من كان يتخيل وهو يستمع لقصة "ماشطة ابنة فرعون" مقدار العظمة الذي بلغته تلك المرأة المؤمنة، التي شاء الله أن يمتحنها بنفس القدر الذي امتحن به الأنبياء والمرسلين، تلك المرأة التي آمنت بالله فتعاظَم قدرُه في قلبها، في الوقت الذي تَحَاقر فيه "فرعون" لتراه على حقيقته حقيرا ذليلا، فتخرج عن صمتها وهي بجوار ابنة فرعون حين تناولت بيديها المُشط لِتُمشّط به شعرها قائلة: بسم الله! فتبادرها الفتاة بالقول: ومن هو الله؟! فتجيبها الله ربي وربك، فترد عليها وهل لك رب سوى أبي؟! فتقول أي نعم، الله رب العالمين! وعندها ينكشف السر الذي أبطنته المرأة المؤمنة، ويخرج للعلن بهذه الواقعة البسيطة التي شاء الله أن يجعلها إعلانا للجهر بوحدانيته.

.

لكنَّ سؤالا مهما ملحّا في واقعنا المُزري يطرح نفسه ويحتاج الإجابة عليه:

لماذا لم تَصمُت المرأة ولم تراعِ ضعفها كامرأة؟! أو لماذا لم تعلن التراجع عن ما قالته للفتاة لتحمله إلى والدها -الطاغية-؟! وهل يبدو أن الماشطة المسكينة لم تتعلم جيدا فقه المصالح والمفاسد، تلك القاعدة الأصولية التي أصبحت تكِئة للمُخَذِّلين والمرجفين في المدينة من أدعياء الحفاظ على مصلحة الدعوة؟! وحالهم -بعدما فضح الله سريرتهم- لم يعد مُدَاراة الظلَمة اتقاء لشرورهم، بل أصبح الارتماء في أحضانهم والنيل من مغانمهم، والنتيجة كانت تضليل الناس عن حقيقة فُجرهم وحربهم على الإسلام والمسلمين!

لله درك يا دكتورة آلاء، نعم الطبيبة الغزاوية أعني، ومن سواها أقصد؟! لله درك يا ماشطة ابنة فرعون زماننا! لله درك وأنت تخرجين من بيتك كل صباح لعلاج الجرحى أنت وزوجك الدكتور"حمدي"، لأداء واجبكما الإنساني، وتتركان أولادكما في كنف الله ورعايته، لله درك فصفات الرجولة التي تمثلت فيك واقعا حيا، قد عدمها كثير من الذكور من أشباه الرجال ومنحت لك ولغيرك من النسوة ممن هنّ على شاكلتكن الكريمة، ولا يَعِيبُكنّ صفة الأنوثة، كما قال المتنبي راثيا والدة سيف الدولة الحمداني:

ولوْ كَانَ الّنساءُ كَمَنْ فَقَدْنَا   لفُضّلَتِ النّساءُ عَلَى الرّجالِ
وما التأنيثُ لاسمِ الشمسِ   عَييّبٌ وَلَا التّذْكِيرُ فَخْرٌ لِلّهِلالِ

لماذا ذكرّتني الطبيبة المؤمنة بماشطة ابنة فرعون؟!

سؤال هام والإجابة عليه تكمن في بعض النقاط التي لا يصح أن نتجاوزها ونحن نتعرض لهول المصيبة وشدة الفاجعة التي وقعت فوق رأس امرأتين مؤمنتين؛ ماشطة آل فرعون والطبيبة آلاء النجار كالتالي:

1- ثقل المصيبة على قلب أي إنسان، ناهيك أن تكون امرأة ضعيفة في فقدان جميع أولادها وليس ولدا واحدا! فلقد اختبر الله -جلّت حكمته- الماشطة في إيمانها وشاء لها أن يجعلها رمزا للثبات، وأن يخلّد ذكراها في العالمين، فقُبض عليها وجرى ترويضها لتعود عن دينها فأبت! ثم جيء بأولادها وأمر الطاغية أن يلقوا بأولادها واحدا تلو الآخر في الزيت المغلي! والمرأة صامدة، حتى انتهوا إلى رضيع معها فشعرت بضعفٍ له فأنطقه الله في مهده قائلا: أن يا أماه اثبُتي فإنك على الحق. وقد رُوي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لما كانت الليلة التي أُسري بي فيها أتت عليّ رائحةٌ طيبة، فقلت: يا جبريل ما هذه الرائحة الطيبة؟! فقال هذه رائحة ماشطة ابنة فرعون".

