سريناغار، كشمير الخاضعة للإدارة الهندية- تم حظر كتاب حفصة كنجوال عن كشمير للتو، لكن مفارقة اللحظة هي أكثر ما يدهشها.

وهذا الأسبوع، حظرت السلطات في كشمير الخاضعة للإدارة الهندية 25 كتابا ألّفها باحثون وكتاب وصحفيون مشهورون.

وتشمل الكتب المحظورة كتاب كنجوال "استعمار كشمير.. بناء الدولة تحت الاحتلال الهندي" (Colonizing Kashmir: State-Building under Indian Occupation).

لكن حتى بينما أعقب الحظر مداهمات للشرطة على العديد من المكتبات في أكبر مدن المنطقة "سريناغار" -والتي صادروا خلالها كتبا من القائمة السوداء- ينظّم المسؤولون الهنود مهرجانا للكتاب في المدينة على ضفاف بحيرة دال.

وقالت كنجوال للجزيرة "لا شيء مفاجئ في هذا الحظر الذي يأتي في لحظة وصل فيها مستوى الرقابة والمراقبة في كشمير منذ عام 2019 إلى مستويات سخيفة"، في إشارة إلى حملة القمع الهندية في المنطقة منذ إلغاء الوضع شبه المستقل لكشمير قبل 6 سنوات.

"بالطبع، الأمر أكثر سخافة أن هذا الحظر يأتي في وقت يروج فيه الجيش الهندي في الوقت نفسه لقراءة الكتب والأدب من خلال مهرجان تشينار للكتاب الذي ترعاه الدولة".

ومع ذلك، حتى مع تاريخ كشمير الطويل في مواجهة الرقابة يمثل حظر الكتب بالنسبة للعديد من النقاد محاولة شاملة بشكل خاص من قبل نيودلهي لفرض السيطرة على الأوساط الأكاديمية في المنطقة المتنازع عليها.

كتاب كنجوال "استعمار كشمير.. بناء الدولة تحت الاحتلال الهندي" من الكتب التي تم حظرها (الجزيرة)تضليل الشباب

تلقي الكتب الـ25 التي حظرتها الحكومة نظرة مفصلة على الأحداث المحيطة بتقسيم الهند والأسباب التي جعلت كشمير نزاعا إقليميا مستعصيا منذ البداية.

وتشمل كتابات مثل "آزادي" (Azadi) للكاتبة الحائزة على جائزة بوكر أرونداتي روي، و"انتهاكات حقوق الإنسان في كشمير" (Human Rights Violations in Kashmir) لبيوتر بالتشيروفيتش وأغنيشكا كوشيفسكا، و"كفاح الكشميريين من أجل الحرية" (Kashmiris’ Fight for Freedom) لمحمد يوسف سراف، و"سياسة كشمير والاستفتاء" (Kashmir Politics and Plebiscite) لعبد الغفار جبار، و"هل تتذكرون كونان بوشبورا؟" (?Do You Remember Kunan Poshpora) لإثار باتول.

إعلان

هذه كتب تتحدث مباشرة عن انتهاكات الحقوق والمذابح في كشمير والوعود التي نكثتها الدولة الهندية.

ثم هناك كتب مثل كتاب كنجوال، منها كتاب الصحفية أنورادها بهاسين "دولة مفككة.. القصة غير المروية لكشمير بعد المادة 370" (A Dismantled State: The Untold Story of Kashmir After Article 370)، وكتاب الباحث القانوني أ. ج. نوراني "نزاع كشمير 1947-2012" (The Kashmir Dispute 1947-2012)، والتي تحلل المسيرة السياسية للمنطقة على مدى عقود.

وقد ألقت الحكومة باللوم على هذه الكتب بزعم أنها "تضلل الشباب" في كشمير وتحرضهم على "المشاركة في العنف والإرهاب"، وجاء في أمر الحكومة "هذه المؤلفات ستؤثر بعمق على نفسية الشباب من خلال الترويج لثقافة المظلومية، والضحية، وبطولة الإرهابيين".

ويعود النزاع في كشمير إلى عام 1947 عندما قسمت بريطانيا المغادرة شبه القارة الهندية إلى دولتي الهند وباكستان، وسعى ملك إقليم كشمير الهندوسي ذي الأغلبية المسلمة إلى الاستقلال عن كلتيهما، ولكن بعد دخول مقاتلين مدعومين من باكستان جزءا من المنطقة وافق على الانضمام إلى الهند بشرط أن تتمتع كشمير بوضع خاص داخل الاتحاد الجديد مع بعض الحكم الذاتي المكفول بموجب الدستور الهندي.

