ذكرى جريمة تفجير مسجد دار الرئاسة.. اغتيال الوطن الذي لا يُنسى
تاريخ النشر: 3rd, June 2025 GMT
في الثالث من يونيو/حزيران 2011، شهد اليمن واحدة من أبشع الجرائم في تاريخه الحديث، جريمة لم تستهدف فقط أشخاصاً، بل استهدفت كيان الوطن بأكمله.
تمثلت هذه الجريمة بتفجير مسجد دار الرئاسة في صنعاء، والذي كان يُصلي فيه الرئيس علي عبد الله صالح وكبار قيادات الدولة، لم يكن مجرد عمل إرهابي، بل كان محطة مفصلية في مسار اليمن نحو الانهيار.
وبعد مرور 14 عاماً على هذه الجريمة، تبقى أسئلة معلقة: من كان وراءها؟ ولماذا لم تُقدَّم العدالة للضحايا؟ وكيف شكلت هذه الجريمة مصير اليمن؟
وبالنظر إلى تفاصيل الجريمة والحدث الدامي ففي تاريخ: 3 يونيو 2011 (أول جمعة من شهر رجب)، وقع تفجير مسجد دار الرئاسة في صنعاء، أثناء أداء صلاة الجمعة، خلف 13 شهيداً من كبار قيادات الدولة، بينهم رئيس مجلس الشورى عبد العزيز عبد الغني، و200 جريح، بينهم الرئيس الزعيم علي عبد الله صالح، ورئيس الوزراء علي محمد مجور، ورئيس مجلس النواب يحيى الراعي.
وحينها أدان مجلس الأمن الدولي الهجوم ووصفه بـ"الجريمة الإرهابية"، كما صنّفت الجهات اليمنية الجريمة كـ"جريمة القرن"، لاستهدافها رموز الدولة والشرعية الدستورية.
الأطراف المتهمة والأجندة الخفية
وتتهم التحقيقات اليمنية التي أجريت تحالف الإرهاب وقتها بين جماعة الإخوان المسلمين والحوثيين بتنفيذ الهجوم، بهدف معلن وهو إسقاط النظام الجمهوري وإضعاف الدولة لتمهيد السيطرة لاحقاً.
وجاء التفجير في ذروة أحداث ما سمي حينها بـ"الربيع العربي"، حيث حاولت جماعات الإسلام السياسي استغلال الأوضاع لإسقاط النظام.
وكشفت وثائق لاحقة عن تعاون خفي بين الحوثيين والإخوان، تجلّى لاحقاً في صفقات تبادل أسرى عام 2019، حيث أفرج الحوثيون عن متهمين بالجريمة وسلموهم لقيادات إخوانية.
تداعيات الجريمة
وبعد هذه الجريمة دخل اليمن في حالة من الانهيار ثم إلى الحرب وانهارت مؤسسات الدولة وضعفت الشرعية الدستورية، مما مهّد لتصاعد نفوذ الحوثيين الذين انقلبوا لاحقاً في 2014.
يقول مراقبون سياسيون، إن جريمة تفجير مسجد دار الرئاسة تعد الشرارة الأولى للحرب اليمنية، حيث تحوّل الصراع من أزمة سياسية إلى حرب دموية تدخلت فيها دول إقليمية.
محاولة الإفلات من العقاب
ورغم مرور 14 عاماً، لم يُحاسب أي من المتورطين، مما يعكس ضعف المحاسبة الدولية في قضايا الإرهاب.
وتبقى الجريمة جرحاً مفتوحاً في ذاكرة اليمنيين، ورمزاً لخيانة الداخل والخارج.
