في تصعيدٍ يعد الأعنف منذ بدء الحرب على غزة، يتعرض القطاع لعمليات قصف وهدم ممنهجة تستهدف ما تبقى من الأحياء السكنية والبنية التحتية، من شماله إلى جنوبه، حيث تُنفذ آلة الحرب الإسرائيلية سياسة "الأرض المحروقة"، وسط استخدام لأساليب عسكرية جديدة، ودمار شامل طال كل زاوية في القطاع.

فمنذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 يعيش سكان قطاع غزة تحت وطأة عدوان يومي إسرائيلي، تُهدم وتُنسف خلاله المنازل الآمنة في لحظات، ويجبر الآلاف من المدنيين الأبرياء على النزوح من جديد.

View this post on Instagram

A post shared by ???????? عين على فلسطين | Eye on Palestine (@eye.on.palestine)

وقال جهاز الدفاع المدني الفلسطيني في غزة، الأحد الماضي، إن الاحتلال الإسرائيلي دمر خلال 48 ساعة نحو 70 منزلًا وبرجًا في القطاع، أغلبها في نطاق جغرافي مرتبط بشمال مدينة غزة أو شمالها الغربي أو المناطق الشمالية الشرقية للقطاع.

وكان رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي إيال زامير قد أوعز قبل يومين بتوسيع العملية العسكرية في قطاع غزة، لتشمل مناطق إضافية في شمال القطاع وجنوبه، في إطار الحرب المتواصلة على القطاع منذ 20 شهرًا.

View this post on Instagram

A post shared by ???????? عين على فلسطين | Eye on Palestine (@eye.on.palestine)

إعلان

وقد وثّقت مقاطع فيديو، انتشرت كالنار في الهشيم عبر منصات التواصل الاجتماعي، مشاهد استمرار الجيش الإسرائيلي في هدم المباني السكنية ونسفها، من خلال الاستعانة بشركات هندسية ومقاولات لتسريع الهدم في الأحياء السكنية شمال قطاع غزة، ضمن ما يُعرف بعملية "عربات جدعون"، وهو النموذج نفسه الذي نفّذ في تدمير أحياء مدينة رفح.

وقال مغردون إنه في غضون أسبوع ونصف، تم مسح قرية خزاعة، والقرارة، وعبسان الصغيرة عن الوجود، في حين تعرّض جزء كبير من عبسان الكبيرة لتدمير كامل بعد إطلاق عملية "عربات جدعون".

في غضون أسبوع ونصف، مُسحت خزاعة والقرارة وعبسان الصغيرة عن الوجود، وتعرض جزء كبير من عبسان الكبيرة للتدمير الكامل. وفي ثلاثة أيام فقط، سُوِّيت عشرات العمارات بالأرض في مدينة غزة. كل هذا الخراب كان يضم تحت سقوفه مئات الآلاف من الناس.

الجيش يستخدم حشودًا ضخمة من الآليات، العسكرية…

— Tamer | تامر (@tamerqdh) June 2, 2025

وأضافوا أنه في غضون 3 أيام فقط، سُوّيت عشرات العمارات بالأرض في مدينة غزة، في مشهد وصفوه "بالكارثي"، مؤكدين أن حجم الدمار تجاوز كل التوقعات.

ووصف مغرّدون الانفجارات الأخيرة بأنها "الأعنف منذ أسابيع"، مشيرين إلى أن الغارات المتواصلة في مدينة غزة، وشمال القطاع، وخان يونس، تتبع نفس نمط "نسف المنسوف"، في استهداف متكرر لما تبقى من الأبنية المدمّرة أصلًا.

واعتبر مغرّدون آخرون أن ما يحدث هو "مجزرة عمارات سكنية"، تهدف إلى دفع السكان إلى الشوارع، تمهيدا لفرض خيار التهجير القسري، ضمن سياسة "الأرض المحروقة" التي ينتهجها الاحتلال.

70 عمارة سكنية، دمّرتها طائرات الاحتلال في غزة خلال 48 ساعة فقط.

مجازر تُرتكب أمام مرأى العالم، وصمت دولي مُطبّع،
كأننا لسنا بشرًا، كأننا أرقام عابرة على الشاشات، تُعدّ ثم تُنسى!
لكن إن غابت عدالة الأرض، فعدالة السماء لا تغيب، وما من دمٍ يُسفك إلا وله موعد مع القصاص. pic.twitter.com/Hrg9KUUUGX

— Salah Safi ???????? صلاح صافي (@iSalahSafi) June 2, 2025

إعلان

ويرى ناشطون أن الاحتلال الإسرائيلي يُسارع في تدمير ما تبقى من الأبراج السكنية، خاصة في خان يونس، قبل أي اتفاق محتمل لوقف إطلاق النار، مشيرين إلى أن القصف طال البنية التحتية والمباني الحيوية، في عملية تهدف إلى مسح ما تبقى من المدينة.

