أطلقت رئيسة الإتحاد النسائي العام رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية "أم الإمارات" الشيخة فاطمة بنت مبارك، السياسة الوطنية لتمكين المرأة في الإمارات 2023 –2031، بناءً على قرار مجلس الوزراء، بمناسبة يوم المرأة الإماراتية لعام 2023 تحت شعار "نتشارك للغد".

وجاءت السياسة ترجمة لرؤية "أم الإمارات" في تحقيق مشاركة المرأة العادلة والشاملة للتأثير في جميع المجالات، وتعزيز جودة الحياة في المجتمع،لتقدم إطار عام ومرجعي وإرشادي لمتخذي القرار في مؤسسات الحكومة الاتحادية والمحلية والقطاع الخاص والمجتمع المدني، بما يضمن تعزيز جهود تمكين وريادة المرأة في دولة الإمارات العربية المتحدة.

مكانة فريدة

وقالت الشيخة فاطمة بنت مبارك: "شهدت الإمارات منذ تأسيسها على يد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، تحولات كبرى وسريعة في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لا سيما في مجال النهوض بقضايا المرأة ومشاركتها المجتمعية وحظى تمكين المرأة أيضاً باهتمام خاص من قبل المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رحمه الله، وكذلك باهتمام لامحدود من رئيس الدولة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ونائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، ونائب رئيس الدولة نائب رئيس مجلس الوزراء وزير ديوان الرئاسة الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، والشيوخ أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد حكام الإمارات، وتبوأت المرأة الإماراتية مكانة فريدة ومرموقة في كافة قطاعات المجتمع ومفاصل الدولة.
وأضحت الإمارات نموذجاً يحتذى به في مجال التنمية البشرية ومؤشرات التنافسية العالمية وخاصة مؤشرات ردم فجوة النوع والتي تمكنت الدولة بفضل السياسات المراعية لتمكين المرأة من أن تحتل المرتبة الأولى بين الدول العربية والمرتبة 68 بين دول العالم في مؤشرات التنافسية العالمية في عام 2022".
وأضافت "استطاع الاتحاد النسائي العام منذ تأسيسه في 27 أغسطس (آب) 1975 من تقديم العديد من المبادرات والمشاريع والبرامج الموجهة لخدمة المرأة، حيث انطلقت مسيرته من رؤية ثاقبة تقوم على رسالة وأهداف واضحة وضعت بعناية فائقة تلبي احتياجات المرأة وتتناغم مع مئوية 2071 لحكومة الإمارات واستراتيجية حكومة أبوظبي 2030 في دعم جهودهما لإعداد المرأة القادرة على خدمة وطنها والحفاظ على مكتسباته، وذلك في سبيل تحقيق أعلى مستوى من الرعاية والحماية وتحقيق العدالة والمشاركة الفعالة".
وتابعت: "تعد الاستراتيجية الوطنية لتقدم المرأة في الإمارات في 2002 والاستراتيجية الثانية لتمكين وريادة المرأة 2015-2021 من أبرز المبادرات التي أطلقها الاتحاد النسائي العام، وها نحن الآن، نُطلق سياسة وطنية لتمكين المرأة في الإمارات للأعوام 2023- 2031، إن سباق التطوير والتنمية الذي تشهده الدولة، دفعنا لأن نعمل تقييما لاستراتيجية 2015- 2021 بما يمكننا من رفع سقف طموحاتنا في مجال الارتقاء بوضع المرأة الإماراتية، كشفت لنا المراجعة الشاملة للاستراتيجية الثانية 2015- 2021 ان الإنجازات التي تحققت على كافة الصعد فاقت التوقعات ولم تشكل التحديات إعاقة أمام طموحاتنا بل مكنتنا من التفكير بشكل منهجي على طرح وسائل وطرائق أسهمت في تذليلها لنصل إلى مستويات جعلت العالم ينبهر بما تحقق للمرأة الإمارتية من مكاسب وإنجازات في فترة قصيرة من عمر الدول".
وأوضحت أم الإمارات أنه "انطلاقاً من ذلك، يظل الاتحاد النسائي العام ملتزم بتحقيق رؤيته في تحقيق المبادئ العشرة للإمارات خلال الخمسين عاماً والأهداف الاستراتيجية لحكومة إمارة أبوظبي، وتعزيز الشراكات مع المؤسسات الحكومية الاتحادية والمحلية ومؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص والمنظمات والهيئات الإقليمية والدولية لنساهم في جعل الإمارات في مصاف الدول المتقدمة في مجال تمكين المرأة".

