الديمقراطيون حزب أعاد اليسار للواجهة في إسرائيل
تاريخ النشر: 3rd, June 2025 GMT
حزب سياسي في إسرائيل يقوده يائير غولان، النائب السابق لرئيس أركان الجيش وعضو الكنيست سابقا عن حزب "ميرتس". تأسس عام 2024، بعد اندماج "ميرتس" وحزب "العمل" في خطوة تهدف إلى "إعادة توحيد اليسار الليبرالي" في إسرائيل، و"تقديم بديل ديمقراطي تقدمي" في مواجهة سياسات الحكومة اليمينية بقيادة بنيامين نتنياهو، حسب ما أعلنه هذا الحزب في بيان التأسيس.
وقد نشأ "الديمقراطيون" في خضم احتجاجات شعبية واسعة ضد حكومة نتنياهو، مستفيدا من الغضب الشعبي تجاه السياسات القضائية والانقسامات العميقة التي خلفتها حرب الإبادة الجماعية في غزة، إذ حاول الحزب توظيف هذا الزخم الشعبي لبناء تحالف معارض واسع يجمع بين القوى الليبرالية والعلمانية ومختلف التعبيرات الاجتماعية الرافضة للنهج السياسي لنتنياهو الذي صدرت بحقه مذكرة اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية.
وبرز الحزب في المشهد السياسي الإسرائيلي بشكل لافت، بعدما وجه زعيمه غولان انتقادات شديدة اللهجة لسياسات الجيش في قطاع غزة، إذ صرح في 20 مايو/أيار 2025 -في مقابلة مع هيئة البث العامة الإسرائيلية– بأن "الدولة الطبيعية لا تتخذ قتل الأطفال هواية، ولا تخوض حربا ضد المدنيين، ولا تضع تهجير السكان هدفا" مما أثار موجة من الاستهجان داخل الأوساط الرسمية في دولة الاحتلال.
النشأة والتأسيستأسس "الديمقراطيون" في 30 يونيو/حزيران 2024، حين اندمج الحزبان اليساريان "ميرتس" و"العمل" في مبادرة وصفها قادة الحزبين بـ"التاريخية" وقالوا إنها انطلقت من "الإيمان بضرورة توحيد الصفوف لمواجهة صعود اليمين المتطرف، ورغبتهم في بناء بيت سياسي واسع لليبراليين الديمقراطيين في إسرائيل".
إعلانوقد شكل هذا الاندماج إعلانا لنهاية حزب "العمل" الذي قاد إسرائيل في أول 30 عاما بعد إعلان قيامها، وجاء في سياق تراجع كبير لنفوذ اليسار، وهو التراجع الذي بدا جليا في نتائج الانتخابات التشريعية لعام 2022، إذ حصل "العمل" على 4 مقاعد فقط، بينما لم يتمكن "ميرتس" من الحصول على "نسبة الحسم الانتخابي" أي الحد الأدنى المطلوب للحصول على تمثيل برلماني داخل الكنيست، والتي تبلغ 3.25% من مجمل أصوات الناخبين، حسب ما تنص عليه القوانين الانتخابية الإسرائيلية.
الفكر والأيديولوجيايتبنى الحزب خطابا ليبراليا ديمقراطيا، يعتمد على "القيم الصهيونية التقدمية" في مزج بين الإرث التاريخي لحزب العمل، الذي ارتبط تاريخيا بـ"الاشتراكية الديمقراطية" وبين الأفكار "الراديكالية" نسبيا لحزب ميرتس، التي تبدو واضحة في مواقفه من قضايا عدة، مثل حقوق الإنسان والمساواة بين الجنسين والفصل بين الدين والدولة.
أبرز ملامح المشروع السياسي للحزبتشكل هذه المنطلقات الفكرية ركيزة للمشروع السياسي الذي يتبناه "الديمقراطيون"، إذ يدعو الحزب إلى:
تعزيز "الديمقراطية الإسرائيلية" عبر مواجهة سياسات حكومة اليمين التي "تهدد المؤسسات القضائية والمدنية".
تبني "سياسات اجتماعية تقدمية" تدعم العدالة الاجتماعية وتقلص الفجوات الاقتصادية، مع التركيز على فئة الشباب والمهمشين.
وكذلك تبني "خطاب أمني نقدي" يرفض "التطرف القومي" لكنه لا يتخلى عن المرجعية الصهيونية التقليدية، كما يظهر في تصريحات "غولان" فهو من جهة ينتقد سياسة الاحتلال، ومن جهة أخرى يصف نفسه بـ"الصهيوني الديمقراطي".
ويعكس المشروع السياسي للحزب توجها اجتماعيا ديمقراطيا، ويتخذ من القيم الليبرالية والمبادئ الديمقراطية منطلقا. فقد عارض الحزب "الإصلاحات القضائية" التي أقرتها الحكومة عام 2023، مؤكدا ضرورة حماية استقلال القضاء، وضمان حقوق الأفراد والأقليات، واحترام مبدأ فصل السلطات.
