أعلن الاتحاد الأوروبي، يوم الثلاثاء الماضي، رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا، في خطوة وصفها مراقبون بأنها تحمل أبعاداً سياسية واقتصادية بالغة الأهمية.

وأكدت كايا كالاس، ممثلة السياسة الخارجية في الاتحاد، أن التكتل الأوروبي يهدف إلى "مساعدة الشعب السوري على إعادة بناء سوريا جديدة، مسالمة، تضم جميع الأطياف"، مشددة على التزام أوروبا بدعم السوريين على مدى السنوات الماضية.

وأوضح دبلوماسيون أوروبيون، أن القرار يشمل رفع العقوبات التي كانت تستهدف قطاعات اقتصادية ومصرفية محددة، وذلك بهدف دعم تعافي البلاد، دون أن يشمل ذلك رفع العقوبات العسكرية أو تلك المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان.

ورحّبت سوريا برفع الولايات المتحدة رسميا العقوبات الاقتصادية التي كانت مفروضة على البلاد، معتبرة أنها "خطوة إيجابية في الاتجاه الصحيح"، في وقت تحاول السلطات دفع عجلة التعافي الاقتصادي وتحسين علاقتها مع الدول الغربية، بعد نزاع مدمر استمر 14 عاما.

أبعاد القرار الأوروبي

وفي تصريح لـ "الجزيرة نت"، رأى مازن علوش، مدير العلاقات في الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية، أن القرار الأوروبي فرصة لإعادة تفعيل النشاط التجاري واللوجستي، خاصة في مجالات الاستيراد والتصدير للمواد الإنسانية والطبية والتجهيزات الصناعية.

العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي منذ عام 2011 تعد إحدى أبرز أدوات الضغط السياسي على النظام السوري (شترستوك)

وأكد أن تعزيز التبادل التجاري عبر القنوات الرسمية من شأنه أن يُسهم في تقليص نشاط السوق السوداء والمعابر غير القانونية، الأمر الذي سينعكس إيجابيا على الاقتصاد الوطني.

إعلان

مع ذلك، حذر علوش من الإفراط في التفاؤل، مشيرًا إلى أن التطبيق الفعلي للقرار يرتبط بمدى شموليته وآليات تنفيذه، إضافة إلى مواقف الدول المجاورة التي تُعد محاور رئيسية لعبور البضائع.

وأضاف أن تنفيذ القرار يتطلب تنسيقاً فنياً واسعاً مع شركاء إقليميين ودوليين، لضمان استفادة المعابر البرية والمرافئ البحرية من هذا الانفتاح المنتظر.

كما كشف علوش عن وجود خطط لتحديث قوائم المواد المسموح باستيرادها وتصديرها، بالتعاون مع الجهات الحكومية ذات الصلة، مشيراً إلى أن هناك تقييماً فنياً جارياً للبنية التحتية في المرافئ والمعابر تحسباً لازدياد متوقع في النشاط التجاري.

موقف المعارضة السورية

من جانبه، قال محمد علاء غانم، رئيس الشؤون السياسية في المجلس السوري الأميركي، إن العقوبات الأوروبية كانت رداً مباشراً على القمع الذي مارسه النظام السوري منذ عام 2011، وشملت قطاعات النفط والمصارف وتصدير التكنولوجيا، إلى جانب حظر تصدير الأسلحة.

وأشار إلى أن رفع العقوبات الأوروبية أخيراً يعكس تفاعلاً مع سياسة الولايات المتحدة، التي كانت قد أعلنت قبل أيام نيتها تخفيف بعض عقوباتها، معتبراً أن السياسة الأوروبية تأتي في إطار التناغم مع التوجه الأميركي.

وأضاف أن العقوبات الأميركية لا تزال الأشد تأثيراً على النظام.

ووفقاً لغانم، فإن التطورات الأخيرة جاءت نتيجة "جهد سوري منظم"، مؤكداً أن "السوريين نجحوا في تحقيق ما كان قد يستغرق سنوات في بضعة أشهر فقط".

وأوضح أهمية الدور الأوروبي في المرحلة المقبلة، لكنه شدد على أن الولايات المتحدة تبقى الفاعل الأساسي في ملف العقوبات المفروضة على النظام.

فرص اقتصادية واعدة

من جهته، اعتبر الدكتور خالد تركاوي، الباحث الاقتصادي في مركز جسور للدراسات، أن القرار الأوروبي "فرصة تاريخية" لتعافي الاقتصاد السوري، خاصة بإعادة الاندماج في النظام المالي العالمي، مما يتيح للبنوك السورية استئناف أنشطتها ويُسهّل عمليات التحويل المالي والائتماني.

