عين ليبيا:
2025-05-22@05:54:43 GMT

التظاهر السلمي وزلات إخوة النفط

تاريخ النشر: 21st, May 2025 GMT

التظاهر السلمي ظاهرة صحية في كل الأنظمة الديمقراطية، وهي جزء من الأنظمة الرقابية للدولة، الذي يكفل النقد البناء للسياسات، من أجل تعديلها أو إلغائها، (وهو مناظر لمفهوم تقويم ولي الأمر في عهد الخليفة الراشدة لعمر بن الخطاب)، وبذلك يتطور المجتمع بمنع تغول الحكومة والأجهزة التشريعية بالدولة على الشعب، وعند الإصرار على السياسات المنحرفة او التي لا شعبية له، يعاقب الشعب السلطة الحاكمة بعدم انتخابها مرة أخرى.

وهذا التدافع السلمي في نظر الإسلام السياسي والدولة الحديثة، نظام سليم ينتج سياسات حكيمة، تصب في صالح الشعب والدولة، وتعمل به معظم الدول الديمقراطية، إن لم نقل كلها. إلا أننا لا نجد شعوبا تتظاهر من أجل إسقاط الحكومة أو الملك أو الرئيس في تلك الدول، لان الدستور لا يوثق ذلك، ولكن الضغط على الحكومة من الأحزاب المعارضة قد يعجل بالانتخابات وفق ضوابط وقواعد يكفلها الدستور والقوانين المنظمة له. أما حالات البلطجة بدخول مؤسسات الدولة والعبث بها فهي جرائم جنائية سواء كانت في مبنى الكابتون بواشنطن علي المجلس التشريعي أو في المصرف المركزي الليبي ومركز الحكومة أو في مجلس النواب الكوري.

معضلة ليبيا الكبرى أن الإعلان الدستوري بتعديلاته الثلاث عشر معطل بسبب وجود مجلس نواب غير شرعي، ومجلس دولة مترمم، وعدم وجود دستور دائم يكون مرجعية لمؤسسات الدولة، وهنا يبرز أهمية الدستور كمرجعية لنظام الحكم وتنظيم العلاقة بين الشعب والسلطة.

ما حدث في الأسبوع الماضي في طرابلس، هو تظاهر سلمي استغلته بعض الجهات لتشويه تلك المظاهرات من جهة، بتحريف مساره، و لجني مكاسب لتلك الجهات من ناحية أخرى، فضلا عن الضغط الإعلامي من إخوة النفط في الشرق الليبي.

منذ ثلاثة أشهر والنشطاء في الغرب الليبي يؤكدون على أهمية التظاهر السلمي لإسقاط مجلس النواب ومجلس الدولة، وتفويض الرئاسي بإصدار مراسيم لتعطيل مجلس النواب ومجلس الدولة بعد أن فقدوا الشرعية وفقدوا أي ذرة من الحياء للاستقالة، يلي ذلك إيجاد حكومة جديدة مصغرة تابعة للرئاسي أو الإبقاء على الحكومتين حتى نهاية الانتخابات البرلمانية، التي ينتج عنها برلمان شرعي يقوم بتكليف حكومة جديدة موحدة، ويقوم بتعديل الدستور لاحقا لينتج عنه انتخابات رئاسية تبعا للنظام الجديد في الدستور، وعندها تنتقل ليبيا إلى وضع الاستقرار الدائم.

للأسف بعد عملية إسقاط قيادة جهاز الدعم والاستقرار، وإبداء الحكومة الرغبة في إنهاء المجموعات المسلحة خارج منظومة الدولة، توجس المنتفعين في تلك الأجهزة من الخطر المحدق بمؤسساتهم، واستغلوا الظروف المنادية بتغيير النظام أي حل المجلسين والحكومتين، وتنادوا قدوما إلى التظاهر، استغلها بعض المندسين لإراقة الدماء حيث توفي أحد الشرطة في عين المكان بشغب المتظاهرين.

كان التظاهر خارج عن إطار المنطلقات السابقة وأصبح ينادي بإسقاط الحكومة من جهة وتوجيه شعارات بعيدة عن الذوق العام، وثوابت العرف والدين من جهة أخرى.  وكما نعلم أن تغيير حكومة بحكومة (ونحن في الحكومة السادسة) في 12 سنة لن يتغير شيء ولن يحقق أي استقرار للدولة ولن ينهي حالة عدم الاستقرار، بل يساعد على تغول بعض المجموعات المسلحة وابتزازها للحكومة كما أفاد رئيس الوزراء في معرض حديثه عن مثالب جهاز الدعم والاستقرار السيء السمعة.

لا شك أن جميع الليبيين سأمون من المنظومة الحالية، ومن استمرار الفترات الانتقالية التي لن تنتهي، لسبب واضح أن كل المنتفعين من مجلس النواب ومجلس الدولة والحكومتين والرئاسي والمجموعات المسلحة لا رغبة لهم في انتخابات تزيلهم عن عروشهم، رغم سقوط الدينار الليبي إلى الحضيض وسوء خدمات التعليم، والصحة وتفاقم البطالة مع طوابير البحث عن السيولة، إضافة إلى الفساد المالي والإداري في مؤسسات الدولة، والذي لم يمسهم في شيء.

