القاهرة- مع تطور تكنولوجيا الاتصالات وآليات تحويل الأموال بين الحسابات المصرفية بسهولة تزايدت في السنوات الأخيرة عمليات غسل الأموال في البنوك المصرية، مما استدعى تنشيط وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب التابعة للمصرف المركزي المصري، والتي تأسست بموجب قانون مكافحة غسل الأموال الصادر بالقانون رقم 80 لسنة 2002.

وتمكنت هذه الوحدة في العام الأخير من ضبط عشرات الحسابات المصرفية المشبوهة التي تبين أنها تحتوي على حركات وعمليات لغسل الأموال المكتسبة من أنشطة إجرامية منها الاتجار في سلع ممنوعة ومجرمة بحسب القوانين، والنصب والاحتيال الإلكتروني فضلا عن تمويل الإرهاب.

وأمر النائب العام المستشار محمد شوقي بإحالة 237 قضية غسل أموال، خلال عام، إلى محاكم الجنايات الاقتصادية، وذلك بعد أن باشرت نيابة الشؤون الاقتصادية وغسل الأموال تحقيقاتها في هذه القضايا، بإجمالي مبالغ مالية بلغت 7.7 مليارات جنيه مصري، و319.3 مليون دولار أميركي و 4.1 ملايين يورو، و 552.9 ألف جنيه إسترليني في حسابات مصرفية متعددة منها ما هو بالجنيه المصري، ومنها بالعملات الأجنبية، بإجمالي حوالي 467 مليون دولار.

وتعني أرقام هذه المبالغ، التي تمت فيها عمليات غسل الأموال، أن خسائر الاقتصاد المصري بسببها تقترب من نصف مليار دولار سنويا، وقد تزيد على ذلك أحيانا.

إعلان تصنيف جيد

وتضع مجموعة العمل المالي الدولية "فاتف" (FATF) مصر في قائمة الدول الأفضل في مكافحة عمليات غسل الأموال، وبالتالي فهي خارج القائمة السوداء للدول التي تزيد بها معدلات غسل الأموال.

كما أن مصر أيضا خارج القائمة الرمادية التي تضم الدول الخاضعة للمراقبة المتزايدة، وتضم 24 دولة من أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية، ومن بينها بعض الدول العربية.

وبحسب تصريحات لمستشار بمحكمة جنايات القاهرة للجزيرة نت -رفض ذكر اسمه- تعتبر جرائم غسل الأموال من القضايا التي تتعامل معها السلطات بجدية، ويكون المتورطون فيها مواطنين مصريين وأجانب، ولكن غالبية المتهمين فيها هم مواطنون مصريون.

وأوضح المستشار بمحكمة جنايات القاهرة أن الجهات القضائية تتحفظ في بياناتها وتصريحاتها الصحفية عن ذكر جنسيات الأجانب المتورطين في عمليات غسل الأموال لاعتبارات سياسية ودبلوماسية، وتكتفي بالإشارة إلى وصف المتورطين في عمليات غسل الأموال بأنهم ينتمون إلى دولة شديدة المخاطر أو متوسطة المخاطر أو محدودة المخاطر.

وذكر المصدر القضائي أن أغلب الأنشطة الإجرامية التي يتم غسل الأموال المكتسبة منها تجارة المخدرات والسلاح والآثار وتمويل الإرهاب، ثم يأتي بعدها الاتجار في السلع والبضائع المهربة وجرائم النصب والاحتيال الإلكتروني والاتجار في العملات الرقمية حيث يجرمها القانون المصري، وجرائم الرشوة والفساد.

دور وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب

وكشف رئيس وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب المستشار أحمد سعيد خليل عن تطوير وتحديث الضوابط الرقابية في مصر، بما يتناسب مع متغيرات التكنولوجيا الرقمية، وارتفاع مستويات مخاطر الجرائم السيبرانية.

