التقيت بطبيب عُماني خلال تسجيل حلقة من بودكاست «بزنس كلاس»، الذي تنتجه جريدة «عمان أوبزرفر» باللغة الإنجليزية ويقدمه الزميل خالد الحريبي، وهو بودكاست بات يشكّل فـي كل حلقة مساحة غنية للمعرفة والحوار.
حلقة الدكتور عبدالله اللواتي كانت استثنائية، لا من حيث سلاسة الطرح فقط، بل لأنها فتحت نافذة على عالم طبي جديد يسمّى «طب النانو».
لن أسهب فـي الحديث عن الدكتور ولا التقنية - فالحلقة ستقوم بذلك خير قيام - لكن ما الانتهاء من تسجيل الحلقة وجدت نفسي منخرطا فـي حديث طويل مع المقدم والضيف عن الطاقم الطبي العُماني فـي المستشفـيات المختلفة، عن أطباء وأخصائيين، وباحثين يسجلون أسماءهم فـي الدوريات العلمية، ويقفون فـي غرف العمليات فـي الداخل والخارج، عن كوادر شابة تدير أقسامًا معقدة، وتطوّر آليات العمل الصحي فـي سلطنة عمان، دون ضجيج، ودون أن يتصدّروا المشهد الإعلامي.
ما خرجت به من ذلك اللقاء ليس فقط الإعجاب بالدكتور اللواتي، بل إدراك متجدّد بأن هذه البلاد تملك كنزًا من العقول، وأن ما نحتاجه اليوم هو أن نحكي قصصهم، أن نفتح لهم المساحات، وأن نفتخر بهم كما ينبغي.
قبل لقائي بالدكتور عبدالله اللواتي، كنت قد استمعت إلى لقاء إذاعي مع الدكتور عبدالمنعم الحسني، وزير الإعلام السابق، أُجري فـي الأسبوع الفائت، تحدث فـيه بإسهاب عن الكفاءات الإعلامية العُمانية، وكيف أنها تُعد من بين الأفضل على مستوى العالم العربي.
كان الحديث صريحا ومباشرا، قائما على معرفة عميقة وخبرة طويلة بالمشهد الإعلامي المحلي والإقليمي، وقد لفت نظري تأكيده المتكرر على ضرورة الاستثمار فـي هذه الكفاءات، وإيجاد البيئة التي تمكّنها من الاستمرار، والتطوّر، والتأثير. وأكد لأكثر من مرة أن الموارد البشرية العُمانية ليست بحاجة إلى التشكك أو التشكيك، بل إلى الفرص، والثقة، والتمكين المؤسسي.
المواهب والكوادر العُمانية موجودة. هذه ليست عبارة إنشائية تُقال فـي المناسبات، بل حقيقة تؤكدها شواهد يومية ومواقف عملية، من غرف العمليات إلى استوديوهات الإعلام، ومن المختبرات إلى منصات الذكاء الاصطناعي. لقد أثبت العُمانيون، شبابا وشابات، فـي مختلف المواقع، أنهم قادرون على التفوق والنجاح وتحقيق الإنجازات، سواء فـي الطب أو الإعلام أو الاقتصاد أو التقنية أو غيرها من العلوم الحديثة.
لكن، وعلى الرغم من هذا الحضور اللافت، فإن الكثير من هذه النماذج لا تزال تعمل فـي الظل، بعيدًا عن دائرة الضوء. قليل من قصصهم تصل إلى الناس، وقليل من منجزاتهم تجد طريقها إلى النشر، سواء فـي الإعلام التقليدي أو فـي المنصات الرقمية الحديثة. وهذا - فـي رأيي - أحد أوجه الخلل التي يمكن تداركها بسهولة.
لا يتعلق الأمر فقط بإنصاف الأفراد، بل بصناعة وعي جماعي يؤمن بأن الكفاءة ليست مستوردة، وأن الإنجاز لا يحتاج إلى جنسية أجنبية كي نحتفـي به. نحتاج إلى إعلام يُجيد التقاط هذه النماذج، والحديث عنها، والتعريف بها، داخل الوطن وخارجه. إعلام يقدّم للعالم صورة عن عُمان ليست فقط كما نراها نحن، بل كما يصنعها أبناؤها يومًا بعد آخر.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
حلقة عمل حول "خطة خفض الكربون للطيران الدولي"
مسقط- العُمانية
هدفت حلقة العمل "فهم وتطبيق متطلبات خطة تعويض وخفض الكربون للطيران الدولي في سلطنة عُمان" التي نظمتها هيئة الطيران المدني بالتعاون مع الاتحاد الدولي للنقل الجوي (IATA) إلى رفع مستوى الوعي لدى الجهات المعنيّة في سلطنة عُمان بمتطلبات برنامج كورسيا.
وسعت الحلقة إلى دعم المعرفة بآليات اعتماد المشروعات الجديدة ضمن البرامج المؤهلة للبرنامج، بما يُسهم في تحقيق الفوائد الاقتصادية والبيئية لسلطنة عُمان، وترسيخ دورها في منظومة أسواق الكربون العالمية، وبما يُعزز إسهاماتها في جهود التنمية المستدامة على المستويين المحلي والدولي.
وتطرّقت الحلقة إلى التعريف ببرنامج كورسيا وعلاقته بالأطر التنظيمية لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (UNFCCC)، وتوضيح متطلبات الامتثال لبرنامج كورسيا وتدخله مع المادة السادسة من اتفاقية باريس، والتركيز على دراسات حالة لمشروعات مؤهلة ضمن كورسيا، مع التركيز على مجلس الكربون العالمي (GCC) والمشروعات العُمانية.
وتُسهم حلقة العمل في رفع مستوى الوعي بمتطلبات برنامج كورسيا، وتعزيز الفهم لعمليات اعتماد البرامج المؤهلة ضمن كورسيا، وتحديد وتعزيز الفرص التي تُتيح تعظيم الفائدة لسلطنة عُمان من خلال تعويض الانبعاثات في المشروعات العُمانية ودمجها في الأطر الدولية، وتشجيع التعاون بين الجهات المعنيّة، بما في ذلك الجهات التنظيمية وشركات الطيران ومطوري المشروعات، لدفع ممارسات الطيران المستدام.
كما ستُسهم في تمكين وتطوير مشروعات جديدة معتمدة ضمن برامج كورسيا المؤهلة، بما يسهم في تحقيق الأهداف البيئية والاقتصادية الأوسع لسلطنة عُمان، وتعزيز قدرات المشاركين على تحديد وتنفيذ مبادرات مؤهلة ضمن كورسيا، بما يضمن توافقها مع أفضل الممارسات العالمية.