ويتساءل المراقبون السياسيون هل من عدالة؟
اليوم، بينما يعيش اليمن أسوأ أزماته الإنسانية، يبرز تفجير مسجد دار الرئاسة كجريمة لم تُحاسب، لكنها لا تُنسى، إنها جريمة لم تُقتل فيها أرواح فقط، بل قُتل حلم اليمن المستقر والسؤال الذي ينتظر الإجابة: هل سيأتي يوم يحاسب فيه القتلة، أم ستبقى الجريمة جرحاً ينزف إلى الأبد؟
المصدر: وكالة خبر للأنباء
كلمات دلالية: هذه الجریمة
إقرأ أيضاً:
مسجد نمرة.. منبر عرفات الذي بني في مكان خطبة الوداع
في قلب المشاعر المقدسة، وتحديدًا على مشارف سهل عرفة، ينتصب مسجد نمرة شامخًا كأحد أبرز المعالم الدينية والتاريخية المرتبطة بموسم الحج، وواحد من أهم المساجد في العالم الإسلامي. فهو ليس مجرد مسجد تؤدى فيه الصلوات، بل يحمل في جدرانه عبق التاريخ وقدسية المكان، ويُعد رمزًا لخطبة يوم عرفات التي يلقيها إمام الحجاج في الركن الأعظم من مناسك الحج.
يرتبط مسجد نمرة ارتباطًا وثيقًا بذكرى خطبة الوداع التي ألقاها النبي الكريم (ص) في حجته الوحيدة، حيث خُطب في هذا الموضع الشريف، ما أكسب المسجد أهمية خاصة وجعل منه منبرًا سنويًا للوعظ والإرشاد خلال أعظم أيام السنة الإسلامية.
تعود أصول المسجد إلى القرن الثاني الهجري، وقد مر بمراحل عدة من التوسعة والتجديد، حتى أصبح اليوم من أكبر مساجد المملكة، وثاني أكبر مسجد من حيث المساحة بعد المسجد الحرام.
يقع مسجد نمرة في الجانب الغربي من مشعر عرفات، ويتميز بأن جزءا منه داخل حدود مشعر وعرفات وجزء آخر ما يجعل الصلاة فيه خلال يوم عرفات ذات أهمية فقهية خاصة، حيث يُحرص على أن يُقام الخطيب والمصلون في الجزء الواقع داخل عرفات.
ويؤدي الحجاج في هذا المسجد صلاتي الظهر والعصر جمعًا وقصرًا، اتباعًا لسنة النبي الكريم (ص)، وذلك بعد الاستماع إلى خطبة عرفات، والتي تُنقل سنويًا إلى ملايين المسلمين حول العالم بلغات متعددة.
وشهد المسجد على مر العصور توسعات متتالية، وكان أبرزها في عهد الدولة السعودية الحديثة، لا سيما في عهد الملك الراحل فهد بن عبد العزيز، حين خضع المسجد لتوسعة شاملة رفعت قدرته الاستيعابية إلى أكثر من 350 ألف مصلٍ، على مساحة تزيد عن 124 ألف متر مربع.
ويضم المسجد الآن تجهيزات متقدمة من أنظمة تبريد وتكييف، ومرافق خدمية، وساحات خارجية واسعة، إضافة إلى مآذن مهيبة يبلغ عددها ست مآذن بارتفاعات شاهقة، تُعلن للعالم بداية يوم عرفات بصوت الأذان الموحد.
لا تقتصر أهمية مسجد نمرة على الجوانب المعمارية أو التاريخية فحسب، بل هو منبر سنوي يعبر فيه المسلمون عن وحدة صفهم، حيث تصدح خطبة عرفات برسائل إيمانية وإنسانية واجتماعية تدعو إلى السلام والتقوى والتراحم، في مشهد قل نظيره عالميًا، إذ يجتمع الملايين من مختلف الأعراق والثقافات تحت راية الإسلام وفي مكان واحد وزمن واحد.
إن مسجد نمرة ليس مجرد معلم إسلامي فريد، بل هو شاهد حي على تاريخ الإسلام، وركيزة من ركائز الحج، ومنبر تتجدد فيه سنويًا دعوات الوحدة والتآخي بين المسلمين. وفي كل عام، عندما يُرفع فيه الأذان وتُلقى فيه الخطبة، تدرك الأمة الإسلامية عمق المعنى والقداسة التي يحملها هذا المسجد العريق.
اقرأ أيضاًهل يغفر الحج كبائر الذنوب؟.. داعية تُجيب | فيديو
رئيس بعثة الحج: نجاح خطة تصعيد حجاج القرعة إلى عرفات