تفاصيل مجزرة المساعدات يرويها غزيون للجزيرة نت
تاريخ النشر: 1st, June 2025 GMT
غزة- تتنقل سيدة مكلومة بين جثامين الضحايا في مشرحة مجمع ناصر الطبي بمدينة خان يونس جنوب غربي غزة، باحثة عن بقية أفراد عائلتها الذين فرقتهم قذائف جيش الاحتلال أثناء محاولتهم الحصول على طرد غذائي في مركز لتوزيع المساعدات الإنسانية غرب مدينة رفح.
السيدة التي بالكاد كانت تلتقط أنفاسها من هول الصدمة، قالت للجزيرة نت إنها انتظرت منذ ساعات الليل، مع آلاف الفلسطينيين في منطقة "مواصي رفح"، إلى أن سمحت الشركة الأميركية المشرفة على توزيع المساعدات لهم بالتوجه إلى نقطة التسليم عند الساعة الخامسة والنصف فجر اليوم الأحد.
لكن ما إن تقدم الحشد المتلهف إلى المكان، حتى فتحت طائرات الاحتلال المُسيّرة نيرانها، تبعتها نيران القناصة والقذائف التي أطلقتها الدبابات، في مشهد دموي أسفر عن استشهاد عشرات الفلسطينيين وإصابة آخرين بجروح متفاوتة، في واحدة من أبشع المجازر التي تُرتكب تحت غطاء ما يُسمى "المساعدات الإنسانية".
مجزرة المساعداتالشاب فارس عبد الغني، الذي قطع أكثر من 25 كيلومترا من مدينة غزة باتجاه رفح بحثا عن الطعام، يروي للجزيرة نت تفاصيل ما جرى قائلا: "بعد ساعات من الانتظار، تحركنا في الطريق الذي حددته لنا الشركة الأميركية، وكان آلاف الجوعى محصورين في شارع واحد، ثم باغتتنا نيران الاحتلال من كل الاتجاهات".
إعلانوأضاف عبد الغني أنه سمع عبر مكبر صوت مثبت على رافعة تابعة لقوات الاحتلال صوت جندي يصرخ بالعبرية "غزاوي جعان.. برّا!"، قبل أن تطلق النيران بكثافة عليهم من الطائرات المروحية والدبابات والقناصة المنتشرين في مواقع محصنة.
ووصف ما جرى بـ"الكمين"، مشيرا إلى أن قوات الاحتلال منعت سيارات الإسعاف من الوصول إلى الموقع، مما اضطر الناجين إلى استخدام العربات التي تجرها الحيوانات، أو مركبات صغيرة أحضرها المواطنون لنقل المساعدات، في إخلاء الجثامين والمصابين.
ويقول أحد المسنين، وقد غلبته الدموع وهو يروي اللحظات العصيبة "ذهبنا لنحصل على لقمة العيش فوجدنا الموت.. هذه ليست مساعدات إنسانية، أميركا تدفعنا للموت بدل أن تطعمنا".
في مجمع ناصر الطبي، تملأ عشرات الإصابات أرضية المستشفى بعد أن امتلأت غرف العمليات بالحالات الحرجة، في وقت ناشد فيه المستشفى المواطنين في خان يونس التبرع بالدم، لإنقاذ الجرحى الذين أصيبوا في "مجازر المساعدات".
وفي صباح اليوم نفسه، فتحت قوات الاحتلال نيران رشاشاتها تجاه حشود فلسطينية تجمعت قرب جسر وادي غزة عند نقطة توزيع تُعرف بـ"نتساريم"، مما أسفر عن استشهاد مواطن وإصابة 30 آخرين.
وفي تصريح خاص للجزيرة نت، قال مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي بغزة إسماعيل الثوابتة، إن ما يحدث هو "ابتزاز جماعي منظم"، حيث تُستخدم المساعدات كأداة للحرب، وتُشرف عليها شركة أميركية-إسرائيلية بتنسيق كامل مع جيش الاحتلال، الذي ينصب كمائن القتل تحت غطاء "المناطق العازلة".
