صحيفة التغيير السودانية:
2025-10-13@12:24:20 GMT

عودة لـ «الاتفاق الإطاري»

تاريخ النشر: 25th, May 2025 GMT

عودة لـ «الاتفاق الإطاري»

عودة لـ «الاتفاق الإطاري»

فيصل محمد صالح

من السرديات المتداولة بشدة في بعض الأوساط السياسية والإعلامية السودانية أن «الاتفاق الإطاري» هو سبب الحرب، ولولاه لما نشبت. ولمصلحة غير المتابعين للشأن السوداني بدقة، فالاتفاق الإطاري هو عبارة عن اتفاق سياسي وقّعته المجموعة العسكرية الحاكمة، بقيادة الفريق البرهان وحميدتي، في ديسمبر (كانون الأول) عام 2022 مع مجموعة من القوى السياسية والمهنية والمدنية بقيادة قوى «الحرية والتغيير» التي كانت تقود الفترة الانتقالية.

ليس في السياسة السودانية ما يدهش؛ فالبرهان وحميدتي نفذا انقلاباً ضد المدنيين في أكتوبر (تشرين الأول) 2021، وتفردا بالسلطة بمساعدة ودعم حركات سياسية محدودة، وتم بذل جهود محلية وإقليمية لمحاولة إيجاد ظهير سياسي مدني للانقلاب، لكن باءت المحاولات بالفشل، بل إن الحليفين، البرهان وحميدتي، فشلا في تكوين حكومة، وتم تكليف وكلاء الوزارات بتصريف الأمور، وهي الحكومة التي لا تزال موجودة حتى الآن، ثم توترت العلاقات بين الشريكين، البرهان وحميدتي، لدرجة كادت تصل للصدام العسكري، وتدخّل وسطاء كثر من داخل وخارج السودان، وبذلت بعثة الأمم المتحدة بالسودان (يونيتامس) جهوداً كبيرة، كما تدخّلت بعض دول الإقليم التي كان بعضها داعماً للانقلاب العسكري، لكنها توصلت إلى قناعة بعدم إمكانية استمرار الأوضاع كما هي. وأفلحت الجهود في إقناع البرهان، ومن بعده حميدتي، بضرورة الحوار مع القوى المدنية، وفي مقدمتها قوى «الحرية والتغيير» التي كانت تمثل الشريك المدني قبل الانقلاب.

بعد جهود كبيرة توصل الطرفان المدني والعسكري لصيغة اتفاق، تم عرضه على بقية القوى السياسية، ما عدا «الحركة الإسلامية» وحزبها «المؤتمر الوطني». رفضت الكتلة الديمقراطية التي تقودها حركات دارفور المسلحة الاتفاق، كما رفضه الحزب الشيوعي، وعارضه الإسلاميون بشدة.

ماذا حمل الاتفاق الإطاري في طياته وجعل له مؤيدين وأيضاً معارضين بشدة؟

نصَّ الاتفاق على مدنية الدولة والحكومة (السودان دولة مدنية ديمقراطية فيدرالية برلمانية – المادة 3)، وإبعاد المكون العسكري من مجلسَي «السيادة» والوزراء، وتكوين مجلس سيادة ومجلس وزراء ومجلس تشريعي قومي بعد مشاورات مكثفة بين القوى المدنية، دون أن يكون هناك تمثيل للمكون العسكري. لكن أهم وأخطر ما حمله الاتفاق الإطاري كان حل «الدعم السريع» ودمجها في الجيش، وكذلك بقية الحركات المسلحة، وتكوين جيش قومي موحد (التأكيد على جيش مهني قومي واحد ملتزم بالعقيدة العسكرية الموحدة وقائم بواجباته في حماية حدود الوطن والدفاع عن الحكم المدني الديمقراطي – المادة 10). جاء حل «الدعم السريع» في المادة «6 ج» (دمج «قوات الدعم السريع» في القوات المسلحة وفق الجداول الزمنية، وقوات حركات الكفاح المسلح).

وقّع الفريق عبد الفتاح البرهان، والفريق محمد حمدان دقلو، والقوى السياسية المدنية، وممثلون للمجتمع المدني والنقابات، على الاتفاق في القصر الجمهوري بالخرطوم وسط حضور إقليمي ودولي، وتم الاتفاق على عقد ورش عمل لمناقشة تفاصيل بعض القضايا التي تحتاج لحوار معمق، وهي العدالة الانتقالية، والإصلاح الأمني والعسكري، واتفاق جوبا للسلام، وأوضاع شرق السودان، وتفكيك نظام «المؤتمر الوطني».

يبدو الاتفاق وكأنه سيحل كل مشاكل السودان العالقة في تلك الفترة؛ يثبت مدنية الدولة، ويبعد العسكريين للثكنات، ويحل «الدعم السريع»، فلماذا لم ينجح الاتفاق؟ ولماذا عارضه البعض؟

عارض الإسلاميون الاتفاق؛ لأنه يعيدهم لهامش الحياة السياسية بعد أن كان الانقلاب العسكري أعطاهم أملاً كبيراً وأعاد تموضعهم في مفاصل الدولة. ولقيادات الإسلاميين تسجيلات معروفة ومتداولة قالوا فيها إن الاتفاق لن يمر إلا فوق جثثهم، وإنهم سيشعلون السودان من كل أطرافه في حال المضي فيه. وعارضته المجموعة التي أيّدت الانقلاب وتمتعت بالانفراد بمشاركة العسكريين في الحكم؛ لأنها إما ستستبعد أو سيقل نصيبها من المقاعد. وعارضته مجموعات من العسكريين لم ترغب في الابتعاد عن السلطة، وشكّلت «لوبي» قوياً تحالف مع كل المجموعات الرافضة للاتفاق وعمل على التحريض ضده، كما عملت ضده بعض دول الإقليم التي ليست على وفاق مع قوى «الحرية والتغيير» التي ستعود للحكم.

