الجزيرة:
2025-06-04@09:13:38 GMT

ليست حماس فقط.. إسرائيل تستهدف الجميع

تاريخ النشر: 2nd, June 2025 GMT

ليست حماس فقط.. إسرائيل تستهدف الجميع

"نريد تدمير ما تبقّى من القطاع.. حتى لا يبقى حجر على حجر.. سكان غزة سينتقلون إلى جنوب القطاع، ومن هناك إلى دولة ثالثة"، بهذه الكلمات يختصر وزير المالية الإسرائيلي أهداف الحرب بعد 19 شهرًا من الوحشية، والتجويع والقتل والتدمير الممنهج.

بعده بأيّام، في 21 مايو/ أيار، خرج رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، في إطلالة إعلامية مباشِرة، ليحدّد أهداف الحرب على غزة؛ بتسليم الأسرى، ونزع سلاح حماس، وخروج حماس من القطاع، ومن ثم تطبيق خطة ترامب التي تعني تهجير الفلسطينيين إلى خارج القطاع.

هذا يعني وبوضوح وعلى لسان أرفع مسؤول في الحكومة؛ أن إسرائيل المحتلة لا تريد الوصول لاتفاق لوقف إطلاق النار، وما المفاوضات الجارية في الدوحة والقاهرة، إلا شكل من أشكال إدارة الحرب، فبنيامين نتنياهو أكّد أنه لو تم تسليم الأسرى كإحدى نتائج المفاوضات مع حماس، فإن الحرب ستُستأنف بعد انتهاء الهدنة المؤقتة، حتى تحقيق أهداف الحرب المشار إليها.

موقف نتنياهو يعني استدامة الحرب، بأفق زمني يقترب من عقد الانتخابات الإسرائيلية في منتصف العام 2026.

وحتى يوفّر نتنياهو لنفسه غطاءً ودعمًا أميركيًا مستمرًا لهذه الحرب، فإنه أعلن استجابته لطلب أصدقاء إسرائيل في الكونغرس الأميركي، بإدخال مساعدات لتجنّب حدوث مجاعة في غزة، كما زعم، حتى يوفّروا له غطاء لكافة متطلبات الحرب السياسية والمادية لحسم المعركة في غزة.

إعلان

في هذا السياق، قام الاحتلال الإسرائيلي بإدخال 92 شاحنة، من أصل 45 ألف شاحنة يحتاجها قطاع غزة بشكل عاجل وتدفق مستمر لتجاوز المجاعة الناتجة عن الإغلاق التام والحصار المطبق لأكثر من 80 يومًا، ما دفع مفوضة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي كايا كالاس لوصف ذلك بأنه؛ قطرة في محيط الاحتياجات الإنسانية.

العبرة بالأفعال

واشنطن وإن بدت راغبة بوقف الحرب في قطاع غزة وصناعة السلام في المنطقة العربية، كما جاء على لسان الرئيس ترامب، إلا أن سلوكها لا يشي بذلك، بل يخلق شكوكًا حول مصداقية موقفها الداعي لوقف الحرب، التي تحوّلت إلى إبادة جماعية للفلسطينيين، فإسرائيل ما زالت تقتل بلا حدود، وتجوّع الفلسطينيين بلا حدود، وواشنطن- واقعيًا وعمليًا- تدعمها بلا حدود.

واشنطن إن كانت معنية بوقف الحرب، فهي تستطيع، بقرار سياسي حقيقي وليس إدارة إعلامية، فالرئيس الأميركي آيزنهاور وباتصال مباشر مع بريطانيا، وفرنسا، وإسرائيل، استطاع أن يوقف العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، ما أدّى لخروج بريطانيا، وفرنسا من قناة السويس، وانسحاب إسرائيل من سيناء وقطاع غزة.

