وزير التجارة الأفغاني للجزيرة نت: محادثات مع روسيا والصين لاستخدام العملات الوطنية
تاريخ النشر: 3rd, June 2025 GMT
في خطوة جديدة تعكس توجهاً اقتصادياً جديداً، أعلنت الحكومة الأفغانية أنها ستبدأ التعامل مع روسيا والصين باستخدام العملة الوطنية "الأفغاني" بدلاً من الدولار الأميركي أو العملات الأجنبية الأخرى.
وقال وزير التجارة الأفغاني نور الدين عزيزي للجزيرة نت: "إن محادثات بدأت مع روسيا والصين لاستخدام العملات الوطنية، مثل الأفغاني والروبل واليوان، بدلاً من الدولار في المعاملات التجارية بين هذه الدول، وأن المحادثات لا تزال في مراحلها الأولى، ونسعى إلى تقليل اعتماد أفغانستان على الدولار وفتح آفاق جديدة للتجارة الخارجية، وقد أبدت روسيا والصين رغبتهما في تعزيز التجارة الخالية من الدولار، واعتبرتا العرض يتوافق مع التغيرات الاقتصادية في النظام العالمي".
ويأتي هذا الإعلان في وقت تواجه فيه البلاد تحديات اقتصادية خانقة، وسط عقوبات دولية وتجميد للأصول الأفغانية في الولايات المتحدة والبنوك السويسرية.
وتشير تقارير حكومية أفغانية إلى أن بعض الشركات الروسية والصينية بدأت فعلياً بقبول الدفع بـ "العملة الأفغانية" مقابل بضائع تصدّر إلى أفغانستان.
حماية الاحتياطات ومنع التهريبمنذ عودة طالبان إلى الحكم في أغسطس/آب 2021، تعاني أفغانستان من شح حاد في العملات الأجنبية، خاصة بعد تجميد نحو 9 مليارات دولار من الأصول الأفغانية في البنوك الأميركية.
ويرى خبراء اقتصاديون، أن التحول نحو العملة المحلية يمثل محاولة لحماية الاحتياطي النقدي المتبقي، والحد من تسرب العملات الصعبة خارج السوق المحلية.
إعلانفي حديثه للجزيرة نت، يرى الخبير الاقتصادي الأفغاني نعمت الله شفيق أن "استخدام العملة الأفغانية في التبادلات مع قوى كبرى مثل روسيا والصين قد يعزز استقرار السوق المحلية مؤقتاً، لكنه يتطلب تنسيقاً مصرفياً عميقاً لضمان استدامته".
الدولار والاقتصاد الأفغانيفي أفغانستان، يُعد الدولار أحد الركائز الأساسية للنظام المالي، من شراء السلع المستوردة إلى تسعير المنتجات في السوق، ومن المعاملات الكبيرة في كابل إلى التحويلات المالية من اللاجئين، فإن الدولار حاضر بقوة.
ويستخدم البنك الوطني الأفغاني سعر الدولار كأساس لتحديد سعر الصرف الرسمي للعملة المحلية.
وبعد الانسحاب الأميركي من أفغانستان، واجه الاقتصاد الأفغاني صدمة كبيرة. فقد ضخت الولايات المتحدة نحو 145 مليار دولار في الاقتصاد الأفغاني بين عامي 2001 و2021، ما أدى إلى تحويل البنية الاقتصادية إلى نمط معتمد على الدولار. وحتى بعد الانسحاب، أعلنت واشنطن تخصيص 21.6 مليار دولار كمساعدات إنسانية لأفغانستان.
في حديثه للجزيرة نت، يقول الخبير الاقتصادي عزيز الله جاويد: "الدولار ليس مجرد عملة أجنبية، بل هو أيضاً جزء من البنية التحتية للاقتصاد الأفغاني. خلال فترة الوجود الأميركي، تعزز دوره بشكل كبير، وأي تقلب في سعره يؤثر مباشرة على معيشة المواطنين.
ويضيف "محاولة طالبان تقليص الاعتماد عليه (الدولار) في التجارة مع الصين وروسيا ليست قراراً اقتصادياً بحتاً، بل خطوة معقدة ذات أبعاد سياسية واقتصادية حساسة".
رسائل سياسيةويرى مراقبون أن هذا التوجه يحمل دلالات سياسية واضحة، خصوصاً في ظل استمرار رفض الولايات المتحدة الاعتراف بحكومة طالبان، وربطها الإفراج عن الأصول المجمدة بشروط سياسية وحقوقية.
ويقول المحلل السياسي عبد الغفار جلالي للجزيرة نت: "هذا الإعلان ليس مجرد إجراء مالي، بل رسالة واضحة بأن كابل تسعى إلى التخلص من الهيمنة الغربية، وتقترب أكثر من محور موسكو-بكين.
إعلانويضيف "روسيا التي تعاني من عزلة غربية، والصين التي تسعى إلى ربط أفغانستان بمبادرة الحزام والطريق، قد لا تمانعان التعامل بعملة محلية طالما أن هناك ضمانات تبادل مستقرة".
ولم تصدر موسكو أو بكين بياناً رسمياً عن قبول التعامل بالعملة الأفغانية، لكنّ محللين يعتقدون أن البلدين سيتعاملان ببراغماتية، خاصة في ظل المصالح الاقتصادية المتزايدة في أفغانستان، مثل مشاريع التعدين والطاقة.