2- وهل يتحمل أحدٌ ما جرى لطبيبة غزة الدكتورة "آلاء النجار" وهي في الدوام داخل المستشفى التابع لمجمع ناصر الطبي، في خان يونس جنوب القطاع، يأتيها الخبر الصاعقة، أن القصف قد طال منزلها وفيه أولادها العشرة وزوجها الدكتور حمدي النجار! فتسرع الأم المكلومة هائمة على وجهها، لتكتشف المصيبة التي لا يتحملها عقل، جميع أولادها قد ارتقوا حرقا من القصف، عدا ابنها الكبير "آدم" وزجها حمدي وحالتهما صعبة! وسبحان من ثبّتها وهي المرأة الضعيفة، ومن قال إن الصبر والثبات متعلقٌ بالذكورة والأنوثة؟!

3- حين نتلمس حكمة الملك في عليائه عن هول المصيبة التي وقعت لامرأة ضعيفة مثل "آلاء النجار"، فإننا نرى مشيئة الله وإرادته في رفع ذكراها كما رفع ذكر ماشطة ابنة فرعون، ولِمَ لا؟! فقد بلغت في مصابها مبلغ المصُطفين من عباد الله الصالحين وهي ثابتة، حتى دمعت بسببها أعين الملايين من غير أهل الملة. إن صحيفة الشرف التي دُونت فيها الماشطة ومعها أصحاب الأخدود ثم سمية وياسر وعمار، قد فتحت من أجل الطبيبة "آلاء"، والله حسيبها..

4- واقعة "آلاء" وغيرها من الوقائع حجةٌ على المترخصين حتى وهم في غير خصاصة من أمرهم، حجة على من لا يحسنون غير فقه الحيض والنفاس! حجة على أشباه الرجال، تُعلمهم أنه لا حظ لكم في الرجولة ولستم من أهل قوله تعالى "من المؤمنين رجال".. الآية!

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه قضايا وآراء غزة فلسطين غزة الاء النجار قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء مقالات مقالات مقالات اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة آلاء النجار لله درک

إقرأ أيضاً:

اكتشاف مذهل بجوار جثمان أول فرعون تحكم مصر.. ماذا وجدوا في مقبرتها؟

تمكن العلماء من العثور على قبر ملكة مصرية قديمة، لكن ما وجدوه بجوارها يعد واحدا من أكبر الألغاز، ربما لم تسمع اسم هذه الملكة من قبل أو دورها في التاريخ مقارنة بأخريات مثل حتشبسوت ونفرتيتي، لكن اكتشف علماء الآثار الذين ينقبون في مقبرة الملكة ميريت - نيت في أبيدوس بمصر أمر غريب تماما لم يكن مألوفا العثور عليه بمقابر السيدات.

رصد جسم غامض يشبه الطائر يحلق فوق الشمس ويثير دهشة العلماء.. صورسفير مصر يشارك في حلقة نقاشية بمجلس الشيوخ المكسيكي حول استعادة الآثارأمين الآثار لـ"صدى البلد": 770مليون دولار تأمين معرض كنوز فرعونيةأمين الأعلى للآثار: كنوز الفراعنة ثاني أكبر معرض في إيطاليا130 قطعة أثرية| مؤتمر صحفي لإعلان تفاصيل معرض كنوز الفراعنة.. اليوممقبرة الملكة ميريت نيت

حين عثر العلماء على مقبرة الملكة ميريت نيث تفاجأوا بالنقوش المذهلة على الجدران، إذ تمتعت بقوة استثنائية خلال فترة حكمها حوالي عام 3000 قبل الميلاد. وربما كانت أقوى امرأة في عصرها.

ووفقا لصحيفة "انديا تايمز"، عثروا على دلائل تؤكد حكمها لمصر قديما، وأنها ربما كانت أول فرعون أنثى في مصر القديمة.

