ثمة قراءة للوضع لا ترى عزلة نتنياهو واختناقه. ولا ترى صمود الشعب، وقدرة المقاومة على الاتتصار.
طبعاً هنالك أكثر من سبب يسمح بتقديم الصورة المتشائمة مثلاً، (1) النظرة العامة لموازين القوى العسكرية، لا سيما في مجال القصف والتدمير والقتل الجماعي. (2) السؤال إلى متى يمكن أن تستمر المقاومة، ويبقى عندها سلاح تقاتل به؟ (3) هذا الوضع الرسمي العربي، وحتى الدولي، اللذان لم يستطيعا وقف الحرب، ووضع حد للمجازر.
إن الإجابة في الردّ على هذه الحجج الثلاث، يمكن اختصارها بحجّة مقابِلة لا تُدحض، وهي الاحتكام إلى التجربة الواقعية. فهذه الحجج الثلاث، تواترت طوال عشرين شهراً. شهراً بعد شهر. ولم تزل المقاومة مستمرة، والصمود مستمراً، والحرب مستعرّة. ولكن الحجج الثلاث، ما زالت تتكرّر، وفي كل مرّة تُردّد، دون التساؤل، كيف تجاوزها الواقع العياني، ولم تؤكدها التجربة، وهما الحكم الفصل، في صحة أو خطأ التقديرات لموازين القوى، أو تطوّر الأحداث.
وبكلمة، إن الاحتكام إلى مدى صحة الحجج الثلاث، أو عدمها، تردّ عليها تجربة العشرين شهراً، وهي التي تسمح، بأن تواجّه بها اليوم، كذلك.
إن التطورّات التي حدثت خلال الأسبوع الفائت، فقط تؤكد بأن الاتجاه العام للأحداث، ما زال متتابعاً، لشدّ الحبل أكثر على٦ عنق نتنياهو. مما يؤكد أن ما يفعله نتنياهو، عناد طفولي، أو مصلحي، رغائبي ضيّق، يذهب إلى معارضة موازين القوى، ودافعه الخوف من انهيار حكومته، ومثوله أمام المحاكم، ولجان التحقيق بتهمتيّ الفساد، كما في التقصير المدمّر، أمام السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023.
تشكّل إجماع أوروبي في إدانة استمرار الحرب، وصولاً لدى البعض إلى حدّ إدانتها بالإبادة. ويجب أن تخصّ أهمية بريطانيا، ومشاركتها في هذه الحملة. وجاء التأكيد على وجود أزمة بين ترامب ونتنياهو.
ما دامت المقاومة مستمرة، وما دام الصمود الشعبي مستمراً، فإن السياسة، تقضي بأن يحسَب إيجابا كل ما يفتّ في عضُد العدّو، مهما كان متواضعاً، وكذلك كل ما يصبّ في حوض المقاومة، ولو قطرة ماء.ثم يمكن أن يُضاف هنا، تصاعد في مواقف الرأي العام الغربي، من الكيان الصهيوني، أو من حَمَلَة الجواز الإسرائيلي. هذا وذهبت التطورّات الداخلية، لتعمّق الصراع ضدّ نتنياهو، سواء أكان من ناحية التظاهرات، أم على مستوى القيادات والصحافة. وهنا يمكن إعطاء أهمية مُضافة، لمعارضة عميت هاليفي، النائب عن الليكود، قد يمهد للإطاحة بنتنياهو، مع العوامل الأخرى. ويجب أن يُضاف، في هذا السياق كذلك، المعارضة التي أخذت تزداد، لقرار نتنياهو، بتعيين زيني، لرئاسة الشاباك خصوصاً، تصدّي القضاء لهذا القرار. وتجاهل استشارة قائد الأركان قبل تعيينه. مما يعني أن نتنياهو، أخذ يزداد تخبّطاً.
ثمة اتجاه في قراءة تقدير الموقف، يقلّل من أهمية المعارضة الداخلية والإنقسام الداخلي في الكيان الصهيوني، وبعضه يقلّل من التطورّات السياسية الخارجية، ضدّ نتنياهو، وحجّة الموقفين أن هذه التطورّات، لم تفرض على نتنياهو التراجع، وبهذا يقلّل من أهميتها. وهو قصور في كيفية حساب موازين القوى، وإمكان تطوّرها. ودعك من الذين يستخدمون هذه الحجّة، بنيّة الإثباط والإحباط.
إن الاختلافات السياسية الداخلية والخارجية، يجب أن تؤخذ بجديّة، وتُعامَل بجديّة. حتى لو جاءت مخالفة، لمسّلمات من التحالفات والعلاقات غير معهودة، فعندما ينشأ خلاف مثلاً، بين ترامب ونتنياهو، يجب ألاّ يُعامَل بأنه تمثيل، لأنه يؤثر سياسياً وإعلامياً ومعنوياً، حتى لو لم تكن نتيجته "الحرب" أو القطيعة. وحتى لو عادت المياه إلى مجاريها. وكذلك الحال، بالنسبة إلى كل صراع سياسي، حتى داخل الحزب الواحد. فلا مقياس، أثره العملي المباشر، ولا مقياس القول بالمسرحية والتمثيل، يجب أن يحكما على ما يظهر من خلافات سياسية، وإنما التعامل معها بجديّة، ووضعها ضمن جملة العوامل المؤثرة.
