في خطوة غير مفاجئة، أعلنت الإدارة الأمريكية فرض عقوبات جديدة على الجيش السوداني بزعم استخدامه أسلحة كيميائية في صراعه مع الدعم السريع.
والخطوة كانت متوقعة خصوصًا بعد نجاح الجيش في كنس قوات التمرد من ولاية الخرطوم بالكامل وقبلها في ولايتيْ الجزيرة وسنار إضافة إلى تحقيق انتصارات نوعية في شمال وجنوب وغرب كردفان والفاشر.
والغريب أن الإدارة الأمريكية استندت في عقوباتها على تقرير لنشطاء معارضين للجيش والدولة السودانية وينتمون إلى الدعم السريع وتحالف صمود بقيادة عبد الله حمدوك.
والغريب أيضًا أن الإدارة الأمريكية دمرت مصنع الشفاء بالخرطوم عام 1998 استنادًا إلى تقارير عملاء لها داخل السودان بزعم أن المصصنع كان ينتج أسلحة كيميائية.
وبعد أقل من عام اعترفت الإدارة الأمريكية بأن المصنع كان ينتج الدواء والمضادات الحيوية لصالح الأمم المتحدة ولم تكن له أي علاقة بالأسلحة الكيميائية.
ودمرت أمريكا بتحالف من 60 دولة العراق، وذبحت رئيسه في صباح عيد الأضحى أمام عامة المسلمين بزعم أنه كان ينتج أسلحة دمار شامل تهدد إسرائيل، وبعدها اعترف وزير خارجيتها الأسبق كولن باول أنه تعمد الكذب على مجلس الأمن والمجتمع الدولي لإلصاق تهمة صناعة أسلحة دمار شامل بالعراق لتدمير قدراته العسكرية.
وأمريكا تستخدم سلاح العقوبات بأبشع صوره ضد دولنا العربية بقصد إذلال شعوبها وتجويعها وتدمير قدراتها على التنمية والحداثة تحت مزاعم عقاب حكامها الذين يخالفون القانون الدولي، وهي نفسها من تمد إسرائيل بكل أنواع الأسلحة المحرمة دوليًا لإبادة شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة منذ أكتوبر 2023 وحتى الآن، وتعتبر أن إبادة الشعب وقتل الأطفال والنساء والشيوخ والعجائز وإبادة الثروة الحيوانية والطيور والزرع والأرض والمستقبل بأيدي إسرائيل هو حق مشروع للدفاع عن النفس، أما انتصار الجيش والشعب السوداني على مجموعات من المرتزقة وتحرير الأرض والحفاظ على وحدة وسلامة البلاد فهو غير مشروع ومخالف للقوانيين الدولية ويستحق التزوير والتلوين لصناعة اتهام اسمه استخدام أسلحة كيماوية.
لم تقدم الإدارة الأمريكية دليلًا واحدًا لأي أثر لاستخدام الجيش السوداني لأسلحة كيميائية، وكأنها تقول للعالم: إن عليكم أن تصدقوا كل أكاذيبي وإلا فملفات الكذب والتزوير جاهزة لكم جميعًا.
وتخطط إدارة ترامب لاختطاف السودان من جميع الوحوش الضارية التي تتداعى عليه سواء كانت وحوشا إقليمية أو دولية، فبمجرد وضع السودان تحت العقوبات فإنه قد تم تأميمه لصالح البيت الأبيض ولن يجرؤ أحد على الاقتراب منه لأن سيف العقوبات حتمًا سيلحقه.
إنها عملية إذلال واحتقار مستمر لشعوبنا العربية، لأننا لم نقل في يوم من الأيام لا لهذه الغطرسة ولا لإبادة شعوبنا ولكن الجميع اختفى مذعورًا خلف أشجار الجميز يبحث عن الأمن بينما تدك الصواريخ مقدرات شعوبه العربية، ويهلك الجوع أبناء وطنه، ظنًا منه أنه نجا، والحقيقة الساطعة كالشمس أن دوره لابد آتٍ، لأن البلطجي الأمريكي لايريد أبدا أن يرى شعوبا في تلك المنطقة التي يعتبر أن الله قد أخطأ عندما خلقها فوق كل تلك الثروات النفطية والزراعية والمائية والسمكية والمعدنية، والأرض الزراعية الأكثر خصوبة في العالم.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الإدارة الأمریکیة
إقرأ أيضاً:
إسرائيل تستفزّ حزب الله... فهل تنجح في جرّه إلى حرب جديدة؟
مهما كان كلام الأمين العام لـ "حزب الله" الشيخ نعيم قاسم عالي السقف، ومهما بالغ في شدّ عصب بيئته المتململة، ومهما ابتعد عن حقيقة ما مُنيت به "المقاومة الإسلامية" من خسائر بشرية ومادية، ومهما غالى في مدّ هذه البيئة بما يلزمها من أمصال وأوكسجين لكي يكون لها الحضور الكافي، ولو بحدّه الأدنى، عندما يحين وقت التسويات، التي تسعى إليها واشنطن لدول المنطقة، ومن بينها بالطبع إيران، فإنه واصل لا محال إلى التسليم التلقائي بحتمية ما هو طبيعي لكي يكون من بين الأحزاب السياسية الأخرى، التي يناضل كل واحد منها على طريقته الخاصة بما يسمح به الدستور والقوانين اللبنانية المرعية الاجراء، بعيدًا عن منطق الاستقواء بالخارج وبالسلاح، الذي أثبتت التجارب المريرة بأنه لم يحمِ ولم يبعد الأذى عن حامله وعن بيئته.في المقابل، فإن ما تقوم به إسرائيل من اعتداءات يومية تطال الأشخاص الموضوعين في برنامج بنك أهدافها ترمي إلى استفزاز "حزب الله"، وتصويره بأنه أعجز من أن يردّ بما يتناسب مع هذه الاعتداءات اليومية.