التوجهات الرئيسية

وتضمنت التوجهات الرئيسية للسياسة الوطنية لتمكين المرأة 2023 – 2031، أولاً: بناء أسره مترابطة متماسكة وداعمة لتعزيز دور المرأة في المجتمع، التي تفرعت منها 8 توجهات تشمل: "وضع برامج لتعزيز التماسكالأسري ودعم قيام المرأة بدورها في الأسرة، وضمان توافر والوصول إلى الشبكات دعم مجتمعية للمرأة للتعامل مع التحديات ومتطلبات الحياة، وضمان توافر الخدمات الخاصة بمتطلبات الحياة بصورة موثوقة وآمنة وسهلة وتراعي خصوصية المرأة والأسرة، ودعم دور ومسؤوليات أولياء الأمور لأصحاب الهمم من المتعلمين من خلال تصميم مناهج وتجارب تعليمية مناسبة، وتعزيز الصحة النفسية للمرأة في مواجهة المتغيرات المجتمعية وتمكين حصولها على خدمات العلاجية والاستشارية والتأهيلية النفسية، واستمرارية وتطوير وتقديم برامج الصحة الوقائية والعلاجية الخاصة بالمرأة التي تتناسب مع احتياجاتها الحالية والمتوقعة، وتطوير مرافق عامة وخاصة رياضية تتناسب معاهتمامات المرأة في الرياضة وتمكين استخدامها بما يراعي احتياجات وخصوصية المرأة، وإنشاء مراكز لحماية المرأة والأطفال المعنفينوتطوير وتوسيع نطاق الخدمات المقدمة من المراكز القائمة".
فيما يتمثل التوجه الرئيس الثاني في إدماج المرأة في سوق العمل والقطاعات المستقبلية بصورة متوازنة تراعي أدوارها واحتياجاتها، والذي تتفرع منه 4 توجهات هي: "زيادة فرص العمل القائمة على أنظمة عمل تتواءم مع الأدوار المختلفة للمرأة، وتطوير وتطبيق أنظمة ومعاييروممارسات استرشادية لبيئة العمل المثالية للمرأة، وضمان تفعيلها وتشجيع سوق العمل على تبنيها ودعم تأسيس المرأة مشاريع مبتكرة ضمن القطاعات المستقبلية واستدامة تلك المشاريع بما يتناسب مع طبيعة التحديات التي تواجهها في سوق العمل ودورها الحالي، وبناء ثقافة مجتمعية تثق بإمكانيات المرأة وتدعمها وتمكنها للقيام بدورها السياسي والاقتصادي".
أما التوجه الرئيس الثالث هو تطوير القدرات وتعزيز المهارات المستقبلية لدى المرأة، والذي تفرع منه 4 توجهات هي: "تطوير مهارات ريادة الأعمال لدى الفتيات وربات المنازل والعاملات الراغبات في ذلك، وتوفير التعليم المستمر واكتساب المهارات المستقبلية والتدريب المهني والتقني للمرأة، وتشجيع ودعم تطوير مؤهلات وبرامج أكاديمية للتجارة والتقنيات الرقمية تستهدف المرأة، وتطوير وتوفير برامج لمختلف المهارات الحياتية الداعمة للمرأة وتعزيز جودة حياتها".