وأضاف الثوابتة أن هذا النموذج القاتل يحول نقاط توزيع الغذاء إلى مصائد موت جماعي، مشيرا إلى أنه منذ بدء توزيع المساعدات عبر تلك الشركة في 27 مايو/أيار، استشهد أكثر من 49 فلسطينيا وأصيب أكثر من 305، مما يدل على أن الغرض منها ليس الإغاثة بل فرض سيطرة أمنية عبر القتل الجماعي.
إعلان هندسة التجويعوتفرض إسرائيل حصارا شاملا على قطاع غزة منذ مطلع مارس/آذار الماضي، مانعة دخول المساعدات والمواد الغذائية لأكثر من مليوني فلسطيني، ولم تسمح بدخول بعض الشاحنات إلا بعد ضغوط أميركية في أعقاب إطلاق سراح الجندي الأميركي الإسرائيلي عيدان ألكسندر.
وفي 27 مايو/أيار الجاري، بدأت مؤسسة "غزة الإنسانية" الأميركية توزيع طرود غذائية بكميات محدودة من مركز أقامته غرب مدينة رفح، وأعلنت أنها ستقيم 4 مراكز أخرى وسط وجنوب القطاع. لكن المؤسسة لا تملك قواعد بيانات خاصة بالسكان، ولا تنسق مع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا) أو أي من المنظمات الدولية المعتمدة، مما تسبب في فوضى كبيرة بمواقع التوزيع.
وقال رئيس المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان رامي عبده، إن المجازر المرتكبة بحق الجوعى تؤكد أن إسرائيل تطبق "منظومة هندسة التجويع" عمليا، مستخدمة المساعدات كمصيدة لقتل الفلسطينيين، وليس لإطعامهم.
وأضاف عبده في حديثه للجزيرة نت "إسرائيل أرادت إيصال رسالة للفلسطينيين بأن رفضهم لمقترح ستيفن ويتكوف لا يعني فقط حجب المساعدات عنهم، بل قتل كل من يقترب من نقاط التوزيع".
واتهم عبده المجتمع الدولي والمؤسسات الإنسانية بـ"الاستسلام المعيب" للإرادة الإسرائيلية، محذرا من التعامل مع المجازر على أنها مجرد خلل إداري في آلية التوزيع.
وشدد على أن تولي جيش الاحتلال ملف المساعدات الإنسانية هو من أبرز مظاهر الفشل الإنساني الدولي، مؤكدا أن من يرتكب إبادة جماعية لا يمكن أن يكون مؤتمنا على تحسين أوضاع من يُفترض أنهم ضحاياه.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات للجزیرة نت
إقرأ أيضاً:
ارتفاع شهداء المساعدات بأكثر من 8 أضعاف خلال شهر مع بدء عمل “مؤسسة غزة الإنسانية”
#سواليف
كشفت مجلة إيكونوميست البريطانية عن تصاعد حاد في أعداد #الشهداء #الفلسطينيين قرب نقاط توزيع #المساعدات في قطاع #غزة، حيث ارتفع العدد بأكثر من ثمانية أضعاف بين شهري أيار/مايو وحزيران/يونيو الماضي، وذلك بالتزامن مع بدء نشاط ما تُعرف بـ” #مؤسسة_غزة_الإنسانية”، المدعومة والممولة من الولايات المتحدة.
ووفقًا لمشروع بيانات مواقع وأحداث النزاعات المسلحة، استُشهد نحو 800 فلسطيني خلال شهر حزيران وحده أثناء محاولتهم الحصول على مساعدات غذائية، في وقت وصفت فيه المجلة تلقي المساعدات في #غزة بأنه “أمر مميت”.
وأشارت المجلة إلى أن صور الأقمار الصناعية والخرائط تؤكد أن مراكز “مؤسسة غزة الإنسانية” الأربعة تقع داخل مناطق خاضعة لسيطرة #جيش_الاحتلال، وهي مناطق كان قد طُلب من المدنيين إخلاؤها سابقًا، ما يُحول نقاط المساعدات إلى #مصائد_موت مكشوفة.