واعتبر ناشطون أن الاحتلال معنيّ الآن بتدمير هذه الأبراج ويُمعن في ذلك، كونها تؤوي مئات العائلات التي يصبح الشارع مصيرها الحتمي، مما يدفعها إلى التهجير ومغادرة غزة وشمالها، لتحقيق هدف يسعى الاحتلال لتنفيذه، بينما يُشغل الجميع بملهاة الصفقات والتفاوض.

وقال ناشط "إن الاحتلال المجرم لا يتوقف عن استهداف البنايات والمنازل السكنية في مدينة غزة، بل يريد أن يمسح كل معالم الحياة في قطاع غزة".

هذا الاحتلال المجرم لا يتوقف عن استهداف البنايات والمنازل السكنية في مدينة غزة.. يريد أن يمسح كل معالم الحياة
الله يهدك يا إسرائيل pic.twitter.com/GQWd9NsjMu

— Khaled Safi ???????? خالد صافي (@KhaledSafi) June 1, 2025

وأشار عدد منهم إلى أن وتيرة تدمير المنازل تتزايد بشكل متسارع في خان يونس، إذ تسعى إسرائيل إلى تدمير المباني والبنية التحتية لما تبقى من المدينة بالكامل، قبل أي اتفاق محتمل لوقف إطلاق النار.

وانتشر فيديو تم تداوله، يظهر استعانة الجيش الإسرائيلي بمعدات هندسية وشركات مقاولات لتنفيذ عمليات الهدم المتسارعة، في إطار خطة شاملة لإزالة الأحياء السكنية في شمال القطاع ومدينة غزة ضمن عملية "عربات جدعون"، على غرار ما يجري من عملية مسح كاملة للأحياء في رفح.

وأفاد مدوّنون بأن بلدة خزاعة أصبحت منطقة منكوبة بالكامل، نتيجة الاستهداف المباشر والمستمر الذي طال كل مكونات الحياة فيها، من المنازل، والشوارع، وحتى المخيمات المؤقتة، قائلين إن "حجم الدمار فاق كل التقديرات، وجعلها غير صالحة للسكن بعد تدميرها بشكل كامل".

هذه بلدتي خزاعة مسقط رأسي و الأجمل في ريف شرق خانيونس ، دمرها الاحتلال و جعلها أثرا بعد عين، لم يبقي اي معالم لها ، دمر كل شيئ الحجر و الشجر و الشوراع حتى الخيام ، مشهد يترك غصة في القلب ، كيف لا و هي ارضنا بلدتنا شق ارواحنا.
اللهم انت حسبنا و نعم الوكيل #غزة_تُباد pic.twitter.com/WjUd4SH1XH

— يا ثورة????????????غزة(????) (@tawra2001) May 28, 2025

إعلان

وأشار آخرون إلى أن الطائرات الإسرائيلية استخدمت أنواعًا من القنابل الثقيلة للمرة الثانية خلال أسابيع، تسببت في تدمير مربعات سكنية بأكملها، وأحدثت اهتزازات أرضية شعر بها سكان مناطق مجاورة.

يا الله انفجارات عنيفة وكأنها زلازل تهز مدينة غزة الآن، أهوال يوم القيامة ..
رحمتك يارب

— إسراء العرعير| غزة (@esragaza) June 1, 2025

ومنذ مطلع مايو/أيار الماضي أطلق الجيش الإسرائيلي عملية عسكرية تحت اسم "عربات جدعون"، معلنًا أنها تهدف إلى تحقيق الغايات المعلنة للحرب في قطاع غزة، وخاصة استعادة الأسرى و"إسقاط حكم حركة حماس عسكريًا وسياسيا".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الحج حريات فی مدینة غزة عربات جدعون ما تبقى من قطاع غزة إلى أن

إقرأ أيضاً:

محاولة لطمس الهوية.. إصرار إسرائيلي على تدمير معالم جنوب لبنان الأثرية

جنوب لبنان في موازاة الحرب العسكرية التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على جنوب لبنان، هناك عملية تخريب ممنهج للإرث الإنساني والحضاري والثقافي طالت عشرات المواقع والمباني التاريخية والدينية التي تحوّلت إلى ركام.

فلم يكن خرق جيش الاحتلال الإسرائيلي للخط الأزرق بين لبنان والأراضي الفلسطينية المحتلة حدثا عابرا، فقد نفّذ جنود الاحتلال عمليات تخريب مقصودة بحق عدد من الأماكن الأثرية والتاريخية، التي قل نظيرها في العالم، وتحميها المواثيق الدولية.