التوجهات الممكنة

وتشتمل التوجهات الرئيسية الممكنة للسياسة الوطنية لتمكين المرأة على توجهان يتضمن الأول تطوير البيئة التشريعية والتنظيمية الداعمة والممكنة لجودة حياة المرأة، والذي تفرع منه 3 توجهات هي: "تصميم قوانين وتشريعات ولوائح تنظيمية استباقية وتطوير القائم منها وفقا للسيناريوهات المحتمل حدوثها فيما يخص التمييز ضد المرأة، وضمان إنفاذ القوانين والتشريعات الخاصة لحماية المرأة من العنف والاعتداء والتمييز في العمل والأسرة، وتطوير القوانين والتشريعات واللوائح الاتحادية والمحلية التي تدعم حصول المرأة على منافع اجتماعية".
أما التوجه الثاني فيتمثل في تعزيز العمل المؤسسي والشراكات على المستوى الوطني والدولي، والذي تفرع منه 5 توجهات تشمل: "ضمان توافر البيانات الوطنية بحسب الجنس ومشاركتها مع الجهات المعنية بما يدعم اتخاذ القرارات، ودعم تأسيس إطار إحصائي متكامل للمرأة وإجراء الدراسات لتوجيه السياسات العامة والبرامج المعنية، وتعزيز وتطوير العلاقات والشراكات مع الهيئات والمنظمات الإقليمية فيما يخص مجال تمكين المرأة وتحقيق التوزان، وضمان تبني نهج تشاركي في العمل مع القطاع الخاص والمجتمع المدني لتحقيق الأجندات الداعمة للمرأة والتي تعتمدها الدولة، وتعزيز التكامل في الأدوار ضمن القطاع العام المعني بالمرأة وحوكمة شؤونها".

المقارنات المعيارية

وتسعى السياسة الوطنية لتمكين المرأة في دولة الإمارات العربية المتحدة (2023-2031) إلى تعزيز تنافسية الدولة في المؤشرات العالمية وخاصة فيما يتعلق بتقليص الفجوة بين الجنسين ومن هذا المنطلق ولأغراض التخطيط الإستراتيجي للسياسة، فقد تم الاستناد إلى مؤشرات الفجوة العالمية بين الجنسين 2022 الصادرة عن المنتدى الاقتصادي العالمي لإجراء المقارنات المعيارية لمعرفة التصنيف والترتيب العالمي لدولة الإمارات العربية المتحدة.
و يؤمن الاتحاد النسائي العام بدوره الراسخ في الإمارات باعتباره الآلية الوطنية التي تقود وترعى مسيرة تمكين المرأة من خلال العمل الجاد والدؤوب مع كافة الجهات المعنية لتقليص فجوة النوع، وبالتالي رفع المرتبة العالمية لتنافسية الدولة بهذا المجال وفي أهم القطاعات المحورية الخاصة بتقدم أية دولة وهي الصحة والتعليم والاقتصاد والسياسة، الأمر الذي تنبع معه أهمية السياسة الوطنية لتمكين المرأة، ويعي الاتحاد النسائي العام ضرورة ربط كل ذلك بخطط تنفيذية وطنية بمؤشرات أداء محددة قابلة للقياس والتقييم مع كافة المؤسسات لتؤطر وترسخ لصنع القرار والتشريع والإجراءات والممارسات والمبادرات والبرامج والأنشطة الدائمة الممنهجة والداعمة للمساواة الجندرية بكافة المجالات وعلى مستوى الدولة، مما سيضمن تنفيذ الأهداف الرئيسية والأهداف الفرعية لهذه السياسة مع ربط كل ذلك بخطط تفصيلية لمتابعتها وتقييمها.

