ما زال اليمن يرزح تحت وطأة موجة ثانية من تفشي وباء الكوليرا منذ أذار/مارس 2024؛ لكنه في الشهور الأخيرة يشهد تزايدًا لافتًا في الإصابة بالاسهالات المائية الحادة بما فيها الكوليرا، خاصة في عدن وتعز ومأرب وصنعاء وعمران والمحويت وحجة وأبين وغيرها من المحافظات، التي لم تصدر السلطات في كل منها إعلانًا دقيقًا بأرقام الحالات الحديثة، بفعل الخوف من رد الفعل الاجتماعي والسياسي؛ إلا أن تقارير دولية يتواتر تحذيرها من الإصابات المتزايدة؛ لكن بدون الإعلان عن مؤشراتها.

 

وقال مدير مركز الترصد الوبائي في عدن في تقارير إعلامية محلية، خلال أيار/مايو، إن مركز العزل الصحي الخاص بالكوليرا في مستشفى الصداقة التعليمي يستقبل يوميا ما لا يقل عن 30 إصابة. وأردف موضحًا أن بعض هذه الحالات تصل من مديريات محافظة عدن، بينما يأتي بعضها الآخر من المحافظات المجاورة مثل لحج وأبين والضالع.

 

وكان لانخفاض التمويل العالمي لخطة الاستجابة الإنسانية الأممية في اليمن، وخاصة خلال عامي 2024 و2025 دورا في تراجع أنشطة برامج المواجهة، علاوة على ما يعانيه القطاع الصحي في اليمن من انهيار نسبة كبيرة من مقوماته، نتيجة الحرب المستعرة هناك منذ عشر سنوات.

 

من أهم التحذيرات الدولية التي صدرت حديثًا، في هذا الاتجاه، ما أعلنت عنه لجنة الإنقاذ الدوليةـ في أيار/مايو الماضي، عقب اختتام استجابتها المنقذة للحياة من الكوليرا في اليمن. وحذرت اللجنة، في بيان، من أنه في حال عدم اتخاذ إجراءات عالمية ستظل البلاد معرضة بشكل خطير لأوبئة مستقبلية وأزمات صحية متفاقمة.

 

مفترق طرق حرج

 

في عام 2024 وحده، سجّل اليمن أكثر من 260 ألف حالة مشتبه بها، وأكثر من 870 حالة وفاة مرتبطة بالكوليرا. ويُمثل هذا العدد، طبقًا للبيان، 35 في المئة من إجمالي الإصابات العالمية، و18 في المئة من إجمالي الوفيات العالمية الناجمة عن الكوليرا.

 

وقال القائم بأعمال المدير القطري للجنة في اليمن أشعيا أوعولا: «في ظل محدودية التمويل وتزايد الاحتياجات الإنسانية، تقف استجابة اليمن للكوليرا عند مفترق طرق حرج. وبدون اتخاذ إجراءات عاجلة، ستُزهق المزيد من الأرواح، وقد تتفاقم الأزمة الصحية الهشة أصلاً وتخرج عن نطاق السيطرة. إن الاستثمار في أنظمة الصحة والمياه في اليمن الآن ليس مجرد واجب أخلاقي، بل هو أيضاً التزام بالاستقرار والصمود والكرامة الإنسانية على المدى الطويل. لقد أوضح اليمنيون احتياجاتهم بوضوح: إنهم لا يحتاجون إلى حلول مؤقتة، بل إلى دعم مستدام وهادف لإعادة بناء مستقبلهم».

 

وطبقًا لكبير مسؤولي الطوارئ الصحية والتغذية في اللجنة، عمرو صالح: «لا تزال الكوليرا قنبلة موقوتة في اليمن. من خلال مكافحتها، وصلنا إلى بعض أكثر المجتمعات تهميشًا في اليمن برعاية منقذة للحياة. لقد شهدنا ذلك بأم أعيننا».

 

وأكدت اللجنة أن الأسباب الجذرية لتفشي المرض ما زالت دون معالجة؛ فمحدودية الوصول إلى المياه النظيفة، وسوء الصرف الصحي، وسوء التغذية، وضعف النظام الصحي، لا تزال تُعرّض الملايين لخطر الإصابة بأمراض قاتلة.

 

في عام 2025، تتطلب خطة الاحتياجات الإنسانية والاستجابة 261 مليون دولار أمريكي لتوفير خدمات صحية مُنقذة للحياة لـ 10.6 مليون شخص، بينما هناك حاجة إلى 176 مليون دولار أمريكي لتوفير المياه النظيفة وخدمات الصرف الصحي لأكثر من ستة ملايين شخص.

 

حتى أيار/مايو 2025، لم يتجاوز تمويل قطاع الصحة 14 في المئة، بينما تجاوز تمويل قطاع المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية 7 في المئة بقليل. وبدون استثمار عاجل ـ تقول اللجنة – سيظل ملايين الأشخاص معرضين بشكل خطير لأمراض يمكن الوقاية منها، وستتفاقم دورة الطوارئ الصحية.