وفي رأي من يراقب عن كثب ما يجري منذ 27 تشرين الثاني الماضي، تاريخ دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ، ولو نظريًا، من الجانب الإسرائيلي، فإن مسلسل الاعتداءات المتواصلة، والتي لم تتوقف سوى في يوم الانتخابات البلدية والاختيارية في 24 أيار الماضي، ستشهد في الأيام التي تفصل لبنان كتوقيت لن يتعدّى الأسبوعين بين تسليمه ردّه الرسمي على المقترح الأميركي وبين تسلّمه الجواب الأميركي، تصعيدًا يتوقعه الخبراء العسكريون على شاكلة الأيام التي سبقت وقف النار، وهو أمر غير مستغرب، خصوصًا أن أهداف إسرائيل في لبنان باتت معروفة، وهي غير ما حاول الموفد الأميركي وصفها حين اعتبر أن إسرائيل لا تكنّ العداء للبنان، وهو وصف مناقض للحقيقة، التي يعرفها القاصي والداني.
وفي انتظار الردّ الأميركي، الذي سيحمله معه برّاك في 21 تموز الجاري، فإن لبنان يعيش حالًا من القلق من احتمال توسيع الاحتلال الاسرائيلي لاعتداءاته العسكرية والقيام بمغامرة قد تكون شبيهة بتلك التي سبقت اعلان وقف النار الصوري، وذلك استنادًا إلى أكثر من مؤّشر عبر الرسائل النارية، التي توجهها إسرائيل في كل اتجاه. ومن بين هذه المؤّشرات السلبية ما قامت به المسيرّات خلال الـ 48 ساعة الأخيرة في الجنوب اللبناني وفي الشمال، إضافة إلى التوغّل البري، وذلك كردّ مباشر على الورقة اللبنانية الرئاسية.
فهل هذا يعني أن الحرب الشاملة قد تطل برأسها من جديد؟ سؤال لا بدّ من طرحه، خصوصًا أن إسرائيل ماضية في خرق اتفاق وقف النار من دون أن يبادر أحد ليقول لها "ما أحلى الكحل بعينيكِ". إلا أن ما يمكن الركون إليه لعدم نشوب حرب شاملة جديدة هو "أن المقاومة الإسلامية" اليوم هي بالتأكيد أضعف مما كانت عليه حين أعلن الأمين العام السابق السيد حسن نصرالله "حرب الاسناد"، وهي غير مستعدة لخوض غمار حرب جديدة قد تكون نتائجها المباشرة على بيئتها أسوأ من النتائج السابقة.
في المقابل، واستنادًا إلى ما يردّده الشيخ قاسم في اطلالاته الإعلامية فإن "حزب الله" قد أعاد ترميم قدراته العسكرية. وهذا الأمر تعلم به إسرائيل، وهي تدرك بأن جيشها غير قادر على خوض حرب شاملة جديدة على لبنان، وذلك بسبب افتقاره إلى بنك أهداف فعّال، ما يجعله عاجزًا عن إدارة مواجهة موسّعة.
ووفقًا لهذه الاستنتاجات القائمة أساسًا على سياسة رفع المعنويات، فإن جيش العدو يدرك مسبقًا أن أي توغل ميداني في الأراضي اللبنانية سيُمنى بفشل ذريع، خاصة بعدما أثبتت المعارك السابقة تفوّق عناصر المقاومة في القتال المباشر، الأمر الذي ترك انطباعًا راسخًا لدى القيادة العسكرية الإسرائيلية بأن كلفة الحرب ستكون باهظة ومصيرها الهزيمة، كما يروجّه مقربون من "الحزب"، الذين يتوقعون أن تلجأ إسرائيل إلى تكثيف استخدام سلاح الجو لتنفيذ ضربات تهدف إلى إظهار قوة معنوية أمام الرأي العام الداخلي، لكنها في الواقع تفتقر إلى أي إنجاز ميداني حقيقي. كما أن الذرائع التي تسوّقها لتبرير استهداف مبانٍ مدنية، بحجة احتوائها على أسلحة ليست سوى أكاذيب مكشوفة ومحاولة لتبرير الفشل العسكري المتواصل.
المصدر: خاص لبنان24 مواضيع ذات صلة هل يُدخل "حزب الله" لبنان من جديد في "حرب مساندة"؟ Lebanon 24 هل يُدخل "حزب الله" لبنان من جديد في "حرب مساندة"؟