الأسبوع:
2025-07-30@23:56:45 GMT

استعمار العقول أخطر من احتلال الأوطان

تاريخ النشر: 31st, May 2025 GMT

استعمار العقول أخطر من احتلال الأوطان

لم يعد التهديد الذي يواجه مجتمعاتنا يأتي من غزو الجيوش واحتلال الأراضي، فقد أدرك الغرب أن الشعوب التي تمتلك الوعي والهوية لا تهزم، حتى وإن ضعفت قوتها العسكرية. لذا، تحولت المعركة من ميادين القتال إلى ساحات الفكر، وانتقل الاستعمار من السيطرة على الأرض إلى غزو العقول، حيث لم يعد الهدف إسقاط الدول، بل تفكيك الأفراد من الداخل، وسلخ الأجيال عن هويتها.

فبعد أن فشل الغرب في إخضاعنا عسكرياً أمام صمود جيوشنا وثبات رجالنا، وجد طريقاً آخر لاختراق مجتمعاتنا عبر أدوات حديثة تزرع الفراغ والانحلال، وتفقد الإنسان ارتباطه بجذوره العربية والإسلامية. نحن اليوم أمام استعمار خفي، أكثر دهاءً من أي احتلال تقليدي، يحكم سيطرته على العقول قبل الأوطان، ويسرق الوعي قبل أن يهدم الجدران وأبرز أدوات هذا الاستعمار هي منصات التواصل الاجتماعي، وفي مقدمتها تيك توك، الذي لم يعد مجرد تطبيق ترفيهي، بل أصبح أخطر الأسلحة المستخدمة في تفكيك القيم، وهدم المبادئ، وإضعاف المجتمعات من الداخل.

إنه ليس منصة عشوائية، بل مشروع مدروس لإعادة برمجة وعي الأجيال، وتوجيهها بعيداُ عن الأخلاق والدين والانتماء. اللغة العربية تهمش، الهوية الإسلامية تطمس، والمبادئ الراسخة تستبدل بمفاهيم غريبة، فتنتج هذه المنصات أجيالاً بلا هوية، بلا مبادئ، بلا انتماء، مجرد نسخ مفرغة من القيم، سهلة الانقياد لأي فكر يفرض عليها.

إن أخطر ما في هذا الاستعمار أنه لا يفرض بالقوة، بل يتسلل في صمت، فيغزو العقول ويغير السلوك دون أن يدرك الضحايا حجم الخطر فنحن لا نواجه عدواً مرئياً يحمل السلاح، بل آلة إعلامية ضخمة تحارب العقيدة، تشوه الهوية، وتصنع أجيالاً ضعيفة، ترى الانحلال حرية، والتفاهة نجاحاً، والانقياد ثقافة.

فالرجال لم يعودوا رجالاً، والنساء فقدن دورهن في بناء الأجيال وانتشرت ثقافة اللامسوؤلية والتفاخر بالمظاهر الفارغة، وتحولت الرجولة إلى مجرد عدد متابعين بدلاً من قوة المواقف والإنجازات.

أما النساء، فقد وقعن في فخ الحرية المزيفة حيث باتت قيمتهن تقاس بالاستعراض والبحث عن القبول الرقمي، بدلاً من العلم والأخلاق أو دورهن في بناء الأسرة والمجتمع. أصبح الابتذال وسيلة للصعود، والانحلال عنوان النجاح، حتى فقدت الأسرة دورها في تربية أجيال واعية. لكن الكارثة الكبرى تتجلى في مصير الجيل الواعد، الذي كان أمل الأمة ومستقبلها. انهارت القيم الدينية، واختفت المبادئ العربية، وأصبح العلم بلا قيمة بعدما رأوا أن المال والشهرة تأتي من التفاهة والانحراف، لا من الاجتهاد والبناء. نحن اليوم مجتمع مستعمر فكرياً، تقاد عقولنا من خلف الشاشات، وتعاد برمجة أجيالنا دون مقاومة تذكر، الانقياد لا يطلب منك أن ترفع السلاح، بل أن تلهو، أن تفقد هويتك دون أن تشعر. إن أخطر ما قد يحدث لأي أمة هو أن تستيقظ يوما لتجد أن أبناءها لم يعودوا يشبهونها، أن ثقافتها اندثرت أن رجالها فقدوا الرجولة، ونساؤها تخلين عن الحياء، وأن جيلها الجديد أصبح نسخة مشوهة، صنعت بأياد أجنبية لا تريد لنا البقاء.

يا سادة، الوطن لا يحمى بالكلمات، ولا تبنى الأجيال بالصدفة، بل بالوعي والتحصين الفكري والتوجيه المسؤول نحن لا نطالب بإغلاق التطبيقات فقط، لأن المشكلة ليست في تيك توك وحده، بل في منظومة كاملة تستخدم لاستهداف مجتمعاتنا. الحل يبدأ من كل يد تربي وتوجه، من كل عقل يدرك أن هذه ليست مجرد "مرحلة"، بل حرب مفتوحة على وعي الأمة ومستقبلها.

