اكتشاف أدوات من عظام الحيتان عمرُها 20 ألف عام
تاريخ النشر: 1st, June 2025 GMT
اكتشف علماء أن أدوات صيد صنعها الإنسان من عظام الحيتان تعود إلى 20 ألف عام، ما يعيد تأريخ استخدام هذه الموارد البحرية آلاف السنين إلى الوراء. ويكشف هذا الاكتشاف عن دور محوري للسواحل في حياة الإنسان القديم واعتماده على جثث الحيتان الجانحة لصناعة أدوات حيوية للبقاء. اعلان
في دراسة علمية نُشرت في Nature Communications بتاريخ 27 مايو 2025، حدّد باحثون عمرأقدم أدوات صنعها الإنسان من عظام الحيتان، وتبيّن أنها تعود إلى نحو 20,000 عام، أي قبل ما كان يُعتقد بآلاف السنين.
وتشير الأدلة إلى أن هذه الأدوات، التي صُنعت على هيئة رماح ونصال حادة تُستخدم للصيد، قد شكّلت موردًا بالغ الأهمية للإنسان القديم، الذي كان يعثر على جثث الحيتان بعد جنوحها إلى الشواطئ. ولم يكن يصطادها بالضرورة، بل كان يستفيد من عظامها الثقيلة والكثيفة لصنع أدوات صيد لحيوانات الرنة أو الثيران الضخمة.
ويقول الباحث الفرنسي جان-مارك بيتيّون من المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي، والمؤلف الرئيسي للدراسة: إن "معظم الأدوات المصنوعة من عظام الحيتانهي رؤوس رماح تُستخدم في الصيد، وهي شبيهة بتلك المصنوعة من قرون الوعل، وتحديدًا قرون الرنة في فرنسا، غير أن عظام الحيتان تتيح صناعة أدوات أكبر حجماً."
وأظهرت تحاليل العظام أنها تعود إلى حيتان من أنواع مختلفة، مثلالحوت الأزرق، وحوت الزعنفة، وحيتان العنبر. وقد عُثر على هذه الأدوات في مواقع بشرية قرب سواحل أمريكا الشمالية وأفريقيا والمناطق القطبية.
وتوضح المؤرخة البيئية فيكي سزابو، التي لم تشارك في البحث، أن أهمية السواحل في حياة الإنسان القديم لطالما كانت "أقل من حجمها الحقيقي"، لكنها تؤكد أن الاتجاه البحثي في العقدين الأخيرين يكشف مدى الاعتماد على موارد الشواطئ منذ عصور سحيقة.
Relatedايسلندا تعطي الضوء الأخضر لاستئناف صيد الحيتان بعد تعليق بدافع الرفق بالحيوانمصر: اكتشاف الحوت "توتسيتوس رياننسيس" أحد أقدم الحيتان في إفريقياقاع المحيطات: تأثير التعدين على الحياة البحرية؟ويضيف بيتيّون: "لقد أصبح من المؤكد أن الإنسان القديم لم يكتفِ بالصيد البري، بل جمع الأصداف البحرية وصاد الأسماك أيضاً. لكن العثور على هذه الأدلة بات أصعب بسبب ارتفاع مستويات البحار وتآكل السواحل."
هذا الكشف العلمي، الذي يُعيد تأريخ استخدام الإنسان لعظام الحيتان إلى الوراء بعشرة آلاف عام إضافية، يفتح نافذة جديدة على علاقة الإنسان بالمحيط، ويعيد صياغة تصوّرنا لدور السواحل والبحار في تشكيل أنماط البقاء والاستيطان البشري في عصور ما قبل التاريخ.
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثةالمصدر: euronews
كلمات دلالية: إسرائيل الصين الصراع الإسرائيلي الفلسطيني غزة قطاع غزة ضحايا إسرائيل الصين الصراع الإسرائيلي الفلسطيني غزة قطاع غزة ضحايا علوم آثار الصيد إسرائيل الصين الصراع الإسرائيلي الفلسطيني غزة قطاع غزة ضحايا إيران هجمات عسكرية سنغافورة سوريا قصف سرطان
إقرأ أيضاً:
الإجادة ليست عزفًا منفردًا
عباس المسكري
في عالم الإدارة، لا يُقاس النجاح الحقيقي بعدد الكلمات الرنانة، ولا بشهادات التقدير المُعلّقة على الجدران، بل يُقاس بما يتركه القائد من أثر في من حوله. فالإدارة، في جوهرها، هي فن صناعة الفرق وتشكيل الفارق. وإذا كانت القيادة بلا أتباع ناجحين، فهي أشبه بسفينة شراعية تبحر وحدها في عرض البحر، دون طاقم، ودون وجهة.
