د. نزار قبيلات يكتب: أبو الطيب المتنبي وعيون العجائب
تاريخ النشر: 27th, May 2025 GMT
«عيون العجائب في ما أورده أبو الطيب من اختراعات وغرائب».. إذا وقع هذا الكتاب بين يديك، فإنك حتماً ستكون في مواجهة من نوعٍ مختلف مع عجيب أبو الطيب المتنبي الذي ما انفك يدهش ويثير زوابع التساؤل، فصاحب الكتاب الدكتور علي بن تميم ناقد ثرّ مازال وفياً لصداقته للمتنبي فيتمثله حسّاً وحدساً، ويحيي لحظات ذروته الشعرية متى سنحت الفرصة، إذ لم يقتصر الأمر عند حدود الكتابة النقدية وحسب، فقد مخرَ ابن تميم وعلى الدوام مسافاتِ الشعرية التي ابتدعها المتنبي في قصائده، وكشف إذ ذاك عن أنساق جديدة مضمرة في شعر صاحبه المتنبي مالئ الدنيا وشاغل الناس، ففي هذا الكتاب تناول مغاير كان قد سبر غور عباب بحر المتنبي المُرصّع بالحكمة والفلسفة والقيم والإباء والنُبل، فقد أراد الدكتور علي أن يقدم في هذا الكتاب المجوّد تحسّساتٍ مختلفة في شعرية المتنبي وفي حدود صراعيته اللامنتهية، فقد جعل المتنبي نفسه في كفّة والآخر، كل الآخر، في كفة أخرى، ولذا وفي المقدمة النقدية التي ساقها المؤلف أبان عن مفهوم نقدي جديد من خلال إماطة اللّثام عن مستوى المعنى الرفيع الذي بلغ اختراعاً غير تقليدي أسست له مدرسة المتنبي الشعرية، وهذا المفهوم وإن كانت له هناك جذور عند بعض النقاد القدماء والمحدثين، ألا وهو مفهوم الاختراع الشعري، إلا أن المتنبي يبقى ذلك الشاعر الذي لا يؤطره المجاز، ولا يحبسه الغموض المصنّع، فهو شاعرٌ مخترع ومبتكر، وهو ما برهنه ابن تميم مستدلاً عليه بوصف أبو العلاء المعري شارح ديوان المتنبي.
لقد قامت فلسفة بناء هذا الكتاب على اتخاذ مسارٍ مختلف في التعاطي مع النّص العربي، وعلى غير العادة انتخب مؤلف الكتاب درراً من عجائب المتنبي لتبرهن على العبقرية والاختراع في شعره، فالتقاط العجيب لا يتأتى إلا لحصيف يمايز بين الغريب والعجيب والمُدرك، حيث طريقة إخراج الكتاب مازجت بين اللفظي والمرئي حين وُشِّح بالرسومات التي تحمل دلالاتٍ سيميائية بصرية تُعين على تخيل المشاهد السينمائية التي جاءت بها القصائد المنتخبة، ففي كل بيت ثمة رصيدٌ إنساني عظيم يتخطى حدود المدح والافتخار بالذات والهجاء، فكل ما قيل عن ذاتية المتنبي يحبسه هذا الكتاب لصالح إطلاق مدى التلقي نحو غريب وعجيب لم يتأتَ لأحد قبلاً، ما جعل المتنبي ذواتاً في ذاتٍ غير منعزلة، فالكشف بالبيان الشعري لديه لم يخدم الوصف المجازي وإبانة العوالق الإنسانية، بقدر ما قدم مطارحة جديدة لعبقرية اللّغة ذاتها وللاختراع المعنوي الذي شيّده المتنبي قصراً من العجائب والغرائب لم يتحقق بعد مثله.
أنَا السّابِقُ الهادي إلى ما أقُولُهُ.. إذِ القَوْلُ قَبْلَ القائِلِينَ مَقُولُ.
أستاذ بجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية أخبار ذات صلة
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: نزار قبيلات أبو الطيب المتنبي المتنبي هذا الکتاب
إقرأ أيضاً:
الأردن ومصر والبحرين في أمسية شعرية من أمسيات “جرش” في رابطة الكتاب
صراحة نيوز -شهد بيت الشعر العربي في رابطة الكتاب الأردنيين بجبل اللويبدة مساء الثلاثاء أمسية شعرية من أمسيات مهرجان جرش للثقافة والفنون في دورته ال 39.
وشارك في الأمسية التي جمعت أصواتًا شعريةً من الأردن ومصر والبحرين، في لقاءٍ ثقافي عزز من جسور التواصل الأدبي، وأقيمت ضمن فعاليات البرنامج الثقافي للمهرجان من الأردن: الدكتور هشام القواسمة، جميل أبو صبيح، ورولا نصراوين، ومن مصر الشاعر محمد المتيم، ومن البحرين الشاعرة سوسن دهنيم.
استهلت الأمسية القاصة اعتماد سرسك التي قدمت الأمسية بالترحيب بالحضور في رابطة الكتاب الأردنيين، ثم قدم عمر سرسك نشيد “موطني”، ومقاطع من “لأجلك يا مدينة الصلاة”، و”وطني”، و”إني اخترتك يا وطني”، برفقة وسام فراج ومحمد ريالات، على العود والإيقاع تفاعل معها الحضور.
بعد ذلك، قرأ الشاعر المصري محمد المتيم، ضيف المهرجان، بعد أن شكر الأردن، والمهرجان بكلمات قليلة قصيدة “جسد أم حطاب” التي عبرت عن ذاتية.. تبعها بقصيدة “الغزال ذو القميص الأحمر” المهداة إلى صديق صعيدي غرق في ليلة عيد ميلاده.
يصف الشاعر المتيم في أبياتها حال الصديق وحكاياته معه، في صورة شعرية حزينة، معبرًا عن عدم تصديقه لرحيله وعدم تقبله لفكرة الرحيل، واختتم بقراءة قصيدة “خبر الريش”.
تلته الشاعرة البحرينية سوسن دهنيم، التي قرأت قصيدة “يا أرض يعقوب”، وقصيدة “على وشك الوصول”، بالإضافة إلى نصوص قصيرة بعنوان “الله معنا”، وصفت فيها معاناة أهالي غزة وقوائم الشهداء- كما ورد في قصيدتها- التي تكتب على عجل، ثم قصيدة بعنوان “قصائد واهمة”.
وقرأ الدكتور هشام القواسمة قصيدة “مطر يذوب”، وقصيدة “إلى الجنوب” التي تعكس انتماء الشاعر لهذا المكان ومحبته له، بالإضافة إلى قصيدة “في الصباح”.
وقرأت الشاعرة رولا نصراوين قصيدة “بلاد العرب أكفاني”، من ديوان معد للنشر قريبًا، وتنتقد القصيدة بسخرية الواقع المعاش من خلال أبياتها. كما قرأت قصيدة “أبناء القاتل” التي صورت من خلال أبياتها الإثم الذي يتحمله القاتل.
واختتم الأمسية الشاعر جميل أبو صبيح الذي قرأ نصوص “الشمس”، و”الأحلام” التي تعبر عن هموم الشاعر الذاتية بلغة مكثفة تتشابك معها صور الطبيعة وتتشكل بإيقاعاتها، بالإضافة إلى نص “لست أبكي” الذي يصور معاناة الفلسطيني مع المحتل.
وفي نهاية الأمسية، سلم عضو رابطة الكتاب الأردنيين الشاعر جميل أبو صبيح، برفقة الشاعر يوسف عبد العزيز، الشهادات التقديرية للشعراء المشاركين.