحيطين الهندي والهادئ، حيث تعد الهند شريكا مهما وأساسيا للولايات المتحدة في هاتين المنطقتين.
ويرى السفير الهندي السابق أنه إذا تمكن الرئيس الأميركي دونالد ترامب من إظهار بعض النجاح فيما يتعلق بوساطته أو مفاوضاته، فسيكون حريصا على إبراز ذلك لكسب بعض النقاط السياسية من خلال الادعاء بأنه هو من أوقف الحرب، وعبر ساجانهار عن اعتقاده أن ترامب سيرحب بالاتفاق كنجاح دعائي إيجابي يصب في مصلحته.
عقاب شديدوحسب رأيه فإن باكستان هي من سعت إلى السلام لأنها بعد "العقاب الشديد الذي تلقته من الهند، كانت حرفيا على ركبتيها"، مضيفا أن هذا الأمر "جعل مدير العمليات العسكرية الباكستاني مضطرا للاتصال بنظيره الهندي في الساعة 3:35 من بعد ظهر يوم أمس السبت، والتوسل من أجل سلام مذل ومهين، وهو ما كانت الهند مستعدة تماما لمنحه"، على حد زعمه.
هدنة ترافقها مناوشات
في المقابل فإن الصحفي والمحلل في القضايا الجيوستراتيجية الباكستاني جاويد رانا عبر عن اعتقاده بأن اتفاق وقف إطلاق النار سيصمد على الأرض مع استمرار بعض المناوشات بين الطرفين من حين لآخر.
إعلانويرى المحلل الباكستاني أن الهند "كانت تبحث بشكل يائس عن اتفاق لوقف إطلاق النار في البداية، عندما شنت ضربات صاروخية على باكستان استهدفت ما بين 6 إلى 9 مدن"، حيث رفعت الهند بعد ذلك الراية البيضاء عند خط المراقبة مما يدل على أنها لا تريد استمرار الحرب"، وفق قوله، مضيفا بأن باكستان لم تعترف بذلك وقامت بالهجوم حيث أرسلت طائرات مسيرة وصواريخ واستخدمت أيضا مدافع المياه.
واعتبر الصحفي أن الهند كانت تواجه وقتا عصيبا بينما لم تكن باكستان تقبل بالضغوط الأميركية حيث اعتبرت أنه ما لم تقم برد علني على الهند تُظهر فيه للعالم أن لديها قوة عسكرية فإنها لن تقبل بأي اتفاق لوقف إطلاق النار، بحسب قوله.
ضغوط أميركية
وقال إن الهند توجهت لاحقا إلى تركيا وواشنطن وطلبت منهما الضغط على باكستان لفرض هذا الاتفاق. لكن ذلك لم يحدث إلا بعد أن قامت باكستان بضرب الهند علنا، حيث شنت هجوما واسعا استهدف ما لا يقل عن 36 موقعا، من بينها مخازن صواريخ، وقدرات دفاع صاروخي، وقواعد جوية عسكرية، وفقا للصحفي الباكستان جاويد رانا.
ويرى رانا أن "الهند هزمت جزئيا في الحرب التقليدية عندما أسقطت باكستان أحدث طائراتها المقاتلة، بما في ذلك طائرات "رافال" المقاتلة". واعتبر أن ذلك كان أيضا "لحظة أدرك فيها الأميركيون أن الأمر لم يكن مجرد معركة تقليدية هُزمت فيها الهند، بل كانت هناك تهديدات واضحة باندلاع حرب نووية"، وفقا له.
وعبر عن اعتقاده أنه في هذه اللحظة تدخل الأميركيون بشكل يائس، وفرضوا مزيدا من الضغط على باكستان، ثم تم التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار.
قوة باكستانيةكما يرى الصحفي الباكستاني أن العالم أدرك أن باكستان تمتلك واحدة من أقوى الآلات العسكرية في العالم، إلى جانب امتلاكها للسلاح النووي، وقال "أعتقد أن هناك الآن، في هذه اللحظة، مراجعة جارية في العواصم الغربية حول القوة العسكرية لباكستان التي أصبحت مصدر قلق أكبر لإسرائيل التي كانت تعتقد أنها ستتمكن من إضعاف باكستان على الأقل، لكن ذلك لم يحدث".
إعلان