رحل الساحر ولكن.. للثروة حسابات أخرى
تاريخ النشر: 14th, May 2025 GMT
حين يُذكر اسم محمود عبد العزيز، يتبادر إلى الذهن فورًا فنان من طراز خاص، لا تُختزل مسيرته في عدد الأفلام أو الجوائز، بل في ما تركه من أثر حقيقي.
لم يكن من هواة الصخب، ولا من نجوم العناوين العريضة، لكنه كان حاضرًا بقوة في قلوب الجمهور، بأدواره الصادقة، وموهبته.
لذلك، يبدو مؤلمًا ومربكًا أن يُستدعى اسمه اليوم في خضم أزمة عائلية، لا تليق بتاريخه، ولا تعبر عن صورته الحقيقية.
أن يتحول "الساحر" الذي ألهم الأجيال، إلى اسم عالق في أزمة عائلية، تتنازعه بيانات وتصريحات عن الميراث، وأوراق الطلاق.
الحقيقة أن هذا المشهد لا يُسيء لمحمود عبد العزيز، بقدر ما يجرح صورة نحب أن نحتفظ بها نقية، كما عرفناها. فهو لم يكن يومًا "ثروة" تُقسم، بل "قيمة" تُحترم. رجل عاش ومات بعيدًا عن المزايدات.
في عام 2016، رحل "الساحر" عن عالمنا، تاركًا إرثًا فنيًا كبيرًا وسيرة عطرة لا يزال يُشهد له بها بين زملائه ومحبيه. واصل نجلاه، محمد وكريم محمود عبد العزيز، المسيرة الفنية بأعمال نالت ترحيب الجمهور، الذي استقبل حضورهما بمحبة تشبه ما كان يكنّه لوالدهما.
والحق يُقال، لم يزجّ الثنائي نفسيهما في أي خلافات أو مشادات عبر السنوات، بل ظلا حريصين على الدعاء لوالدهما وذكره بالخير في كل مناسبة.
كما ترك زوجة أحبّته حتى النهاية، هي الإعلامية بوسي شلبي، التي غادرت منزلهما يوم رحيله، مدركةً أنه أوصى بكل ما يملك لنجليه، حسب ما يؤكده عدد من المقربين منهما في الوسط الفني.
وهنا يطرح السؤال نفسه: ما الذي تغير بعد تسع سنوات من الوفاة، حتى يُزج باسمه في قضايا من هذا النوع؟
نجله الأكبر، المنتج والممثل محمد محمود عبد العزيز، نفى تمامًا كل ما تردد حول نزاع على قطعة أرض بمليارات الجنيهات، مؤكدًا أن إعلام الوراثة الرسمي الصادر بعد الوفاة لم يتضمن سوى اسمه واسم شقيقه فقط.
لقد أحبّ محمود عبد العزيز أبناءه حبًا جارفًا، وفضّلهم في حياته على الجميع، وربما اعتقد أن هذا وحده كافٍ ليُدركوا أن قيمة الشرف والاحترام أعلى من أي خلاف على مال. لكن من المؤسف أن يتم الزج باسمه في بيان يطعن في زواجه.
وإن كانت محاولة نفي الزواج مرتبطة بخلاف على الميراث، فهل كان من الأجدر أن تُحل الخلافات في صمت، بدلًا من تشويه صورة فنان عظيم لم يعد بيننا، ولا يملك حق الدفاع عن نفسه؟
على الجانب الآخر، تقف الإعلامية التي ما دام أكدت في لقاءاتها أنها لا تزال على العهد، وفية لزوجها الراحل، ومخلصة لكل لحظة بينهما، حاملة ذكراه في قلبها كما اعتدنا أن نراها. لكن السؤال المشروع هنا: لماذا قررت إثارة هذه القضايا والخلافات، التي بدأت منذ عام 2021، لإثبات أن الطلاق الذي تم في أواخر التسعينيات — بعد شهور قليلة من الزواج — لم يُوثق بشكل نهائي؟
إذا كانت تمتلك بالفعل أوراقًا رسمية تثبت الزواج، كما تقول، وإن كانت لا تطالب بالمال أو الميراث — كما يدّعي بعض أصدقائها من الوسط الفني — فما الذي يدفعها لفتح هذا الملف الآن؟ وهل يمكن أن يُفهم هذا الإصرار على إثبات الزواج كإشارة إلى أن الراحل قد "ردّها" إلى عصمته شفهيًا دون توثيق؟
شرعًا، تُعد زوجته. لكن قانونًا، إذا كانت تملك منذ سنوات ما يثبت الزواج، فلماذا لم تُعلن ذلك إلا بعد مرور تسع سنوات على وفاته؟
وإذا كان الاتفاق — كما يؤكد المقربون منهما — هو ألا تطالب بأي شيء من الإرث احترامًا للعِشرة ولأبنائه، فلماذا تراجعت فجأة؟
هل هذا هو الوفاء الذي اعتادت أن ترفعه ؟ أم أن بعض الأسئلة لا تجد إجابات، لأن الحقيقة ليست دائمًا كما تُروى؟
الجميع يقف الآن طرفًا في حرب من تبادل التصريحات، كلٌّ يحاول إثبات صحة موقفه بكل ما أوتي من قوة. لكن هذه المعارك، بكل ضجيجها، لا تليق بمحمود عبد العزيز. فلا يجب أن تُبنى النزاعات على حساب فنان رحل، لا يملك اليوم أن يدافع عن نفسه، ولا أن يروي ما غاب من تفاصيل لا يعلمها سوى الله.
