حرير القز في أفغانستان مهنة قديمة تعود للحياة رغم التحديات
تاريخ النشر: 30th, May 2025 GMT
كابل– تُعد تربية دودة القز من الحرف التقليدية المتجذرة في أفغانستان، حيث يتم اعتمادها لإنتاج الحرير الطبيعي، وهي مهنة حاضرة بقوة في ولايات مثل هرات وبلخ وبدخشان، وتشكل مصدر دخل مهما للأسر الريفية. وتُعد الظروف المناخية المناسبة لزراعة أشجار التوت -الغذاء الأساسي لدودة القز- أحد العوامل التي تساهم في استمرارية هذه الحرفة.
ووفقا للأرقام الرسمية، تعمل أكثر من 5 آلاف عائلة أفغانية في مجال إنتاج الحرير، حيث تجمع شرانق دودة القز، ويُغزل نحو 40% منها إلى خيوط، في حين يُستخدم الجزء المتبقي في نسج الأقمشة التي تُصدَّر إلى أوروبا. وتُعد دودة القز نفسها منتجا ذا قيمة اقتصادية، إذ يُنتَج منها نحو 200 طن سنويا.
وفي عام 2022، أُدرجت مهنة تربية دودة القز وإنتاج الحرير بالطريقة التقليدية على قائمة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي، وهو اعتراف عالمي يعكس الأهمية الثقافية والاجتماعية العميقة لهذه الحرفة، ودورها في تعزيز الهوية الثقافية والتماسك المجتمعي في أفغانستان.
ويقول غلام سخي علي زاده، رئيس نقابة عمال الحرير، في حديثه لموقع الجزيرة نت: "نقوم منذ العصور القديمة بتربية دودة القز بشكل تقليدي في أفغانستان، ويعود تاريخ هذه المهنة إلى ما يقرب من 2000 عام. بدأت تربية دودة القز وصناعة شرانقها لأول مرة في الصين حوالي عام 2600 قبل الميلاد، ويواجه الأفغان الذين يعملون في هذا المجال منافسة شديدة من الواردات الصينية الرخيصة، حيث تكافح الأساليب التقليدية المحلية للحفاظ على بقائها".
إعلان عملية إنتاج متقنةتشير مديرية الزراعة في ولاية هرات، غربي البلاد، إلى تحسن ملحوظ في صناعة الحرير وتربية دودة القز مقارنة بالعام السابق، حيث تم توزيع أكثر من 6 آلاف صندوق من دودة القز على المزارعين وسكان المناطق الريفية، لا سيما في مديرية "زنده جان".
ويشرح أحمد شاه قيومي، رئيس نقابة مزارعي تربية دودة القز في ولاية هرات، لموقع الجزيرة نت، أن عملية إنتاج الحرير من شرنقة دودة القز تستغرق ما بين 26 يوما إلى شهر. وقد يصل طول خيط الحرير الواحد في الشرنقة إلى ما بين 300 و900 متر، إلا أن خروج الفراشة من الشرنقة يؤدي إلى تمزيق الخيط إلى قطع صغيرة. ويضيف أن عمر الفراشة البالغة قصير جدا، ويكفي فقط لتمكينها من وضع البيض.
ويؤكد قيومي أن عوامل مثل التغذية المناسبة للديدان، ودرجة الحرارة والرطوبة الملائمة، إلى جانب نظافة البيئة وتطهيرها، تعد من العناصر الحاسمة في تحسين وزيادة إنتاجية دودة القز.
ويوضح أن هذه المهنة تشغل كامل أفراد العائلة، فإذا امتلكت الأسرة الواحدة 4 أو 5 صناديق من دودة القز، فإن دخلها السنوي قد يصل إلى 861 دولارا. ويضيف: "دودة القز حشرة تنتج خيوط الحرير عند نسج الشرنقة، ثم تُجمع هذه الشرانق وتُغلى في وعاء كبير لاستخراج خيوط الحرير".
ميدان جديد لتمكين المرأةيرى خبراء الاقتصاد في أفغانستان أن انتعاش هذه المهنة يعود، جزئيا، إلى عودة النساء إليها بعد منعهن من العمل والدراسة في ظل الأوضاع السياسية الحالية. وتشير الدراسات الرسمية إلى أن النساء يقمن بما يقارب 70% من الأنشطة المرتبطة بتربية دودة القز وجمع الشرانق، مما يجعل من هذه الحرفة موردا اقتصاديا مهما للنساء في المناطق الريفية.
وتقول مريم أحمدي، التي تمارس تربية دودة القز منذ 35 عاما، في مقابلة مع الجزيرة نت: "عائلتي تمارس هذه المهنة منذ سنوات. فإغلاق مدارس البنات ومنع النساء من العمل كان سببا رئيسيا في عودة الكثيرات إلى هذه الحرفة. 3 من بناتي يعملن معي الآن، وقد ازدادت نسبة الإنتاج مقارنة بالسنوات الماضية".