الحكومات العربية اليوم أمام اختبار مصيري، فإما أن تتخذ موقفاً حازماً، وتفرض رقابة صارمة على المحتوى الذي يبث في فضائنا الرقمي، أو أن تشهد انهيار مجتمعاتها، دون أن تدرك متى وكيف حدث ذلك. فالأوطان لا تصان بالأمنيات، بل تحمى بالمواقف الحاسمة والإجراءات الفاعلة. وإن لم يتخذ الآن قراراً جادً، فلن نجد غداً رجالاً يدافعون عن أوطانهم، ولا نساءً يصنعن أجيالاً قوية وواعية، بل سنواجه مجتمعات هشة، مفككة عاجزة عن الصمود أمام أي تحد، لأننا أصبحنا مجتمعاً مستعمراً فكرياً، يقاد دون وعي نحو الانهيار. اللهم احفظ امتنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأزل عنها الغفلة، واعدها الى هويتها ودينها رداً جميلاً. ووفق قادتنا لاتخاذ القرارات الصائبة لحماية مجتمعاتنا. وأعز امتنا، واحمها من الدمار الفكري، يا ارحم الراحمين.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: الشعوب العالم الغربي احتلال العقول الحكومات العربية

إقرأ أيضاً:

لتحفيز العقول الوطنية.. إطلاق حملة «هاكاثون مكة الذكية»

أطلقت الهيئة الملكية لمدينة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة بالتعاون مع القطاعين العام والخاص، مبادرة "هاكاثون مكة الذكية"، بوصفها خطوة عملية لتحفيز العقول الوطنية، وتمكين المجتمع من رسم ملامح مستقبل المدينة تماشيًا مع رؤية المملكة 2030؛ لتحقيق الريادة في فضاء التقنية والذكاء الاصطناعي، وترجمة الحلول التي تنبض من واقع المجتمع إلى مبادرات ملموسة تُسهم في تحسين جودة الحياة للسكان والزوار.

وأوضحت الهيئة أن المبادرة تنطلق بعدة مسارات بداية من التوعية مرورًا بالتدريب، وصولًا إلى بناء حلول ذكية قابلة للتنفيذ على أرض الواقع، لتخدم سكان مكة المكرمة وزوارها على حدٍ سواء، إلى جانب تعزيز الأعمال المقدمة لضيوف الرحمن، وإثراء تجربتهم الثقافية والدينية بصورة ذكية تضع الأثر، وتكون جاذبة على مدار العام.

وبيّنت الهيئة أن "هاكاثون مكة الذكية" هذا العام 1447 هـ يُسلّط الضوء من خلال مساراته على عدة مجالات تعكس أولويات التنمية الحضرية في مدينة مكة المكرمة، كالتخطيط الحضري لتفتح المجال أمام حلولٍ تقنية ذكية تقلل من كلفة أدوات التخطيط التقليدية، والاستدامة لتحقيق جودة الحياة من خلال أفكار تعزز أنماط الحياة الصحية وتحافظ على الموارد لمستقبل واعد، وصولًا إلى النقل الذكي الذي يربط أحياء مكة بسلاسة في عملية ترسم ملامح الطرق وتسهل حركة المركبات خصوصًا في المواسم، إضافةً إلى تعزيز تجربة الزوار في قطاع الضيافة عبر ابتكارات رقمية ترتقي بالخدمة، وتُسهم في تحسين كل لحظة يعيشها ضيف الرحمن في الأراضي المقدسة.

وأكدت الهيئة الملكية أن الهاكاثون هو مساحة مفتوحة لتبني الأفكار القابلة للتنفيذ على أرض الواقع، وفرصة لربط التقنية باحتياجات المجتمع مواكبةً للتطورات التي يشهدها العالم في مجال الذكاء الاصطناعي وتقنية المعلومات، وتسريع التحول نحو مدينة أكثر فعالية، وأكثر قدرة على الاستجابة لمتطلبات المستقبل وإيجاد الحلول الذكية التي تتماشى مع النهضة العمرانية التي تشهدها العاصمة المقدسة.

وتحرص الهيئة مع شركائها من خلال تنفيذ الهاكاثون على إحياء نهج جديد في إشراك العقول المحلية، وإعطاء الشباب والمبتكرين فرصة لصناعة أثر حقيقي يضع مكة المكرمة في مصاف المدن المتقدمة عالميًا والتعاون مع شركاء ممولين ومنفذين وممكنين؛ لتعزيز التعاون المشترك والمستدام بمبادرات تُسهم في رسم خارطة المستقبل لمدينة مكة المكرمة.

أخبار السعوديةالهيئة الملكية لمدينة مكةمبادرة هاكاثون مكةقد يعجبك أيضاًNo stories found.

مقالات مشابهة

  • الورداني: الشائعة اختراع شيطاني وتعد من أمهات الكبائر التي تهدد استقرار الأوطان
  • عالم أزهري: القرآن قدم وصفة واضحة في 5 آيات لحماية الأوطان من الانهيار
  • محللون إسرائيليون: احتلال غزة مجرد تطلعات مجنونة لا يمكن تحقيقها
  • «ملكية مكة» تحفز العقول الوطنية تماشياً مع رؤية 2030
  • الأمير الذي نام طويلاً.. واستيقظت حوله الأسئلة
  • طعام غير متوقع يحمى القلب من أخطر الأمراض
  • موعد مباراة منتخب السلة الأولمبي أمام البحرين في البطولة العربية
  • لتحفيز العقول الوطنية.. إطلاق حملة «هاكاثون مكة الذكية»
  • حكم معاشرة الزوجة المتوفاة.. الإفتاء: فعل مقزز تأباه العقول.. ومن الكبائر
  • نزع العقول ..وعودة الوعي