من هذا المنطلق، تستوقفنا أحيانًا مفارقات يصعب تبريرها، مثل أن يحصل مدير أو مدير عام على تقييم "ممتاز" في برنامج أداء وقياس مثل "إجادة"، بينما معظم موظفي إدارته يتراوح تقييمهم بين "ضعيف" و"جيد". فهنا يُطرح سؤال جوهري: ما قيمة إجادة المدير إذا لم تنعكس في أداء فريقه؟ وأين هو أثر القيادة إذا لم تظهر نتائجها في تطور وتقدّم من يقودهم؟
إن من أبرز أدوار المدير الناجح ليس فقط إدارة المهام وتحقيق الأرقام، بل بناء الإنسان المهني، وصقل مهارات فريقه، وتحفيزهم للوصول إلى أقصى طاقاتهم. فنجاح القائد الحقيقي لا يُقاس فقط بما ينجزه بيده، بل بما يستطيع أن ينجزه عبر الآخرين، وبما يزرعه فيهم من ثقة وكفاءة وروح عمل.
المدير الذي يكتفي بالتميّز الفردي دون أن ينعكس ذلك على منظومته، ربما ينجح كفرد، لكنه يفشل كقائد. فالقيادة مسؤولية جماعية في جوهرها، لا تقبل بالأنانية، ولا تُبرّر العزلة. وإن تميّز المدير يجب أن يكون مظلة تُظلّل موظفيه، لا سقفًا يعلوهم بلا أثر؛ بل إن أحد مؤشرات القائد الفاعل هو قدرته على تحويل الضعف إلى قوة، وتوجيه الموارد البشرية من حالة الأداء المتواضع إلى التميّز، عبر التوجيه، والمتابعة، والتدريب، والتمكين. أما إذا بقي الموظفون في مواقعهم الراكدة، رغم تميّز من يقودهم، فهنا يجب إعادة النظر في أدوات القياس، وفي مفهوم "الإجادة" ذاته.
كثيرٌ من أدوات التقييم تعتمد على تقارير مكتبية، ومؤشرات جامدة، وأرقام صامتة لا تُعبّر دائمًا عن الواقع. وقد يحصل المدير على تقييم مرتفع لأنه أنجز متطلبات شكلية، أو أتقن كتابة التقارير، بينما تغيب الجوانب الجوهرية، كالروح في فريق العمل، ومعدّلات التحفيز، ومدى شعور الموظف بأنه جزء من نجاح حقيقي، لا مجرّد رقم في جدول. وهنا تتّسع الفجوة بين التقييم الورقي، والتأثير الفعلي على الأرض.
ومن جهة أخرى، لا يمكن فصل القائد عن بيئة العمل التي يصنعها. والمدير الفعّال هو من يخلق بيئة يشعر فيها الموظف بالاحترام، والأمان الوظيفي، والرغبة في التعلّم والتطوّر. بيئة يشعر فيها الموظف أن صوته مسموع، وجهده مُقدّر، وخطأه فرصة للتعلّم لا للّوم. وهذه البيئة لا تُبنى بالأوامر، بل بالمثال الشخصي الذي يُقدّمه القائد، وبالعدل، والتواضع، والإنصاف في المعاملة.
من الضروري – إذن – أن تتحرر أدوات التقييم من نظرتها الضيّقة التي تقتصر على الإنجاز الفردي، لتتبنّى معيار الأثر الجماعي. فالقائد الناجح ليس من يعلو فوق فريقه، بل من يرتقي بهم. وعليه، فإن نجاح المدير لا يُستكمل إلا حين تنعكس تلك "الإجادة" في نضج موظفيه، وتقدّمهم، وتحسّن نتائجهم.
قائدٌ بلا أثر، كمن يسير في صحراء بلا رمال، خطواته لا تُرى، وتأثيره لا يُشعر. وإن بدا متقدمًا في الظاهر، فجوهر القيادة لا يكمن في الحضور الشكلي، ولا في تقييمات صامتة، بل في القدرة على صناعة أثر باقٍ في من حولك، وعلى تمكين الآخرين من الوقوف على أقدامهم بثقة وكفاءة. فالقائد الذي يمرّ دون أن يُغيّر، يُعد راعيًا لا قائدًا، وشاغل منصب لا صانع أثر.
وحين نمنح تقييم "ممتاز" لقائد، علينا أن ننظر خلفه: ماذا حقق فريقه؟ كيف تطور أداؤهم؟ كم موظفًا ألهم؟ كم موهبة اكتشف؟ وكم إنسانًا مكّنه من أن يثق في نفسه ويُحقق فرقًا؟
وأخيرًا... الإجادة ليست وسامًا يُعلّق على صدر المدير، بل مسؤولية تُترجم إلى تغيير، وتطوير، ونموّ في كل فرد يعمل تحت قيادته. وما لم يحدث ذلك، فكل تقييم يظل ناقصًا، مهما بدا لامعًا.