ويؤكد المزارعون على ضرورة دعم عمال الحرير وتوفير الآلات الحديثة، إذ إن غالبية العاملين يستخدمون أدوات قديمة تجاوز عمرها 30 عاما. كما يدعون إلى توزيع صناديق إضافية من دودة القز، مما سيسهم في رفع الإنتاجية وتمكين رجال الأعمال من تصدير الحرير الأفغاني إلى الأسواق العالمية.
ويضيف رئيس نقابة عمال الحرير في هرات: "إذا تمكنت مديرية الزراعة والمؤسسات المعنية من توزيع 10 آلاف صندوق من دودة القز على المزارعين، فإن ذلك سيوفر فرص عمل لـ20 ألف شخص، وسيحقق دخلا جيدا، مع زيادة بنسبة 35% مقارنة بالعام الماضي. كما يحتاج بعض الشباب والشابات إلى المشاركة في الندوات التوعوية حول دودة القز وأهمية صناعة الحرير".
إعلان الحرير الأفغاني.. رمز الرفاهية والمقاومةيُستخدم الحرير بأفغانستان في مجالات متعددة، وله قيمة ثقافية واقتصادية خاصة في القرى والمناطق الريفية. وتشمل استخداماته خياطة الشالات النسائية التقليدية، والعمائم، والمناديل، وربطات العنق، وقطع السترات، وفساتين الزفاف، والسجاد اليدوي. ويُعتبر الحرير في مناطق مثل هرات وقندهار ومزار شريف رمزا للرفاهية والاحترام.
ويقول محمد حليمي، مدير دائرة الزراعة في ولاية هرات، في تصريح للجزيرة نت: "رغم أن الصين والهند تهيمنان على السوق العالمي للحرير الصناعي، فإن ما يميز الحرير الأفغاني أنه طبيعي وخالص، ولا تدخل في صناعته أي مواد كيميائية. ونعتمد في أفغانستان على الإنتاج الحرفي، ونسعى للحفاظ على الهوية الثقافية للبلاد، ولهذا السبب أدرجت اليونسكو هذه الحرفة ضمن قائمة التراث. ويتميز الحرير الأفغاني بجودته الطبيعية، ونسجه اللامع والمتين".
عوامل انتعاش المهنةشهدت مهنة تربية دودة القز في أفغانستان انتعاشا خلال السنوات الأخيرة، بفعل عوامل اقتصادية واجتماعية، وجهود المنظمات الدولية والمحلية. وقد عاد كثير من الشباب الذين فقدوا وظائفهم بعد انسحاب القوات الأجنبية وسقوط الحكومة السابقة إلى هذا القطاع الحيوي.
ويقول خبير تربية دودة القز عبد الحكيم باركزاي، للجزيرة نت: "في ولاية هرات، زاد اهتمام الشباب بتربية دودة القز بنسبة 60%. وتعود الأسباب إلى كونها مصدر دخل ثابت للعائلات الفقيرة، وارتفاع الطلب على الحرير المحلي، بالإضافة إلى تحسن الوضع الأمني، مما سمح بالتنقل داخل المناطق الريفية حيث تنتشر أشجار التوت".
ويضيف غلام رباني، مدير قسم صناعة الحرير، في تصريح للجزيرة نت، أن الصناديق الحديثة التي وفّرتها مؤسسة أجنبية للمزارعين قد حققت نتائج جيدة، ويشير إلى أن كل قرية قد تحتاج إلى ما بين 400 و500 صندوق لتربية دودة القز، إذا توفرت الظروف المناسبة.
إعلانويؤكد أن صناعة الحرير لم تعد في حالة ركود، بل زادت إيراداتها بنسبة تتراوح بين 60% و70% مقارنة بالسنوات الماضية، إلا أن دخول البضائع الأجنبية إلى السوق المحلية لا يزال يعرقل نمو المبيعات. ويطالب رباني السلطات الأفغانية بمنع استيراد الأقمشة الأجنبية، لإعطاء فرصة لصناعة الحرير الوطنية كي تنمو وتُصدّر إنتاجها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات فی ولایة هرات صناعة الحریر فی أفغانستان هذه الحرفة هذه المهنة
إقرأ أيضاً:
الأغذية العالمي: سنوسع نطاق المساعدات الغذائية المنقذة للحياة بغزة
قال برنامج الأغذية العالمي إنه"سيوسع نطاق عملياته في قطاع غزة، حيث يمهد وقف إطلاق النار الطريق أمام الوكالات الإنسانية للوصول إلى السكان المستضعفين الذين انقطعت عنهم المساعدات الحيوية في القطاع الذي مزقته الحرب".