محصلات الاستراتيجية

وجاءت السياسة الوطنية للمرأة في الإمارات (2023-2031) بعد الانتهاء من عملية تقييم وقياس الأثر المتحقق وتحديد مواطن القوة وفرص التطوير الممكنة لتمكين المرأة الإماراتية في الإستراتيجية الوطنية لتمكين وريادة المرأة (2015-2021).
وحققت الإستراتيجية الوطنية لتمكين وريادة المرأة الإماراتية 2015-2021، التي أطلقها الاتحاد النسائي العام، بتوجيهات الشيخة فاطمة بنت مبارك، جملة من الأهداف الكبرى بمسيرة المرأة الإماراتية، التي عززت من قوة تنافسية الإمارات في ملف دعم وتمكين المرأة، بعد أن تم إعدادها وفق أحدث المناهج في التخطيط الاستراتيجي التنموي بإجمالي 518 محصله موزعة على 153 مشروعاً، و174 مبادرة، و191 دراسة، بمشاركة 155 جهة وطنية، تضمنت 33 جهة اتحادية، و72 جهة محلية، و12 مؤسسة مجتمع مدني، و6 جهات شبه حكومية، و21 جهة من القطاع الخاص، و11 جهة من التعليم العالي"، إذ حققت الجهات المحلية أعلى نسبة من الأهداف والتي بلغت 38.8% بواقع 127 مشروعاً ومبادرة وهدفاً تشغيلياً، فيما أحرزت مؤسسات المجتمع المدني نسبة بلغت 28.4% بواقع 93 مشروعاً ومبادرة وهدفاً تشغيلياً، كما حققت الجهات الاتحادية نسبة بلغت 24.5% بواقع 80 مشروعاً ومبادرة وهدفاً تشغيلياً، وحقق القطاع الخاص نسبة بلغت 8.3% بواقع 27 مشروعاً ومبادرة وهدفاً تشغيلياً.
وساهمت حزمة المشاريع والمبادرات والأهداف التشغيلية التي قدمتها الجهات الحكومية بالدولة ومؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص في تحقيق 9 أهداف من أهداف التنمية المستدامة، والتي اشتملت على 83 مشروعاً ومبادرة وهدفاً تشغيلياً داعماً لتحقيق الهدف التنموي للصحة الجيدة والرفاه، و79 مشروعاً ومبادرة وهدفاً تشغيلياً لتحقيق الهدف التنموي التعليم الجيد، و167 مشروعاً ومبادرة وهدفاً تشغيلياً في تحقيق الهدف التنموي المساواة بين الجنسين، و42 مشروعاً ومبادرة وهدفاً تشغيلياً في تحقيق الهدف التنموي العمل اللائق ونموالاقتصاد، و81 مشروعاً ومبادرة وهدفاً تشغيلياً للحد من أوجه عدم المساواة، و10 مشاريع ومبادرات وأهدف تشغيلية لتحقيق الهدف التنموي مدن ومجتمعات محلية مستدامة، و5 مشاريع ومبادرات وأهدف تشغيلية لتحقيق الهدف التشغيلي الاستهلاك والإنتاج المسؤولان،و75 مشروعاً ومبادرة وهدفاً تشغيلياً لتحقيق الهدف التنموي للسلام والعدل والمؤسسات القوية، و23 مشروعاً ومبادرة وهدفاً تشغيلياً لتحقيق الهدف التنموي في عقد الشراكات لتحقيق الأهداف.

منهجية إعداد السياسة

وتم اتباع منهجية تشاركية في إعداد السياسة الوطنية لتمكين المرأة في دولة الإمارات العربية المتحدة للفترة 2023- 2031، تتلخص في المراحل التالية: "تقييم وقياس الأثر المتحقق وتحديد مواطن القوة وفرص التطوير الممكنة لتمكين المرأة للخطة 2015-2021، وعمل تقييم شامل للخطة 2015-2021 وبناءً على المخرجات والنتائج تم وضع السياسة الوطنية لتمكين المرأة 2023- 2031، والعمل مع الشركاء الإستراتيجيين من خلال وضع الأهداف الرئيسية والفرعية والمبادرات والمؤشرات وقياس الأثر بما يتسق مع الاحتياجات الفعلية والتطلعات المستقبلية للمرأة الإماراتية".
وكُلف فريقاً من الخبراء المختصين للعمل على إعداد السياسة الوطنية لتمكين المرأة للفترة 2023 – 2031، الذي قام بالاطلاع على النظام الأساسي للاتحاد النسائي العام وتقاريره الدورية السنوية، والاطلاع على أعماله وخدماته الموجهة للفئات المستفيدة، وقام بالتقييم المؤسسي الداخلي باستخدام أداة تقييم مؤسسي عالمية (IDA) تم توزيعها على مسؤولي الإدارات المختلفة بالاتحاد كما تمت مقابلتهم جميعا كلٍ على حده. وكذلك تمت مقابلة الجمعيات الأعضاء في الاتحاد النسائي العام.

