أثار عدم زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتل أبيب في جولته الأخيرة تساؤلات حول أسباب ذلك، وتعاظمت بعد أن قرر نائبه، جيه دي فانس، إلغاء زيارة له لتل أبيب.

وكان لافتا عدم حديث ترامب عن الحرب في غزة والقضية الفلسطينية، حيث ركز على عقد صفقات اقتصادية مع الدول الخليجية، وعلى العلاقة مع إيران والنظام السوري الجديد.



كما أن البيانات الرسمية التي صدرت من البيت الأبيض خلال الزيارة لم يرد فيها أي حديث عن القضية الفلسطينية أو حرب الإبادة على غزة.


علاقة قوية
الخارجية الأمريكية في ردها على استفسار "عربي21" عن عدم زيارة ترامب لتل أبيب، قالت على لسان المتحدث الإقليمي باسمها، سامويل وربيرغ، إن "زيارة الرئيس ترامب إلى المملكة العربية السعودية وقطر والإمارات تركّزت في هذه المرحلة على ملفات اقتصادية واستثمارية كبرى، بالإضافة إلى تعزيز الشراكة الأمنية مع دول الخليج، وفتح آفاق تعاون جديدة في مجالات التكنولوجيا، والطاقة، والدفاع".

وتابع وربيرغ في تصريحات خاصة لـ"عربي21": "اختيار وجهات الجولة لا يعكس بالضرورة وجود تباعد سياسي مع أطراف أخرى، بل يعكس الأولويات الاستراتيجية لهذه المرحلة".

وأكد أن العلاقة مع "إسرائيل" تظل قوية، وأن هناك قنوات دائمة ومفتوحة للتنسيق بين الولايات المتحدة و"إسرائيل" على مستويات سياسية وعسكرية وأمنية.

ولفت المتحدث الأمريكي إلى أن "الرئيس ترامب استضاف رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو في البيت الأبيض مؤخراً في شهر نيسان /إبريل، وكانت تلك الزيارة بمثابة تأكيد على عمق العلاقة الثنائية".

وأضاف: "أما تركيز الجولة الخليجية للرئيس ترامب جاء استجابة لتغيرات متسارعة في المنطقة، وللاستفادة من الزخم السياسي والاقتصادي في الرياض وأبوظبي والدوحة".

وأكد أن "الولايات المتحدة تبقى ملتزمة بأمن إسرائيل، وباستمرار التعاون الوثيق في مواجهة التهديدات الإقليمية، بما في ذلك النشاط الإيراني في المنطقة، وبالتالي، لا توجد أي رسائل سياسية هنا، بل مجرد ترتيبات مرتبط بجدول الأعمال ومجريات الأحداث".

"براغماتية وليست خيانة"
الباحث جون ماك قال في مقال له على موقع "ذي هيل"، إن "رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لم يعد حليفا لأمريكا، وقد اكتشف الرئيس دونالد ترامب هذا أخيرا".

وافتتح مقاله بالقول، "انتقاد نتنياهو، الرجل والسياسي والمتآمر ليس معاداة للسامية ولكن واقعية وقد طال انتظارها".

وتابع: "عندما تجاوز دونالد ترامب إسرائيل في جولته الأخيرة في الشرق الأوسط، واختار بدلا من ذلك مصافحة يد الرياض والدوحة متجاهلا تل أبيب تماما، فلم يكن هذا كراهية ولا خيانة. بل كانت ابتعادا وبراغماتية. وكان هذا تذكير بأن الولايات المتحدة هي القوة العظمى وليست دولة تابعة ولا مانحة، ولا خادمة. ولا تحتاج إلى التوقف في تل أبيب لإثبات هذه النقطة".

"زيارة لجمع الأموال"
الخبير في الشأن الأمريكي خالد صفوري، قال: "على الأغلب ترامب لم يريد ربط الزيارة بالصراع العربي الإسرائيلي وحرب غزة، وهو أصلا ليس لديه إيمان وقناعة معينة في أغلب الأمور ورأيه متقلب كثيرا".