وأخيراً، ما دامت المقاومة مستمرة، وما دام الصمود الشعبي مستمراً، فإن السياسة، تقضي بأن يحسَب إيجابا كل ما يفتّ في عضُد العدّو، مهما كان متواضعاً، وكذلك كل ما يصبّ في حوض المقاومة، ولو قطرة ماء.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه الحرب احتلال فلسطين غزة اتجاهات حرب مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة التطور ات
إقرأ أيضاً:
قمة صينية خليجية آسيانية.. نحو شراكة اقتصادية في زمن التحول
كوالالمبور- يرى مراقبون للتطورات السياسية والاقتصادية في جنوب شرقي آسيا أن منظمة آسيان، التي تضم 10 دول، تسعى لاستقطاب الصين ودول مجلس التعاون الخليجي بهدف تشكيل كتلة اقتصادية عالمية فاعلة ومؤثرة، حيث يقدر حجم الناتج المحلي للكتل الثلاث بما يزيد عن 23 ترليون دولار سنويا.
وكرر رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم تصريحاته، حين افتتاح قمة آسيان والخليج ثم قمة آسيان والصين والخليج الثلاثاء، بأن قمة كوالالمبور استثنائية وتمثل نموذجا للتعاون في عالم متعدد الأقطاب.
واعتبر أن حضور أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني للقمة الثلاثية منحها زخما خاصا، ويؤشر إلى حرص قطر على بناء جسور التعاون بين دول مجلس التعاون وآسيان والصين.
عقدنا اليوم في كوالالمبور القمة الثانية بين مجلس التعاون لدول الخليج العربية ورابطة دول آسيان، في إطار تعزيز الشراكة مع هذا التكتل الآسيوي الحيوي.
نتطلع إلى أن تُسهم مخرجات القمة في توسيع آفاق التعاون التجاري والاقتصادي والسياسي بما يخدم مصالح شعوبنا المشتركة. pic.twitter.com/5uqKvdtC7X
— تميم بن حمد (@TamimBinHamad) May 27, 2025
شراكات مرتقبةوأشار أنور إبراهيم، بصفته رئيس الدورة الحالية لآسيان، إلى الشراكات الاقتصادية المرتقبة بين المجموعات الثلاث، والتي قال إنها تهدف إلى تشكيل مركز للاقتصاد وتكنولوجيا المعلومات والطاقة، وأشاد بالتجربة الصينية في التحول، بداية في مكافحة الفقر بفعالية، والأداء الاقتصادي المتميز ثم التحول الرقمي والتكنولوجيا الحديثة.
إعلانواستنادا إلى الأرقام الاقتصادية فإن هناك فرصا للتحول ولشراكة اقتصادية واعدة، بحسب ما ذكره رئيس الوزراء الماليزي، الذي قال "إن الناتج المحلي لمجموعة آسيان يقدر بنحو 3.8 مليارات، وهذا ما يصنفها رابع قوة اقتصادية في العالم، بينما بلغ حجم تجارة كتلة آسيان مع دول مجلس التعاون الخليجي أكثر من 130 مليار دولار، أما الصين فهي الشريك الاقتصادي الأكبر لآسيان بحجم تجارة يصل إلى 700 مليار دولار.
بدوره اعتبر ولي العهد الكويتي صباح الخالد الصباح، أن القدرات السكانية والاقتصادية والتكنولوجية لكل من آسيان والصين والخليج تؤسس لتعاون بناء في مختلف المجالات، ومواجهة التحديات المتمثلة في البيئة ومحاربة الإرهاب والأمن السيبراني والجريمة الإلكترونية.
وتوقع الصباح، الذي ترأس بلاده الدورة الحالية لمجس التعاون لدول الخليج العربية، أن يرتفع مستوى التبادل التجاري بين دول الخليج وآسيان إلى 180 مليار دولار بنسبة 30% بحلول العام 2032، وأشار إلى إمكانية الاستفادة من تجربة دول آسيان في تكنولوجيا الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر.
وقد اعتبر رئيس الوزراء الصيني لي تشيانغ في كلمته في القمة الثلاثية أن الشراكة تهدف إلى تقديم نموذج للتعاون يتناسب مع الظرف الزماني، والتغيير في مجالات النمو، بالاستفادة من إمكانات المناطق الاقتصادية الثلاث التي يصل حجم إنتاجها إلى ربع إنتاج العالم.
وأعرب تشيانغ عن استعداد بلاده للدخول في حوار آسيان ومجلس التعاون من أجل الوصول إلى منطقة تجارة حرة، والعمل على إقامة سوق مشتركة للمجموعات الثلاث "الصين وآسيان والخليج".
وشدد رئيس الوزراء الصيني على الحاجة إلى بناء نموذج للتعاون التنموي على جميع المستويات، معتبرا أن الاختلاف بين المجموعات والدول في مستويات النمو يجب أن لا يكون عائقا أمام التعاون والتنمية، وأن الاختلاف قد يكون حافزا للتعاون، وأعرب عن رغبة الصين في تقديم خبراتها في مجال التحول للدول الأقل نموا.
