محللون: مقترح ويتكوف يواجه الانهيار واتهامات له بالانحياز لإسرائيل
تاريخ النشر: 1st, June 2025 GMT
أثار إعلان المبعوث الأميركي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف أن رد حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على مقترحه لوقف إطلاق النار في غزة "غير مقبول بتاتا"؛ موجة ردود فعل متباينة بين الأطراف السياسية، في حين رأت الحكومة الإسرائيلية أن الرد يعيد الوضع إلى الوراء، وأكدت حماس أنها لم ترفض المقترح بل توافقت معه على صيغة قابلة للتفاوض.
وفي الوقت الذي حمّل فيه عضو المكتب السياسي لحركة حماس باسم نعيم الوسيط الأميركي مسؤولية الانحياز للطرف الإسرائيلي، شدد على أن الحركة تعاملت مع المقترحات "بإيجابية ومسؤولية عالية"، وتساءل عن سبب اعتبار الرد الإسرائيلي وحده أساسا لمواصلة التفاوض، واصفا ذلك بأنه "مخالف للنزاهة والعدالة في الوساطة، ويشكل انحيازا كاملا للطرف الآخر".
وخلال الأيام الماضية، قدم الوسيط الأميركي مقترحا لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، مقابل الإفراج عن عدد من الأسرى، تمهيدا لمفاوضات تفضي إلى آلية لإدخال المساعدات الإغاثية ووقف دائم لإطلاق النار.
ورغم أن حركة حماس وافقت عليه بداية، وأبلغت ردها للوسيط الأميركي، فإن إسرائيل رفضته وقدمت تصورا جديدا وتبناه ويتكوف وطالب حماس بالموافقة عليه، وهو ما باعد بين الطرفين وجعل مقترح إنهاء العدوان على غزة صعب التحقق.
إعلان
مقترح يوافق الرؤية الإسرائيلية
وفي تحليل خلفيات هذا التعثر، استطلع الجزيرة نت آراء عدد من المحللين السياسيين عن مآلات دور الوسيط الأميركي، وما مصير مقترحه، وهل يمثل ذلك انهيارا للمفاوضات أو أنها جولة ضمن جولات متعددة؟
وقد قال الباحث الأكاديمي والخبير في الشأن الإسرائيلي مهند مصطفى إن مقترح ويتكوف كان منذ البداية أقرب للموقف الإسرائيلي، موضحا أن إسرائيل وافقت عليه لأنه يضمن إطلاق سراح نصف الأسرى الإسرائيليين الأحياء، من دون تعهدات واضحة بوقف الحرب أو الانسحاب من المناطق التي احتلتها في غزة بعد انتهاك اتفاق وقف إطلاق النار في مارس/آذار الماضي.
ورأى مصطفى -في تصريحاته للجزيرة نت- أن هناك تناقضا جوهريا بين موقفي إسرائيل وحماس يغفله مقترح ويتكوف؛ فإسرائيل تصر على الإبقاء على منظومتها لتوزيع المساعدات في جنوب غزة، وهي منظومة تعد جزءا من العملية العسكرية، بينما لا يلتزم المقترح الأميركي بحصر إدخال المساعدات ضمن المسارات الدولية القانونية، وهو ما ترفضه حماس وتراه نقطة محورية في أي مفاوضات.
وأضاف الباحث في الشأن الإسرائيلي أن المقترح يعيد المشهد إلى اتفاق وقف إطلاق النار المؤقت، إذ قد تستأنف إسرائيل الحرب بعد هدنة مدتها 60 يوما إذا لم تفضِ المفاوضات إلى اتفاق يرضيها، "وهذه المرة بعد إعادة نصف الأسرى الإسرائيليين".
ورغم ذلك، أشار مصطفى إلى أن رفض حماس وضع إسرائيل في مأزق؛ فمواصلة العمليات العسكرية يكتنفها تحديات، منها عدم وجود إجماع داخلي ومخاوف الجيش من مقتل أسرى إسرائيليين، كما أن اتفاقا جزئيا كان هدف العملية منذ بدايتها للضغط على حماس للقبول بصفقة واحدة ثم استئناف الحرب.
انحياز الوسيط الأميركي
الموقف الأميركي من المفاوضات الأخيرة، تأرجح بين أكثر من صيغة، ورغم أن الصيغة الأولى تعد مقترحا أميركيا، فإنه عاد وتبنى الرؤية الإسرائيلية مرة ثانية، وهذا ما ذهب إليه المفكر العربي الفلسطيني منير شفيق.
