في أول تعليق رسمي له على تعيين كمال إدريس رئيسًا للوزراء في السودان، رحب رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي محمود علي يوسف بهذه الخطوة، واصفًا إياها بأنها تمثل تطورًا مهما على طريق تحقيق الحكم الشامل واستعادة النظام الدستوري في البلاد.

واعتبر المسؤول الأفريقي أن تعيين إدريس يشكّل مؤشرًا إيجابيا يمكن أن يسهم بصورة ملموسة في الجهود الجارية لإعادة بناء الحكم الديمقراطي في السودان، داعيًا جميع الأطراف السودانية إلى مضاعفة جهودها من أجل إنجاح عملية الانتقال السياسي، بما يضمن أن تكون بقيادة مدنية.

محمود علي يوسف رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي (الجزيرة)

ويُعيد هذا الموقف الأمل مجددًا بإمكانية رفع تعليق عضوية السودان في المنظمة، وهي العضوية التي جمدها الاتحاد بعد أن اعتبر الإجراءات التي قام بها قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021 انقلابا عسكريا أطاح بالحكومة الانتقالية المدنية التي كان يرأسها عبد الله حمدوك.

رفض إعادة العضوية

مجلس السلم والأمن الأفريقي، في بيانه الصادر غداة ما حدث في أكتوبر/تشرين الأول 2021، أكد أن عضوية السودان ستظل معلقة حتى تشكيل حكومة انتقالية بقيادة مدنية واستعادة النظام الدستوري، ومنذ ذلك الحين رفض الاتحاد كافة المطالب السودانية بالعودة، لا سيما أن هذا التعليق يعد الثاني من نوعه، بعد قرار مماثل في عام 2019 عقب الإطاحة بعمر البشير.

إعلان

وفي مسعى لإيجاد حل سياسي وعودة السودان إلى الاتحاد الأفريقي، كثّف الاتحاد جهوده عبر خطوات متعددة، شملت التواصل مع الأطراف السودانية على مستويات مختلفة، ووضع خارطة طريق وتشكيل لجنة خاصة لدعم جهود حل الأزمة. ومع ذلك، أبقى الاتحاد الأفريقي على قرار تعليق عضوية السودان، باعتباره أداة ضغط لحثّ الأطراف المعنية على التوصل إلى تسوية سياسية شاملة.

محمد بن شمباس رئيس اللجنة الرفيعة المستوى المعنية بالشأن السوداني (الجزيرة)

ومن أبرز خطوات الاتحاد الأفريقي في هذا المسار، إعلانه في يناير/كانون الثاني 2024 تشكيل لجنة رفيعة المستوى معنية بالشأن السوداني، تضم 3 دبلوماسيين أفارقة بارزين برئاسة محمد بن شمباس، وقد جاءت هذه اللجنة بتفويض من مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد، بهدف العمل مع الأطراف السودانية كافة لتيسير عملية سياسية شاملة تقود إلى ترتيبات انتقالية جديدة تحظى بقبول الاتحاد الأفريقي.

وفي أبريل/نيسان 2024، اعتمد مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي خارطة الطريق التي أعدّها لحل النزاع في السودان. وتضمنت هذه الخطة 6 محاور رئيسية شملت خطوات لوقف إطلاق النار، وضمان وصول المساعدات الإنسانية، وإطلاق مفاوضات شاملة، وصولًا إلى انتقال نهائي نحو حكم دستوري مستقر.

وفي يونيو/حزيران 2024، رفع الاتحاد الأفريقي مستوى التعامل مع الأزمة السودانية إلى أعلى درجات الاهتمام السياسي، حيث عقد مجلس السلم والأمن اجتماعًا استثنائيا على مستوى رؤساء الدول والحكومات خُصص بالكامل لمناقشة الوضع في السودان، وشدد مسؤولو الاتحاد الأفريقي حينئذ على أن رفع التعليق لن يتم إلا بعد تشكيل سلطة انتقالية مدنية تُلبي متطلبات الحكم الديمقراطي.

