تعيين زيني.. هل يصبح الشاباك أداة بيد نتنياهو؟
تاريخ النشر: 23rd, May 2025 GMT
القدس المحتلة- أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، تعيين الجنرال ديفيد زيني رئيسا لجهاز الأمن العام (الشاباك)، في خطوة أثارت جدلا واسعا في الأوساط السياسية والأمنية، ومن المتوقع أن تعرض على المحكمة العليا للنظر فيها.
ويأتي هذا التعيين بعد يوم واحد فقط من صدور قرار قضائي يقضي بعدم قانونية إقالة رئيس الجهاز، رونين بار، "بسبب تضارب المصالح".
وأثار إعلان نتنياهو المفاجئ حفيظة المؤسسة العسكرية، إذ لم يكن لقيادة الجيش علم مسبق بالقرار. وسارع رئيس الأركان، الجنرال إيال زامير، إلى استدعاء اللواء زيني لجلسة استماع عاجلة، وطالبه بتوضيحات بشأن اتصالاته برئيس الوزراء دون علم القيادة العسكرية.
وبحسب إذاعة الجيش الإسرائيلي، فإن الاجتماع بين زامير وزيني كان "متوترا وصريحا"، وانتهى بإقالة زيني فعليا من الجيش، حيث أوضح له زامير أنه لم يعد بالإمكان استمراره في الخدمة العسكرية، بغض النظر عن مسار تعيينه المحتمل لرئاسة الشاباك.
وقالت مصادر مطلعة إن الاجتماع عكس حجم التوتر والانقسام داخل المؤسسة الأمنية، مشيرة إلى أن رئيس الأركان عبّر صراحة عن استيائه من الطريقة التي تم بها التواصل مع مكتب رئيس الوزراء، من وراء ظهر المؤسسة العسكرية.
إعلانوتزايدت الانتقادات من أطراف سياسية وأمنية اعتبرت أن تعيين زيني جاء بدوافع سياسية، وبضغط من دوائر مقربة من نتنياهو، وتحديدا من زوجته سارة، التي كانت قد دعمته سابقا لتولي منصب رئاسة الأركان.
ويرى معارضو التعيين أن زيني قد يكون أداة طيعة بيد نتنياهو، وسيستخدم لمواجهة المؤسسة الأمنية والعسكرية وتقويض استقلاليتها، إلى جانب خدمته لأجندة اليمين المتطرف و"التيارات المسيحانية" (المتدينة).
في ظل هذه التطورات، طُرحت تساؤلات جدية بشأن موقف المستشارة القانونية للحكومة، غالي بهاراف ميارا، وما إذا كانت ستفرض قيودا على العلاقة بين نتنياهو وزيني، لمنع تكرار سيناريو تضارب المصالح الذي شاب القرار السابق بإقالة رونين بار.
أهداف نتنياهو
رأى المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، أن تعيين الجنرال زيني لرئاسة الشاباك جاء لتحقيق هدفين سياسيين لنتنياهو، هما: التصعيد ضد المحكمة العليا والمستشارة القانونية، وتهدئة قاعدته اليمينية. واعتبر أن نتنياهو يسعى لكسب "نقطتين دفعة واحدة" من هذه الخطوة.
وأشار هرئيل إلى أن التعيين جاء في توقيت حساس، بعد يوم واحد من قرار المحكمة العليا الذي ألغى إقالة رئيس الشاباك الحالي، بداعي تضارب المصالح، وبعد إعلان المستشارة القانونية أن نتنياهو لا يملك صلاحية تعيين بديل.
وبحسب هرئيل، فإن زيني، رغم شجاعته الميدانية، يفتقر إلى الخبرة الاستخباراتية والإدارية اللازمة، ويعرف بمواقفه المتشددة ورفضه للمرونة، مما يثير شكوكا حول أهليته لقيادة جهاز بحساسية الشاباك.
كما أشار إلى أن خلفية زيني الأيديولوجية كمستوطن من الجولان وارتباطه بالتيار الديني القومي تعزز مخاوف من استغلال منصبه لأغراض سياسية، مثل التأثير على العملية الانتخابية أو التغاضي عن العنف اليهودي.
وختم هرئيل بأن تعيين زيني لن يسهم في ترميم الشاباك بعد أزماته، خصوصا بعد "فشل 7 أكتوبر" (فشل التصدي لهجوم طوفان الأقصى)، بل قد يعمق الأزمة، في وقت تتصاعد فيه محاولات نتنياهو "لتقويض المؤسسات الديمقراطية في إسرائيل".
خلافا لتوصية المستشارة القضائية.. نتنياهو يعين اللواء ديفيد زيني رئيسا للشاباك خلفا لرونين بار pic.twitter.com/63tlBV2UkZ
— قناة الجزيرة (@AJArabic) May 22, 2025
تضارب المصالحالطرح ذاته تبنته الكاتبة الإسرائيلية سيما كدمون، التي رأت أن تعيين زيني لرئاسة الشاباك يعكس أزمة الحكم المتفاقمة في إسرائيل، ويكشف مجددا عن نهج نتنياهو المثير للجدل في التحايل على القانون وتضليل الجمهور لتحقيق مصالحه الشخصية وضمان بقائه في السلطة.