الاتحاد الأوروبي والعديد من الدول الغربية- ولا سيّما بريطانيا، وفرنسا، وإسبانيا، وإيطاليا، والنرويج، وهولندا، وكندا وغيرها- دعوا رسميًا وعلى لسان أرفع المسؤولين بوقف الحرب وإدخال المساعدات فورًا وبلا قيود، وهدّدوا بمعاقبة إسرائيل على سلوكها، إن لم تستجب لدعواتهم.

هذا الموقف وإن جاء متأخرًا جدًا، شكّل نقلة نوعية في الخطاب، ولكنه في ذات الوقت أمام اختبار حقيقي، فالعبرة بالأفعال وليست بالأقوال.

يُشهَد للعديد من الشعوب الأوروبية وشرائح أميركية موقفهم التاريخي الرافض لحرب الإبادة والتطهير العرقي في غزة، بعد أن انكشف الاحتلال الإسرائيلي على حقيقته المتوحّشة، ما كان سببًا مهمًا لتغيير مواقف حكوماتهم المُحْرجة سياسيًا وأخلاقيًا أمام شعوبها التي يمكن أن تعاقبها عبر صناديق الاقتراع في أقرب الآجال.

إعلان

يبقى الحكم على مواقف الدول الغربية، التي لطالما ادّعت وزعمت حمايتها للقانون الدولي والإنساني، مرهونًا بخطواتها وإجراءاتها العملية ضد إسرائيل على شكل عقوبات تحول دون استمرار عدوانها على غزة، فالاتحاد الأوروبي أخذ ضد روسيا نحو 17 حُزمة من العقوبات المتراكمة للحيلولة دون استمرار حربها على أوكرانيا، وهذا يعدّ حجة على الاتحاد الأوروبي ومصداقيته، وهو المنظومة الأكثر شراكة تجاريًا وعسكريًا وثقافيًا مع إسرائيل المحتلة.

حماس ليست الهدف الأساس

إن كان الحديث عن الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي أساسيًا بحكم موقعهما الأكثر تأثيرًا على المنظومة الدولية وعلى إسرائيل بوجه خاص، فهذا الأمر لا يُعفي جامعة الدول العربية والدول العربية من مسؤوليتها الأخلاقية والقومية والسياسية، وهي الأكثر قربًا وتأثّرًا بتداعيات الأحداث الدامية في قطاع غزة، وهي الأكثر تأثيرًا على إسرائيل إذا أرادت استخدام أوراق قوّتها لوقف الإبادة الجماعية وتهجير الفلسطينيين من أرضهم.

الدول العربية باستطاعتها وقف التطبيع مع إسرائيل المحتلة، ووقف كافة الشراكات الاقتصادية والأمنية معها، وتفعيل المقاطعة الشاملة ضد الاحتلال، حتى وقف هذه المقتلة بحق الفلسطينيين والإنسانية، فالصمت يشجّع الاحتلال على ارتكاب المزيد من الحماقة والجنون الذي سيطال الجميع فلسطينيين وعربًا.

من نافلة القول، أن معركة إسرائيل ليست مع حركة حماس والمقاومة الفلسطينية بشكل أساس، وإنما مع الشعب الفلسطيني وتطلعاته الوطنية، ومع الأطفال والنساء والشباب الفلسطيني؛ فالاحتلال يعتقد أن الديمغرافيا الفلسطينية، والعنفوان الفلسطيني، والكفاءات العلمية الفلسطينية هي تحدٍ تاريخي له، فهم أصحاب الأرض الأصليون ويرفضون التخلّي عنها، وهذا ما كان طوال 77 سنة من الاحتلال القائم على القتل والتهجير.

إعلان

معركة إسرائيل مع الجميع وتستهدف فيها الجميع. فحركة حماس هي حلقة من حلقات النضال، وإن ذابت وفنت فلن يفنى النضال ولن تتراجع الثورة الفلسطينية عن التحرير والعودة لشعب قارب تعداده الـ 15 مليون نسمة، نصفهم داخل فلسطين، والنصف الآخر مهجّر يعيش أغلبه في دول الطوق العربي.