قنوات دبلوماسية مفتوحة

ورغم تعليق العضوية، أبقى الاتحاد الأفريقي قنواته الدبلوماسية مفتوحة، إذ أجرى مجلس السلم والأمن زيارة ميدانية للسودان في أكتوبر/تشرين الأول 2024، والتقى أعضاؤه في بورتسودان بالقادة السياسيين وممثلي المجتمع المدني لتقييم الوضع عن قرب. وخلال اللقاء، شدد رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان مطالبته برفع تعليق عضوية السودان، مشيرًا إلى وجود خطة انتقالية بحاجة لدعم الاتحاد، إلا أن الاتحاد الأفريقي اكد أن استعادة العضوية مشروطة باستيفاء المتطلبات.

الاتحاد الأفريقي علق عضوية السودان بعد إجراءات البرهان في أكتوبر 2021 التي اعتبرها انقلابا عسكريا (الجزيرة)

وفي أواخر عام 2024، أعلن مجلس السلم والأمن الأفريقي عن تشكيل لجنة رئاسية خاصة بالشأن السوداني، تضم عددًا من رؤساء الدول، بهدف تكثيف الجهود الدبلوماسية وتعزيز الانخراط السياسي الرفيع المستوى مع السودان، وقد تقرر أن يترأس اللجنة الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني، وتضم في عضويتها رؤساء 5 دول آخرين، غير أن اللجنة، على الرغم من أهمية تفويضها، لم تمارس أي دور ملموس حتى الآن.

وفي 14 فبراير/شباط 2025، وعلى هامش القمة الأفريقية، عقد مجلس السلم والأمن الأفريقي اجتماعا على مستوى رؤساء الدول والحكومات، خُصص لمراجعة تطورات الوضع في السودان، في حين أكد البيان الختامي الالتزام بجميع القرارات السابقة للاتحاد الأفريقي بشأن السودان، بما في ذلك شروط استعادة العضوية ومقتضيات الانتقال المدني.

وفي مارس/آذار 2025، شهدت علاقات الاتحاد الأفريقي بالسودان تطورًا لافتًا، حيث دُعي ممثل السودان للتواصل مع مجلس السلم والأمن الأفريقي، رغم استمرار تجميد العضوية، وقد سُمح للسفير الزين إبراهيم، المندوب الدائم للسودان لدى الاتحاد الأفريقي، بإلقاء كلمة خلال جلسة خُصصت لمناقشة أوضاع الدول المعلقة عضويتها، في سابقة هي الأولى منذ قرار تعليق عضوية السودان في أكتوبر/تشرين الأول 2021.

الاتحاد الأفريقي رحب بتعيين كامل إدريس رئيسا للوزراء بالسودان (الجزيرة)

ودعا السفير الزين إبراهيم أعضاء المجلس إلى إعادة النظر في سياسة التعليق الشامل، مشيرًا إلى ضرورة مراعاة خصوصية أوضاع كل دولة، محذرًا من أن العزلة العقابية قد تؤدي إلى تعقيد الأزمات بدلًا من حلها. ورغم عدم اتخاذ قرار بإعادة عضوية السودان، فإن السماح له بالمشاركة يُعد مؤشرًا على انفتاح نسبي للحوار من جانب الاتحاد الأفريقي.

إعلان متطلبات عودة العضوية

تعليقا على ترحيب رئيس المفوضية الأفريقية بتعيين رئيس وزراء مدني في السودان، اعتبر كيرام تادسي، الباحث المتخصص في الشأن الأفريقي، أن هذا يُعد إشارة إلى إحراز بعض التقدم نحو تلبية متطلبات القيادة المدنية في السودان. وأوضح تادسي في حديث للجزيرة أن التأسيس الفعلي لسلطة مدنية لا يقتصر على تعيين شخصيات مدنية، بل يتطلب سيطرة حقيقية على مؤسسات الدولة بعيدا عن العسكريين.