لكن الشعب الكشميري لم يُسأل قط عما يريده، ورفضت الهند مرارا المطالب بإجراء استفتاء برعاية الأمم المتحدة.

وظل السخط ضد الحكم الهندي يغلي بين الحين والآخر، وانفجر في انتفاضة مسلحة ضد الهند في عام 1989 ردا على مزاعم بتزوير الانتخابات.

ويلقي كتاب كنجوال "استعمار كشمير" الضوء على الطرق المعقدة التي عززت بها الحكومة الهندية تحت قيادة أول رئيس وزراء لها جواهر لال نهرو سيطرتها على كشمير.

ومن بين قرارات نهرو التي تعرضت لانتقادات الإقالة غير الرسمية لزعيم المنطقة الشيخ عبد الله الذي دعا إلى حكم ذاتي لكشمير، وقرار الاستعاضة عنه بنائبه بخشي غلام محمد الذي تميزت سنواته العشر في المنصب بتعزيز حكم نيودلهي لكشمير الخاضعة للإدارة الهندية.

فاز كتاب كنجوال هذا العام بجائزة برنارد كون للكتاب التي "تكرم الأبحاث المتميزة والمبتكرة لأول كتاب باللغة الإنجليزية لمؤلف واحد عن جنوب آسيا".

وقالت كنجوال إن الحظر يعطي إحساسا بمدى "انعدام الأمن" لدى الحكومة.

الكتب الـ25 التي حظرتها الحكومة تلقي نظرة مفصلة على الأحداث المحيطة بتقسيم الهند والأسباب التي جعلت كشمير نزاعا إقليميا مستعصيا (الجزيرة)تكثيف القمع السياسي

للهند تاريخ طويل في الرقابة والسيطرة على المعلومات في كشمير، وفي عام 2010 بعد اندلاع احتجاجات كبرى عقب مقتل الطالب طفيل ماتو البالغ من العمر 17 عاما على أيدي قوات الأمن حظرت الحكومة الإقليمية خدمات الرسائل القصيرة ولم تعدها إلا بعد 3 سنوات.

وفي ذروة انتفاضة مدنية أخرى في عام 2016 منعت الحكومة صحيفة "كشمير ريدر" -وهي نشرة مستقلة في سريناغار- من الصدور، مشيرة إلى "ميلها المزعوم إلى التحريض على العنف".

وبصرف النظر عن حظر الصحف ووسائل الاتصال احتجزت السلطات الهندية بشكل روتيني صحفيين بموجب قوانين الاعتقال الوقائي الصارمة في كشمير، وقد زاد هذا النمط منذ عام 2019.

إعلان

وقالت المحررة المخضرمة أنورادها بهاسين -التي كان كتابها عن إلغاء الهند للوضع الخاص لكشمير في عام 2019 من بين الكتب المحظورة- "أولا جاؤوا من أجل الصحفيين، وعندما أدركوا أنهم نجحوا في إسكاتهم وجهوا انتباههم إلى الأوساط الأكاديمية".

ووصفت بهاسين الاتهامات بأن كتابها يروج للعنف بأنها غريبة "لا يمجد كتابي الإرهاب في أي مكان، لكنه ينتقد الدولة، هناك تمييز بين الاثنين تريد السلطات في كشمير طمسه، وهذا اتجاه خطير للغاية".

وقالت بهاسين للجزيرة إن مثل هذا الحظر ستكون له آثار بعيدة المدى على الأعمال المستقبلية التي يتم إنتاجها عن كشمير.

وأضافت "سيفكر الناشرون مرتين قبل طباعة أي شيء نقدي عن كشمير، عندما ذهب كتابي للطباعة راجعه الفريق القانوني 3 مرات".

مع تكثيف الشرطة مداهماتها على المكتبات في سريناغار يسود شعور بالإحباط في المجتمع الأدبي في كشمير (الفرنسية)"شعور باليأس"

أثار حظر الكتب انتقادات من مختلف الأوساط في كشمير، حيث وصفه الطلاب والباحثون بأنه محاولة لفرض فقدان ذاكرة جماعي.

وقال صابر رشيد -وهو باحث مستقل يبلغ من العمر 27 عاما من كشمير- إنه شعر بخيبة أمل كبيرة، مضيفا "إذا أخرجنا هذه الكتب من المرجعية الأدبية لكشمير فلن يتبقى لنا شيء".

يعمل رشيد على كتاب عن تاريخ كشمير الحديث يتعلق بالفترة المحيطة بتقسيم الهند، وقال "إذا لم تعد هذه الأعمال متاحة لي فمن الطبيعي أن يكون بحثي غير متوازن".