لكن يشكك البعض في ذلك، بحجة أن النساء نادرًا ما حكمن في هذه الفترة المبكرة، هناك إجماع على أن ميريت نيث تمتعت بمستوى عالٍ من السلطة بشكل غير عادي بالنسبة لامرأة ملكية. 

ورغم ذلك فقد دُفِن بالقرب من مقبرتها 41 موقع دفن لخادما وحاشية، مما يكشف عن التسلسل الهرمي الاجتماعي وعادات الدفن في ذلك العصر.

والمثير هو عثور العلماء بجوار مقبرتها على مئاتٍ من جرار النبيذ التي يعود تاريخها إلى 5000 عام.

الغريب أنه لا يزال العديد منها مغلقًا بسداداته سليمة، لكن ما سبب دفنه بهذه الكميات الكبيرة في مقبرة ملكة، هل كانت تحب النبيذ لهذا الحد أم أن موقع مقبرتها أُعيد استخدامه لاحقا.

عادات الدفن

يرى العلماء أن هذا الاكتشاف مذهل، وأنه يعطي نظرة عميقة عن عادات الدفن حينها، لأن المصريين تركوا بقايا من حياتهم وأفعالهم منذ 5000 عاما مضت، بما فيها تفاصيل مثيرة مثل وضع بذور العنب وهي محفوظة تماما، وأعمال حرفية وحتى ما زالت آثار الأقدام في الأرض.

وهذا المستوى من التفاصيل نادر في علم الآثار، والتي سمحت برصد جوانب الحياة اليومية والممارسات الطقسية والخبرة التكنولوجية من حقبة بعيدة. لأن اكتشاف السدادات السليمة على جرار النبيذ جدير بالملاحظة بشكل خاص، لأنه يشير إلى جهود المصريين في الحفاظ على مقتنياتهم، والأهية الثقافية للنبيذ في المدافن الملكية. كذلك يقدم رؤى جديدة حول أصول إنتاج النبيذ وتجارته في منطقة البحر الأبيض المتوسط وشمال إفريقيا القديمة.

ما أهمية الاكتشاف؟

لا تقتصر أهمية هذا الاكتشاف عند هذا الحد، من المتوقع أن يُقدم الفحص المُعمق لجرار النبيذ معلوماتٍ حول بعض أقدم نماذج صناعة النبيذ. من خلال تحليل البقايا الكيميائية داخل الجرار، ويأمل العلماء في تحديد خصائص نكهة النبيذ والكشف عن أي إضافات مُستخدمة.

أما قبور الخدم المدفونين بجوار الملكة، ينفي العلماء أن دفنهم بهذا الشكل جزء من طقس تضحية على سبيل المثال، ويرجحون وفاتهم في أوقات مختلفة، في تحدي واضح للفكرة السائدة منذ زمن طويل بأن التضحية البشرية الطقسية كانت جزءًا أساسيًا من المدافن الملكية المصرية خلال فترة الأسرات المبكرة.

طباعة شارك اكتشاف أثري الملكة ميريت نيت حتشبسوت نفرتيتي مقبرة الملكة ميريت

مقالات مشابهة

  • إيطاليا تعلن استعدادها لاستقبال الطفل الناجي من عائلة الطبيبة آلاء النجار
  • اكتشاف مذهل بجوار جثمان أول فرعون تحكم مصر.. ماذا وجدوا في مقبرتها؟
  • مندوب الجزائر يضع مأساة آلاء النجار والطفلة وردة أمام أنظار العالم في مجلس الأمن (فيديو)
  • غاري لينيكر يشارك قصيدة مؤثرة عن مأساة الطبيبة آلاء النجار في غزة
  • صورة متداولة لطبيبة غزة آلاء النجار مع أطفالها التسعة.. ما صحتها؟
  • وزير المجاهدين يعزي في وفاة ابنة شاعر الثورة مفدي زكرياء
  • ابنة شاعر الثورة مفدي زكرياء في ذمة الله
  • ومضة الشرارة التي تغير مجرى حياتك
  • بأي ذنبٍ قُتلوا؟ صرخة من خان يونس بعد مقتل تسعة أطفال من عائلة الطبيبة آلاء النجار