وبعد عامين من حرب الإبادة الجماعية التي شنها جيش الاحتلال الإسرائيلي على غزة، لا تزال مئات الآلاف من الأسر نازحة تعاني من التجويع وسوء التغذية مع صعوبة الحصول على السلع الأساسية.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2طبيب غزاوي للوموند: هذه هي المعركة التي تنتظرنا بعد انتهاء الحربlist 2 of 2تايمز: إعادة إعمار غزة تحتاج 10 سنوات بتكلفة 50 مليار دولارend of listوأوضح برنامج الأغذية التابع للأمم المتحدة في بيان أنه يعتزم استعادة نظامه المعتاد لتوزيع الأغذية، وتوسيع نطاق تقديم المساعدة من خلال 145 نقطة توزيع في جميع أنحاء القطاع.
في الأشهر الـ3 الأولى، وكجزء من التوزيع العام للمساعدات الغذائية، يهدف البرنامج إلى توفير الغذاء لنحو 1.6 مليون شخص (حوالي 320 ألف أسرة) حيث يشمل الخبز والطحين (الدقيق) وصناديق المواد الغذائية العائلية، كما سيقوم البرنامج بزيادة عدد المخابز التي يدعمها حالياً من 10 إلى 30 مخبزا في الأسابيع المقبلة، مما يزيد بشكل كبير من إمكانية الحصول على الخبز الطازج.
ويجري اليوم إنتاج مئة ألف ربطة (2 كغم) من الخبز الطازج يوميا للمجتمعات المحتاجة، وبالإضافة إلى ذلك، سيوسع البرنامج مما يقدمه من دعم للنساء الحوامل والمرضعات، حيث كان قد بدأ بالفعل خلال الأسابيع القليلة الماضية في زيادة نطاق مساعداته لهن.
كما سيتم دعم الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي، مثل النساء والأرامل والأمهات العازبات والأطفال وكبار السن وذوي الإعاقة، الذين قد لا يستطيعون الذهاب إلى نقاط توزيع الغذاء، وذلك من خلال تحويلات نقدية إلكترونية، وقد استفاد بالفعل ما يقرب من 140 ألف شخص من هذه التحويلات التي تسمح بشراء المواد الغذائية من الأسواق المحلية، ويخطط برنامج الأغذية العالمي لمضاعفة عدد المستفيدين من هذا النظام في الأسابيع المقبلة.
دعم لوجستي
وسيواصل البرنامج قيادة جهود الدعم اللوجستي لمجتمع الإغاثة الإنسانية الأوسع نطاقا، بالإضافة إلى تقديم المساعدة في توفير الاتصالات والتنسيق في حالات الطوارئ لقطاع الأمن الغذائي من أجل الوصول لأكبر عدد من المستضعفين بالتعاون مع الشركاء.
إعلانوبحسب البيان هناك أكثر من 170 ألف طن متري من السلع الغذائية التي يديرها برنامج الأغذية العالمي جاهزة لإرسالها الآن أو في طريقها إلى غزة للدخول عبر ميناء أسدود والمعابر منع مصر والأردن والضفة الغربية، وهذا يكفي لتوفير المواد الغذائية الأساسية لجميع سكان غزة البالغ عددهم أكثر من مليوني شخص لمدة تصل إلى 3 أشهر.
ولكن لتقديم المساعدات على نطاق واسع، يحتاج البرنامج إلى استخدام جميع المعابر بشكل سريع وفعال، ووصول المساعدات الإنسانية على نحو آمن ودون عوائق، وإعادة تأهيل البنية التحتية الحيوية ومرافق التخزين، وإسراع إجراءات التخليص في ميناء أشدود.
وأعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب -الخميس- توصل حركة حماس وإسرائيل، لاتفاق على المرحلة الأولى من خطته لوقف إطلاق النار وتبادل أسرى، إثر مفاوضات غير مباشرة بين الطرفين في شرم الشيخ، بمشاركة تركيا ومصر وقطر، وبإشراف أميركي.
ودخلت المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل، حيز التنفيذ عند الساعة 12:00 ظهرا الجمعة بتوقيت القدس، بعد أن أقرت حكومة إسرائيل الاتفاق فجرا.
ويستند الاتفاق إلى خطة طرحها ترامب، تقوم على وقف الحرب، وانسحاب متدرج للجيش الإسرائيلي، وإطلاق متبادل للأسرى، ودخول فوري للمساعدات إلى القطاع، ونزع لسلاح حماس.
وبدعم أميركي ارتكبت إسرائيل منذ 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بغزة، خلّفت 67 ألفا و806 شهيد، و170 ألفا و66 جريحا، معظمهم أطفال ونساء، ومجاعة أزهقت أرواح 463 فلسطينيا بينهم 157 طفلا.