إعلانوبخصوص موقفه من "الصراع الإسرائيلي الفلسطيني" يدعم الحزب "حل الدولتين" ويعارض السياسات الإسرائيلية في الضفة الغربية، وأكد زعيمه أن "السلطة الفلسطينية يجب أن تضطلع بدور مركزي في إدارة قطاع غزة بعد انتهاء الحرب" كما يعتبر إعادة بناء غزة "مصلحة إسرائيلية".
اقتصاديا، يدعو الحزب إلى تبني سياسات اقتصادية ذات طابع اجتماعي، تتمحور أساسا حول توفير السكن اللائق وتعزيز دولة الرفاه، وتقوية النقابات العمالية، ويعارض بشدة خصخصة القطاعات العامة، لا سيما الصحة والتعليم، كما يطالب بإلغاء "قانون الدولة القومية" الذي يعتبره "تمييزيا ضد غير اليهود".
إعادة اليسار للمشهدرغم حداثة عهده، تمكن "الديمقراطيون" من تحقيق إنجازات يعتبرها مهمة على الساحة السياسية، أعادت للأذهان حضور اليسار في المشهد السياسي الإسرائيلي، إذ استطاع توحيد القوى الليبرالية والتقدمية تحت مظلته بعد سنوات من التشتت والتيه.
كما نجح في استقطاب شرائح واسعة من النشطاء والحركات الاحتجاجية ضد سياسات الحكومة، مما منحه زخما شعبيا وإعلاميا لافتا.
وتظهر نتائج استطلاع للرأي أنجزه "المعهد الإسرائيلي للديمقراطية" مطلع عام 2025، ارتفاعا واضحا في نسبة التأييد للتيار اليساري، إذ ارتفعت من 7% قبل اندماج الحزبين إلى 13.4% بعده، مما يعكس تقدما ملحوظا في شعبية الحزب.
ويتوقع الاستطلاع أن يحصد "الديمقراطيون" ما بين 10 و12 مقعدا في الانتخابات المزمع تنظيمها في أكتوبر/تشرين الأول 2026، الأمر الذي قد يمثل قفزة نوعية مقارنة بنتائج الحزبين فترة ما قبل الاندماج.
غير أن هذه الشعبية سرعان ما تراجعت بعد موقف زعيمه غولان من الحرب على غزة واستنكاره لجرائم الجيش الإسرائيلي، وفق ما جاء في استطلاع للرأي نشرته صحيفة معاريف الإسرائيلية في 24 مايو/أيار 2025.
وساهم "الديمقراطيون" في إحياء النقاش حول قضايا المساواة والحريات المدنية بعد هيمنة اليمين على المشهد السياسي في إسرائيل، وذلك بفضل خطابه النقدي والجريء لسياسات الحكومة، وإن ظل متشبثا بالمرجعية الصهيونية في تعاطيه مع القضايا الأمنية والسياسية الكبرى.
إعلانالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات فی إسرائیل
إقرأ أيضاً:
محللون: لبنان يريد نزع سلاح حزب الله لكنه لا يضمن إسرائيل
لا تبدو الحكومة اللبنانية قادرة على نزع سلاح حزب الله في ظل غياب أي ضمانات بعدم تعرض البلاد لاعتداءات إسرائيلية جديدة، وهو ما يجعل احتمال العودة للتصعيد أمرا قائما خلال الفترة المقبلة.
فالولايات المتحدة التي لا تتوقف عن مطالبة لبنان بنزع سلاح الحزب، لا تقدم أي ضمانات بعدم وقوع اعتداءات إسرائيلية على لبنان، ولا تلزم الجانب الإسرائيلي بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه مسبقا.
ففي حين ترفض إسرائيل الانسحاب من المناطق التي دخلتها في جنوب لبنان خلال المواجهة الأخيرة، ولا تتوقف عن ضرب أهداف في الأراضي اللبنانية، أكد المبعوث الأميركي توم براك ضرورة تجريد حزب الله من سلاحه في أقرب وقت ممكن وطالب الحكومة بتنفيذ المطلوب بدل الاكتفاء بالكلام.
وقد أكدت الرئاسة اللبنانية أن البلاد تمر بمنعطف خطير يقتضي حصر السلاح بيد الدولة، وأنها على تواصل مع الحزب بشأن هذا الملف، لكنها قالت إنها تحرز تقدما بطيئا في هذا الملف.
في المقابل، أكد الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم، أنه لا مجال للحديث عن نزع السلاح قبل رحيل قوات الاحتلال عن الأراضي اللبنانية، وإلزام إسرائيل ببنود اتفاق وقف إطلاق النار المبرم نهاية العام الماضي. كما قال قيادي بالحزب إن الولايات المتحدة تحاول تجريد لبنان من قوته.
