وسط ارتفاع أسعاره.. هل تغير توجه العمانيين في الشراء أم ما زال المعدن الأصفر يحتفظ بجاذبيته؟
تاريخ النشر: 13th, May 2025 GMT
وسط التقلبات الاقتصادية العالمية، تواصل أسعار الذهب تسجيل مستويات مرتفعة، وبحسب أسعار الذهب المعلنة اليوم، سجّل سعر الذهب عيار 21 في سلطنة عمان نحو 35.280 ريال عماني للغرام، فيما بلغ سعر الأونصة عالميًا 3224.34 دولار أمريكي، رصدت "عمان" توجهات التعامل مع الذهب وسط موجة ارتفاع أسعاره. هل لا يزال يُشترى للزينة والمناسبات؟ أم أصبح ملاذًا استثماريًا للحفاظ على القيمة؟ كيف تتفاعل النساء مع هذه التغيرات؟ وما هي رؤية تجار الذهب والمختصين؟
تباينت آراء تجار الذهب في سلطنة عُمان حول تأثير موجة ارتفاع الأسعار على الحركة الشرائية، إذ يرى بعضهم أن السوق لا يزال نشطًا رغم التحديات، فيما يؤكد آخرون أن الإقبال تراجع بشكل ملحوظ، وسط مطالب بإعادة النظر في الضريبة المفروضة على القطاع.
أشار عبدالرحمن بن عبدالحميد الصائغ، صاحب سلسلة محلات "أولاد آدم للمجوهرات" إلى أن السوق المحلي في سلطنة عمان شهد تغيرا ملحوظا بسبب التقلبات في الأسعار العالمية قائلا: "سجل الذهب ارتفاعا بما يقارب ١٠٠ دولار للأونصة في اليوم لليوم أي ما يقارب ١.٢ ريال للجرام) وهذا التغير نتيجة التغييرات العالمية مثل انخفاض أسعار النفط وتذبذب مؤشر الدولار واستقرار أسعار الفائدة وسط التضخم العالمي".
وأضاف: إن هذا التغير في الأسعار العالمية أثر على الأسواق المحلية في سلطنة عمان، حيث تردد بعض بعض المستهلكين في شراء المجوهرات الذهبية في المقابل اتجه آخرون لاقتناص هذه الفرصة وسارعوا في بيع الذهب القديم للاستفادة من الأسعار المرتفعة، ومؤكدا أن هذا النمط من السلوك الشرائي ليس مقتصرًا على السوق العُماني، بل يلاحظ أيضًا في أسواق دول مجلس التعاون الخليجي.
وينصح عبدالرحمن الصائغ المستهلكين بشراء الذهب في أقرب فرصة ممكنة حيث إن أسعار الذهب الحالية قد تكون غدا فرصة للاقتناء أو الاستثمار، لأن المؤشرات الحالية توحي أن أسعار الذهب قد ترتفع إلى ٥٥ ريالا خلال العاميين المقبليين، ما لم تطرأ تغييرات جيوسياسية تؤثر سلبا على هذه المؤشرات.
من جانبه، عبّر أحمد بن سعيد السليماني، صاحب "مجوهرات نزوى الحديثة"، عن قلقه من ضعف الإقبال قائلًا: "الإقبال ضعيف جدًا مقارنة بما قبل الجائحة. السياح كانوا جزءًا كبيرًا من زبائننا، أما اليوم فحتى المواطنون والمقيمون تراجع شراؤهم، ما أثر علينا كتجار، خاصة وأن الذهب مصدر دخلنا الوحيد".
وأشار السليماني إلى أن فرض ضريبة القيمة المضافة بنسبة 15% زاد من التحديات، مشيرا أنهم بالكاد يستطيعون تغطية التكاليف التشغيلية، مطالبًا الجهات المعنية بإعادة النظر في هذه النسبة.
وفي السياق ذاته، تحدث سلطان بن محمد السليماني، صاحب "معرض مجوهرات مجان"، عن بداية قوية للسوق مع مطلع العام، مدفوعة بتوقعات اقتصادية إيجابية حول استمرار ارتفاع الأسعار. لكنه أشار إلى أن الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين كانت لها تأثير مباشر على الأسعار عالميًا، وقال: "طالما أن الأوضاع الجيوسياسية غير مستقرة، فإن أسعار الذهب ستظل متذبذبة، وننصح من يفكر في الشراء ألا ينتظر طويلًا".