حكومة الشرق وإعلامها وجد ضالته التي يبحث عنها للتغطية عن اختفاء وتعذيب النائب الدرسي، و جندت أبواقها ليل نهار لتحشيد الشباب المراهقين للمطالبة بإسقاط الحكومة، بدل إسقاط النظام، لأجل تعبيد الطريق لسيطرة إخوة النفط على مقاليد الأمور بنظام شمولي وراثي أخر بعد أن خسروا السيطرة العسكرية، رغم ذلك استطاع بعض النشطاء العقلاء المتواجدين مع المتظاهرين تخفيف حدة تلك المظاهرة في بيانهم الأخير، والتأكيد على إسقاط كل الاجسام بلا تمييز.

والجدير بالذكر أن كل ذلك اللغط، نتج عن عدم وجود نخبة لها رؤية تقود الجموع نحو أهدافها وتكون متيقنة لأصحاب الأجندات من القبليين والجهويين التابعين لمجموعات منتفعة، تريد أن تجر البلاد على وتيرة الإجابة لمصالحها.

الأمر الآخر أن هذه المظاهرات كشفت القناع عن أولئك الذين ينادون بطاعة ولي الأمر، (وإن جلد ظهرك)، والذين يأمرون بعدم طاعة المؤسسة العسكرية في خطب الجمعة وبعدم تنفيذ أوامرها، رغم أن النظام العسكري ينص على طاعة الأوامر منذ القسم الأول خلال التدريب وبعد التخرج، ويعتبر من يخالف الأوامر متمردا عن القوات المسلحة التي تعرضه لأقصى العقوبات.

رغم تلك الهانات يبقى التظاهر السلمي كظاهرة صحية في أمس الحاجة له في المشهد الليبي، وهو من مرتكزات ثقافة الديموقراطية التي نرنو إليها من أجل العدالة والعيش الكريم.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

المصدر: عين ليبيا

كلمات دلالية: التظاهر السلمی مجلس النواب

إقرأ أيضاً:

مقررة مجلس النواب الليبي تكشف لـعربي21 آخر تطورات تشكيل حكومة جديدة

كشفت مقررة مجلس النواب الليبي، صباح جمعة عن آخر التطورات بخصوص توجه المجلس لتشكيل حكومة جديدة في ليبيا خلال الأيام القليلة القادمة.

وقالت في تصريح خاص لـ"عربي21" إن "البرلمان عقد جلسة اليوم الإثنين خلصت لعدة مخرجات من أهمها بحث تكليف رئيس جديد للحكومة يقوم بتشكيل حكومته ومهمتها الأساسية إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية".

وأكدت أن "المجلس قرر منح فرصة يومين لمن أراد أن يقدم ملف ترشح جديد لرئاسة الحكومة، وأنه بعد غلق مدة الترشح سيقوم البرلمان بدعوة المترشحين المقبولين للاستماع إلى برامجهم الانتخابية، ثم نحدد جلسة لاختيار الرئيس وبعدها يكلف بتشكيل حكومته وعرضها على المجلس لمنحها الثقة"، بحسب معلوماتها.

وكشفت مقررة البرلمان أن "عدد المترشحين لمنصب رئيس الحكومة حتى الآن وصل 13 مرشحا تم إرسال ملفاتهم لمكتب النائب العام لفرز سيرتهم الذاتية والمالية".



"رفض نواب لمشروع الحكومة"
وبسؤالها عن البيان الصادر من نواب برقة وعددهم 26 نائبا، قالت: "الهدف من البيان ليس رفض الحكومة الجديدة بل يهدف إلى ضرورة التأكيد على دعم المجتمع الدولي لهذه الحكومة وضمان مباشرة عملها من العاصمة طرابلس".

وختمت حديثها الذي خصت به "عربي21" بقولها: "وتأكيدا للشفافية سنقوم بدعوة كل من البعثة الأممية وبعثة الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية وسفراء الدول الأجنبية والعربية لدينا لحضور جلسة الاستماع لرئيس الحكومة واختياره"، وفق تصريحها.

مقالات مشابهة

  • ميناء حيفا بوابة إسرائيل التي يتوعدها الحوثيون
  • تعزيز الصناعة المصرية.. الحكومة تكثف جهودها لإزالة التحديات وتقديم الحوافز
  • حكومة مسرور ترد على وزارة النفط:نحن أحرار في توقيع العقود النفطية والغازية!!
  • مجلس الوزراء يقرر تخويل وزارة الكهرباء صلاحية التعاقد المباشر
  • مجلس النواب الليبي يقرر استدعاء مرشحين لرئاسة الحكومة
  • سموتريتش يهاجم بن غفير في حديث مغلق: مجرم يريد إسقاط الحكومة
  • النواب الليبي: نطالب بفتح تحقيق قضائي فوري في أحداث طرابلس
  • مقررة مجلس النواب الليبي تكشف لـعربي21 آخر تطورات تشكيل حكومة جديدة
  • «رئيس مجلس النواب الليبي»: من يفكر في إرهاب الشعب ليس من حقه البقاء في السلطة