300 كاتب بالفرنسية بينهم فائزان بنوبل يدينون الإبادة الجماعية ويدعون لعقوبات على إسرائيل
تاريخ النشر: 28th, May 2025 GMT
دان نحو 300 كاتب بالفرنسية، في مقال نشر يوم الثلاثاء، ما وصفوه ب"الإبادة الجماعية" للسكان في غزة، من بينهم اثنان من الحائزين على جائزة نوبل للأدب، هما آني إرنو وجان ماري غوستاف لوكليزيو. وقد دعوا إلى "وقف فوري لإطلاق النار".
وكتب هؤلاء في المقال الذي نشرته صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية: "تماما كما كان من الملح وصف الجرائم المرتكبة ضد المدنيين في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 بأنها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، يتعين علينا اليوم أن نصف ما يحدث بأنه (إبادة جماعية)".
"لم نعد نستطيع الاكتفاء بكلمة (رعب)؛ اليوم يجب أن نسمي ما يحدث في غزة إبادة جماعية"
وأضافوا: "أكثر من أي وقت مضى، نطالب بفرض عقوبات على دولة إسرائيل، ونطالب بوقفٍ فوري لإطلاق النار، يضمن الأمن والعدالة للفلسطينيين، وإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين، وآلاف السجناء الفلسطينيين المعتقلين تعسفياً في السجون الإسرائيلية، ويضع نهاية فورية لهذه الإبادة الجماعية".
يذكر أن آني إرنو، الحائزة على جائزة نوبل للأدب عام 2022، تقديرا لـ "شجاعتها وبراعتها السريرية في كشف الجذور والاغتراب والقيود الجماعية للذاكرة الشخصية"، معروفة بمواقفها السياسية الداعمة لحرية فلسطين. كما أن جان ماري غوستاف لوكليزيو، الحائز على الجائزة نفسها عام 2008، له تاريخ طويل في الدفاع عن حقوق الإنسان، وتعرف أعماله بالتركيز على موضوعات مثل الهجرة، والهوية الثقافية، والتفاعل بين الحضارات.
إعلانومن بين الموقعين على المقال كتاب فازوا مؤخرا بجائزة غونكور الأدبية المرموقة، مثل إيرفيه لو تيلييه، وجيروم فيراري، ولوران غوديه، وبريجيت جيرو، وليلى سليماني، وليدي سالفير، والأديب من أصل سنغالي محمد مبوغار سار، ونيكولا ماتيو، وإيريك فويار.
وإيرفيه لو تيلييه، المولود في باريس عام 1957، هو كاتب ولغوي وعضو في مجموعة "أوليبو" الأدبية، وقد فاز بجائزة غونكور عام 2020 عن روايته "لانومالي"، التي حققت مبيعات تجاوزت المليون نسخة في فرنسا. أما جيروم فيراري، المولود عام 1968، فهو كاتب ومترجم فرنسي حاز على جائزة غونكور عام 2012 عن روايته "موعظة عن سقوط روما". بينما لوران غوديه، المولود عام 1972، فهو روائي وكاتب مسرحي فاز بجائزة غونكور عام 2004 عن روايته "شمس آل سكورتا"، بعد أن حصل على جائزة غونكور للثانويات عام 2002 عن روايته "موت الملك تسونغور".
وتتزايد الاتهامات ضد إسرائيل بارتكاب "إبادة جماعية" في غزة من قبل الأمم المتحدة، ومجموعات حقوق الإنسان، والعديد من البلدان، لكن هذا المصطلح، الذي ترفضه إسرائيل بشدة، يثير انقساما بين مراقبي هذه الحرب.
وشدد موقعو المقال على أن هذا الوصف "ليس شعارا"، رافضين "إبداء تعاطف عام غير مجد، من دون توصيف ماهية هذا الرعب".
وأشار الموقعون إلى أن تصريحات علنية لوزراء إسرائيليين، مثل بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، تعبر عن نوايا إبادة، مؤكدين أن استخدام مصطلح "إبادة جماعية" لم يعد موضع جدل بين خبراء القانون الدولي ومنظمات حقوق الإنسان، مثل العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، ومجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
كما شدد البيان على أن مسؤولية جماعية تقع على عاتق المثقفين، داعيا إلى اتخاذ موقف واضح ضد ما وصفوه ب"جريمة العصر".