وأما سلطان بن سليمان السليماني صاحب محل "مجوهرات الزين" بولاية نزوى، فقال إن الحرب التجارية التي يشهدها العالم أثرت على تجار الذهب حيث إن الذهب لا يزال يعد ملاذا آمناً في أوقات الأزمات وهو ما دفع بعض المتعاملين لتحويل أموالهم إلى ذهب.
وتابع: "تأثرت الحركة الشرائية للذهب بشكل طفيف وجميع الزبائن اشتروا قطع ذهب عيار 24 وقياسا على الخبرة، ورغم ارتفاع أسعار الذهب لا تزال مبيعاتنا مستقرة نوعًا ما بفضل ثقة الزبائن وخبرتنا الممتدة لأكثر من 35 عامًا و لم أتأثر كثيرا بارتفاع أسعار الذهب".
وشدد على أهمية اقتناء الذهب كوسيلة للتحوط في الأزمات الاقتصادية حتى في ظل ارتفاع أسعاره، قائلا: "أنصح بعدم بيع الذهب في الوقت الحالي ما لم تكن هناك حاجة ملحة، لأن إعادة الشراء لاحقًا ستكون على الأرجح بسعر أعلى".
رؤية اقتصادية
وفي سؤال هل الاستثمار في الذهب مجد اليوم؟ ولماذا؟ أجابت الخبيرة الاقتصادية الدكتورة حبيبة المغيرية بقولها: "في السنوات الأخيرة بات معدن الذهب محط اهتمام المستثمرين والمهتمين في هذا المجال من داخل مجتمعنا المحلي وأيضا الخليجي وذلك بسبب استمرار ارتفاع أسعاره ووصوله لمستويات عالية. لذلك أصبح الذهب مصدر جذب للمستثمر العادي لتحقيق عوائد من خلال شراء السبائك الذهبية وبيعها على المدى الطويل كون الذهب هو في الأصل استثمار طويل الأجل ووسيلة لحفظ القوة الشرائية في ظل انخفاض قيمة العملات والتضخم.
واستطردت بقولها: "لكن بعض الخبراء في مجال الاستثمار لديهم رأي آخر في هذا الموضوع حيث يروا بأن الذهب هو مضاربة وليس استثمار حقيقي يجني فيه المستثمر معدل عائد داخلي مثل الأسهم أو السندات. لذلك ربما يستطيع المستثمر العادي أن يحول نسبة بسيطة من أمواله لشراء الذهب للاستفادة لاحقا من ارتفاع سعره ولكن ليس كاستثمار حكيم".
وتابعت: "وخلصت دراسة أجريت لمدة عشرين عاما لمعرفة توجه واستفادة المستثمرين في الذهب بأنه استثمار معقول وقد يجني منه عوائد مرضية حتى إذا لم يكن لدى المستثمر معلومات كافية ولا يريد أن يعهد بمدخراته للاستثمار في البنك، و لابد من صغار المستثمرين الحذر عن التفكير في الاستثمار في الذهب في ذروة ارتفاع أسعاره لأنه إذا اشترى المستثمر الذهب في هذه الحالة وعند التصحيح السعري قد يتعرض للخسارة وأيضا لا ينصح المستثمر بأن ينجرف وراء المضاربة في الذهب ولا بد أن يشتري السبائك من مصادر موثوقة حتى لا يتعرض المستثمر لعمليات النصب والاحتيال".
ما هي البدائل الأخرى المتاحة؟
تقول الخبيرة الاقتصادية توجد عدة بدائل لاستثمار الأموال بخلاف الذهب على سبيل المثال الاستثمار في الأسهم ولكن أسواق الأسهم تمشي عكسيا مع توجه سوق الذهب، والسندات الحكومية أو سندات الشركات وهي الأعلى مخاطرة وبعوائد متوقعة أكثر من السندات الحكومية، والاستثمار في العقارات، وفي الفترة الحالية يوجد توجه من المستثمرين لشراء الفضة بسبب وجود توقعات بارتفاع أسعارها مستقبلا.