والخميس الماضي، أظهرت مقاطع فيديو رجال شرطة يرتدون الزي الرسمي يدخلون مكتبات في سريناغار ويسألون أصحابها عما إذا كانوا يملكون أيا من الكتب المدرجة في القائمة المحظورة.

وقال بائع كتب واحد على الأقل في سريناغار للجزيرة إنه كانت لديه نسخة واحدة من كتاب بهاسين "دولة مفككة"، والتي باعها قبل المداهمات مباشرة.

وقال وهو يهز كتفيه "باستثناء تلك النسخة لم تكن لدي أي من هذه الكتب".

حظر الكتب أثار انتقادات من مختلف الأوساط في كشمير (الجزيرة)أعمال أكثر شهرة على القائمة السوداء

يشعر المؤرخ سمانترا بوس بالذهول من إشارة السلطات الهندية إلى أن كتابه "كشمير على مفترق الطرق" (Kashmir at the Crossroads) قد أذكى العنف في المنطقة.

لقد عمل على نزاع كشمير منذ عام 1993، وقال إنه ركز على ابتكار مسارات لإيجاد سلام دائم للمنطقة، كما يشعر بوس بالدهشة من الإرث العائلي الذي يمثله هذا الحظر.

وفي عام 1935 حظرت السلطات الاستعمارية في الهند البريطانية كتاب "النضال الهندي، 1920-1934" (The Indian Struggle, 1920-1934)، وهو خلاصة للتحليل السياسي ألفه سوبهاس تشاندرا بوس عمه الأكبر وزعيم نضال الحرية في الهند.

وقال "بعد 90 عاما مُنحت شرفا فريدا بالسير على خطى المناضل الأسطوري من أجل الحرية".

ومع تكثيف الشرطة مداهماتها على المكتبات في سريناغار ومصادرة الأعمال القيمة والأكثر نقدا يسود شعور بالإحباط في المجتمع الأدبي في كشمير.

وقال رشيد "هذا هجوم على ذاكرة الشعب، كانت هذه الكتب بمثابة حراس، كان من المفترض أن تذكرنا بتاريخنا، ولكن الآن اكتمل محو الذاكرة في كشمير تقريبا".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات دراسات هذا الحظر حظر الکتب هذه الکتب فی کشمیر فی عام

إقرأ أيضاً:

نيويورك تايمز: قائمة سوداء للكتب في كشمير لإسكات الانتقادات للهند

الحكومة المعيَّنة اتحاديا في إقليم كشمير المتنازع عليه تحظر 25 كتابا، في خطوة يراها كثيرون جزءا من نمط متواصل من القمع.

ورد ذلك في تقرير بصحيفة نيويورك تايمز كتبه شوكت ناندا من سريناغار -كشمير، وبرناف باسكار من نيويورك.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2لوتان: الذكاء الاصطناعي الجديد لدى ترامب يطرح مشكلتين كبيرتينlist 2 of 2تايمز أوف إسرائيل: زعيم حريدي يحذر من حرب أهلية في إسرائيلend of list

ويحكي أحد الكتب قصة نساء كشمير اللواتي يواصلن منذ عقود البحث عن أحبائهن المختفين. ويتناول آخر كيف شكّلت الأحداث التاريخية والسياسية والمحلية واحدا من أطول النزاعات في جنوب آسيا. أما الثالث فيروي حكاية الديمقراطية وهي تتعرض للتهديد في كشمير، بقلم صحفي شهد انهيارها عن قرب.

هذه الكتب، إلى جانب 22 كتابا آخر، حظرتها السلطات في الجزء الخاضع للإدارة الهندية من كشمير.

حظر التداول والحيازة

عند إعلان القائمة الأسبوع الماضي، وصفت الحكومة المعيَّنة اتحاديا في الإقليم هذه الأعمال بأنها "أدب انفصالي" يتخفى في صورة "تعليق تاريخي أو سياسي" لكنه يروّج لـ"ثقافة المظلومية والضحية وتمجيد الإرهاب".

وبموجب القرار، يُحظر تداول هذه الكتب أو حيازتها أو الوصول إليها في وادي كشمير، تحت طائلة السجن لسنوات.

ومع ذلك، ليس من الواضح مدى قدرة السلطات على تنفيذ القرار، نظرا لإمكانية الحصول على العديد من هذه الكتب عبر الإنترنت أو شرائها خارج كشمير.

وقال التقرير إن مؤلفي الكتب المحظورة ومحللين يرون أن الحظر يمثل أحدث خطوة في مساعي الهند المستمرة لتكميم حرية التعبير في إقليم عانى عقودا من الصراع والتمرد، ويجسد تشديد القمع منذ سحبت الحكومة الهندية الحكم الذاتي من كشمير عام 2019.

