مسجد عمر بن الخطاب أحد أبرز الآثار التاريخية في مدينة القدس المحتلة، ويقع في قلب البلدة القديمة، بموقع يعج بالمصلين، ويقع في منطقة تعتبر رمزا للتعايش الديني بين المسلمين والمسيحيين.

سجل المسجد عام 1981 في قائمة التراث العالمي التي تعدها منظمة الأمم المتحدة للتربية والتعليم والثقافة (يونسكو)، ويشكل جزءا من تراث مدينة القدس القديمة وأسوارها.

الموقع

يقع مسجد عمر بن الخطاب في قلب البلدة القديمة في القدس المحتلة، وتحديدا داخل حارة النصارى، ويطل من الجنوب على كنيسة القيامة، وسط أبنية تراثية ومساكن وأسواق قديمة.

وأقيم المسجد تحديدا في المكان الذي صلى فيه الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما وصل القدس فاتحا عام 15 هجرية، بعد أن انتصر جيش المسلمين بقيادة أبي عبيدة عامر بن الجراح على الروم في معركة اليرموك.

فقد افترش وقتها الخليفة عمر بن الخطاب عباءته وصلى عليها قبالة كنيسة القيامة حتى لا يتخذها المسلمون مسجدا من بعده، وأقيم المسجد في البقعة نفسها التي صلى فيها.

مئذنة مسجد عمر بن الخطاب ترتفع 15 مترا في سماء القدس (شترستوك) التسمية

تقول المصادر التاريخية إن عمر بن الخطاب أوعز أثناء زيارته لمدينة القدس عام 15 هجرية (636م)، ببناء هذا المسجد بحيث يكون ملاصقا للمسجد الأقصى المبارك، ولذلك أطلق عليه هذا الاسم.

لكن المسجد بني على شكله الحالي في الفترة الأيوبية، وتحديدا فترة الأفضل بن صلاح الدين سنة 589 هجرية.

إعلان

حصلت توسعات عديدة على المسجد، لكن الأوقاف الإسلامية حافظت على شكله الأول، باعتباره يذكر بالفتح الإسلامي لمدينة القدس.

الهندسة المعمارية

بُني مسجد عمر بن الخطاب من الخشب ويتخذ شكلا مربعا، وهو مبني من أعمدة وبقايا جذوع الأشجار، ويتسع لـ3 آلاف مصل.

ويظهر في بناء المسجد التكوين المعماري الأيوبي، إذ يتكون من رواق ثلاثي الأجنحة.

تمتد أجنحته الجانبية بعرض 30 قدما وارتفاع 50 قدما. ويقع ضمن حيز حيوي يزدحم بشكل دائم بالزوار المسيحيين والمسلمين.

بنيت مئذنة المسجد على شكل مربع، وتعلو في سماء المدينة المقدسة بنحو 15 مترا، وقد بنيت عام 1465 وجددت في فترة السلطان العثماني عبد المجيد الأول.

وعند الدخول إلى المسجد، يعتلي الزائر 11 عتبة تدخله إلى ساحة مكشوفة ومزروعة بالورود والكروم.

مسجد عمر بن الخطاب تم ترميمه في عهد الدولة الأيوبية (شترستوك)

أما بيت الصلاة فتغلب عليه البساطة، وهو مغطى بأقبية متقاطعة تقوم على 3 أعمدة من الداخل.

ويشغل المسجد مساحة متوسطة مقارنة مع المساجد الأخرى بالمدينة المقدسة، فيما يبلغ ارتفاعه نحو 4 أمتار تقريبا.

وفي الناحية الوسطى للمسجد يوجد محراب يعلوه نقش تذكاري حجري مدون عليه تاريخ بناء المسجد بالشكل الحالي، والذي يعود لعهد الملك الأفضل أحد أبناء صلاح الدين الأيوبي سنة 589 هـ.

وفي سبعينيات القرن الـ20 جرى تبليط جدران المسجد من الداخل بحجر المنشار لمنع الرطوبة من الوصول إلى حجارته.

كما أضيفت لاحقا إلى المسجد مكتبة تحتوي على مئات الكتب الإسلامية والتاريخية، وكتب اللغة العربية.

ومن معالم المسجد نص العهدة العمرية، وقسم للرجال وآخر للنساء.

انتهاكات الاحتلال للمسجد

في يوم 21 أغسطس/آب 1969، اشتعلت النيران في مسجد عمر بن الخطاب، بعدما أقدم يهودي أسترالي متطرف يدعى دينيس مايكل روهان على إحراق المسجد الأقصى، فامتدت النيران إلى مسجد عمر وأتت على أجزاء منه.

إعلان

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات مسجد عمر بن الخطاب

إقرأ أيضاً:

1447 هجرية.. عام جديد وروح تتجدد

 

 

سعيد بن حميد الهطالي

ها هو العام الهجري الجديد يفتح نوافذه على أرواحنا يحمل رقمًا آخر في سجل الزمن (1447) للهجرة، عامٌ يزحف بخطواتٍ هادئة نحو قلوبنا، يقرع أبواب أرواحنا ليوقظ فينا المعاني الكبيرة، ويعيد ترتيب الفصول في دفاتر العمر، ويهمس لنا برفق:

ها قد مضى عام وجاء آخر، فماذا أعددت لقادم أيامك؟

إنها ليست مجرد أرقام تتبدل، ولا تواريخ تضاف إلى جدار النسيان، إنما هي محطات نقف عندها لنراجع، لنتأمل، لنصلح ما انكسر، ونكمل ما تعثر، ونسأل أنفسنا بصدق: ماذا حملنا معنا من العام الماضي؟ وماذا نأمل أن نحمل في هذا العام؟ ونعيد ترتيب أنفسنا في حضرة الزمن!