الناظر يرى مستوى وحشية الاحتلال، وكراهيته وانتقامه من المدنيين الفلسطينيين في غزة، فغالبية الشهداء من المدنيين، وثلث الشهداء البالغ عددهم نحو 54 ألفًا إلى اللحظة من الأطفال.

الاحتلال ومنذ الأشهر الأولى من هذه المعركة، سعى لتدمير الجامعات والمدارس؛ لأنها منبع التربية والمعرفة، كما سعى لقتل الأطباء والمهندسين والمعلمين والأكاديميين والصحفيين وموظفي القطاع العام ونشطاء المجتمع المدني؛ لأنه يرى فيهم عدوًا عنيدًا صلبًا في مواجهته كاحتلال فاشيّ متوحّش.

الاحتلال كان وما زال يرى في الفلسطيني عدوًا يجب التخلّص منه؛ فمن دمّر أكثر من 500 بلدة وقرية وهجّر ثلثي الشعب الفلسطيني في العام 1948، ما زال يعمل بنفس العقلية وعلى ذات النهج والسياسة.

إذا كان بعض العرب يرى في حركة حماس والمقاومة الفلسطينية طرفًا غير مرغوب فيه لخلفيتها الإسلامية، فهذا ليس مبرّرًا للصمت على قتل الأطفال، وتدمير معالم الحياة في قطاع غزة.

علاوة على ذلك فإن تهجير الفلسطينيين، سيُعيد ثِقل النضال الوطني من الداخل إلى الخارج، وهذا ليس في صالح الفلسطينيين والعرب على حد سواء، وفقًا لتجربة الثورة الفلسطينية؛ فإسرائيل تسعى لنقل أزمتها كاحتلال إلى الدول العربية، لتصبح المشكلة بين الفلسطينيين الساعين للتحرير والعودة، وبين الدول العربية التي ستكون في موقع الدفاع عن إسرائيل بحكم اتفاقيات التطبيع.

حركة حماس أحسنت لفلسطين وللدول العربية عندما نقلت النضال من الخارج إلى الداخل، ولم تتدخل في شؤون الدول العربية بذريعة مقاومة الاحتلال، وهذا يتطلب أقلّه دعمًا للفلسطينيين إن لم يكن وقوفًا مع حركة حماس والمقاومة الفلسطينية في وجه الاحتلال، الذي يشكّل خطرًا إستراتيجيًا على الأمة العربية كلها والإنسانية بأكملها، والذي بات اليوم واضحًا أكثر من أي وقت مضى.

إعلان

الواقع الكارثي الذي يعيشه الفلسطيني في قطاع غزة، وعلى شاكلته في الضفة الغربية والقدس، بسبب الاحتلال الإسرائيلي، يضع العرب والإنسانية أمام امتحان تاريخي؛ فالعالم إما أن يستمر في صمته المخجل ويخسر إنسانيته، وإما أن يتحرك لإنقاذ البشرية والتي أضحى أحد أهم عناوينها غزة.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الدول العربیة فی قطاع غزة حرکة حماس فی غزة

إقرأ أيضاً:

رئيس المخابرات التركية يناقش مع حماس مقترحات الهدنة وتبادل الأسرى

أجرى رئيس جهاز الاستخبارات التركي، إبراهيم قالن، اتصالًا هاتفيًا مع خليل الحية، نائب رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس"، لبحث آخر تطورات مفاوضات وقف إطلاق النار ومساعي إنهاء العدوان الإسرائيلي على القطاع المحاصر.

بحسب ما نقلته وكالة "الأناضول" الرسمية عن مصادر مطلعة، ناقش الطرفان تفاصيل العروض الجديدة التي قدمها المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف لحركة "حماس"، والتي تتضمن مقترحات لوقف مؤقت لإطلاق النار يترافق مع صفقة تبادل أسرى وضمانات لإيصال المساعدات الإنسانية.