إعلانإذ يقول -في تصريحات للجزيرة نت- إن انهيار مشروع ويتكوف سببه تراجع الوسيط الأميركي عن صيغته الأولى التي وافقت عليها حماس، ثم طرحه مشروعا يمليه عليه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
مشيرا إلى أنه "كان من الطبيعي أن تنهار المفاوضات"، مؤكدا أن ذلك يعزز فشل وساطة إدارة ترامب ويمثل ضربة لويتكوف وللرئيس الأميركي دونالد ترامب معا.
وحذر المفكر العربي من أن الانهيار سيعيد الزخم للحملة العالمية المناهضة للسياسات الإسرائيلية، خاصة في أوروبا وأميركا، منوها إلى أن الانقسام خرج إلى العلن داخل منظمات وشخصيات ذات ولاء صهيوني، "وهذا يحدث لأول مرة على هذا النطاق".
وانتقد شفيق استمرار الانحياز الأميركي، معتبرا أن "الوساطة الأميركية ستفشل لأنها غير حاسمة مع نتنياهو"، وأن ويتكوف "تواطأ بمشروعه الأخير"، مشددا على ضرورة العودة إلى وساطة قطرية ومصرية لتحقيق بعض التوازن.
وفيما يتعلق بطبيعة العملية التفاوضية وديناميات الوساطة، فإن الباحث والمحلل السياسي المقيم في أميركا أسامة أبو أرشيد يرى أن ما يحدث لا يُعدّ انهيارًا للمفاوضات بقدر ما يعكس تحديات جديدة أمام جولة تفاوضية متجددة.
وقال أبو أرشيد -في تصريحات للجزيرة نت- إن هناك نمطًا متكرّرًا يتمثل في طرح مقترحات أميركية توافق عليها المقاومة الفلسطينية، لكن إسرائيل ترفضها، فتعدل واشنطن موقفها لإرضاء تل أبيب، وهو ما نشهده في جولة المفاوضات الحالية.
وأوضح المتحدث نفسه أن تسلسل الاتفاق بدأ بمقترح قدمه ويتكوف في 25 مايو/أيار الماضي، ووافقت عليه حماس، ثم رفضته إسرائيل، ليتم لاحقًا تعديله في 31 من الشهر ذاته بما يلبي المطالب الإسرائيلية، فطلبت حماس تعديلات عليه، لتأتي الاتهامات لحماس بأنها المسؤولة عن العرقلة، وهو ما يتيح لإسرائيل "ضوءًا أخضر لمواصلة الهجمات وتشديد الحصار".
إعلانأما الباحث في الشؤون السياسية محمد غازي الجمل فقال إن المفاوضات تعرضت لنكسة واضحة، لكنها لم تنهر كليا، وأرجع ذلك إلى استمرار الرغبة الأميركية في الوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.
ورأى الجمل أن الخطوة التالية يجب أن تركز على إعادة التأكيد على مطالب حماس بإنهاء الحرب ورفع الحصار والسماح بسفر المرضى والفلسطينيين، وتبادل الأسرى، مبينا أن "استمرار الضغوط الدولية والرفض العالمي لتجويع غزة والمجازر يشكلان عامل ضغط على إسرائيل".
وأضاف أن عودة الإدارة الأميركية إلى موقفها الأصلي في التفاوض مع حماس قد تخلق فرصة جدية لإتمام اتفاق، لكن هذا المسار قد يحتاج إلى وقت، في حين تزداد معاناة الشعب الفلسطيني مع استمرار العدوان الإسرائيلي وجرائمه.
وتشن إسرائيل عدوانا على قطاع غزة من 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، راح ضحيته أكثر من 54 ألف شهيد ونحو 124 ألف إصابة، فضلا عن أعداد غير معلومة من المفقودين تحت ركام منازلهم أو في الشوارع ولا تستطيع فرق الدفاع المدني والإسعاف الوصول إليهم، حسب إحصاءات وزارة الصحة في غزة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الوسیط الأمیرکی إطلاق النار وهو ما
إقرأ أيضاً:
عراقجي يكشف كواليس الحرب مع إسرائيل و"محاولة اغتياله"
كشف وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، كواليس جديدة بشأن الحرب التي وقعت الشهر الماضي بين إيران وإسرائيل، وكيفية التوصل لوقف إطلاق النار، فضلا عن محاولة اغتياله.
