سارة البريكية
sara_albreiki@hotmail.com
يقف الإنسان عاجزًا في لحظة الموت الأليمة، يقف مكتوف الأيدي محاولًا إقناع ذاته بما حدث في لحظة فقدٍ وحزنٍ دائمٍ، ولوعةٍ تسطو على عناقيد القلب والروح والنفس... محاولًا جاهدًا التشبث ببصيص أمل لعودة الحياة إلى طبيعتها بعد مرور الوقت، إلّا أنه يقف وحيدًا أمام جيش المُعزِّين الذين لا يدركون مدى قوة وصلابة ذلك الإنسان الذي يقف أمامهم، تاركًا وراءه الكثير من التحديات، مُستذكرًا أنه قدوة، وأنه يجب أن يكون الأقوى والأكثر تأثيرًا وصلابة.
فقدنا الإنسانة الطيبة الخلوقة المثابرة والمكافحة، التي أنجبت ذلك الشموخ والبهاء والحنان والمحبة الصادقة، مُتجسِّدةً في شخص السيدة الجليلة التي تقف سندًا جنبًا إلى جنب مع سلطان عُمان المُفدّى وهي التي دائمًا الدافع الأول لتحقيق النجاح وسندًا للمرأة العُمانية ويد عز وسمو ورفعة وبهاء.
في الموت تقف الذكريات جميعها، تتلو بعضها بعضًا، يلي تلك اللحظة ألمٌ وذهولٌ ووقفةٌ لا تشبه جميع الوقفات، ولحظة صمتٍ تليها دموع الحزن تتساقط تباعًا وكأنه نهر... (لو استثمروا دمعي الذي في العراق سكون... كان اكتفى الشعب العراقي من أنهاره)، هكذا تحدثت مع نفسي ولسان حال دموعي التي أحاول جاهدًا مواراتها عن الجميع، لكنني أقف عاجزة أمام ذلك، فالفقد عظيم.
لم أرَ السيدة خالصة عن قرب، ولم أسمع عنها سابقًا، إلا أنني رأيت حزن الوطن والناس والأزقة والطرقات وزوايا البيوت، ورأيتها في تفتح الورد، واخضرار العشب والغصون الحالمة، ورأيتها في عيون السيدة الجليلة تحكي قصة حب عظيمة لوطن عظيم ولشعب سامٍ لم يأتِ من فراغ، بل جاء من خلالها، فهي امرأة قوية كانت تمنح الحب والسعادة لكل من يمر بالقرب، وحتى ذلك البعيد الذي أصبح يستشعر مكانتها في قلب الوطن.
إن الخسارات الكبيرة هي الفقد، ففقد الأعزاء خسارة كبيرة جدًا، وبعد ذلك الفقد لا يعود الإنسان كما كان بتاتًا، لأنه بالنهاية فقد جزءًا مهمًا من روحه. فالأم هي أعظم نعمة على الأرض، وهي الرحمة التي خلقها الله سبحانه وتعالى لبني البشر، فكل منا يشعر بالرحمة عندما يرى وجه أمه، ومهما كان وضع الإنسان، فإن وجود الأم ينسيه متاعب الحياة، فقربها أمان، وفي نظرتها السلام، وهي رحمة تمشي على الأرض، أودع فيها الله سبحانه ذلك الشعور الغريب الذي لن يحس به إلا هي.
تكبر الأحزان بعد رحيل الأم، فلا تجد ما في البسيطة كلها يغني عنها، ولا سعادة تستطيع أن تنسيك قدر أمك مهما بلغت قوة الأمل، لكننا نتوسم خيرًا في السيدة الأولى أن تكون صبورة، وأن تتجاوز هذه المحنة العظيمة والفقد الجلل، ولا نقول إلا ما يرضي الله: إنا لله وإنا إليه راجعون.
خالص التعازي والمواساة لأم الوطن وللأسرة الحاكمة بهذا المصاب الكبير، رحم الله السيدة خالصة التي انتقلت إلى جوار ربّها الكريم، وأسبغ على قلب السيدة الجليلة صبرًا جميلًا.
وداع وما بعد ينفع أناديلك
يا أمي وين؟
وبكتب في تلاوين الصباح
وقصة العشاق
وأحزاني
وأُرتِّل اسمك بصوتي
وأحاول ارسم عيونك
وأنا مهما ترا حاولت
ابنسى كل شيء
وارجع
طفل!
وابحث عن عيونك
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
حكام الإمارات يعزون سلطان عمان بوفاة والدة السيدة الجليلة
بعث صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وصاحب السمو الشيخ حميد بن راشد النعيمي عضو المجلس الأعلى حاكم عجمان، وصاحب السمو الشيخ حمد بن محمد الشرقي عضو المجلس الأعلى حاكم الفجيرة، وصاحب السمو الشيخ سعود بن راشد المعلا عضو المجلس الأعلى حاكم أم القيوين، وصاحب السمو الشيخ سعود بن صقر القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم رأس الخيمة، برقيات تعزية إلى صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق سلطان عمان الشقيقة، عبروا فيها عن خالص تعازيهم وصادق مواساتهم بوفاة والدة السيدة الجليلة.
كما بعث كل من سمو أولياء العهود ونواب حكام الشارقة وعجمان والفجيرة وأم القيوين ورأس الخيمة برقيات مماثلة إلى صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق سلطان عمان الشقيقة.
أخبار ذات صلة