خريطة السودان (الجزيرة)

وأشار تادسي إلى أن القيادة الجديدة للاتحاد الأفريقي أظهرت مرونة في التعامل مع الأزمات السياسية بالقارة، وهو ما تجلّى في قرار رفع تعليق عضوية الغابون مطلع مايو/أيار الجاري، رغم أنها لم تستوفِ جميع الشروط بشكل كامل. وبناء على ذلك، يرى أن هناك تفاؤلًا حذرًا بشأن إمكانية عودة السودان للاتحاد الأفريقي، لكن  الخطوة ستظل مرهونة بإحراز تقدم فعلي نحو وقف الحرب وتحقيق السلام والتزام جاد من جميع الأطراف السودانية المنخرطة في الحوار وجهود التسوية، بهدف الوفاء الكامل بشروط الاتحاد الأفريقي.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات مجلس السلم والأمن الأفریقی تعلیق عضویة السودان أکتوبر تشرین الأول الأطراف السودانیة للاتحاد الأفریقی الاتحاد الأفریقی فی السودان فی أکتوبر رئیس ا

إقرأ أيضاً:

تعرف على سيرة وزراء السودان للصحة والزراعة والتعليم العالي

متابعات- تاق برس- أصدر رئيس مجلس الوزراء الانتقالي، البروفيسور كامل إدريس، اليوم، القرار رقم (147) لسنة 2025، القاضي بتعيين ثلاثة وزراء ضمن تشكيلة حكومة الأمل. وتضمن القرار تعيين كل من البروفيسور عصمت قرشي عبد الله محمد وزيراً للزراعة والري، والبروفيسور أحمد مضوي موسى محمد وزيراً للتعليم العالي والبحث العلمي، والبروفيسور معز عمر بخيت العوض وزيراً للصحة.

وأكد رئيس الوزراء أن التعيينات الجديدة جاءت بعد دراسة دقيقة للكفاءات والخبرات وبعيدا عن المحاصصات الحزبية والسياسة.

وتقول السيرة الذاتية لوزير الصحة السوداني الجديد بروفيسور معز عمر بخيت أنه أستاذ جامعي سوداني سويدي من أم درمان. وحاليا يشغل منصب رئيس (مؤسس) قسم الطب الجزيئي في جامعة الخليج العربي ومدير ومؤسس مركز الأميرة الجوهرة للطب الجزيئي وعلم الوراثة والأمراض الوراثية في مملكة البحرين وطبيب مخ أعصاب في مدينة الملك عبد الله الطبية، وقبل ذلك مستشفى حمد الجامعي ومستشفى قوة دفاع البحرين.

حصل معز بخيت على بكالوريوس طب وجراحة في عام 1985 من كلية الطب في جامعة الخرطوم، وحصل على الدكتوراه في العلوم الطبية عام 1993 من معهد كارولنسكا في ستوكهولم عاصمة السويد. كما حصل على التخصص في علم الأعصاب السريري في عام 1993 من المجلس السويدي للصحة والرعاية الاجتماعية.

بخيت نشر أكثر من 150 بحثا علميا في المجلات العلمية عالية التقييم مع العديد من براءات الاختراع الدولية. كما أنه عضو نشط في العديد من الجمعيات الطبية العلمية الدولية.

في مجال الأدب والفكر نشر بخيت ستة عشر كتاب شعر والتي تم جمعها مؤخرا في أربع مجموعات كاملة من الشعر. شارك في أكثر من 100 قصيدة المهرجانات الدولية والوطنية والإقليمية وحصل على عدة جوائز.

له أيضا العديد من المساهمات الإبداعية في العديد من المحافل الثقافية والفكرية في بلدان مختلفة من العالم مثل مهرجان ميرباد في العراق في عام 1987 ومهرجان الرمثا الثالث عشر للشعر العربي في الأردن 13-18 أغسطس 2007.