كيف تتأثر الأسواق الخليجية والمحلية بهذه الاضطرابات؟
وحول مدى تأثر الأسواق الخليجية والمحلية بالاضطرابات في سوق الذهب أوضحت الدكتورة حبيبة المغيرية أن الأسواق الخليجية والمحلية تتأثر بالعرض والطلب على الذهب فعندما تتجه أعداد كبيرة من المستثمرين لشراء الذهب باعتباره ملاذا آمنا للبحث عن الاستقرار والتحوط للمستقبل فإنه سيؤدي إلى ارتفاع في الطلب ومن ثم ارتفع حاد في أسعار الذهب، التأثير الآخر في ظل زيادة الإقبال على الاستثمار في الذهب هو احتمال توجه البنوك إلى زيادة احتياطاتها من الذهب وربما تغيير أسعار الفائدة لمواجهة هذه التحولات، وعمليات التعدين وأيضا سلال التوريد قد تتأثر لمواجهة الطلب العالي على الذهب والذي قد يؤثر سلبا على طرق التعدين نفسها وجودة السبائك لهذه المعدن.
المرأة العمانية والذهب
من جهة أخرى ترى عدد من النساء العمانيات أن الذهب استثمار ذكي، ووسيلة لحفظ القيمة الاقتصادية بعيدا عن الإنفاق في كماليات لا تدر نفعا، وتذهب بعضهن إلى التأكيد على أن للذهب أبعادا نفسية وصحية تتجاوز كونه مجرد حلي للزينة.
وفي استطلاع ميداني بين محلات الذهب بسوق في ولاية السيب، تتحدث "أم عبدالرحمن" عن تجربتها مع الذهب، وتقول "اشتريت أثناء زواجي ذهب للزينة والحلي في عام 2002 بمبلغ وقدره 1500 ريال عماني واحتفظت فيه طيلة تلك السنوات وتستطرد بقولها "الذهب زينة وخزينة" وتابعت حديثها قائلة توجهت الآن مع القفزة في أسعار الذهب ووصل سعره إلى 10 آلاف ريال عماني.
وتنصح أم عبدالرحمن النساء بالتركيز على شراء الذهب الخالص من عيار24 قيراط معتبرة أنه خيار استثماري آمن مقارنة بالأكسسوارات المنتشرة التي لا تملك نفس القيمة على المدى الطويل.
وتقول مريم العبرية: يعتبر الذهب ضرورة أساسية لدى النساء بالمجتمعات العربية عامة والخليجية خاصة لأهميته الاقتصادية والاجتماعية، فهو بالنسبة لدي كأنثى يشكل زينة وأمانا مضمونا لتقلبات الزمن، غير ذلك ثبت علميا أن له فوائد صحية عديدة منها أنه ينظم هرمونات المرأة و يزيد من الشعور بالراحة بسبب تأثيره كمعدن على الدورة الدموية، إذ يساعد على ارتخاء الأوعية الدموية بالتالي يمتد مزيد من الأوكسجين للأجهزة الحيوية بالجسم.
في حين تتجه سمية البطاشية لاقتناء الذهب لغرض الزينة حيث إن ارتفاع أسعاره لم يثنها عن التوجه لسوق الذهب بشكل شهري برفقة والدتها لاقتنائه بقولها: "أحب دائما استغلال توفر المال لدي ووالدتي في التوجه لسوق الذهب وشراء الذهب للزينة لأنني أحب التزيين بالذهب وارتدائه بشكل يومي لما له من أثر إيجابي على النفسية وتحسين المزاج، كما أنني أفضل استثمار المال في شراء الذهب كون له قيمة اقتصادية ولا أرى فائدة من صرف المال في أمور غير ضرورية".
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: ارتفاع أسعاره ارتفاع أسعار الاستثمار فی أسعار الذهب شراء الذهب فی سلطنة فی الذهب الذهب فی
إقرأ أيضاً:
ارتفاع أسعار مكونات الحواسيب يربك الأسواق العالمية
يشهد السوق العالمي للأجهزة الإلكترونية والحواسيب موجة غير مسبوقة من الارتفاع في الأسعار، نتيجة التحولات العميقة التي فرضتها طفرة الذكاء الاصطناعي خلال العامين الأخيرين، وبينما كان المستهلكون يعتمدون لسنوات على انخفاض أسعار مكونات الحاسوب مع مرور الوقت، انقلبت المعادلة بالكامل مع تصاعد الطلب الهائل على البنية التحتية للذكاء الاصطناعي، ما تسبب في نقص حاد في الشرائح والذاكرة وارتفاعات قياسية في التكلفة.
ورغم أن شراء هاتف أو حاسوب جديد لم يكن فكرة جيدة قبل أشهر قليلة بسبب الأسعار المتزايدة وضعف الابتكار، إلا أن التطورات الأخيرة في سوق المكوّنات تُشير إلى مرحلة أكثر تعقيدًا، خصوصًا بعد إعلان شركة مايكرون وقف علامتها الاستهلاكية كروشال، التي تُمثّل مصدرًا رئيسيًا لشرائح الذاكرة وقرص SSD لدى شريحة كبيرة من المستخدمين.