إعلانوفي مقالها بصحيفة "يديعوت أحرونوت"، أوضحت كدمون أن اختيار زيني، المرشح المفضل لدى زوجة نتنياهو، جاء في تجاهل صريح لقرار المحكمة العليا التي منعت نتنياهو من تعيين رئيس جديد للشاباك بسبب تضارب المصالح، خاصة أن الجهاز يحقق في قضايا تمسّ مقربين منه.
وتساءلت كدمون عن توقيت الإعلان المفاجئ، مشيرة إلى أنه لم يكن جاهزا قبل المؤتمر الصحفي الأخير، مما يثير شكوكا حول دور سارة نتنياهو في اتخاذ القرار خلف الكواليس، ورجحت أن يكون التعيين محاولة لصرف الأنظار عن الانتقادات الحادة التي طالت نتنياهو بعد خطابه الأخير.
واعتبرت كدمون أن نتنياهو يسير على خطى دونالد ترامب، متمنيا لو امتلك صلاحيات مطلقة تتيح له تعيين المسؤولين وإقالتهم دون رقابة.
وحذرت من أن الاستمرار في هذا النهج سيعمق الانقسام داخل المؤسستين الأمنية والقضائية، ويقوض ثقة الجمهور، مهددا أسس "الحكم الديمقراطي" في إسرائيل.
تساؤلات خطيرةوبحسب المراسلة العسكرية في صحيفة "يسرائيل هيوم" ليلاخ شوفال، فإن تعيين اللواء زيني لرئاسة الشاباك دون علم قيادة الجيش يشكل انتهاكا صريحا للأعراف العسكرية. فرئيس الأركان لم يكن على دراية حتى بأن زيني مرشح للمنصب، رغم أن الأخير لا يزال في الخدمة، مما يعيد للأذهان قضية العميد عوفر فينتر الذي عوقب سابقا لتواصله مع سياسيين دون إذن.
وفي محاولة لتبرير التعيين، تقول شوفال "نشر مكتب نتنياهو مقتطفات من تقرير أعده زيني عام 2023 عن استعدادات فرقة غزة"، مدعيا أنه يكشف عن كفاءته. لكن ذلك يطرح تساؤلات: لماذا لم يُرفع التقرير إلى جهات عليا في الجيش؟ وكيف وصل إلى مكتب رئيس الوزراء؟ وهل كان هناك اتصال مباشر بين زيني ونتنياهو دون علم قيادة الجيش؟
من حيث الخبرة، تضيف شوفال "لا يمتلك زيني خلفية استخباراتية تؤهله لقيادة جهاز بحجم الشاباك، رغم تاريخه العسكري القتالي". وتشير الترجيحات إلى أن اختياره قد يكون مدفوعا بولائه المحتمل لنتنياهو، وربما بتأثير من زوجته سارة. لكن تجارب سابقة أثبتت أن الولاء المفترض لا يضمن الطاعة، كما حدث مع شخصيات عينها نتنياهو ثم تصرفت باستقلالية.
إعلانوتعتقد أن تعيين زيني لا يعكس أزمة في اختيار القيادات فحسب، بل يعمق التوتر داخل المؤسسة الأمنية ويهدد بتفاقم الأزمة الدستورية في إسرائيل، مما يثير تساؤلات خطيرة عن مستقبل الشاباك واستقرار منظومة الحكم.
مقامرة بالأمنووصف محلل الشؤون السياسية في صحيفة "معاريف"، بن كسبيت، قرار نتنياهو بتعيين زيني رئيسا لجهاز الشاباك بأنه "جنون مطلق"، معبرا عن صدمة وذعر واسع في الأوساط الأمنية والسياسية.
وبحسب مصادر أمنية رفيعة، فإن القرار يمثل انتهاكا للأعراف ومقامرة صريحة بأمن الدولة. وكان نتنياهو قد رفض تعيين زيني سابقا لمنصب نائب رئيس الشاباك بسبب "تديّنه الزائد"، مما يطرح تساؤلات عن السبب وراء تغير موقفه الآن.
ويرى بن كسبيت أن التعيين مدفوع بعلاقات عائلية، حيث شقيق زيني هو الذراع اليمنى للملياردير سيمون فاليك، الداعم المالي الرئيسي لعائلة نتنياهو، مما يجعل القرار سياسيا أكثر منه مهنيا.
ويخشى أن يؤدي هذا التعيين إلى خضوع الشاباك الكامل لنتنياهو في قضايا أمنية حساسة مثل غزة والضفة والاحتجاجات، مما يهدد استقلالية الجهاز.