وحول ما إذا كان هدف الزيارة اقتصادي بحت، قال صفوري لـ"عربي21": "بالتأكيد جاء لجمع الأموال والعقود".

ضغط أمريكي على نتنياهو
وكان ترامب قد قال بعد انتهاء زيارته إن "أحد القادة الثلاثة العظماء قال لي قبل ليلتين أرجوك ساعد الشعب الفلسطيني لأنهم يتضورون جوعا وأبلغته أننا بدأنا في العمل على مساعدة الناس في غزة".

صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية قالت في تقرير لها، إن "نتنياهو قال في فيديو نشره إنه على الرغم من أن إسرائيل تنشر "قوة هائلة للسيطرة على قطاع غزة بأكمله... لا يمكننا الوصول إلى حد المجاعة، لأسباب عملية ودبلوماسية".

ووفقا للتقرير الذي ترجمته "عربي21"، "قال نتنياهو إن "أقرب أصدقاء إسرائيل في العالم"، بمن فيهم سياسيون أمريكيون، أكدوا له دعمهم الثابت، لكنهم لا يستطيعون "تحمل صور المجاعة الجماعية".

وقالت الصحيفة: "في إسرائيل، جاء التحول الحاد لنتنياهو في أعقاب ضغوط جديدة علنية وأخرى خفية من إدارة ترامب. خلال جولة له في دول الخليج العربي الأسبوع الماضي".



ونقلت عن شخص مطلع على المناقشات، قوله "إن رجال ترامب يُبلغون إسرائيل: سنتخلى عنكم إذا لم تنهوا هذه الحرب".

وأضاف: "نتنياهو روّج لفكرة استئناف المساعدات في اجتماع مجلس الوزراء مساء الأحد قائلاً إنها مجرد مسألة شكلية".

وأثار حديث الصحيفة الأمريكية عن احتمالية وجود ضغوط من إدارة ترامب على نتنياهو لوقف الحرب تساؤلات عن احتمالية حدوث ذلك فعلا.

المتحدث الإقليمي باسم الخارجية الأمريكية، سامويل وربيرغ، قال إن "الولايات المتحدة تدعم بشكل ثابت حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، لكنها في الوقت نفسه تبذل جهودًا دبلوماسية مكثفة بالتعاون مع شركائها العرب والدوليين للوصول إلى وقف إطلاق نار شامل ومستدام في غزة، يتضمن الإفراج الكامل عن جميع الرهائن، وتوسيع دخول المساعدات الإنسانية، وتوفير ضمانات لعدم تكرار التصعيد".

وأوضح وربيرغ خلال حديثه لـ"عربي21"، أن "الرئيس ترامب أكد مرارًا أن إنهاء الحرب وتحقيق التهدئة في غزة يمثلان أولوية مركزية في سياسته الإقليمية، أيضا هناك تواصل مباشر ومستمر بين الإدارة الأمريكية والحكومة الإسرائيلية، بالإضافة إلى تنسيق مع مصر وقطر ودول أخرى فاعلة في الملف".

وأكد أن "واشنطن لا تمارس "ضغطًا" بالمفهوم التقليدي، بل تعمل عبر أدواتها السياسية والدبلوماسية لتوجيه جميع الأطراف نحو خيارات واقعية تضع حدًا للمعاناة الإنسانية، وتمنع توسع رقعة النزاع".



وختم حديثه بالقول: "في نهاية المطاف إسرائيل دولة ذات سيادة تتخذ قراراتها بنفسها، الإدارة الأمريكية تضع ثقلها الكامل خلف جهود الوساطة، وتؤمن بأن الحل لا يمكن أن يكون عسكريًا فقط، بل يجب أن يُرافق بخطوات سياسية وإنسانية تضمن الأمن لإسرائيل، والكرامة والحقوق المشروعة للفلسطينيين، واستقرارًا إقليميًا أوسع".

الخبير بالشأن الأمريكي خالد صفوري قال لـ"عربي21": "من الممكن أن ترامب كان ينوى الضغط على إسرائيل، لكن في الزيارة الأخيرة بعض القادة الخليجيين طرحوا ضرورة القضاء على حماس كأهمية قصوى".