مرتكزات

فيما تم الاستناد في إعداد السياسة الوطنية لتمكين المرأة في الإمارات 2023 – 2031 إلى جانب نتائج تحليل واقع المرأة على جملة من المرتكزات على النحو التالي: "دستور الإمارات، ورؤية حكومة الدولة 2071، والمبادئ العشرة للإمارات خلال الخمسين عاماً، واستراتيجية الإمارات للثورة الصناعية الرابعة، واستراتيجيات الحكومات المحلية، ووثيقة قيم وسلوكيات المواطن الإماراتي، ومنهاج عمل بيجين، وأهداف التنمية المستدامة وخاصة الهدف رقم 5، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، والاتفاقيات الدولية ذات العلاقة، وإستراتيجيات النهوض بالمرأة العربية، ومؤشرات التنافسية العالمية".

مراحل ومستويات

ويتطلب تنفيذ السياسة الوطنية لتمكين المرأة في الإمارات تطبيقاً فعالاً، بما يضمن تحقيق الأهداف المنشودة في الإطارالزمني المحدد، تحديد المسؤوليات وآليات التنفيذ والمتابعة، والتشبيك الإيجابي مع المؤسسات المعنية، باعتبار أن السياسة تقدم إطاراً مرجعياً للمؤسسات العاملة في الدولة الاتحادية والحكومات المحلية ومؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص كلٌ في مجال اختصاصه بما يوفر ويضمن متطلبات الحياة الكريمة والآمنة للمرأة وفق أفضل المعايير والممارسات.
ويعتبر الاتحاد النسائي العام وبالتعاون مع الأمانة العامة لمجلس الوزراء، والأمانة العامة للمجالس التنفيذية في كل إمارة أو من ينوب عنها،هم الشركاء الرئيسيون في متابعة تنفيذ السياسة الوطنية لتمكين المرأة في الإمارات، فيما يتضمن الشركاء الداعمون،كافة الوزارات والهيئات والمؤسسات الاتحادية والمحلية والخاصة ومؤسسات المجتمع المدني ذات العلاقة.
وتتولى المؤسسات ذات العلاقة وضع خطط تشغيلية كل ثلاث سنوات واعتمادها ضمن خططها الاستراتيجية، ويتم اعتماد الخطط والبرامج الموضوعة من قبل مجلس الوزراء والمجالس التنفيذية في كل إمارة، ويقوم الاتحاد النسائي العام بعقد اجتماعات دورية مع المؤسسات المعنية لمتابعة وتقييم التقدم المحرز في تنفيذ الخطط، واقتراح التعديلات إذا تطلب الأمر ذلك لضمان تحقيق الأهداف المنشودة.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني دولة الإمارات العربیة المتحدة ومؤسسات المجتمع المدنی الاتحاد النسائی العام المرأة الإماراتیة والقطاع الخاص مجلس الوزراء القطاع الخاص أم الإمارات فی تحقیق آل نهیان فی مجال

إقرأ أيضاً:

فرنسا بين شعارات الجمهورية وواقع التمييز.. المسلمون في مرمى السياسة

لا يكاد الجدل في فرنسا حول الإسلام والمسلمين يخبو حتى يتجدد أكثر سخونة وصخبا متخذا في كل مرة عنوانا جديدا للإثارة الإعلامية والتحريض. وكان التقرير الأخير المثير للجدل حول "الاخوان المسلمون والإسلام السياسي في فرنسا" والذي تصدّر الإعلان عنه وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتايو آخر هذه الحلقات التي لا تنتهي بشأن الجدل حول الإسلام والمسلمين في المشهد الفرنسي.

والحقيقة أن التقرير الأخير يقتضي توقفا عنده سواء، لجهة السياقات التي جاء فيها فضلا عن طبيعة المضامين والخلاصات التي انتهى إليها التقرير.

أولا ـ جاء التقرير في سياقات سياسية داخلية سمتها التجاذبات والانقسام، وخارجية ساخنة، سمتها تفاقم الصراعات واتساع نطاق الحروب، سياقات أكدت أغلب الصحف الفرنسية أن لها تأثيرات بشكل أو بآخر في الملف المثار بشأن الإسلام السياسي في البلاد. ففضلا عن الصعوبات التي تواجهها حكومة فرانسوا بايرو، بسبب ضعف شرعيتها وهشاشتها، في ظل تشكيك المعارضة في تمثيليتها للفرنسيين، وأيضا استقطاب داخل مكونات الحكم على خلفية الرهانات الانتخابية القادمة.