ويختم المحلل بالدعوة إلى أن يؤجل رئيس الشاباك الحالي، رونين بار، استقالته، محذرا من أن تمرير هذا التعيين يشبه "لعبة الروليت الروسية".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات المحکمة العلیا تضارب المصالح رئیس الوزراء فی إسرائیل إلى أن
إقرأ أيضاً:
لوقف التهريب للدول المحظورة.. إنفيديا تكشف عن أداة جديدة لتتبع الرقائق
أعلنت شركة إنفيديا، عن أنها طورت تقنية للتحقق من موقع شرائحها التي تعمل في البلدان، في خطوة تهدف إلى منع تهريب شرائح الذكاء الاصطناعي إلى الدول التي حظرت تصدير هذه الشرائح إليها.
هذه الميزة، التي تم عرضها في الأشهر الأخيرة بشكل خاص ولم يتم إطلاقها بعد، ستكون خيارا برمجيا يمكن للعملاء تثبيته.
تستفيد التقنية من قدرات الحوسبة السرية المتاحة في وحدات المعالجة الرسومية GPUs الخاصة بشركة إنفيديا.
وقد تم تصميم البرنامج للسماح للعملاء بتتبع الأداء العام للشرائح، وهو أمر شائع بين الشركات التي تشتري أساطيل من المعالجات لمراكز البيانات الكبيرة.
وتستخدم التقنية التأخير الزمني في التواصل مع الخوادم التي تديرها إنفيديا لتحديد موقع الشريحة، بما يتوافق مع الخدمات الإنترنتية الأخرى.
في منشور على مدونتها، قدمت إنفيديا المزيد من التفاصيل حول كيفية عمل التقنية، بما في ذلك خططها لجعل البرمجية مفتوحة المصدر، مما يتيح للباحثين الأمنيين الخارجيين فحصها.
وجاء في بيان الشركة: "نحن بصدد تنفيذ خدمة برمجية جديدة تمكن مشغلي مراكز البيانات من مراقبة صحة وأسهم أسطولهم الكامل من شرائح الذكاء الاصطناعي".
وأضافت إنفيديا أن هذه البرمجية ستسمح للعملاء بمتابعة صحة الشرائح وتكاملها وتسجيلها باستخدام تقنية القياس عن بعد الخاصة بالشركة.
مراقبة الأداء والتدابير الأمنيةقالت إنفيديا إنها لا تمتلك أي ميزة تسمح لها بالتحكم عن بعد أو اتخاذ إجراءات على الأنظمة المسجلة، مشيرة إلى أن بيانات القياس المرسلة إلى خوادم إنفيديا هي "قراءة فقط"، مما يعني أن خوادم الشركة لا تستطيع كتابة بيانات إلى الشرائح.
كما أكدت الشركة أنه "لا توجد ميزة داخل شرائح إنفيديا تتيح لها أو لأي طرف بعيد تعطيل الشريحة"، وأنه "لا يوجد مفتاح إيقاف".
تقنية التحقق من الموقع في شرائح Blackwellستتوفر هذه الميزة أولا على شرائح Blackwell الأحدث من إنفيديا، والتي تحتوي على ميزات أمنية إضافية لعملية "التحقق" مقارنة بالأجيال السابقة من شرائح Hopper وAmpere، ومع ذلك، تجري إنفيديا تقييما للخيارات المتعلقة بالأجيال السابقة من هذه الشرائح.
ردود الفعل الدولية على التقنيةإذا تم إطلاق هذه الميزة، قد تلبي دعوات من البيت الأبيض وأعضاء الكونجرس الأمريكي من كلا الحزبين الرئيسيين، الذين طالبوا باتخاذ تدابير لمنع تهريب شرائح الذكاء الاصطناعي إلى الصين والدول الأخرى التي تقيد مبيعاتها.
وقد تزايدت هذه المطالب في ظل القضايا الجنائية التي رفعتها وزارة العدل ضد شبكات تهريب مرتبطة بالصين، والتي كانت تحاول تهريب شرائح إنفيديا بقيمة تزيد عن 160 مليون دولار إلى الصين.
وفي نفس السياق، أدت هذه المطالب إلى استدعاء الهيئة الصينية العليا للأمن السيبراني لشركة إنفيديا للاستفسار عن ما إذا كانت منتجاتها تحتوي على ثغرات أمنية تسمح للولايات المتحدة بتجاوز تدابير الأمان في الشرائح.
نفي إنفيديا بشأن وجود ثغرات أمنيةفيما يخص القلق بشأن إمكانية وجود بوابات خلفية في شرائحها، نفى مسؤولو إنفيديا بشكل قاطع أن تكون هناك ثغرات من هذا النوع.
من جهة أخرى، أشار خبراء البرمجيات إلى أن تقنية التحقق من موقع الشرائح يمكن بناؤها دون التأثير على أمان منتجات نفيديا.
تأتي هذه التحركات في وقت حساس بالنسبة للعلاقات الدولية، خاصة مع التصريحات الأخيرة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن السماح بتصدير شرائح H200 من إنفيدياإلى الصين، وهو ما أثار شكوكا بين الخبراء حول إمكانية شراء هذه المنتجات في السوق الصيني.