ومن المقرر أن تبدأ الحكومة اللبنانية بحث ملف نزع سلاح الحزب الثلاثاء المقبل، لكنّ هذا لا يعني بالضرورة عزمها المضي قدما في هذا الملف الذي سيجد إشكالية كبيرة في نقاشه، كما يقول الكاتب الصحفي نيقولا ناصيف.
ورغم عدم ممانعة رئيس مجلس النواب نبيه بري مناقشة نزع سلاح الحزب، فإن هذا لا يعني وجود توافق على هذا الأمر لأن الحكومة تتكون من 3 أطراف أحدها معتدل بينما الآخران لن يوافقا على هذه المسألة أبدا، وفق ما أكده ناصيف خلال مشاركته في برنامج "ما وراء الخبر".
إعلانالأمر الآخر المهم الذي تحدث عنه ناصيف، يتمثل في أن أعضاء الحكومة يعودون إلى انتماءاتهم السياسية فور خروجهم من مجلس الوزراء، مما يعني أن مناقشة نزع سلاح الحزب يأتي في إطار التزام حكومة نواف سلام، بما أقسمت عليه عند توليه مقاليد الأمور.
ولا يمكن لحزب الله ولا لحكومة لبنان القبول بنزع السلاح ما لم تحصل بيروت على ضمانات أميركية فرنسية والتزامات إسرائيلية واضحة بعدم وقوع أي اعتداءات مستقبلا، وهو أمر ترفضه الولايات المتحدة.
لذلك، فإن حكومة نواف سلام تتفهم مخاوف الحزب ولن تقبل بحصر السلاح في يد الدولة التي تعرف أنها لن تكون قادرة على حماية البلاد من أي عدوان مستقبلي ما لم تكن هناك ضمانات واضحة بهذا الشأن، برأي ناصيف، الذي قال إن التاريخ مليء بالدروس المتعلقة بالتعامل مع إسرائيل.
في الوقت نفسه، فإن هناك تطابقا كاملا بين موقفي حزب الله وحركة أمل فيما يتعلق بمسألة نزع السلاح، ولا يمكن الحديث عن خلاف جوهري بينهما في هذه المسألة.
وبناء على هذا التطابق، فإنه من غير المتوقع أن يقبل الطرفان بالقفز على اتفاق وقف إطلاق النار والمضي نحو نزع السلاح بينما لم تلتزم إسرائيل بما عليها من التزامات حتى اليوم، كما يقول الباحث السياسي حبيب فياض.
التصعيد خيار محتمل
وفي ظل هذا التباعد في المواقف، تبدو احتمالات التصعيد كبيرة لأن الأميركيين يريدون وضع لبنان بين خيارين كلاهما سيئ، فإما أن يستسلم لشروط إسرائيل وإما أن يُترك وحيدا لمواجهة مصيره ووقف كل المساعدات التي يعول عليها في إعادة الإعمار وبناء الاقتصاد.
وحتى لو قدمت الولايات المتحدة ضمانات مستقبلية، فإن حزب الله وحركة أمل لا يمكنهما القبول بتسليم السلاح وفق الشروط الأميركية الإسرائيلية وهو ما يعني -برأي فياض- إمكانية العودة للتصعيد الذي قد يصل في مرحلة ما إلى مواجهة شاملة.
في المقابل، يرى الباحث في الدراسات الإستراتيجية والأمن الدولي كينيث كاتزمان، أن الولايات المتحدة وإسرائيل لا تريدان محو حزب الله تماما كما هي الحال بالنسبة لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وإنما تريدان نزع سلاحه والسماح له بالانخراط في السياسة.
وتقوم وجهة النظر الأميركية في هذه المسألة، على إمكانية ترسيم الحدود البرية بين لبنان وإسرائيل وصولا إلى تطبيع محتمل للعلاقات مستقبلا، ومن ثم فإن إدارة دونالد ترامب -كما يقول كاتزمان- لا تصر على نزع سلاح الحزب اليوم أو غدا ولكنها تريده في النهاية لأنها تعتبره أداة إيرانية في المنطقة.
كما أن الفرق السياسية في لبنان نفسه ليست متفقة تماما مع الحزب حيث يعارضه بعضها ويتفق معه بعضها، وهو أمر يجعل مسألة تسليم سلاحه للدولة أمرا منطقيا، من وجهة النظر الأميركية.
لكن فياض يرى أن حديث كاتزمان عن التطبيع وخلاف اللبنانيين حول حزب الله "ينم عن عدم دراية بطبيعة الوضع في لبنان، الذي لن يطبع مع إسرائيل ولو طبعت كل الدول العربية"، مضيفا أن أقصى ما يمكن الوصول إليه هو العودة لهدنة 1949.
الموقف نفسه تقريبا تبناه ناصيف بقوله إن هناك 3 فرق لبنانية تتبنى مواقف مختلفة من حزب الله، حيث يريد فريق نزع سلاحه دون شروط، ويرفض فريق آخر الفكرة تماما، فيما يدعم فريق ثالث هذا المطلب لكنه يتفهم مخاوف الحزب.
إعلان