كما قدم العديد من القصائد في العديد من المدن العربية وأوروبا والأمريكتين وآسيا واستضافته العديد من أجهزة التلفاز والإذاعة والقنوات الفضائية العربية والغربية.

وهو أحد مؤسسي الجمعية العربية السويدية الثقافية ورئيس جمعية الثقافة والسكرتير الثقافي لرابطة طلاب الطب في جامعة الخرطوم، ومقدم برامج تلفزيونية في السودان من عام 1985 حتى عام 1989 ومؤسس منتدى الثقافية الكبرى على شبكة الإنترنت.

أما في الصحافة والإعلام فإن بخيت لديه العديد من إصدارات الكتابات والمقالات والقصائد منذ بداية الثمانينيات في المرحلة الجامعية وحتى الآن. وبخيت هو مؤسس الحركة السودانية من أجل التغيير.

أما البروفيسور أحمد مضوي موسى وزير التعليم العالي والبحث العلمي الجديد فهو طبيب وأكاديمي سوداني بارز وتقول سيرته المهنية أنه حصل على شهادة MBBS، ودبلومات في الطب الاستوائي والأمراض المعدية (DTM&H, DLSHTM, MSc TM&IH).

 

ويحمل مضوي عضوية الكلية الملكية للأطباء (MRCPI) بالإضافة إلى درجة الدكتوراه (PhD).

وحول  المناصب التي شغلها فقد عمل في جامعة الخرطوم منذ عام 2000 أستاذا لمادة المناعة والأمراض المعدية بمعهد الأمراض المستوطنة،

كما شغل منصب نائب مدير الجامعة، وكان مديراً لمعهد الأمراض المستوطنة من 2011 حتى 2019.

أما وزير الزراعة بروف عصمت قرشي عبدالله فهو أستاذ مشارك بقسم علوم وتقانة الأغذية بجامعة الخرطوم، ومدير إدارة التخطيط بجامعة الخرطوم، كما أنه شغل منصب نائب وكيل جامعة الخرطوم الأسبق، ورئيس قسم علوم وتقانة الاغذية الاسبق بجامعة الخرطوم، وأستاذ ضبط الجودة وسلامة الأغذية بجامعة الخرطوم وعدد من الجامعات السودانية.

 

كما عمل قرشي مستشارا لعدد من الشركات العاملة في تصنيع وتصدير الصمغ العربي وشركات تصنيع الأغذية بالسودان ومرشدا في برنامج ريادة الأعمال لدى بنك التنمية الإفريقية.

وعمل أيضا بعدد من المنظمات الدولية في عدد من البرامج.

 

كما شارك في عدد من المؤتمرات والفعاليات داخل وخارج السودان. ونشر العديد من الأوراق العلمية في مجلات ودوريات عالمية محكمة.

المعز عمر بخيترئيس مجلس الوزراء السودانيكامل إدريس

مقالات مشابهة

  • تعرف على سيرة وزراء السودان للصحة والزراعة والتعليم العالي
  • الإمارات تتضامن مع أوغندا وبعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال وتعزّي في ضحايا تحطم هليكوبتر
  • السودان: كامل إدريس يُعيّن ثلاثة وزراء جدد في حكومته
  • منصوري: الجزائر ملتزمة بدعم جهود السلام في الصومال
  • رئيس مجلس الشورى يلتقي رئيس وزراء مملكة كمبوديا
  • مصر تجدد دعمها لاستقرار الصومال خلال مشاركتها في الاجتماع الوزاري الافتراضي لمجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي
  • اللواء أحمد سعد: تسريع تسليم بطاقات عضوية الجبهة الوطنية للمحافظات
  • نشارك في كل القضايا الوطنية..رئيس حزب الاتحاد: ندفع بكوادر شبابية في انتخابات الشيوخ
  • تحطم مروحية تابعة لقوات الاتحاد الأفريقي بمطار مقديشو
  • تحطم طائرة هليكوبتر تابعة لقوات الاتحاد الأفريقي داخل مطار مقديشو الدولي.. فيديو