وقالت آثر ضياء، وهي كاتبة كشميرية ألّفت أو شاركت في تأليف كتابين من الكتب المحظورة: "الكتابان يتحدان الرواية الرسمية للدولة.. ويطرحان أسئلة حول أمور مهمة يصدّقها العالم حين يُقال إن الهند ديمقراطية".

ليس من الواضح مدى قدرة السلطات على تنفيذ القرار، نظرا لإمكانية الحصول على العديد من هذه الكتب عبر الإنترنت أو شرائها خارج كشمير توقيت رمزي

جاء الحظر في توقيت رمزي، إذ أُعلن في الذكرى السادسة للتعديل الدستوري الذي ألغى الوضع الخاص الممنوح لجامو وكشمير، الإقليم ذي الأغلبية المسلمة. ومنذ ذلك الحين، اضطر الشعراء إلى التحفظ في قصائدهم، وسُجن صحفيون، وأُغلقت صحف، ومُسحت أرشيفات.

إعلان

وفي فبراير/شباط الماضي، نفذت الشرطة مداهمات منسقة على مكتبات في سريناغار وأجزاء أخرى من كشمير، وصادرت نحو 668 كتابا.

وزادت حملة القمع بعد هجوم إرهابي دموي في أبريل/نيسان، حيث اعتقلت قوات الأمن الآلاف ودمّرت منازل متهمين بالارتباط بمسلحين، في إجراءات شبيهة بالعقاب الجماعي الذي استخدمته السلطات سابقا.

لم يحدث من قبل

وقال نور أحمد بابا، أستاذ العلوم السياسية المتقاعد من جامعة كشمير: "حتى في أصعب السنوات، حين بلغت العمليات المسلحة ذروتها، لم تحظر الحكومات الكتب".

وأضاف أنه منذ إلغاء الحكم الذاتي "تم تقييد كثير من الحريات هنا بطرق لا يبدو أنها مدروسة بعناية".

مساء الخميس، انتشر عناصر الشرطة في المتاجر لتفتيش الرفوف وإزالة الكتب المحظورة، وفق بيان رسمي.

وقال فيردوس أحمد، بائع كتب في "وكالة خان للأنباء والمكتبات": "لم يكن لدينا أي من هذه الكتب، ثم أخذوا بعض الكتب الأخرى التي اعتبروها مثيرة للاعتراض".

حملة لمحو التاريخ

وتصف أنورادها بهسين، رئيسة تحرير صحيفة "كشمير تايمز" ومؤلفة كتاب "دولة مفككة: القصة الخفية لكشمير بعد المادة 370" -وهو من بين الكتب المحظورة- القرار بأنه جزء من حملة متعمدة لمحو التاريخ والروايات البديلة. وأضافت: "هذا ينسجم تماما مع أسلوب الحكم الذي تنتهجه الحكومة، وخاصة في كشمير".

مقالات مشابهة

  • الخطوط الجوية الهندية تعلق رحلاتها إلى واشنطن
  • نيويورك تايمز: قائمة سوداء للكتب في كشمير لإسكات الانتقادات للهند
  • دير البلح.. ذاكرة المدينة الصغيرة بين إرث الحضارة وتهديد الإبادة.. قراءة في كتاب
  • جبهة أقليات جديدة تواجه الحكومة السورية بزعامة قسد
  • يفتح أسواق جديدة للتصدير.. الزراعة تجدد اعتماد معمل الرقابة على الإنتاج الداجني
  • معاريف تكشف تفاصيل جديدة عن هجوم البيجر الإسرائيلي في لبنان
  • قائد القوات الجوية الهندية: أسقطنا 6 طائرات عسكرية باكستانية في حرب مايو
  • مصدر مسؤول في الحكومة السورية عن مؤتمر قسد: إذ تستعيد هذه الخطوة نهج المؤتمرات التي سعت لتقسيم سوريا قبل الاستقلال فإن الحكومة السورية تؤكد أن الشعب السوري الذي أفشل تلك المخططات وأقام دولة الاستقلال سيُفشل اليوم هذه المشاريع مجدداً ماضياً بثقة نحو بناء ا
  • مصدر مسؤول في الحكومة السورية عن مؤتمر قسد: هذا المؤتمر خرق للاستحقاقات التي باشرت الحكومة السورية في تنفيذها بما في ذلك تشكيل هيئة العدالة الانتقالية وبدء أعمالها، ومسار الحوار الوطني الذي أطلقته الحكومة السورية في شباط الماضي والمستمر حتى إيصال البلاد إ