يقول الكاتب الإنجليزي “ألدوس هكسلي “Aldous Huxley: (التقاعد ليس نهاية الطريق، ولكنه مجرد منعطف في الطريق).
يقول “سَعِيد” متقاعد مغربي: أنهيت سنوات عملي في الوظيفية العمومية وكنت ملتزما لعملي ومتعلقا به حتى الشغف لذلك فالتقاعد كان كارثة حقيقية بالنسبة لي وقد تسبب ذلك بالكثير من المشاكل والمصائب والتي حولت حياتي إلى صفحة سوداء من الصعب تبييضها، فزوجتي أصبحت غير إيجابية على الإطلاق وتحاسب على الشاردة والواردة وكأنني ولد من أولادها وليس رب أسرة والجميع من حولي يعتبرني عبئا على العائلة حتى أن المشاجرات داخل المنزل تكاد لا تنتهي والخلافات فيما بيننا تنشأ لأتفه الأسباب، ويضيف و للخروج من هذه الوضعية حاولت مرارا وتكرارا البحث عن العمل ولكن دون فائدة و لذلك فإنني أنتظر حفرة القبر لأتخلص مما أنا فيه.

تقول ” سَعِيدَة” متقاعدة مغربية: إن المتقاعدين من العنصر النسائي فتلك حكاية أخرى تظل طي كتمان الفضاءات المنزلية لأن جل المتقاعدات لا يجدن بشكل عام صعوبات في تصريف الزمن الضائع الذي يوفره التقاعد، فالحياة الاجتماعية في شقها المتعلق بالأنشطة المنزلية وحتى الاهتمام بالأسرة والأولاد والأحفاد تعد شغلا شاغلا وتعويضا حقيقيا عن أنشطة الحياة المهنية التي لم يعرفن فيها البيت خلال النهار إلا أيام العطل.
يقال إن لكل بداية نهاية شعار تعتبره شريحة واسعة من المتقاعدين في وطننا عنوانا لحقيقة مفادها أن زمن الشباب بكل ما تحمله الكلمة من معاني القوة والعمل قد مضى وانتهى بلا رجعة حاملاً معه جميع الذكريات الجميلة منها والتعيسة لأن العمر قد تقدم بهم إلى درجة عدم القدرة على العطاء وليؤرخ لبداية مرحلة الفراغ والملل وتوقيف عقارب الساعة لأن كل الأيام القادمة ستكون متشابهة، والسؤال الجوهري الذي يطرح نفسه لماذا تعتبر الساحات العمومية والمقاهي الملجأ أو الملاذ الوحيد لفئة كبيرة من المتقاعدين بالمغرب؟ وهل حقيقة أن دور المتقاعد في الحياة ينتهي بمجرد وصوله إلى سن التقاعد؟ ولماذا تهمل هذه الخبرة الطويلة والطاقة البشرية الهائلة لهاته الشريحة الواسعة من مجتمعنا التي من الممكن استغلالها في مختلف مناحي الحياة؟.
للأسف المأسوف على شبابه لم يكن يدري الكثير من هؤلاء المتقاعدين بأن السنين تمر بسرعة فالزمن قد تغير، والكبر قد لاح بظلاله وظهر، والشباب قد ولى واحتضر، والشيب قد غطى الرأس وغزر، والشعر لم يعد له من أثر حيث لم يعد على ألسنتهم غير ما ذكره الشاعر “أبو العتاهية” حين قال: (فَيا لَيتَ الشَبابَ يَعودُ يَوماً … فَأُخبِرُهُ بِما صَنَعَ المَشيبُ)، إنهم ببساطة رجال سلموا راية الكد والعمل واستسلموا لمصير التقاعد والسؤال المطروح: هل التقاعد نهاية القدرة على العطاء؟، فسن التقاعد يشكل نقطة فارقة وعلامة بارزة في حياة الإنسان بخاصة لموظفي الوظيفة الحكومية وللتقاعد آثار سلبية على صاحبه إذ يسبب في الغالب حالة من عدم الرضا والتعاسة تنعكس سلبياً على الصحة النفسية للمتقاعد كما قد يؤدي إلى الإصابة بأمراض الإكتئاب،