ودمر جنود الاحتلال منطقة بئر النبي شعيب في بلدة بليدا الحدودية في قضاء مرجعيون، وجرّفوا أحواض المياه التاريخية والساحة والطريق المؤدي للآبار.

يعيدنا هذا السلوك الإجرامي بالذاكرة إلى الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان، حيث تعمّد الاحتلال تدمير الشوارع والأسواق والحارات التراثيّة، إضافة إلى استهداف عدة أماكن أثرية مصنفة ومحمية من قِبل المنظمة العالمية للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو"، دون الاكتراث بالمواثيق الدولية التي تحمي الأماكن التاريخية والأثرية.

الحارة التراثية في بلدة بليدا تم جرفها بالكامل من قِبل جيش الاحتلال الإسرائيلي (الجزيرة) استهداف لتاريخ المنطقة

يروي طرّاف طرّاف ابن بلدة بليدا، والذي تجاوز عمره 80 عاما، كيف عاد إلى بلدته بعد انتهاء الحرب، ليجدها مدمّرة بنسبة كبيرة، وأن أكثر ما آلمه مشهد المسجد التاريخي في البلدة، الذي جرفه الاحتلال مع الحارة التراثية التي كانت تضم عشرات البيوت الصخرية القديمة.

إعلان

يتحدث طرّاف للجزيرة نت عن التاريخ العريق لبلدة بليدا، التي تضم 365 بئرا من المياه، منها ما طُمر مع الزمن، ومنها ما هو موجود حتى اليوم، مؤكدا أن هذه الآبار لا يمكن تقدير عمرها الزمني، إلا أن بعض المؤرخين أشاروا إلى أنها كانت منذ أن كان ملوك الأبجدية (الفينيقيين) الذين سكنوا المنطقة.

ويقول طرّاف إن الآبار محفورة في الصخر بطريقة عجيبة، تجعلنا نتساءل عن نوع الأدوات التي استُخدمت بالحفر، مشيرا إلى أن هذه الآبار لم تكن فقط للري بل كان بعضها يُستَخدم كخزان للزيوت والمنتجات الزراعية في ذلك الوقت.

مئذنة مقام النبي محيبيب سويّت بالأرض نتيجة التفجير الذي طال المقام (الجزيرة) مسجد البلدة

أما مبنى مسجد البلدة في بليدا فله قصته، فهو مبنى قديم يزيد عمره عن 2000 عام، كان في البداية حصنا عسكريا، ومن بعدها تحوّل إلى معبد تعاقبت عليه الديانات التي وصلت إلى منطقة جنوب لبنان، إلى أن أصبح مسجدا مع الوقت.

ويؤكد مختار بليدا علي إبراهيم، في حديث للجزيرة نت، أن المسجد الأثري في البلدة زارته لجنة آثار لبنانية-سورية وقدرت عمر البناء، وذكرت أنه بالأساس كان حصنا عسكريا، من خلال النقوش الموجودة فيه، وكذلك من خلال المراصد ونقاط الحراسة التي كانت على أسواره.

ويذكر إبراهيم أنه في العام 1948، حاولت إسرائيل هدم المسجد عبر تفجير عموده الغربي إلا أنه لم يسقط، لكن الأهالي عادوا ورمموه من جديد من خلال بناء عامود خرساني، وبعد تحرير منطقة الشريط الحدودي عام 2000 من الاحتلال الإسرائيلي، خضع المسجد لصيانة كاملة.

ويضيف أن جنود الاحتلال دمروا المسجد بالكامل خلال العدوان الأخير، وجُرفت كل البيوت المحيطة به ولم يبقَ منها شيء.

وعن هذا المسجد يتحدث طراف مؤكدا أن نقوشا متنوعة كانت تزيّن جدرانه، وكانت ترمز إلى الحضارات التي تعاقبت عليه، "كان تحفة فنية، إلا أن جنود الاحتلال أصروا على تدميره مع كل الحارة التراثية، منظر المسجد وهو مدمر يفطر القلب".

مقام النبي محيبيب التاريخي في الجنوب اللبناني نُسِف بالكامل في حين لا تزال آثار قبّته ظاهرة (الجزيرة) مقام بنيامين

وفي بلدة محيبيب قضاء مرجعيون، يقع مقام النبي محيبيب (بنيامين) ابن النبي يعقوب، وفق ما يعتقد، وكان هذا المقام مقصدا للسياح وللبنانيين من كافة المناطق.

إعلان

لم تسلم هذه البلدة الوادعة هي الأخرى من همجية الاحتلال، فعمد الجيش الإسرائيلي على نسفها بالكامل، وسوى بيوتها مع المقام بالأرض، وقد وثق فعلته بشريط فيديو نشره بتاريخ 16 أكتوبر/تشرين الأول 2024.

