تشبه الكتابةُ الطبخَ في أنه كما أننا يمكن أن نعطي المقادير بدقة لشخص ما مع خطوات الطبخ، لكن الطبخة النهائية لا يمكن أن تتشابه مع أي طبخة أخرى في العالم حتى مع الالتزام بجميع الإرشادات. بل قد ينتج عنها طبخة رائعة عند أحدهم، وفاشلة وغير قابلة للأكل عند آخر، وعادية عند ثالث. وكذلك الأمر في الكتابة؛ حيث إنه مهما علّمت شخصًا ما كيف يكتب، ووفرت له مواد الكتابة مع أرشيف كاف، فإنك لن تستطيع أن تضمن منه نصًّا جميلًا.
وكما قال أحدهم: أحب الكزبرة لكن أبي يعتقد أن طعمها كالصابون! فإن نصًّا قد يجعل قارئًا يتوقف أثناء قراءته ويعيد القراءة ثانية وثالثة، ويردد: الله الله! أو يصرخ كما يفعل بعض مشجعي كرة القدم، ولكن نفس النص قد يجعل شخصًا آخر يتثاءب ثم يقفل الكتاب وقد لا يعود إليه ثانية.
ذلك أن هناك عوامل عديدة ومعقدة تتداخل وتتفاعل معًا لكي تسهم في إخراج أي نصّ كما نراه، ليس أقلها الخلفية المعرفية، والقراءات السابقة، وحتى الحالة النفسية للكاتب، وما تعرض له من مواقف طوال حياته، ثم ما يواجهه من مواقف وقت الكتابة، كل هذه تشكل معًا أسلوبًا في الكتابة يظهر لنا من خلال النصَّ المكتوب. كما أن أسلوب الكتابة قد يتغير حينما يرغب الكاتب في إيصال رسائل إلى أشخاص معينين أو أطراف بعينها، أو حتى لشخص واحد (أحيانا نكتب للجميع لكي يقرأ شخص واحد)!
كذلك فإن الخبرة في كل من الطبخ والكتابة مهمة للغاية مهما توفر للطاهي من وصفات للطبخ، ومهما توفر للكاتب من أرشيف كتابي كبير وإرشادات كثيرة لطريقة الكتابة. وكما أن هناك أيضًا ما يسمى في عالم المأكولات (نَفَس الطباخ) الذي يصعب تفسيره، هناك أيضًا (نَفَس الكاتب)، الذي يفوق نَفَس الطباخ في صعوبة تفسيره.
وختامًا، فكما أن الطبخ احتفاء بمنتجات الطبيعة عبر خلطها بطرق معينة وتعريضها للحرارة أو البرودة، فإن الكتابة هي احتفال في الذهن حين نتمكن من عصر أفكارنا ثم تسجيلها ومشاركتها مع الآخرين.
*الكتابة مهنة انتحارية إذ لا مهنة غيرها تتطلب قدراً كبيراً من الوقت، وقدراً كبيراً من العمل، وقدراً كبيراً من التفاني مقارنة بفوائدها الآنية. – الروائي ماركيز-
المصدر: صحيفة البلاد
كلمات دلالية: کما أن
إقرأ أيضاً:
رئيس مكتب ممثل أونروا بالشرق الأدنى: الوضع الإنساني بغزة يشهد تدهورا كبيرا لمنع الاحتلال دخول المساعدات
أكد رئيس مكتب ممثل أونروا بالشرق الأدنى، أنه لدينا 12 ألف موظف ميداني في غزة للمساعدة في تقديم المساعدات الإنسانية، حسبما أفادت قناة “ القاهرة الإخبارية ” في خبر عاجل .
وقال رئيس مكتب ممثل أونروا بالشرق الأدنى:" نقدم خدمات الدعم النفسي للأطفال المتضررين من الحرب في غزة".
وأضاف رئيس مكتب ممثل أونروا بالشرق الأدنى:" نتعاون مع المنظمات الدولية والمحلية للمساعدة في تقديم المساعدات للفلسطينيين".
وتابع رئيس مكتب ممثل أونروا بالشرق الأدنى: “لدينا الخبرة والكوادر البشرية والقدرات اللوجستية لدعم الفلسطينيين في غزة”|.
وأكمل رئيس مكتب ممثل أونروا بالشرق الأدنى:" الوضع الإنساني يشهد تدهورا كبيرا لمنع الاحتلال دخول المساعدات".
ولفت رئيس مكتب ممثل أونروا بالشرق الأدنى: “:نحتاج نحو 200 مليون دولار لكي نتمكن من الاستمرار في تقديم خدماتنا بغزة”.