وتابع صفوري: "يمكن ملاحظة الازدواجية القادمة من أمريكا، حيث سيرسلون مخابز ومطاعم متنقلة تشرف عليها شركات مرتزقة أمريكية، وفي ذات الوقت وزير الخارجية الأمريكي قال لـ "سي بي إس نيوز" إن الرئيس ترمب يريد القضاء على حماس، ولم يذكر وقف إطلاق النار ابداً".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية ترامب الخليجية الخليج امريكا الاحتلال ترامب المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة فی غزة

إقرأ أيضاً:

لماذا يواصل الاحتلال عدوانه على غزة رغم وقف الحرب مع إيران؟

نشرت مجلة "إيكونوميست" تقريرا تناولت فيه وصفة الرئيس دونالد ترامب الأخيرة لوقف الحرب في غزة، وقالت إن السلام يبدو بالنسبة له سهلا، كما بدا في إعلانه على منصات التواصل الإجتماعي في الأول من تموز/يوليو، وهو أن الاحتلال الإسرائيلي وافق على "الشروط الضرورية" لوقف إطلاق النار في غزة.

ومع ذلك، فقد ثبت مرارا وتكرارا أن إنهاء الحرب في غزة ليس بالأمر السهل. كانت هناك هدنتان مؤقتتان خلال 21 شهرا من الصراع، ولكن لم يكن هناك سلام دائم. يواصل الاحتلال الإسرائيلي قتل العشرات من الفلسطينيين كل يوم، بحسب التقرير.

وتقدم المجلة مقارنة غريبة لساعة الحرب الإسرائيلية، فقد استمرت حرب إسرائيل في إيران 12 يوما؛ واستغرق حربها على حزب الله، ثمانية أسابيع على الأرض. لكن في غزة، لا تستطيع الحكومة الإسرائيلية حتى تحديد شكل نهاية الحرب. ربما تكون مجرد حلقة أخرى في صراع بين اليهود والفلسطينيين عمره أكثر من قرن ولن ينتهي بوقف إطلاق النار، كما تقول.

وربما تكون هذه المرة مختلفة، ويقول مستشار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنه "متفائل".

ويزعم قائد جيش الاحتلال الإسرائيلي أنه حقق تقريبا أهدافه من الحرب في غزة.  ومع ذلك يعارض حلفاء رئيس الوزراء من اليمين المتطرف بشدة إنهاء الحرب، لكن زعيم المعارضة، يائير لابيد، وعد بدعم وقف إطلاق النار.

وسيتوجه نتنياهو إلى واشنطن الأسبوع المقبل للقاء دونالد ترامب، الذي أوضح أنه يتوقع انتهاء الحرب التي تتواصل على الأرض.

ويسيطر الجيش الإسرائيلي على معظم القطاع وأصدر أوامر أخلاء لسكان مدينة غزة تحضيرا لهجمات جديدة، ويرتفع عدد الشهداء بدون توقف، فقد قتلأ كثر من 500 فلسطينيا أثناء محاولتهم جمع الطعام من مراكز المساعدات المثيرة للجدل التي أنشأها الاحتلال الإسرائيلي، حيث تتحمل قواتها مسؤولية معظم الوفيات.

وتساءلت الصحيفة عن سبب استمرار الاحتلال الإسرائيلي القتال في غزة، في حين أنها تمكنت من إنهاء حروبها ضد إيران وحزب الله بسرعة؟ وتجيب أن هذين العدوين شكلا  تحديات فريدة.

فقد امتلكت إيران آلاف الصواريخ الباليستية القادرة على ضرب إسرائيل. وامتلك حزب الله أسلحة زودته بها إيران ودرب مقاتلين، وسيطر على جزء كبير من لبنان وأجزاء من سوريا.


لكن الحكومة الإسرائيلية كانت لديها أهداف واضحة وقابلة للتحقيق في إيران ولبنان. فقد سعت إلى سحق الطموحات النووية للجمهورية الإسلامية، وإنهاء الوجود العسكري لحزب الله على الحدود الشمالية لفلسطين المحتلة.