إعلانوأثار البيان جدلا واسعا في الأوساط الثقافية والسياسية الفرنسية. وفي حين رحب به العديد من المثقفين والناشطين الحقوقيين، اعتبره آخرون موقفا "متحيزا" أو "مسيسا"، خاصة في ظل حساسية استخدام مصطلح "إبادة جماعية" وما يترتب عليه من تبعات قانونية وأخلاقية.
من جهة أخرى، انضم أكثر من 380 كاتبا وفنانا عالميا، بينهم زادي سميث، وإيان ماك إيوان، وإليف شافاق، إلى بيان مماثل نشر في صحيفة الغارديان، وصفوا فيه ما يحدث في غزة ب"الإبادة الجماعية"، مطالبين بوقف فوري لإطلاق النار، وتقديم مساعدات إنسانية غير مشروطة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الإبادة الجماعیة بجائزة غونکور إبادة جماعیة حقوق الإنسان على جائزة عن روایته فی غزة
إقرأ أيضاً:
حاخام يهودي: يجب أن نعترف بالإبادة الجماعية ونعمل على إيقافها
نشر موقع "كاونتر بانش" مقالا يعبّر فيه الحاخام اليهودي التقدمي مايكل زوسمان عن ندمه لتأخره في وصف ما تفعله إسرائيل في غزة بالإبادة الجماعية، مؤكدا أن الاعتراف بهذا الواقع هو جزء من التوبة والالتزام بإصلاح العالم، رغم الخوف من خسارة دعم المجتمع اليهودي.
وقال الكاتب في المقال الذي ترجمته "عربي 21"، إن الحكومة الإسرائيلية تتحمل مسؤولية ارتكاب جريمة إبادة جماعية في قطاع غزّة، لكنه حتى وقت قريب كان مترددا في استخدام مصطلح الإبادة ولم يكن على يقين من أن الهجمات غير المتكافئة التي تنفذها الحكومة الإسرائيلية ضد الفلسطينيين في غزّة تندرج فعلا تحت هذا الوصف.
مراجعة متأنية
ويوضح الكاتب أنه لم يجد صعوبة في وصف ممارسات "إسرائيل" في غزّة - ردا على الهجمات التي نفذتها حماس في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وما تبعها من احتجاز الأسرى- بأنها تطهير عرقي وعمليات انتقامية، مضيفا أنه خرج في مظاهرات علنية ضد تلك الممارسات، ولم يتردد إطلاقا في إدانة الانتهاك الصارخ للقانون الدولي الإنساني عند استهداف إيران.
ويتابع قائلا إنه لم يقتنع باستخدام مصطلح "الإبادة الجماعية" إلا بعد مراجعة متأنّية لاستنتاجات معظم الباحثين المتخصصين في دراسات الإبادة، بما في ذلك أكاديميون إسرائيليون بارزون مثل عمر بارتوف وشموئيل ليدرمان، وأدرك حينها أن امتناعه عن استعمال هذا الوصف كان خطأً.
وقد خلص عمر بارتوف إلى أنه بحلول تموز/ يوليو 2024 "لم يعد ممكنا إنكار أن نمط عمليات قوات الدفاع الإسرائيلية يتماشى مع التصريحات التي صدرت عن قادة إسرائيليين بعد هجمات حماس، والتي تُعبِّر عن نية إبادة واضحة".
ويرى الكاتب أنه في تموز/ يوليو 2025، أصبح الامتناع عن استخدام مصطلح الإبادة الجماعية موقفا غير أخلاقي لا يمكن تبريره، كما اتضح أن الادعاء بأن إسرائيل تتخذ إجراءات ضرورية لحماية نفسها كأي دولة تخوض حربا هو ادعاء زائف جوهريًا، وإطلاق صفة "حرب" على ما يحدث في غزة هو توصيف مضلل بالأساس.