إذا كانت الدولة لا تستطيع أن تؤمن لهذه الشريحة الهامة من المتقاعدين الراحة والرفاهية ولا تستطيع أيضا عمل استراتيجية للتقاعد فعلى الأقل عليها أن تحفظ لهم كرامة البقاء وتوفير مقومات العيش الكريم وتجنبهم الإذلال وتحفظ لهم شموخهم وكبريائهم لإنصافهم، حتى وإن هم ربما وجدوا في المقاهي والساحات سبيلا ليشغلوا بها أنفسهم غير أنه كان من الأفضل على الدولة إيجاد بدائل أخرى لهذه الفئة من خلال إنشاء نوادي يمارس فيها المتقاعدون مختلف النشاطات والهوايات ويكون النادي فضاء للاستفادة من خبرات هؤلاء المتقاعدين للمساهمة في صقل خبرات الجيل الجديد، حينها يمكن القول أنه من الممكن أن يكون التقاعد بداية وليس نهاية.

عبد الإله شفيشو / فاس

المصدر: مملكة بريس

إقرأ أيضاً:

القضاء يوافق على إحالة رئيس المحكمة الاتحادية على التقاعد

29 يونيو، 2025

بغداد/المسلة: أعلن مجلس القضاء الأعلى، الاحد، 2025، على احالة رئيس المحكمة الاتحادية العليا الحالي القاضي جاسم محمد عبود على التقاعد لأسباب صحية، فيما رشح نائب رئيس محكمة التمييز الاتحادية القاضي منذر ابراهيم حسين بدلاً عنه.

وذكر اعلام القضاء في بيان انه بتاريخ اليوم الاحد الموافق 19/ 6/ 2025 اجتمعت اللجنة المنصوص عليها في المادة (3/ اولا وثانيا) من قانون المحكمة الاتحادية العليا رقم 30 لسنة 2005 المعدل ووافقت على احالة رئيس المحكمة الاتحادية العليا الحالي القاضي جاسم محمد عبود على التقاعد لأسباب صحية وترشيح نائب رئيس محكمة التمييز الاتحادية القاضي منذر ابراهيم حسين بدلاً عنه، حيث تمت مفاتحة رئيس الجمهورية لإصدار المرسوم الجمهوري بالتعيين.

ويذكر ان القاضي منذر ابراهيم حسين هو من مواليد بغداد 1963 وحاصل على شهادة القانون من كلية القانون في جامعة بغداد سنة 1989 ومتخرج من المعهد القضائي سنة 1998 الدورة (21) وعمل في محكمة التمييز الاتحادية منذ عام 2018.

ويشغل حاليا منصب نائب رئيس محكمة التمييز الاتحادية ورئيس الهيئة الجزائية فيها وعضواً احتياطاً في المحكمة الاتحادية العليا.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author زين

See author's posts

مقالات مشابهة

  • قانون التعليم الجديد يمد خدمة المعلمين بعد بلوغ سن التقاعد لسد العجز بالمدارس
  • برلماني للحكومة: كرسي الوزارة زي كرسي الحلاق.. هييجي يوم يقول لك نعيمًا
  • التقاعد النرويجي يقاطع عدة شركات بعد تورطها بتوريد الأسلحة لـإسرائيل
  • صندوق التقاعد النرويجي يستبعد شركتين تزودان الجيش الإسرائيلي بأسلحة
  • الصبيحي لحسّان .. معقول إنتَ مش خايف عالضمان.؟!
  • لماذا لا يشمل غلاء المعيش المتقاعدين المدنين على قانون التقاعد المدني اسوة بالمتقاعدين الآخرين ؟  
  • القضاء يوافق على إحالة رئيس المحكمة الاتحادية على التقاعد
  • احالة رئيس المحكمة الاتحادية العليا على التقاعد وترشيح آخر بديلا له
  • أبو نمو يقول إن الحركات المسلحة لا تدخل ضمن النسبة المخصصة 25٪ من السلطة
  • ترمب يقلد بسخرية المرشد الإيراني خامنئي وهو يقول “لقد انتصرنا في الحرب”.. فيديو