صدر التقرير في وقت كان فيه الموقف الفرنسي الرسمي القوي من الملف الفلسطيني يتصدر الموقف الأوروبي، مطالبا بوقف الحرب على غزة وإدخال المساعدات دون تأخير، ومهددا بفرض عقوبات على الإسرائيليين. وفي ذروة هذا الموقف اللافت سارعت الصحف اليمينية بالإعلان عن التقرير بشأن "الاخوان المسلمين"، ونشرته بشكل استباقي، مروّجة وبشكل استعراضي تضخيمي مبالغا فيه لمضامين التقرير، لينقلب الاهتمام الفرنسي فجأة من الملف الإنساني المأساوي في غزة وما يواجهه أهلها من حرب تجويع، باتجاه جدل داخلي قديم جديد بشأن الإسلام والمسلمين وخطر نشاطاتهم. فكانت عملية الإعلان عن التقرير وتسريبه للصحف اليمينية لتتناوله بشيء من المبالغة، عملية اختطاف وتحويل وجهة اهتمام الرأي العام الفرنسي من المأساة الإنسانية في غزة إلى الخطر الإسلامي الداهم (المزعوم) في فرنسا.

في الوقت الذي يقدّر فيه التقرير عدد أعضاء الجماعة في فرنسا بأربعمائة عضو نشيط، يحذّر فيه من أن هؤلاء يخترقون مؤسسات الجمهورية، في المجالس المحلية والرياضية والتعليمية، بينما لا يمكن تصوّر أن يكون هذا العدد المتواضع المشار إليه، جديا لدرجة أنه يمكّن الإسلاميين من اختراق مؤسسات الدولة الفرنسية التي يعد مواطنوها حوالي 70 مليونا.ثانيا ـ رغم الفرقة الإعلامية وسياسة الإثارة، التي وصلت حد دق ناقوس الخطر، لم يتضمن التقرير جديدا عما يتم تتداوله الصحف اليمينية والقوى اليمينية المتطرفة منذ سنوات طويلة حول الإسلام والمسلمين و"الخطر الإسلامي" المتخيّل.

فالتقرير الذي قدم سردية عن تاريخ جماعة الاخوان المسلمين، خلاصتها أن هذا التيار تراجع بشكل ملحوظ وهو في حالة انحسار، على المستوى الدولي، بعد حملات القمع والمطاردة التي تعرضت لها الجماعة منذ سنوات طويلة، خاصة في المنطقة العربية. غير أن التقرير وفي تناقض مع خلاصته العامة يحذر ودون الارتكاز على معطيات جدية، من خطر الإخوان، ومن مخططاتهم اختراق مؤسسات الجمهورية الفرنسية.

ففي الوقت الذي يقدّر فيه التقرير عدد أعضاء الجماعة في فرنسا بأربعمائة عضو نشيط، يحذّر فيه من أن هؤلاء يخترقون مؤسسات الجمهورية، في المجالس المحلية والرياضية والتعليمية، بينما لا يمكن تصوّر أن يكون هذا العدد المتواضع المشار إليه، جديا لدرجة أنه يمكّن الإسلاميين من اختراق مؤسسات الدولة الفرنسية التي يعد مواطنوها حوالي 70 مليونا. لذلك انتقدت العديد من الصحف الفرنسية الرئيسية على غرار صحيفة "لوموند"، التقرير واعتبرته لم يأت بجديد يستحق الإثارة، كما استغربت الضجة التي أحدثتها الصحف اليمينية حول التقرير، نافخة في خلاصات بشكل تضخيمي، لا يعكس مطلقا المضمون الحقيقي الوارد في التقرير.

ثالثا ـ بدا التقرير الذي ذكرت العديد من الصحف أن من حرره شخصيتان أحدهما كان دبلوماسيا سابقا والآخر موظف في الدولة، متأثرا إلى حد كبير في تحليل ظاهرة الاخوان، بسردية أنتجتها وروّجت لها أجهزة أمنية عربية. وهذه السردية المذكورة منحازة ومصاغة بخلفية أمنية تجريمية بحتة، تبناها النظام المصري الرسمي مع التجربة الناصرية وما بعدها، ثم الأنظمة العربية المحاربة للإسلاميين في المنطقة العربية. وقد اعتبرت صحيفة "لوموند" الفرنسية أن التقرير استلهم وأنجز بتأثير إماراتي واضح، مشيرة إلى أن الإمارات تحذّر منذ سنوات من "الخطر الإسلامي" في أوروبا.