 

وكانت منظمة الصحة العالمية أكدت أن اليمن يتحمل العبء الأكبر من الكوليرا عالميًا. وقد عانى البلد من انتقال مستمر للكوليرا لسنوات عديدة، بما في ذلك أكبر تفشٍّ مُسجَّل في التاريخ الحديث – بين عامي 2017و2020.

 

وقالت في بيان: «يُلقي تفشي الأمراض المنقولة بالمياه، مثل الكوليرا والإسهال المائي الحاد، عبئًا إضافيًا على نظام صحي مُنهك أصلًا، ويواجه تفشيات أمراض متعددة. وتواجه منظمة الصحة العالمية والجهات الفاعلة الإنسانية ضغوطًا في جهودها لتلبية الاحتياجات المتزايدة بسبب النقص الحاد في التمويل».

 

في 27 نيسان/أبريل الماضي وقعت الرياض ولندن على اتفاق تمويل منظمة الصحة والعالمية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسيف» بمبلغ عشرة ملايين دولار، بواقع خمسة مليون دولار من كل بلد؛ لدعم برامج المنظمتين في مواجهة الكوليرا في أكثر المحافظات اليمنية تفشيًا. لكنها تبقى جهود محدودة لن تُحدث فرقا.

 

وسبق وحذر تقرير أممي من أن وباء الكوليرا سيستمر في الانتشار في حال لم يتم تأمين التمويل المطلوب من أجل «تعزيز عمليات مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها، ودعم أنشطة المياه والصرف الصحي، وجهود التواصل بشأن المخاطر المستدامة، وإشراك المجتمع لتحسين المعرفة العامة بتدابير الوقاية».

 

ما يشهده تفشي الكوليرا في اليمن يؤكد الحاجة إلى إجراءات عالمية عاجلة تلبي الاحتياجات المطلوبة من خلال تغطية التمويل المطلوب؛ بما يعزز من قدرات المواجهة وامكانات محاصرة الأوبئة التي تهدد حاضر اليمن ومستقبله.


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن الصحة كوليرا وباء الکولیرا فی ا فی الیمن فی المئة تفشی ا

إقرأ أيضاً:

صحة الخرطوم والدفاع المدني تبحثان مكافحة الكوليرا

أكد اللواء شرطة قرشي حسين عبد القادر مساعد المدير العام للشؤون الفنية والطوارئ المشاركة في غرفة الطوارئ بوزارة الصحة ولاية الخرطوم ومدهم بكل المعينات والكوادر المدربة للقضاء على مرض الكوليرا التى انتشرت مؤخرا بالولاية .من جانبه قآل اللواء شرطة دكتور المطري أحمد المطري مدير الدفاع المدني ولاية الخرطوم المكلف نحنُ جاهزين بالقوة البشرية المدربة والإمداد بالمياه المكلورة والتعقيمات لكل المناطق.وقال الدكتور منتصر مدير الطوارئ بوزارة الصحة إن وجود الدفاع المدني يقلل من عدد الوفيات ويساعد في عمل التعقيم كما عهدناهم.الدكتور محمد التجاني مدير الإدارة العامة للطوارئ ومكافحة الأوبئة أعلن ترحيبه بمشاركة الدفاع المدني بأن يقوم بمساعدة وزارة الصحة في مناطق امبدة وجنوب امدرمان.دكتور أحمد البشير مدير الإدارة العامة للطب العلاجي قال نثمن دور الدفاع المدني بولاية الخرطوم في نقل الجثامين وتعقيم الأماكن المحتاجة وإمكانية الاستفادة منهم في توفير المياه فى المناطق التى لم يكن بها مصادر مياه آمنة .هذا وقد حضر الاجتماع العقيد عبد الرحمن محمد حسن مدير الدفاع المدني محلية بحري.سونا إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • الأونروا في غزة: آلية توزيع المساعدات الإنسانية لا تلبي الاحتياجات وإمداداتنا جاهزة
  • الصحة تنظم ندوة لعرض نتائج دراسة الاحتياجات غير الملباة في تنظيم الأسرة لعام 2024
  • بعد تفشيها في السودان مجددا.. كيف تواجه الصحة تسلل الكوليرا؟
  • وزير الصحة بسنار يؤكد انحسار الكوليرا
  • استجابة عاجلة من «صحة سوهاج» لإنقاذ وعلاج الطفلة «جنا» ضحية العنف الأسري
  • صحة الخرطوم والدفاع المدني تبحثان مكافحة الكوليرا
  • رئيس البعثة الطبية الإندونيسية: «الصحة» السعودية تدعمنا وتسهل إجراءات الحفاظ على سلامة حجاجنا
  • جراء المنخفض الجوي.. محافظ الإسكندرية يصدر قرارات بحزمة إجراءات عاجلة
  • إجراءات فورية عاجلة للتعامل مع موجة الأمطار والموقف الحالى