تعزيز التبادل التجاري عبر القنوات الرسمية خطوة مهمة للحد من الاقتصاد الموازي والمعابر غير الشرعية (شترستوك)

وأشار تركاوي إلى أن هذا الانفتاح يمكن أن يجذب الاستثمارات الأجنبية، لا سيما في مشاريع إعادة الإعمار، ويساهم في تحسين إيرادات الدولة من التجارة والضرائب، ما يقلل من الاعتماد على المساعدات الخارجية.

إعلان

ولفت إلى أن سوريا تُعد "أرضاً خصبة للاستثمار" في قطاعات الطاقة والنقل والزراعة، موضحاً أن إزالة القيود القانونية والمصرفية سيعزز من جاذبية السوق السورية.

وعلى المستوى المعيشي، يرى تركاوي، أن القرار قد يؤدي إلى انخفاض في أسعار السلع، وتوفير فرص عمل عبر مشاريع إعادة الإعمار، إلى جانب تحسين الخدمات الأساسية كالكهرباء والرعاية الصحية والتعليم، مما قد يشجع على عودة بعض السوريين المغتربين إلى بلادهم.

واختتم تركاوي بالتأكيد على أن استقرار سعر صرف الليرة السورية وتراجع معدلات التضخم سيكونان من أبرز النتائج المتوقعة للقرار الأوروبي، مما يُسهم في خلق بيئة اقتصادية أكثر استقراراً وجاذبية للنمو والتنمية.

خلفية العقوبات الأوروبية

بدأ الاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات على النظام السوري في مايو/أيار 2011، مستهدفاً شخصيات وكيانات مرتبطة بعمليات القمع، إلى جانب حظر تصدير الأسلحة والتعامل مع البنك المركزي السوري.

وفي وقت لاحق، توسعت العقوبات لتشمل الرئيس المخلوع بشار الأسد وأفراد أسرته ودائرته المقربة، حيث تم تجميد أصولهم ومنعهم من السفر.

كما شملت العقوبات حظرًا على تصدير النفط والمعادن الثمينة، فضلاً عن قيود متنوعة على التعاملات المالية. وبحلول منتصف عام 2012، كانت قائمة العقوبات قد اتسعت لتضم أكثر من 120 شخصية و40 كياناً، معظمها على صلة مباشرة بالنظام السوري. وكان الهدف المُعلن من هذه العقوبات يتمثل في حرمان النظام من الموارد المالية التي قد تُستخدم في قمع المدنيين، مع الحرص على عدم المساس بالاحتياجات الإنسانية الأساسية للسكان.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات النظام السوری رفع العقوبات على النظام أن القرار إلى أن

إقرأ أيضاً:

الشارع السوري يرحب بتخفيف العقوبات الأمريكية والأوروبية على دمشق ويأمل في غد أفضل

منح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سوريا تخفيفا للعقوبات المفروضة منذ نصف قرن على بلد مزقته الحرب الأهلية التي استمرت 14 عامًا. اعلان

رحّب السوريون في شوارع دمشق يوم السبت بالخطوة التي اتخذتها إدارة ترامب بتخفيف العقوبات المفروضة على البلد الذي مزقته الحرب الأهلية التي بدأت قبل أكثر من 14 عاما.

وجاء احتفاء الشارع السوري بعد تخفيف الاتحاد الأوروبي للعقوبات رسميًا في وقت سابق من هذا الأسبوع، وقبله الولايات المتحدة الأمريكية التي أعلنت عن نفس الخطوة الأسبوع الماضي خلال جولة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الشرق الأوسط.

وقالت زينة شهلا، وهي إحدى السكان، لوسائل الإعلام المحلية: "بصراحة أنا بكيت عندما قرأت بالأمس خبر رفع عقوبات قيصر بالفعل، خاصة بعد التقارير التي سمعناها في الأسابيع الأخيرة".

وأضافت: "إننا نرى أخيراً خطوات حقيقية نحو تعافي البلاد".

ويأتي تخفيف العقوبات بعد سقوط نظام الأسد في ديسمبر 2024. وكان الاتحاد الأوروبي قد أعلن الثلاثاء أنه تبنى نهجًا تدريجيًا وعكسيًا من أجل دعم المرحلة الانتقالية والتعافي الاقتصادي في سوريا، وذلك بعد تعليق بعض العقوبات الاقتصادية في فبراير.