هو الذي لم يتحدث كثيرًا عن نفسه، ولم يسعَ إلى رسم صورة أسطورية له. اكتفى بأن يكون صادقًا، وترك أعمالًا تُغني عن أي سيرة. من "رأفت الهجان" الذي أصبح رمزًا وطنيًا، إلى أدوار الإنسان البسيط في "الكيت كات"، و"البرئ"، و"الساحر"… لم يكن بطلًا خارقًا، بل إنسانًا يعرف كيف يصل إلى قلوب الناس دون ادعاء.
وهكذا نحب أن نتذكره: فنانًا صدق نفسه فصدقه الناس، أبًا ترك في عيون أبنائه دفئًا حتى وإن اختلفوا بعده، ورجلًا لم يكن بحاجة لمن يُدافع عنه بعد رحيله.
الجدل حول المال لا يُغيّب الحقيقة: أن الإرث الحقيقي لمحمود عبد العزيز لا يُقاس بالممتلكات، بل بالمحبة. محبة جمهور لا يزال يستعيد مشاهده، ويرويها للأبناء، وينحني احترامًا لفنٍّ لا يموت.
ولأن الثروة الحقيقية لا تُورَّث… بل تُستلهم، سيبقى اسمه في المكان الذي يليق به: في القلوب، لا في سجلات المحاكم.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: آخر أعمال محمود عبد العزيز محمود عبد العزيز محمود عبد العزیز لم یکن
إقرأ أيضاً:
موسم استثنائي.. ولكن!!
مع انتهاء الموسم الكروي في سلطنة عمان بكل ما حمله من إيجابيات وسلبيات كنا نأمل أن تعلن لجنة المسابقات روزنامة الموسم المقبل وهو موسم بكل تأكيد استثنائي في ظل روزنامة دولية طويلة مزدحمة بالعديد من الأحداث والمشاركات الخارجية للمنتخبات الوطنية والأندية؛ ففي شهر يوليو 2025 ستقام منافسات كأس العرب للأندية الأبطال 2025، المقررة من 25 يوليو إلى 11 أغسطس.
كما سينطلق في يوليو الموسم الجديد في دوري أبطال آسيا للنخبة ودوري أبطال آسيا الثاني 2026/2025 بمباريات الدور التمهيدي الأول يومي 29 و30 على التوالي، وستبدأ أيضًا منافسات الدور التمهيدي بدوري التحدي الآسيوي اعتبارًا من 29 يوليو، وستشارك الأندية العمانية في دوري أبطال آسيا الثاني، كما سيكون شهر أكتوبر عامرًا بالأحداث، حيث سينطلق دور المجموعات للملحق الآسيوي المؤهل لكأس العالم 2026 يوم 8 أكتوبر، مع إقامة الجولات الأخرى يومي 11 و14، وستقام في نوفمبر مباريات الملحق الآسيوي المؤهل لكأس العالم 2026 يومي 15 و18.
وفي شهر ديسمبر، تُقام النسخة 11 من بطولة كأس العرب 2025 في الدوحة خلال الفترة من 1 إلى 18 ديسمبر المقبل، بينما تُقام بطولة الأندية الخليجية خلال الفترة من سبتمبر 2025 إلى أبريل 2026، أما أيام الفيفا فستُقام خلال الفترات التالية: من 1 إلى 9 سبتمبر، ومن 6 إلى 14 أكتوبر، ومن 10 إلى 18 نوفمبر، ومن 23 إلى 31 مارس 2026، ومن 1 إلى 9 يونيو 2026.
ليس من المنصف ترك روزنامة المسابقات للمجلس الجديد الذي سيُنتخب أول يونيو المقبل والذي عليه أن يواجه مصيره منذ البداية ويتحمّل جميع الملفات في الوقت الذي نرى بأن المجلس هو مكمل لعمل مجلس الإدارة الحالي وليس من المنصف أن يتحمّل المجلس الجديد كل إرهاصات الموسم الحالي بكل ما حمله من سلبيات وإيجابيات وكان من المفترض دراسة الواقع الذي عاشته مسابقاتنا المحلية ومعالجة كل أوجه القصور.
من أبرز سلبيات هذا الموسم هو عدم انتظام المسابقات والذي أضر باللاعبين بشكل بدني بسبب عدم وجود فترات إعداد سليمة، بجانب الضرر النفسي حيث عانى اللاعبون من ضغوطات متواصلة بسبب التوقفات المتكررة ولهذا لا بد عند وضع روزنامة المسابقات الجلوس مع الأجهزة الفنية للمنتخبات الوطنية لتحديد فترات معسكراتها وإن كانت أيام الفيفا معلومة مسبقا لكن إقامة المعسكرات الطويلة خارج أيام الفيفا هي التي تسببت في التوقفات الكثيرة للدوري.
المنتخب الوطني سيكمل تصفيات كأس العالم في يونيو المقبل في الوقت الذي يحتاج فيه اللاعبون لفترات راحة صيفية بين الموسم والآخر، واستمرارهم في التدريبات خلال الفترة الصيفية قد يؤدي إلى تعرضهم للإرهاق، ما يجعلهم ضحية الإصابات المتكررة جراء الاستنزاف البدني.
على لجنة المسابقات ورابطة الدوري العماني استكمال ما بدأت به في وضع روزنامة الموسم الجديد وعدم التوقف ورفع الأمر لمجلس الإدارة لاعتماد روزنامة متكاملة مثل بقية الدول التي اعتمدت روزنامة مسابقاتها وأعلنت عنها.