وقد اعتبر المفكر الفرنسي الخبير في الحركات الإسلامية فرانسوا بورغات، أن التقرير كتب بطريقة ساذجة ومتحيزة، وهو مسكون بالرؤية الاستبعادية الإقصائية المناهضة للإسلام والمسلمين، رغم أنهم باتوا جزءا من النسيج المجتمعي الفرنسي، ويزيد عددهم على الثمانية مليون. كما اعتبر بورغات أن التقرير محشو بمعطيات لا دليل على صحتها ولا تستند على مراجع جدية.

والحقيقة أن خواء التقرير وعدم جديته رغم محاولة تضخيمه وتعبئة الرأي العام بسرديته، يعكس اختراق المؤسسات البحثية الفرنسية من قبل تيار يميني، و"باحثين" قريبين من اليمين المتطرف لا سيما أطروحات المرشح الرئاسي السابق اريك زمور. فرغم حساسية الموضوع المثار إلا أنه بدا مثارا بطريقة مسيّسة، تعكس تجاذبات ودوافع سياسوية قديمة جديدة، ورهانات صراعات انتخابية تستعمل الإسلام والمسلمين كفزاعة للتخويف والخوف على الجمهورية وقيمها اللائكية العلمانية، بطريقة شعبوية.

رابعا ـ التقرير الذي أعاد الجدل بشأن الإسلام والمسلمين، والذي أثار حفيظة حتى بعض القريبين من الإليزيه ومؤسسات الحكم في فرنسا، وأيضا قلق المنظمات المسلمة التي أنشأتها الدولة نفسها واختارت التعامل معها، سقط في فخ التعميم والتسرّع في سوق الاتهامات والتساهل في إدانة شخصيات ومنظمات مسلمة، أو وضعها محل شبهة، أو التشكيك في مصداقيتها ووطنيتها. فقد اعتمد معدو التقرير سردية أنظمة حكم تسلطية في المنطقة العربية عُرفت بعداوتها وحربها ضد التيارات الإسلامية، وهي أنظمة تطارد جميع معارضيها بما في ذلك الإسلاميين، ولا تكف عن ملاحقتهم وشيطنتهم.

وقد تساءل العديد من المراقبين كيف لتقرير رسمي صادر عن الدولة الفرنسية ومن إعدادها، أن يسقط في فخ التسييس و"العلاقات العامة"، والوقوع في حبال اللوبيات المرتبطة بأنظمة حكم مستبدة. لوبيات تحدث عنها الإعلام الفرنسي منذ سنوات، وكشفتها تحقيقات استقصائية فرنسية لموقع "أورينت 21" الفرنسي المعروف بمهنيته، وكشف كيف أنها باتت تؤثر بشكل جلي في السياسات الفرنسية الرسمية، عبر مراكز للأبحاث ومؤسسات للعلاقات العامة وبعض وسائل الإعلام اليمينية، فضلا عن نواب في البرلمان الفرنسي نفسه. وهي لوبيات تخترق الموقف الرسمي للدولة وتعمل على توجيهه، تخادما مع مواقف أنظمة عربية محددة.

ورّم قلق الجمهورية الهوياتي، وصلت فيه الدولة حد اتهام مواطنيها المسلمين بالانفصالية والانعزالية وباختراق الدولة. قلق عبّر عن نفسه من خلال قانون لمحاربة الانفصالية الإسلامية وعرف بـ "قانون تعزيز قيم الجمهورية".خامسا ـ يؤكد التقرير حقيقة تتعلق بالمشهد الفرنسي، حيث تورّم قلق الجمهورية الهوياتي، وصلت فيه الدولة حد اتهام مواطنيها المسلمين بالانفصالية والانعزالية وباختراق الدولة. قلق عبّر عن نفسه من خلال قانون لمحاربة الانفصالية الإسلامية وعرف بـ "قانون تعزيز قيم الجمهورية". من جهته بادر جيرالد دارمانين عندما كان وزيرا للداخلية إلى نشر "مانيفاستو" تحت عنوان "الانفصالية الإسلامية بيان من أجل اللائكية"، وهو "مانيفستو"، حتى وإن اختفى وراء محاربة الانفصالية، فقد عكس طموحات وزير الداخلية دارمانين في تمهيد الأرضية المناسبة التي تعزز حظوظه في الاستحقاق الانتخابي الرئاسي، خلفا لماكرون.