#الصين: نتطلع لتوسيع التعاون مع دول “آسيان” ومجلس التعاون الخليجي لدعم نظام التجارة متعددة الأطراف pic.twitter.com/d6tJnlBrmS
— قناة الجزيرة (@AJArabic) May 22, 2025
إعلان أبعاد غير اقتصاديةتتفق المجموعات الثلاث على أن العلاقات بينها تتجاوز الاقتصاد إلى الروابط التاريخية والحضارية والثقافية، وقد استحضر رئيس الوزراء الماليزي العلاقات التاريخية عبر طريق الحرير وممر ملقة الإستراتيجي، مثل معبرا للحضارات وتبادل الخبرات بين الشرق والغرب عبر التاريخ، والممرات البحرية الإستراتيجية في الشرق الأوسط ومحاولة تعزيز الروابط بين منطقتي شرق آسيا وغربها، ولتكون حلقة وصل بين الغرب والشرق.
وبينما اعتبر أنور إبراهيم أن مكة والمدينة مثلتا مركزا روحيا لمختلف المجمعات البشرية فإن لي تشيانغ اعتبر أن القوى الثلاث، يمكنها بناء حضارة مشتركة، ترتكز على قيم التنوع التي قامت عليها آسيان، وتعزز العلاقات الشعبية بين المناطق الثلاث، وأكد دعم الصين حوار الحضارات.
ونفى الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي جاسم محمد البديوي، أن يكون تشكل تكتل اقتصادي جديد على حساب كتل اقتصادية أخرى، وقال إن دول الخليج العربي تقف على مسافة واحدة مع دول العالم، وأن الولايات المتحدة واحدة من أهم الشركاء الاقتصاديين لمجلس التعاون، وكذلك الشراكة الإستراتيجية مع الاتحاد الأوروبي.
وأكد أن دول مجلس التعاون لا تفرق بين التكتلات الاقتصادية، وأن الجامع بينها المصلحة المشتركة.
وشدد الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، في حديثه للجزيرة نت، على الحاجة للتكامل الاقتصادي، وبحث كل كتلة اقتصادية عن إمكانات الكتل الأخرى.
وأشار إلى تطلع دول الخليج إلى الأمن الغذائي والزراعة والاقتصاد الأزرق، وأضاف أن فتح الأسواق سيكون في خدمة جميع شعوب المناطق الثلاث.
أما يي سن الباحث في مركز آسيا والمحيط الهادي (آسيا باسيفيك) فيرى أن الشراكة الخليجية الآسيانية الصينية تواجه تحديات، أبرزها الهوة الواسعة بين مداخيل الأفراد من دولة لأخرى.
إعلانواستطرد أن التحولات الاقتصادية تسير بسرعة في عهد التكنولوجيا والتواصل الرقمي، وإذا ما تمكنت هذه الدول من تعزيز الشراكات وتبادل الخبرات فإن رؤية آسيان 2045 في الانفتاح الاقتصادي والاجتماعي قد تتحقق قبل هذا التاريخ.
ويعتقد سَن الخبير في سياسات آسيان، أن الرسوم الجمركية الأميركية أضرت بمركزية مجموعة آسيان، حيث تواجه صعوبة في التوافق على موقف موحد في التعامل المستقبلي مع الولايات المتحدة، وقد تؤثر السياسة التي تسلكها كل دولة منفردة على مركزية آسيان ووحدتها، لا سيما في التعامل مع العالم الخارجي.
أما الدكتور إي تي كوماراجان نائب رئيس غرفة الصناعة والتجارة في ماليزيا فيرى أن الوضع الإستراتيجي لآسيان يتعلق بالتجارة وحاجة الصين للطاقة التي تأتي 80% منها من الشرق الأوسط عبر ممر ملقة.
وتوسط آسيان الجغرافي يضعها في موقع إستراتيجي يربط بين الشرق والغرب، ليس فقط في مجال الاقتصاد، وإنما كذلك في الأمن الاجتماعي والسياسي، وأشار إلى أن دول آسيان اتفقت على الدخول في مرحلة ثانية من علاقاتها، بينها والعالم، وذلك من خلال الدخول في شراكات مع الكتل الاقتصادية المشابهة.
وقال الخبير في مجال التجارة الدولية، إن دول آسيان تفتح فرصة لزيادة استثمارات الصناديق السيادية لدول مجلس التعاون والتي تشكل 40% من احتياطي الصناديق السيادية في العالم، بينما تحل في المرتبة 16 بين الدول المستثمرة في منطقة آسيان.
يبقى في رأي الدكتور كوماراجا، أن تحافظ آسيان على هويتها التي تبنتها عند تأسيسها عام 1967، والمتعلقة بالتنوع الثقافي والانفتاح على الآخرين ضمن نظام دولي عادل، مشيرا إلى الاضطراب الذي يعاني منه النظام الدولي حاليا والذي كشفت عنه الرسوم الجمركية الأميركية.
إعلان