ونقلت وكالة تسنيم الإيرانية عن عراقجي قوله إنه "أثناء الحرب، تم زرع قنبلة مقابل منزلي، واستُهدف المنزل المقابل، وقد تم القبض على المنفذين".
وتابع: "عدة مرات، حلقت طائرات مسيرة فوقنا خلال رحلاتنا إلى تركيا".
وبشأن وقف إطلاق النار مع إسرائيل، أوضح عراقجي: "في اليوم الثامن أو التاسع من الحرب، اتخذ المجلس الأعلى للأمن القومي قرارا استراتيجيا ينص على قبول وقف إطلاق النار غير المشروط في حال تقدم العدو بطلب رسمي بذلك. هذا القرار جاء من موقع قوة".
وتابع: "في الساعة الواحدة فجرا، تلقينا اتصالات تفيد بأن إسرائيل مستعدة لوقف إطلاق النار، وبعد تلقي هذا الطلب من عدة دول، أجريت بصفتي وزير الخارجية مشاورات مع سائر المؤسسات المعنية للتأكد من توافق الوضع مع القرار المذكور".
وأوضح: "بعد التأكد النهائي، تم الإعلان أن إيران مستعدة لوقف الحرب بشرط أن يوقف الطرف الآخر هجماته".
وقف إطلاق النار وسوء الفهم
وتطرق عراقجي إلى حادثة سوء الفهم بشأن توقيت وقف إطلاق النار، قائلا: "حدث لبس بيني وبين القوات المسلحة، إذ اعتقد الأصدقاء أن التوقيت المحدد هو الساعة الرابعة بتوقيت غرينتش، لذا استمر الهجوم حتى الساعة 7:30 بتوقيت طهران. وبعد الظهر، تم حل هذا اللبس عبر اتصال هاتفي".
وأضاف: "في مساء اليوم الأول من وقف إطلاق النار، زعمت إسرائيل أن إيران أطلقت صواريخ، وخرقت الاتفاق، فأرسلوا طائراتهم لشن غارات، على الفور، أرسلت رسالة إلى ويتكوف (المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف) مفادها أن إسرائيل تختلق الذرائع وتتهم إيران زيفا، ولم يحصل أي خرق، وإذا أقدمت على أي عمل، فسوف نرد فورا وبشدة أكبر من السابق".
وأوضح عراقجي: "بعدها رأيتم أن ترامب (الرئيس الأميركي دونالد ترامب) غرد وطلب من الطيارين العودة، وأوقف الهجوم الإسرائيلي، ما أظهر أن كل الأمور منذ البداية كانت منسقة مع الأميركيين".
وأضاف: "ظنت إسرائيل أن إيران ستنهار خلال أسبوع، لكن هذا لم يحدث. وفي غضون ساعات تم تعيين قادة ميدانيين".
اغتيال هنية
وبشأن اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران، قال عراقجي: "اغتيل هنية في وقت كان الرئيس مسعود بزشكيان قد أدى قسمه للتو، ولم تكن التشكيلة الوزارية قد اكتملت وعقد اجتماع ضم أعضاء المجلس الأعلى للأمن القومي والرئيس".
وتابع: "اتفق الجميع على ضرورة الرد، لكن كان هناك خلاف بين السياسيين والعسكريين بشأن توقيت وطريقة الهجوم. وتقرر في الاجتماع أن يتم الاستعداد للدفاع جيدا قبل تنفيذ أي عملية هجومية".
وأشار إلى أنه: "بعد اغتيال هنية، وعملية الوعد الصادق2، وسقوط نظام الحكم في سوريا، وانتخاب ترامب، اقتربنا 3 مرات من حافة الحرب لكن نجحت الدبلوماسية في منع اندلاع حرب شاملة".
وحول خداع إيران من خلال المفاوضات مع أميركا قبل الحرب مع إسرائيل، قال وزير الخارجية الإيراني: "لم نخسر شيئا من المفاوضات، بل ربحنا كثيرا، أهمها إثبات أحقيتنا أمام الشعب والمجتمع الدولي. من يقول إنه لولا التفاوض لما كانت هناك حرب؟ ربما الحرب كانت لتندلع أسرع".