وقد عبّر بارتوف عن ذلك بدقة حين قال: "طيلة السنة الماضية، لم تكن قوات الدفاع الإسرائيلية تخوض قتالًا ضد قوة عسكرية منظمة. لقد تم القضاء على نسخة حماس التي خططت لهجمات 7 تشرين الأول/ أكتوبر ونفذتها، رغم أن الحركة وإن كانت ضعيفة، لا تزال تقاتل القوات الإسرائيلية وتحتفظ بقدر من السيطرة على السكان في المناطق التي لا توجد فيها قوات الجيش الإسرائيلي".
أمثلة تاريخية
وبناء على ذلك، فإن الواقع القائم -حسب الكاتب- لا يمكن تحت أي مقياس منطقي أن يبرر استمرار الحكومة الإسرائيلية في تجويع شعب بأكمله، وتدمير البنية التحتية، وقتل عشرات الآلاف من المدنيين.
ويضيف أنه من الضروري توضيح أن الإبادة الجماعية تتخذ أشكالًا متعددة، وهو ما يتضح من خلال التعريف الذي يعتمده متحف ذكرى الهولوكوست في الولايات المتحدة، حيث يشير مصطلح الإبادة الجماعية من الناحية القانونية إلى "أفعال ترتكب بنية التدمير الكلي أو الجزئي لمجموعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية".
ومن الأمثلة التاريخية والحالية على ذلك: الهولوكوست، والمجازر الجماعية في دارفور، ورواندا، والبوسنة والهرسك، وحقول القتل في كمبوديا، ومذبحة نانجينغ في الصين على يد اليابانيين، والثورة الثقافية في الصين في عهد ماو تسي تونغ، والمجاعة الكبرى في أوكرانيا، وإبادة الأرمن، وجرائم التطهير العرقي في غواتيمالا وتيمور الشرقية وناميبيا، إلى جانب المجازر ضد شعب الروهينغا في ميانمار، واستهداف السكان الأصليين في أمريكا الشمالية، وتاريخ العبودية العابرة للأطلسي.
ووفقا للكاتب، فإن وصف سياسة الحكومة الإسرائيلية في غزّة بالإبادة لا يعني بالضرورة أن تلك الأفعال تُضاهي في حجمها أو طبيعتها ما فعله النازيون باليهود وغيرهم خلال الهولوكوست، أو أي من الأمثلة السابقة، لكن الحقيقة الثابتة هي أن حياة رضيع فلسطيني بريء دُفِن تحت أنقاض منزله في غزّة لا تقلّ قيمة عن حياة طفل يهودي قُتِل في غرف الغاز في عهد هتلر.
الاعتراف بالخطأ
ويقول الكاتب: "بصفتي حاخاما مُرنما يهوديا وصهيونيا تقدميا أعترف أنني أخطأت بعدم استخدام مصطلح إبادة جماعية في وقت مبكر لوصف ما ارتكبته إسرائيل في غزة. خوفي من فقدان الأصدقاء والزملاء، ومن الهجوم بسبب هذا الرأي غير المقبول لدى كثيرين، منعني من رؤية الحقيقة بوضوح".
ويضيف: "بالمقارنة، فقد كان من السهل عليّ، كمواطن أمريكي، ملاحظة انحدار بلدي نحو الاستبداد بعد ترشيح دونالد ترامب للمرة الثانية في 2024. كذلك، خشيت أن يُستخدم وصف الإبادة الجماعية ذريعة للمتطرفين المعادين لليهود".
ويؤكد الكاتب بأنه عندما يؤدي صلاة "أشامنو" في يوم الغفران هذا العام، سيستحضر تقصيره الأخلاقي، وتقصير كثيرين مثله، في الاعتراف بالإبادة الجماعية في غزة، عن وعي أو إنكار.
وبالإضافة إلى ذلك، يؤكد أنه سيواصل الدعوة لإنهاء المذبحة في غزة وإعادة الأسرى إلى ديارهم، رغم علمه بأن ذلك لن يُصحح كل الأخطاء، إلا أنه قد يُساعد في توجيه رسالة إلى الأجيال القادمة من أجل مواصلة مسيرة "إصلاح العالم" بدءا من إصلاح الذات.