مقالات ذات صلة وفاة طفلة بسبب الجوع في غزة 2025/07/29ومنذ أواخر أيار/مايو، تتولى هذه المؤسسة تنفيذ مشروع أمريكي-إسرائيلي يهدف إلى السيطرة على توزيع #الغذاء داخل #قطاع_غزة بدلًا من المؤسسات الدولية، التي رفضت المشاركة واعتبرته أداة لقتل الفلسطينيين وتهجيرهم وإذلالهم.
وزارة الصحة في غزة وثّقت استشهاد 1157 فلسطينيًا وإصابة أكثر من 7758 آخرين منذ بدء تنفيذ هذا المشروع، بفعل نيران جيش الاحتلال التي تستهدف المدنيين في نقاط توزيع المساعدات.
في سياق متصل، تقدّمت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا بشكوى إلى مكتب المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية، دعت فيها إلى فتح تحقيق عاجل في جرائم خطيرة منسوبة لمسؤولين في “مؤسسة غزة الإنسانية” وشركات أمنية متعاقدة معها، مؤكدة أن الجرائم المرتكبة تندرج تحت اختصاص المحكمة وتشمل جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، والمشاركة في جريمة الإبادة الجماعية.
وأرفقت المنظمة شكواها بأدلة تشمل صورًا وخرائط من الأقمار الصناعية، تُظهر أن مراكز توزيع المساعدات شُيّدت وفق تصميم يشبه القواعد العسكرية، بمداخل ضيقة تمتد لمسافات طويلة، تؤدي إلى مناطق اختناق تدريجي، حيث يتعرض المدنيون لإطلاق نار مباشر من جنود الاحتلال، وفي بعض الحالات تُطلق قذائف دبابات باتجاه الجموع.
وأكدت المنظمة أن ما يجري داخل وحول هذه المراكز موثق عبر شهادات ميدانية وتقارير إعلامية وأممية مستقلة، ما يُثبت أنها تحولت إلى أدوات قتل مُخطط لها، تُدار ضمن أجندات عسكرية تهدف إلى تجويع الفلسطينيين وتهجيرهم قسرًا.
وبحسب تقارير طبية محلية، بلغ عدد الشهداء نتيجة الجوع والجفاف الناتج عن الحصار الإسرائيلي وحرب الإبادة المدعومة أمريكيًا 147 شهيدًا، بينهم 88 طفلًا.
وأكدت المنظمة أن ما تُسمى “مؤسسة غزة الإنسانية” لعبت دورًا مباشرًا في منع دخول المساعدات الإنسانية التي تُقدّمها الأمم المتحدة، ما أدى إلى استشهاد المزيد من المدنيين بسبب نقص الغذاء والدواء، وتحول الجوع إلى تهديد فعلي لحياة عشرات الآلاف في قطاع غزة.
ومنذ مطلع مارس/آذار الماضي، تنصّل الاحتلال من اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى مع حركة “حماس”، الذي بدأ في 19 يناير/كانون الثاني، واستأنف الإبادة الجماعية، رافضًا كافة المبادرات الدولية لوقف العدوان.
ورغم تحذيرات أممية وفلسطينية من كارثة إنسانية غير مسبوقة، يواصل الاحتلال إغلاق معابر قطاع غزة أمام المساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية منذ الثاني من مارس/آذار، ضمن سياسة التجويع الممنهجة التي يستخدمها كسلاح ضد الفلسطينيين.
يُذكر أن الاحتلال يشن منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 حرب إبادة جماعية على غزة، تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، ضاربًا بعرض الحائط النداءات الدولية وأوامر محكمة العدل الدولية المطالبة بوقف العدوان. وأسفرت هذه الحرب، بدعم أميركي مباشر، عن أكثر من 204 آلاف شهيد وجريح فلسطيني، غالبيتهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى أكثر من عشرة آلاف مفقود، ومئات آلاف النازحين، ومجاعة أودت بحياة العديد من الفلسطينيين.