نقف على أعتاب 1447هـ بقلوب مثقلة بذكريات، ممتلئة بأمنيات، متعطشة لصباح مختلف، وبين وداع عام مضى، واستقبال آخر قادم، تلوح لنا الهجرة النبوية التي نحتفل بها كل عام كذكرى خالدة كرحلة وعي من ضيق الدنيا إلى سعة الإيمان، لقد كانت حدثًا فارقًا لا لأن النبي صلى الله عليه وسلم انتقل من مكة إلى المدينة فحسب، لا، لكن لأن تلك الرحلة كانت ميلادًا لحضارة، وانبعاثًا للأمل وسط الظلام، وموقفًا خالدًا في تحدي الضعف ومواجهة التحديات والصعاب، فكلما ضاقت بنا الدنيا تذكّرنا أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من مكة مضطرًا لكنه خرج وهو يحمل اليقين فصنع من المحنة منحة، وبداية مرحلة زاهرة ومجيدة.

ولعل هذا العام فرصتنا الشخصية لنهاجر من حال إلى حال لا في حدود الجغرافيا، ولكن في أعماق الذات، فرصة أن نغادر الكسل نحو الاجتهاد، من التشاؤم إلى التفاؤل، من الإحباط إلى الأمل، من التشتت إلى صفاء الذهن، من الغفلة إلى الوعي، من التأجيل إلى الإنجاز، من التواكل إلى العمل، من العشوائية إلى التخطيط، من السلبية إلى الإيجابية، من الفوضى إلى التوازن، من الانطفاء إلى التوهج، من الركود إلى الحركة، من التردد إلى الحسم، من التيه إلى السكون الداخلي.

ما أحوجنا في هذا الزمان المتسارع أن نستعيد مفهوم الهجرة لا كحدث تاريخي، بل كمنهج حياة، أن نغادر ما يثقلنا من عادات سيئة، من مشاعر سلبية، من علاقات مجهدة، ومن أفكار تقيد أحلامنا، عام كهذا لا ينبغي أن يمر كغيره من أعوام هدرناها ينبغي أن نكتبه بمدادٍ مختلف، مداد نوايانا الصادقة، وعزائمنا الصلبة، ونظرتنا الجديدة لأنفسنا والآخر!

الهجرة لا تعني التخلي فقط، بل تعني الترقي والسمو، والانتقال إلى الأجمل، إلى الأنقى، إلى ما يستحق أن نعيش من أجله.

في بدايات الأعوام كثيرون يخطّون قوائم الأمنيات لكن القليل فقط من يضع خطط العبور، والعبور لا يتم بلا عزيمة ترافقها نية خالصة وثقة بأن الله لا يضيع سعي الساعين وعمل العاملين المجتهدين المخلصين المصلحين.

في أول العام الهجري دعونا نرفع أكفّ الدعاء لا بطلب السلامة فقط، لكن بطلب نور البصيرة، دعونا نسأل الله أن يفتح لنا أبواب الفهم، ويمنحنا القدرة على التمييز بين ما يستحق أن نحتفظ به وما يجب أن نتركه وراءنا دون ندم، فما مضى قد مضى، وكل عبرةٍ فيه زاد للطريق لا حجر عثرة في المسير!

ربما هذا العام الهجري الجديد قد يكون عام تحوّل في حياة أحدنا، من يدري؟! قد يكون العام الذي تتحقق فيه أماني طال انتظارها، وتُمحى فيه أحزان أثقلت الصدر، وقد يكون عام العودة لمن ضل، أو اللقاء لمن افترق، أو النجاح لمن كافح طويلًا في صمت.

فلنستقبله إذن بقلبٍ نقي كأننا نبدأ الحياة من جديد، نكتب على صفحة اليوم الأول أمنياتنا الكبيرة، نربطها بجهدنا قبل أقدارنا، ونمضي وفي أعيننا يقين أن الله لا يضيع من أحسن الظن به.

ولنهدِ هذا العام لأرواح من فقدناهم فهم وإن غابوا عن أعيننا باقون في قلوبنا ودعواتنا، ولنهدهِ للسلام، للخير، للإنسانية التي أثقلها الحزن كثيرًا في الأعوام الماضية لدعواتنا لأهالي غزة، ولجميع المستضعفين في الأرض.

1447 هـ... عسى أن يكون عامَ شفاء لمن يتألم، ولقاء لمن يشتاق، وفرحا لمن ينتظر، ونصرا لكل مظلوم، وسكينة لكل قلب تعب من الضجيج.

وكل عام وأنتم إلى الله أقرب، وقلوبكم أنقى، وأيامكم أرقى، وخطاكم في دروب الحياة أوثق، وأحلامكم نحو السماء أسبق.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • شاهد: سرايا القدس تفجر آلية إسرائيلية بعبوة زلزال مضادة للدروع
  • وسط حماية إسرائيلية مشددة.. مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
  • القدس.. مستوطنون يقتحمون الأقصى وجرافات الاحتلال تهدم منشآت في العيساوية
  • محافظة القدس تحذر من برنامج لجماعات الهيكل المزعوم ضد الأقصى
  • أولى جلسات محاكمة عامل هتك عرض 3 أطفال داخل حمام المسجد بعزبة الهجانة
  • 1447 هجرية.. عام جديد وروح تتجدد
  • شاهد.. أسرع إرسال في تاريخ بطولة ويمبلدون للتنس
  • مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى المبارك
  • جبل ثور جنوب المسجد الحرام.. شاهد خالد على ملحمة الهجرة النبوية
  • القدس في يونيو.. شهيدان وقرارات تهجير بالجملة وانتهاكات غير مسبوقة في الأقصى