قرار شركة مايكرون بإغلاق أعمال كروشال مثّل صدمة داخل قطاع التكنولوجيا، خاصة أن الشركة تمتلك تاريخًا طويلاً في تصنيع الذاكرة للمستهلكين، وبحسب تقرير صحيفة وول ستريت جورنال، فإن السبب يعود إلى الطلب المتزايد بشكل غير مسبوق على شرائح الذاكرة المستخدمة في مراكز البيانات والخوادم الخاصة بتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي.
ومن بين الأسباب الرئيسية لهذا التحول صفقة البنية التحتية التي وقعتها OpenAI بقيمة تتجاوز 1.4 تريليون دولار، والتي تسببت في استنزاف غير مسبوق لقدرات المصنعين حول العالم.
هذا الطلب المتفجر انعكس مباشرة على أسعار الذاكرة، حيث ارتفعت تكلفة مجموعات DDR5 خلال الشهرين الماضيين إلى ضعفين أو ثلاثة أضعاف في بعض الأسواق، كما سجّلت أسعار SSD للمستهلكين زيادات تتراوح بين 20 و60 في المئة، بحسب تحليل TrendForce.
وتظهر مؤشرات قوية على أن ذواكر LPDDR5X المستخدمة في الهواتف الذكية ومعالجات NVIDIA الجديدة سترتفع أسعارها أيضًا خلال 2026.
المخاوف لا تتوقف عند الذاكرة، بل تمتد إلى قطاع وحدات معالجة الرسومات، الذي أصبح مهدداً بزيادات سعرية كبيرة خلال الفترة المقبلة. وتشير تقارير حديثة إلى أن AMD تدرس رفع أسعار بطاقاتها ذات سعة 8 جيجابايت بمقدار 20 دولارًا على الأقل، و40 دولارًا لطرازات 16 جيجابايت نتيجة ارتفاع تكلفة GDDR6.
أما شركة NVIDIA، التي تسيطر على الجزء الأكبر من السوق، فبحسب التسريبات أبلغت شركاءها بأنها ستقلص توريد شرائح VRAM المستخدمة في تصنيع بطاقات الجيل الحالي. هذا يعني أن أسعار البطاقات المتوفرة حاليًا قد تشهد زيادات مفاجئة في أي لحظة، خاصة مع غياب إصدارات جديدة في 2025 وبداية 2026.
ومع توقع طرح تحديث سلسلة Blackwell Super في منتصف 2026، فإن المستهلكين لن يحصلوا على خيارات جديدة في السوق خلال الشهور القادمة، ما يجعل ترقية البطاقات الحالية خطوة ضرورية لمن يفكر في تحسين أداء جهازه قريبًا.
توصيات الخبراء تظل ثابتة: إذا كنت تنوي شراء بطاقة رسومية، فالوقت الحالي قد يكون الأفضل قبل التصاعد المتوقع في الأسعار. وينصح بالابتعاد عن بطاقات 8 جيجابايت، والتركيز على 12 أو 16 جيجابايت لضمان عمر افتراضي أطول وأداء متوازن.
وتشمل أفضل الخيارات المطروحة حاليًا:
Intel Arc B580، خيار اقتصادي ممتاز للمستخدمين ذوي الميزانية المحدودة، رغم بعض مشاكل التعريفات، ويعد أحد أفضل اختيارات الفئة الدنيا قبل أي ارتفاعات محتملة.
NVIDIA RTX 5060 Ti (سعة 16 جيجابايت فقط)، الخيار الأفضل للفئة المتوسطة بأداء ثابت وسعر جذاب، مع ضرورة تجنب طراز 8 جيجابايت الذي يفقد قيمته سريعًا.
AMD Radeon RX 9070 و9070 XT، بادجت رائع للفئة المتوسطة – قيمة ممتازة وأداء منافس، خصوصًا طراز 9070 منخفض استهلاك الطاقة.
NVIDIA RTX 5070 Ti، للأداء العالي.
لا يبدو أن أزمة الأسعار الحالية ستنتهي قريبًا، مع توقعات باستمرار نقص الذاكرة وارتفاع تكلفة المواد الخام خلال 2026. ولذلك، فإن من يحتاج إلى ترقية حقيقية في جهازه الآن قد لا يجد فرصة أفضل في المستقبل القريب.