المدهش كان هو معارضة بعض قوى الثورة، والتي كان دافعها الخلاف مع قوى «الحرية والتغيير»، ثم كانت شرارة التفجير في الورشة الأخيرة التي ناقشت الإصلاح الأمني والعسكري؛ إذ أوصى الخبراء بمدة تتراوح بين عامين وأربعة أعوام لإكمال عملية الدمج والبدء بتوحيد القيادة، في حين أصر ممثلو الجيش على أشهر قليلة، وهنا انفتح باب المزايدة، فطالب ممثلو «الدعم السريع» بعشر سنوات، وانهارت الورشة وبدأت نذر الحرب التي اشتعلت بعد أيام قليلة. فهل كان الاتفاق الإطاري سبباً في الحرب، أو أنه ربما كان مانعاً للحرب؟.

* نقلاً عن صحيفة الشرق الأوسط

الوسوماتفاق جوبا الاتفاق الإطاري الجيش الحركات المسلحة الحرية والتغيير الدعم السريع السودان الشرق الأوسط عبد الفتاح البرهان فيصل محمد صالح محمد حمدان دقلو (حميدتي)

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: اتفاق جوبا الاتفاق الإطاري الجيش الحركات المسلحة الحرية والتغيير الدعم السريع السودان الشرق الأوسط عبد الفتاح البرهان فيصل محمد صالح محمد حمدان دقلو حميدتي الاتفاق الإطاری البرهان وحمیدتی الحریة والتغییر الدعم السریع التی کان

إقرأ أيضاً:

30 قتيلا بقصف للدعم السريع على الفاشر

قال مصدر طبي في مدينة الفاشر شمال دارفور غربي السودان للجزيرة إن قوات الدعم السريع قصفت بمسيرة مقر إيواء للنازحين بمدينة الفاشر مما أدى لمقتل 30 شخصا وإصابة آخرين بينهم نساء وأطفال.

من جانبها قالت "تنسيقية لجان المقاومة" في بيان لها "إن نحو 30 مدنيا يقتلون، يوميا، بمدينة الفاشر بالقصف بالمدفعية الثقيلة والمسيرات".

ووصفت التنسيقية، في بيانها، الوضع داخل الفاشر بأنه "فاق حد الكارثة والإبادة، والعالم في حال صمت".

وكانت مصادر عسكرية قالت للجزيرة إن الفاشر تعرضت، أمس، لأطول وأعنف عملية قصف بالمدفعية والمسيرات، منذ اندلاع القتال فيها، في النصف الأول من عام 2024.

بقايا قذيفة استهدفت مركزا للاجئين في الفاشر (رويترز)إدانة أممية

ودان المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك استمرار قتل وإصابة المدنيين، بمدينة الفاشر، وقال في تصريحات أوردتها المفوضية على منصة إكس، إنه "يشعر بالفزع" إزاء استهتار قوات الدعم السريع اللامتناهي والمتعمد بحياة المدنيين.

وأضاف "على الرغم من الدعوات المتكررة، بتوخي الحذر الشديد لحماية المدنيين، فإن قوات الدعم السريع تواصل قتل وإصابة وتشريد المدنيين".

وجاءت تصريحات تورك في أعقاب تقارير وردت للأمم المتحدة تفيد بمقتل 53 مدنياعلى الأقل وإصابة أكثر من 60 آخرين بالفاشر، على يد قوات الدعم السريع، في الفترة ما بين 5 و8 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، وحده، كما جاء في بيان مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان.

وتتعرض الفاشر لحصار من قبل الدعم السريع منذ أكثر من 500 يوم. وخلال هذه المدة، ظلت تشهد معارك متصاعدة بين الجيش وقوات الدعم السريع، أدت إلى مقتل وإصابة الآلاف، ونزوح أكثر من 500 ألف من سكان المدينة إلى المدن والبلدات المجاورة.

وتكمن أهمية الفاشر في أنها مركز سياسي وعسكري واقتصادي، وتمر عبرها طرق إمداد حيوية تربط شمال الإقليم وغربه.

ويأتي هذا التصعيد في وقت يعيش فيه السودان حربا دامية بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ منتصف أبريل/نيسان 2023، أسفرت حتى الآن عن مقتل أكثر من 20 ألف شخص ونزوح ولجوء ما يزيد على 15 مليونا، بحسب بيانات الأمم المتحدة.

إعلان

مقالات مشابهة

  • السودان يدين الصمت الدولي تجاه هجمات «الدعم السريع» في الفاشر
  • سقوط قذائف داخل أحياء الدلنج إثر قصف لقوات الدعم السريع أمس
  • حكومة السودان تُطالب بمُساندة دولية للقضاء على الدعم السريع
  • نشطاء يعلنون سقوط عشرات القتلى بهجوم لقوات دعم السريع في غرب السودان
  • مندوب السودان في جنيف: عودة أكثر من مليوني نازح ولاجئ إلى مناطقهم
  • مقتل 53 وإصابة 21 في قصف ميليشيا الدعم السريع لمركز إيواء بالفاشر
  • مئات القتلى والجرحى بسبب هجمات الدعم السريع على الفاشر
  • مقتل 30 سودانيا إثر قصف الدعم السريع مركز إيواء للنازحين في مدينة الفاشر
  • 30 قتيلا بقصف للدعم السريع على الفاشر
  • 13 قتيلا في قصف لقوات الدعم السريع على مسجد في الفاشر في السودان