ويتحدث ابن البلدة شكيب جابر للجزيرة نت عن ذكرياته في بلدته، التي ارتبطت نشأتها بوجود المقام، وسُمّيت باسمه، وكان هذا المقام مقصدا للزوّار من مختلف المناطق اللبنانية، ما ساهم في تحسين وضع البلدة اقتصاديا واجتماعيا، إلا أن إسرائيل في حربها الأخيرة على لبنان دمرت البلدة والمقام بالكامل، وهُجّر أهلها ولم يرجعوا حتى اليوم.

قبر النبي محيبيب لا يزال موجودا رغم تفجير المقام من قِبل جنود الاحتلال الإسرائيلي (الجزيرة) تدمير ممنهج

يشير طرّاف إلى أن هذه الاستهدافات لبليدا ولكل منطقة الجنوب يهدف الاحتلال من خلالها إلى تغيير معالم المنطقة والعبث بتاريخها وطمسه، لأن هذه المعالم الأثرية تثبت أن أهلها الجنوبيّين موجودون عليها قبل كيانه بآلاف الأعوام، داعيا وزارة الثقافة للعمل على إعادة إعمار ما دمره الاحتلال، من أجل الحفاظ على هوية المنطقة وتاريخها العريق.

أما جابر فيرى أن استهداف الاحتلال لهذه المعالم التاريخية يندرج ضمن سياسته، التي تهدف إلى قتل كل مظاهر الحياة في المنطقة الجنوبية، "فهذه المعالم كانت مقصدا للمواطنين والسياح، وحولت المنطقة إلى نقطة جذب مهمة"، حسب وصفه.

ويؤكد مدير المواقع الأثرية في جنوب لبنان بوزارة الثقافة علي بدوي، في حديث للجزيرة نت، أن عشرات المواقع الأثرية والتراثية دُمرت أو تضررت خلال الحرب الإسرائيلية على لبنان عامة وعلى الجنوب بشكل خاص.

ويتابع أن معظم التراث العمراني والديني في المنطقة تعرّض للضرر خلال الحرب، ومن أبرز هذه المواقع مقام النبي شمع، الذي حدث فيه اشتباك عسكري حين أحضر جيش الاحتلال عالم آثار إسرائيلي داخل المقام من أجل أهداف دعائية، وتم استهداف قلعة تبنين، وتعرضت أسوارها للقصف، وكذلك قلعة الشقيف.

إعلان

ويضيف بدوي أن من جملة ما تم استهدافه مسجد بليدا، ومقام محبيب، وكنيسة دردغيا، وكنيسة يارون، ومساجد وكنائس أخرى، وكذلك تضررت الأحياء القديمة، فعدة قرى مثل صفد والقوزح، وبعضها تم جرفها بالكامل.

وردا على العدوان الإسرائيلي، عملت وزارة الثقافة اللبنانية على إيجاد ورقة ضغط ورفع مستوى الحماية القانونية لهذه المواقع، وبالفعل تمكّنت الوزارة من إدخال 34 موقعا أثريا إلى لائحة الحماية المعززة لليونسكو، استنادا للاتفاقيات الدولية لحماية المواقع أثناء الصراعات المسلحة، رغم علم الوزارة بأن هذه الحماية قد لا تكون كافية، فبعض المواقع تعرّضت للضرر حتى بعد إعلانها كمواقع محمية.

وشدد بدوي على ضرورة تأمين الموارد المالية اللازمة لإعادة بناء ما تم تدميره من أجل الحفاظ على هوية المنطقة، وإحياء الذاكرة الجماعية بإعادة المناطق التاريخية والأثرية إلى ما كانت عليه قبل الحرب.

مقالات مشابهة

  • محاولة لطمس الهوية.. إصرار إسرائيلي على تدمير معالم جنوب لبنان الأثرية
  • ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة إلى أكثر من 54 ألف شهيد
  • شهداء في غزة بينهم أطفال ورئيس الأركان الإسرائيلي: لم نصل للنهاية
  • وصول الدفعة الأولى من أهالي مدينة طيبة الإمام بحماة المقيمين في الشمال
  • استشهاد سبعة فلسطينيين في قصف الاحتلال لمخيم نازحين غرب مدينة غزة
  • الجيش الإسرائيلي اعترف بقتلهم.. الموت جوعا يتكرر في غزة
  • غزة بين عربات جدعون وحجارة داود: معركة الرمز والمرجعية
  • 7 أسئلة تشرح لماذا تمعن إسرائيل بنسف المباني السكنية بغزة؟
  • تدمير مخيمات اللاجئين السودانيين في مدينة «سبها» الليبية