وأكد رئيس الوحدة -في كلمة بالملتقى السنوي لرؤساء إدارات المخاطر في المصارف العربية- حرص مصر على تعزيز جهود مكافحة جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب وكافة الجرائم المالية، إلى جانب تطوير وتحديث الضوابط الرقابية بما يتناسب مع المتغيرات وتطور التكنولوجيا الرقمية، ويحقق الاستقرار المالي.

إعلان

وقال: "يظل ضمان الأمن السيبراني وحماية المعاملات الرقمية هو التحدي الأكبر الذي يواجه المجتمع الدولي، إذ تشير التقارير الدولية إلى تقدم معدلات الجرائم السيبرانية، لا سيما هجمات برامج الفدية وعمليات الاحتيال عبر الإنترنت، لتكون أكثر الجرائم تهديدا بالمستقبل".

 رقابة صارمة

من جهتها، قالت سهر الدماطي نائبة رئيس بنك مصر سابقا إن "التطور التكنولوجي في مجال الاتصالات وتحويل الأموال أدى إلى زيادة معدلات عمليات غسل الأموال في السنوات الأخيرة".

وأضافت "لكن لدينا في مصر أداة قوية في الجهاز المصرفي تتمثل في وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب التابعة للبنك المركزي المصري"، وتضع الآليات والقواعد التي تكشف عن هذه الجرائم.

وتضيف الدماطي: "من الأمور الأساسية التي يتم مراعاتها في البنوك العاملة في مصر، ويبلغ عددها 38 مصرفا، ممارسة رقابة صارمة على حسابات العملاء وحركات الإيداع والسحب التي تجري فيها، بما يؤدي إلى كشف أي أنشطة مشبوهة تستهدف غسل الأموال المكتسبة من أنشطة إجرامية ثم إحالة المتورطين فيها إلى القضاء، وغلق الحسابات المستخدمة في تلك الأنشطة".

أنواع جرائم غسل الأموال المشبوهة

يقول المستشار القانوني الدكتور إبراهيم عبد المطلب إن "جرائم غسل الأموال في مصر تعتبر من الجرائم الخطيرة التي تعاقب عليها القوانين المصرية بشكل صارم".

ويضيف للجزيرة نت أن زيادة معدلات هذه الجرائم يرجع إلى الرغبة في تحقيق الثراء السريع من قبل المتورطين بجانب استغلال تطور التكنولوجيا.

مصر طورت آليات الرقابة المالية بما يتناسب مع متغيرات التكنولوجيا الرقمية، وارتفاع مستويات مخاطر الجرائم السيبرانية (شترستوك)

ومن أبرز جرائم غسل الأموال في مصر، يتابع عبد المطلب:

الجرائم المرتبطة بتجارة المخدرات والسلاح والآثار، حيث يقوم المتورطون فيها بشراء عقارات وإنشاء شركات وهمية للتغطية على نشاطهم المجرم. الفساد والرشوة، حيث يجري استخدام الأموال الناتجة عن عمليات الرشوة أو استغلال النفوذ لشراء أصول أو استثمارات لتبرير مصدر المال. جرائم السرقة والرشوة والاستيلاء على المال العام. الجرائم الضريبية لغسل الأموال الناتجة من التهرب الضريبي. الأموال الناتجة عن جرائم الاحتيال الإلكتروني، وسرقة بيانات بطاقات الائتمان. الأموال المكتسبة من النشاط في تجارة العملات الرقمية وهو نشاط مجرم في مصر حتى الآن. إعلان

 ويشرح عبد المطلب أن طرق غسل الأموال قد تشمل:

تحويل الأموال عبر بنوك متعددة. إنشاء شركات وهمية. شراء العقارات أو السيارات. استخدام حسابات الغير. الاستثمارات الخارجية أو شراء الأسهم. عقوبة جريمة غسل الأموال

وبشأن توصيف جريمة غسل الأموال وعقوبتها في القانون المصري، يقول عبد المطلب إن "غسل الأموال المكتسبة من أنشطة إجرامية هو جناية، وفقا لقانون مكافحة غسل الأموال رقم 80 لسنة 2002 وتعديلاته، والذي تضمن عقوبات صارمة وتشمل عدة مستويات بحسب نوع الجريمة وظروف ارتكابها".