ورغم الطابع السيادي للقرار، فإن تطبيقه على أرض الواقع يواجه تحديات هيكلية، أبرزها هشاشة النظام المصرفي، وضعف ثقة المستثمرين المحليين والدوليين في قدرة العملة الأفغانية على الصمود في الأسواق الدولية. كما أن غياب الاعتراف الدولي الرسمي بحكومة طالبان يعقّد عمليات التسوية المالية عبر البنوك، ما قد يدفع نحو الاعتماد على أنظمة بديلة بدائية مثل المقايضة أو الاستعانة بأطراف ثالثة.
ويقول ممثل أفغانستان السابق لدى البنك الدولي ضياء حليمي للجزيرة نت: "قرار طالبان بالتعامل مع روسيا والصين بالعملة الأفغانية يجمع بين الطموح الاقتصادي والرسالة السياسية، ويعكس رغبة الحركة في كسر العزلة الدولية عبر بناء شراكات بديلة، لكن نجاح الخطوة يتوقف على مدى تجاوب الشركاء الدوليين، وقدرة الداخل الأفغاني على استيعاب التحديات التقنية والمالية المصاحبة".
وفي حديثه للجزيرة نت، يقول نائب البنك الوطني السابق، واحد نوشير، إن محاولة طالبان التعامل مع روسيا والصين ترتبط أيضاً بقيود الوصول إلى مصادر الدولار الرسمية مثل المساعدات الدولية والاحتياطيات الأجنبية المجمدة، في ظل العقوبات الدولية وعدم القدرة على استخدام نظام "سويفت" للتحويلات المالية.
إعلانوأصبح الحصول على الدولار لتمويل الواردات أمراً صعباً، مما يرفع من سعره في السوق، ويضعف قيمة العملة المحلية، ويؤدي بالتالي إلى ارتفاع أسعار السلع المستوردة.
الهروب من العقوباتويشكك بعض المحللين الاقتصاديين في فاعلية هذا النهج في تجاوز الدولار واستبداله بالروبل أو اليوان. ويقول الخبير الاقتصادي محمد صديق للجزيرة نت: "التخلي عن الدولار لا يعني حل الأزمة الاقتصادية. في ظل الوضع الراهن، تغيير العملة في سوق الصرف الأجنبي قد يغيّر مظهر المشكلة دون معالجتها من جذورها".
ويقول وكيل وزارة الاقتصاد السابق عبد الجليل مخان للجزيرة نت، إن الدولار أو الروبل أو اليوان جميعها أدوات نقدية خارجية، ولا يمكن أن تكون بمثابة منقذ للاقتصاد عندما تُفرض على بنية تحتية اقتصادية غير مستقرة.
ويضيف أن أي عملة بديلة قد تتحول بدورها إلى أداة ضغط جديدة، ويبدو أن طالبان تسعى من خلال هذا التوجه إلى الالتفاف على العقوبات أكثر من تحقيق استقلال اقتصادي حقيقي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الحج حريات الحج مع روسیا والصین للجزیرة نت
إقرأ أيضاً:
باكستان تعلن مقتل 23 من جنودها و200 أفغاني.. وتتوعد بـ "رد قوي"
أعلن الجيش الباكستاني الأحد، مقتل 23 من جنوده إضافة إلى 200 من الجانب الأفغاني خلال عملية رد نفذتها كابول ليلا عند الحدود بين البلدين.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1600588014572-0'); }); وقال الجيش في بيان "قتل 23 جنديا باكستانيا خلال دفاعهم عن وحدة أراضي بلادنا ضد هذا الهجوم المشين"، مضيفا "قتلنا أكثر من 200 من (عناصر) طالبان وإرهابيين تابعين لهم في عمليات قصف وغارات وضربات دقيقة".
أخبار متعلقة أفغانستان تعلن مقتل 58 جنديًا باكستانيًا في المواجهات الحدوديةترامب يصدر أمرًا بدفع رواتب العسكريين مع استمرار الإغلاق الحكوميوتوعدت إسلام أباد الأحد بـ "رد قوي" على العملية الانتقامية التي نفذتها ليلا أفغانستان ضد جنود باكستانيين عند الحدود المشتركة بين البلدين.الحكومة الأفغانيةمساء السبت، أفاد الناطق باسم وزارة الدفاع في حكومة طالبان عناية الله خوارزمي بأن قواته نفذت "بنجاح" عمليات ضد قوات الأمن الباكستانية "ردا على الانتهاكات المتكررة والضربات الجوية التي استهدفت الأراضي الأفغانية بمبادرة من الجيش الباكستاني".
وقال المتحدث باسم الحكومة الأفغانية ذبيح الله مجاهد في مؤتمر صحافي الأحد، إنه خلال هذه المواجهات "قتل 58 جنديا باكستانيا وأصيب ثلاثون" آخرون، لافتا أيضا إلى "مقتل تسعة من قوات طالبان".رئيس وزراء باكستانوتوعد رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف في بيان قائلا "لن تكون هناك أي مساومة على الدفاع عن باكستان، وسيقابل كل استفزاز برد قوي وفعال"، متهما سلطات طالبان الأفغانية بإيواء "عناصر إرهابية".
وأكد وزير الداخلية محسن نقفي أن "أفغانستان تلعب بالنار والدم"، مشيرا إلى أن جارته ستتلقى "مثل الهند، ردا قويا لن تجرؤ بعده على النظر بعدائية إلى باكستان"ـ في إشارة إلى أسوأ مواجهة منذ عقود مع جارتها الهندية، وقعت في مايو، واتسمت بإطلاق صواريخ وشن غارات بطائرات مسيرة وقصف مدفعي.