وباستخدام الذخائر الموجهة والمعلومات الاستخباراتية التي قدمها جواسيس في مواقع جيدة، تمكنت إسرائيل من تحقيق أهدافها في حملات قصيرة نسبيا.

وعندمت شن الاحتلال الإسرائيلي حربه على غزة، كانت لديه أيضا أهداف واضحة: إنهاء حكم حماس وتدمير قدراتها العسكرية وإنقاذ 250 أسيرا، ومنذ ذلك الحين دمّر القطاع، وقتل أكثر من 55 ألف فلسطيني، لكن في المقابل يشير الوضع الحالي إلى أن "حماس" تسيطر على أجزاء من القطاع، ولدى جناحها العسكري كتائب القسام، شباب مستعدون للقتال.

وبحسب التقرير، فإن قلة في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تعتقد أنه يمكن تحقيق المزيد في غزة بالوسائل العسكرية. فقد نشر الاحتلال خمس فرق عسكرية هناك.

يقول أحد الضباط: "نحن ننتظر بشكل أساسي لمعرفة ما إذا كان هناك وقف لإطلاق النار"  و"لا يوجد أي تقدم على الأرض تقريبا".

ويريد معظم الإسرائيليين وقف إطلاق النار. فقط أقلية فقط تعتقد أن القضاء على حماس، بإخلاء غزة من سكانها وترك القوات الإسرائيلية فيها، أمر قابل للتطبيق أو مرغوب فيه. لكن من الذين يحافظون على منصب نتنياهو هم من يعتقدون بتحقيق هذه الأهداف.

ومقارنة مع حزب الله وإيران، فقرار إسرائيل مواصلة قصف غزة، يتجاوز التكتيكات العسكرية والحسابات السياسية.

وتقول أور رابينوفيتش من الجامعة العبرية: "لأكثر من نصف قرن، عجزت إسرائيل عن تحديد استراتيجية وطنية.

هل تسعى في نهاية المطاف إلى اتفاقيات دبلوماسية أم أنها تسعى إلى تحقيق هدفها المسياني المتمثل في أرض إسرائيل الكبرى؟"، وتضيف أن حروب إسرائيل مع إيران وحزب الله كانت "حملات تقليدية لمكافحة انتشار الأسلحة"، "حيث يكون الهدف هو إضعاف قدرات عدوك وإجباره على قبول معاهدة للحد من التسلح من خلال الدبلوماسية"، أما في غزة، يخوض رئيس الوزراء وحلفاؤه المتدينون المتشددون "حربا مسيانية تتجاوز أي استراتيجية براغماتية".

ويقول المؤرخ توم سيغيف إن إسرائيل تمكنت من إبرام معاهدات سلام مع مصر والأردن لأن تلك الخلافات كانت مسألة اتفاق على ترسيم الحدود، وربما يكون هذا السلام ممكنا مع إيران: "لكن مع الفلسطينيين، تواجه إسرائيل صراعا يتعلق بجذور الهوية الوطنية لكل جانب".


مقالات مشابهة

  • نتنياهو يتوجه إلى واشنطن للقاء ترامب.. وساعات حاسمة بشأن الهدنة في غزة
  • لماذا يواصل الاحتلال عدوانه على غزة رغم وقف الحرب مع إيران؟
  • لماذا يستعجل ترامب وقف الحرب؟
  • إيكونوميست: لماذا فشلت إسرائيل بغزة وانتصرت على إيران وحزب الله؟
  • سوريا تدعو للعودة إلى اتفاق فض الاشتباك مع إسرائيل لعام 1974
  • لماذا لجأت دولة قطر الى سحب الأسلحة الشخصية من قيادات حماس ؟
  • فزغلياد: لماذا تَجدد الحربِ بين إسرائيل وإيران لا مفر منه؟
  • عنوان ما بعد الحرب العدوانية؟
  • لماذا أصبح تحقيق أهداف إسرائيل التكتيكية أصعب في غزة؟
  • قادة من الليكود يوجهون تحذيرا إلى نتنياهو: حان وقت ضم الضفة