ويضيف أن أبرز العقوبات هي:

السجن المشدد، حيث يعاقب مرتكب جريمة غسل الأموال بالسجن لمدة لا تقل عن 3 سنوات ولا تزيد على 7 سنوات. عقوبة الغرامة، حيث يغرم المتهم بما يعادل المبلغ محل الجريمة أو قيمة ما تم غسله من أموال، أي أن الغرامة تقدر حسب حجم الأموال المغسولة. عقوبة مصادرة الأموال، حيث تصادر المحكمة الأموال أو الأصول أو العائدات التي كانت محل الجريمة أو التي تم استخدامها في غسل الأموال. قد تطبق عقوبة المنع من ممارسة الأنشطة، وإذا ثبت تورط مؤسسة مالية أو شركة في عمليات غسل أموال، فتُعاقب بغرامات كبيرة، وقد تلغى تراخيصها أو تُوقف أنشطتها.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات وحدة مکافحة غسل الأموال وتمویل الإرهاب عملیات غسل الأموال جرائم غسل الأموال غسل الأموال فی عبد المطلب فی مصر

إقرأ أيضاً:

بعد قليل.. استكمال محاكمة المتهمين في قضية «خلية داعش العمرانية الثانية»

تستكمل الدائرة الثالثة إرهاب، المنعقدة ببدر، اليوم السبت، محاكمة متهمين في قضية «خلية داعش العمرانية الثانية»، والمقيدة برقم 17881 لسنة 2024 جنايات العمرانية.

تعقد الجلسة برئاسة المستشار وجدى عبد المنعم وعضوية المستشارين عبد الجليل مفتاح وضياء عامر وأمانة سر محمد هلال.

وجاء في أمر الإحالة لانهما في غضون الفترة من 2015 وحتى 12 يونيو 2012، داخل وخارج جمهورية مصر العربية زهما مصريان التحقا بمنظومة خارج البلاد، بان التحق بتنظيم داعش، والذى يتخذ الإرهاب والتدريب لتحقيق أغراضه.

اقرأ أيضاًبعد قليل.. أولى جلسات محاكمة المتهمين في قضية انفجار خط غاز الواحات

بعد قليل.. استكمال محاكمة 35 متهمًا في قضية «شبكة تمويل الإرهاب الإعلامي الكبرى»

مقالات مشابهة

  • لـ 23 يونيو.. تأجيل محاكمة 35 متهمًا في قضية «شبكة تمويل الإرهاب الإعلامي الكبرى»
  • ” الجزائية” تقر استدعاء شخص جديد في قضية المتهم الصرفي بارتكاب جرائم قتل متسلسلة
  • المحكمة الجزائية تقر استدعاء شخص جديد في قضية المتهم الصرفي
  • بعد قليل.. استكمال محاكمة المتهمين في قضية «خلية داعش العمرانية الثانية»
  • بعد قليل.. استكمال محاكمة 35 متهمًا في قضية «شبكة تمويل الإرهاب الإعلامي الكبرى»
  • مكافحة الجرائم الإلكترونية: رصد 118 مخالفة إلكترونية تمس الآداب العامة والنظام العام
  • تغيّر المناخ يُفقد قطاع الزراعة الأوروبي 31 مليار دولار سنويا
  • البنك المركزي: خطة شاملة من خمسة محاور لمكافحة عمليات غسل الأموال
  • بعد جدل حول هدية ب400 مليون دولار.. البنتاغون يقبل الطائرة التي أهدتها قطر لترامب