ولقد تصاعد هذا الهوس الهوياتي، بسبب الخطاب الرسمي المشحون بالتحريض، حد مشاركة أكثر من ألف من القادة العسكريين الحاليين والمتقاعدين في نشر رسالة مفتوحة في مايو 2021، تحذر من انهيار الجمهورية، وتهديد المبادئ العلمانية من قبل "الخطر الإسلامي" المتنامي. والأخطر في "البيان العسكري" المذكور أنه هدد بالتدخل لإنقاذ الجمهورية، إن لم تتحرك الدولة بإجراءات نوعية.

سادسا ـ فرنسا الحداثة والتقدم، تطمس اليوم بخطابات رسمية قيم "المواطنة" و"الاخوة" و"المساواة"، الأركان المكينة للجمهورية، وتدهس بسياسات وترسانة من القوانين المثيرة للجدل التي تغذيها لوبيات متسللة في ثنايا الدولة وتحريض أنظمة تسلّطية "صديقة"، أسس التعايش المشترك، حتى بدا المجتمع الفرنسي مجتمعات، والفضاء العام فضاءات. وباتت الضواحي بعضها لـ "الأشراف" وأخرى لـ"الأوباش".
فرنسا الجمهورية القلقة تبدو اليوم أكثر توترا وأكثر صخبا من أي دولة أوروبية أخرى. ينعكس قلقها الصاخب، بشكل متسارع على سياساتها العامة، وتدبير اجتماعها السياسي. حالة قلقة باتت تمنعها من إدراك عناصر التحول الطارئة على ذاتها، واستحقاقات التفاعل مع هذه التغيرات العميقة، من أجل الاستيعاب والتجدد.

وسيتعمّق قلق فرنسا الجمهورية، التي كانت أحد أعمدة عصر الأنوار الحداثة، ويتفاقم داخلها هذا الصخب الهوياتي، إن لم تستوعب وتتفاعل بحيوية ومن موقع القوة والثقة بالذات مع ديناميكية التحول والتطور الحاصلة داخلها. وإن هي عاندت حقيقة تلك التحولات، هوية متعددة الأبعاد، ونظاما جمهوريا يحتفي بتعدد الثقافات وتنوّع الخلفيات، فستتكرّس جمهورية قلقة، قلق ستتغذى منه الشعبوية وتتمدد، ما يهدّد مع الوقت المبادئ الديمقراطية، ويقوّض القيم الأساسية للجمهورية.  

*كاتب وباحث ـ مدير المركز المغاربي للبحوث والتنمية   

مقالات مشابهة

  • محمد بن راشد يطلق الدورة الجديدة للخطة الاستراتيجية للحكومة الاتحادية 2031
  • «المنيا تتقدم بخطى ثابتة».. 391 بلاغًا لنجدة الطفل وورش عمل لتمكين المرأة اقتصاديًا
  • محافظ المنيا: جهود مكثفة لتمكين المرأة وحماية الطفل ضمن المبادرة الرئاسية لبناء الإنسان
  • فرنسا بين شعارات الجمهورية وواقع التمييز.. المسلمون في مرمى السياسة
  • محافظ المنيا: “القومي للمرأة يعزز مكانة المرأة في التنمية ويخدم آلاف المستفيدات بمبادرات نوعية”
  • المستشارة أمل عمار تلقي كلمة مصر خلال فعاليات القمة العالمية للمرأة بألمانيا
  • محافظ المنيا: في عام من الإنجاز والتمكين القومي للمرأة يعزز مكانتها في التنمية
  • محافظ المنيا يشيد بجهود «القومي للمرأة».. عام من الإنجازات يعزز مكانة المرأة في التنمية
  • «الإمارات الخيرية» برأس الخيمة تنفذ 1451 مشروعاً داخل الدولة وخارجها
  • أمل عمار تلقى كلمة مصر خلال فعاليات القمة العالمية للمرأة بألمانيا 2025