وأكد قالن التزام تركيا بمواصلة التنسيق مع كل من قطر ومصر والولايات المتحدة، الداعمين لمسار التفاوض غير المباشر، والعمل على تحقيق تهدئة فورية، تضع حدًا للمأساة الإنسانية التي يعيشها نحو 2.3 مليون فلسطيني في قطاع غزة.

وشدد قالن خلال الاتصال على موقف بلاده الراسخ في دعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، والدعوة إلى رفع الحصار عن غزة، وضمان تدفق الإغاثة الطبية والغذائية للمدنيين، بما يشمل المناطق المنكوبة شمال القطاع.

من جهته، أكد خليل الحية أن "حماس" تتعامل بجدية مع المقترحات المقدّمة، لكنها متمسكة بمطالبها الأساسية، وعلى رأسها وقف شامل للعدوان، انسحاب قوات الاحتلال من غزة، وضمان عودة النازحين إلى منازلهم، إضافة إلى صفقة تبادل أسرى تُنهي معاناة مئات الفلسطينيين في سجون الاحتلال.


ويأتي هذا التحرك التركي في وقت تجاوزت فيه حصيلة الحرب الإسرائيلية على غزة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، أكثر من 50 ألف شهيد ونحو 140 ألف جريح، غالبيتهم من النساء والأطفال، وفق ما أعلنته وزارة الصحة في غزة.

كما يواصل الاحتلال الإسرائيلي عملياتها البرية في رفح، متجاهلةً قرارات محكمة العدل الدولية التي طالبتها بوقف العدوان الفوري.

يُذكر أن تركيا كثّفت اتصالاتها الدبلوماسية منذ اندلاع الحرب، حيث سبق أن استضافت مبعوثين من "حماس" عدة مرات في أنقرة، فيما لعبت أدوارًا خلف الكواليس لتقريب وجهات النظر بين الأطراف الإقليمية والدولية، في إطار دعمها المستمر لتحقيق تهدئة طويلة الأمد تنهي الحرب وتفتح الباب لإعادة الإعمار.


وكانت قوات الاحتلال قد ارتكبت سلسلة من المجازر المروعة في مناطق وأجزاء مختلفة في قطاع غزة، على وقع استعدادات بتوسيع العدوان، وتزامنا مع استمرار مجاعة طاحنة وغير مسبوقة، واستشهد 4 فلسطينيين بينهم طفلة وأصيب عشرات المواطنين، إثر قصف مدفعية الاحتلال خيام النازحين في منطقة مواصي خانيونس، جنوب قطاع غزة.

كما قصفت مدفعية الاحتلال المناطق الشرقية لمدينة غزة، فيما شنت الطائرات عدة غارات على المناطق الشمالية الغربية لمدينة خانيونس، ما تسبب في سقوط عدد من الجرحى.

مقالات مشابهة

  • المرصد الإعلامي لمنظمة التعاون الإسلامي لجرائم إسرائيل ضد الفلسطينيين يُسجل 3024 جريمة في أسبوع
  • حماس تثمن اعترافات المتحدث السابق باسم الخارجية الأمريكية عن جرائم الاحتلال
  • إسرائيل تلوّح باغتيال 4 شخصيات جديدة من "حماس"
  • مفاوضات غزة: إسرائيل تُقرّر عدم إرسال وفد تفاوضي إلى الدوحة
  • أمريكا وإسرائيل لا تريدان وقف الحرب.. وإذن؟
  • رئيس المخابرات التركية يناقش مع حماس مقترحات الهدنة وتبادل الأسرى
  • السفير الأمريكي في إسرائيل ينتقد موقف فرنسا بشأن الدولة الفلسطينية ويعتبره تدخلا غير مقبول
  • أبو الغيط: اجتماع اللجنة العربية مع القيادة الفلسطينية كشف مواقف جديدة وإيجابية
  • ‏السفير الأمريكي لدى إسرائيل: نرفض الخطط الفرنسية للاعتراف بالدولة الفلسطينية