بالنسبة للولايات المتحدة، هدفت العقوبات التي فرضها الكونجرس، والمعروفة باسم قانون قيصر لحماية المدنيين في سوريا، إلى عزل حكام سوريا السابقين من خلال حرمان من يتعامل معهم من الوصول إلى النظام المالي العالمي.

ومع ذلك، أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية إجراءً مؤقتًا يوقف تطبيق هذه العقوبات بحق أي شخص يتعامل مع مجموعة محددة من الأفراد والكيانات السورية، ومن بينها البنك المركزي السوري.

Relatedالاتحاد الأوروبي يعلن رفع العقوبات عن سورياواشنطن تخفف العقوبات على سوريا لدعم إعادة الإعمار وضمن استراتيجية ترامب "أمريكا أولاً"روبيو: حرب أهلية شاملة قد تندلع في سوريا خلال أسابيع قليلة وقد تؤدي إلى التقسيم

وأدى الإجراء الذي اتخذته وزارة الخارجية الأمريكية إلى تمديد تنازل مؤقت لمدة ستة أشهر عن بعض العقوبات الصارمة التي فرضها الكونغرس في عام 2019.

وتشمل هذه العقوبات تحديداً قيوداً على إعادة الإعمار في مرحلة ما بعد الحرب. وعلى الرغم من أنه يمكن تجديدها لمدة 180 يومًا بموجب أمر تنفيذي، فإن من المرجح أن يتخذ المستثمرون موقفًا حذرًا من خوض مشاريع إعادة الإعمار في ظل إمكانية إعادة فرض العقوبات بعد انقضاء مهلة الستة أشهر.

وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد منح سوريا إعفاءات شاملة من العقوبات في خطوة أولى كبيرة نحو الوفاء بتعهده برفع القيود المفروضة على البلد الذي تعاني من أزمة مستمرة منذ 14 عامًا.

وقالت وزارة الخارجية السورية يوم السبت إن سوريا "تمد يدها" لكل من يرغب في التعاون مع دمشق، شرط ألا يشمل هذا التعاون أي تدخل في الشؤون الداخلية للبلاد.

أفادت إدارة ترامب يوم الجمعة بأن هذه الإجراءات "لا تزال مجرد جزء من الجهود الأوسع التي تبذلها الحكومة الأمريكية لتفكيك البنية الكاملة للعقوبات المفروضة".

وكانت قد فُرضت تلك العقوبات على عائلة الأسد بسبب دعمها للميليشيات المدعومة من إيران، وبرنامجها الخاص بالأسلحة الكيميائية، وإساءة معاملة المدنيين.

وقال نائل قداح، المقيم في دمشق، إن البلاد ستشهد ازدهارًا جديدًا بعد تخفيف العقوبات.

اعلان

ويرى قداح أن السوريين سيصبحون قادرين على تحويل الأموال بحرية، على عكس الماضي حين كانت عدة شركات تحتكر هذا المجال وتفرض عمولات مرتفعة على التحويلات.

وأضاف: "الآن يمكن لأي مواطن تلقي حوالة من أي مكان في العالم".

ويؤكد الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة أن رفع العقوبات يهدف إلى تعزيز فرص بقاء الحكومة السورية المؤقتة، وهو قرار رحبت به القيادة الانتقالية في دمشق.

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • الشارع السوري يرحب بتخفيف العقوبات الأمريكية والأوروبية على دمشق ويأمل في غد أفضل
  • رئيس غرفة التجارة بالأردن: جاهزون للعمل والمساهمة في بناء اقتصاد سوريا الجديدة
  • رئيس تجارة الأردن: جاهزون للعمل والمساهمة في بناء اقتصاد سوريا الجديدة
  • وزير المالية السوري: رفع العقوبات الأمريكية يخدم إعادة الإعمار
  • قرار تاريخي يهز المشهد السوري: بالأسماء واشنطن ترفع العقوبات عن دمشق وتعيد الحياة الاقتصادية للواجهة
  • إعادة بناء.. أول تعليق من سوريا بعد رفع العقوبات الأمريكية
  • واشنطن: رفع العقوبات عن الرئيس السوري أحمد الشرع
  • بعد إعلان أمريكا رفعها.. ما هي تفاصيل العقوبات المفروضة على سوريا؟
  • هل تتعلّم سوريا السر من ألمانيا وكوريا؟