م. فؤاد عثمان عبدالرحمن

شكّلت زيارة الوفد الإثيوبي الرفيع إلى بورتسودان، برئاسة مدير الاستخبارات رضوان حسين، وعضوية القيادي السابق في جبهة تحرير تيغراي قيتاشو ردا، خطوة لافتة في سياق التفاعلات الإقليمية المتسارعة. وبعيدًا عن المجاملات الدبلوماسية، توحي هذه الزيارة برسائل تتصل بمستجدات الخرائط السياسية في المنطقة، وبمخاوف معلنة وغير معلنة في محيط السودان المضطرب.

تيغراي وإثيوبيا: العودة من الهامش

ظهور قيتاشو ردا ضمن الوفد الإثيوبي، بعد خروجه من قيادة الحكومة المؤقتة في تيغراي ومن عضوية الجبهة الشعبية لتحرير الإقليم، يعكس محاولة إثيوبية لاحتواء الملف التيغراوي ضمن ترتيبات مركزية أكثر تحكمًا. من المرجّح أن يكون ضمّه للوفد مقصودًا كرسالة بأن أديس أبابا ما تزال قادرة على مخاطبة الملفات الشائكة في الداخل من موقع سيطرة.

غير أن ذلك لم يمنع بعض المراقبين من ربط هذه الخطوة بمحاولات استباقية لاحتواء تحولات إقليمية محتملة، وسط تسريبات غير مؤكدة عن تقارب آخذ في التبلور بين قيادات من تيغراي والحكومة الإريترية، بدفع أو تنسيق سوداني غير معلن.

تقارب محتمل: إعادة خلط الأوراق أم تسوية جديدة؟

يشير محللون إلى أن الأشهر الأخيرة حملت إشارات خافتة عن إمكانية فتح قنوات حوار بين تيغراي وإريتريا، رغم ما بينهما من ماضٍ دموي خلال الحرب الإثيوبية الأخيرة. وإذا ما صحت هذه المؤشرات، فإنها قد تنبئ بتحولات إقليمية جذرية، خصوصًا إذا تمّت برعاية طرف ثالث مثل السودان، أو بدافع الحاجة لإعادة تموضع جميع القوى الإقليمية في ضوء الحرب السودانية المشتعلة.

من المبكر الجزم بطبيعة هذا الانفتاح أو مدى استدامته، لكنه، على أي حال، يعكس سيولة التحالفات في منطقة القرن الأفريقي، واستعداد الفاعلين لتجاوز الخطوط الحمراء القديمة حين تفرض الوقائع الجديدة حسابات مختلفة.

السودان في قلب التفاعلات: لاعب أم ساحة؟

رغم الحرب، يجد السودان نفسه اليوم في موقع لا يمكن تجاوزه في حسابات الإقليم. فالتقارير المتداولة (غير المؤكدة رسميًا) عن دعم إثيوبي سياسي أو لوجستي لأحد أطراف الصراع السوداني، تقابلها مواقف معلنة من جانب إريتريا تؤيد المؤسسة العسكرية السودانية، ما يطرح تساؤلات مشروعة حول ما إذا كانت المنطقة تشهد اصطفافات غير مباشرة حول الصراع السوداني.

إلا أن من المهم، في خضم هذا، عدم الانزلاق إلى تفسير كل تحرك باعتباره جزءًا من حرب محاور مكتملة الأركان. فبعض التحركات قد تُقرأ أيضًا كمساعٍ لاحتواء التصعيد، أو لتحييد انعكاسات الحرب السودانية على الداخل الإثيوبي، الذي يواجه بدوره تحديات أمنية واقتصادية متزايدة، في تيغراي وأمهرا وغيرهما.

تحولات بلا ثوابت

الزيارة الإثيوبية لبورتسودان – والتي سبقتها وتلتها تحركات إقليمية هادئة – تؤشر إلى أن القرن الأفريقي يعيش لحظة تغيّر لا تحكمها ثنائيات صلبة. لم تعد العلاقة بين الأطراف الإقليمية خاضعة فقط لمنطق الحلفاء والخصوم، بل لمنطق المصلحة المتغيرة، والتهدئة المؤقتة، وإعادة التموضع.

وسط هذه التحولات، يبقى السودان طرفًا محوريًا لا مجرد ساحة نفوذ، إذا ما أحسن إدارة انفتاحه الإقليمي من موقع متماسك، يسعى لبناء السلام، لا تعميق الانقسام.

خاتمة

من المهم قراءة هذه التحركات المتبادلة من زاوية الفرصة، لا فقط من زاوية القلق. فربما، وسط تناقض المصالح وتشابك الحسابات، يجد الإقليم طريقًا نحو تهدئة أوسع، إذا ما التقت إرادة الداخل السوداني مع تحرك إقليمي عقلاني، يتجاوز الرهانات القصيرة نحو استقرار طويل المدى.

الوسومفؤاد عثمان عبدالرحمن

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

إقرأ أيضاً:

الشاعر السوداني أزهري محمد علي يشارك في لجنة تحكيم مهرجان الأغنية العربية

شارك الأستاذ ازهري محمد علي في لجنة تحكيم مهرجان الأغنية العربية، الذي أقيم في تونس في يوليو من هذا العام. واختير ازهري من قبل اتحاد الإذاعات العربية للمشاركة في لجنة التحكيم، التي ضمت عددًا من الشخصيات الفنية البارزة من مختلف الدول العربية.

تونس: التغيير

تألفت لجنة التحكيم من عدد من الفنانين والشخصيات الفنية البارزة، وهم: الفنان المصري محمد الحلو، الفنان التونسي شكري الحنوشي، الفنانة المغربية سميرة القادري، الشاعرة الكويتية دلال عبدالعزيز، والشاعر أزهري محمد علي من السودان.

وتمت عملية التحكيم في الفترة من 27 مايو إلى 30 مايو في تونس، حيث قامت اللجنة باختيار الأغاني الفائزة في المهرجان.

عبر ازهري عن سعادته بالمشاركة في لجنة التحكيم، مؤكدًا على شكره وتقديره لاتحاد الإذاعات العربية على الدعوة الكريمة والاختيار. كما أعرب عن سعادته بالرفقة مع الأعضاء الآخرين في اللجنة، الذين يمثلون مختلف الدول العربية.

حزن على غياب صوت السودان

في الوقت نفسه، أعرب ازهري محمد علي عن حزنه على غياب صوت السودان وعدم المشاركة في المنافسة، بسبب الظروف الحالية في البلاد. وتمنى ازهري أن تنتهي الحرب وتعود الحياة إلى طبيعتها في السودان.

و قدم ازهري شكره وتقديره لاتحاد الإذاعات العربية على الحفاوة وحسن الضيافة والتكريم، كما قدم شكره لتونس الخضراء على استضافة المهرجان.

وأعلن اتحاد إذاعات الدول والعربية الثلاثاء عن تتويج الأردن وسلطنة عمان ومصر بجوائز الدورة 15 من المسابقة العربية للموسيقى والغناء، التي يُنظمها الاتحاد مرة كل سنتين. وشهدت هذه المسابقة مشاركة واسعة من الهيئات الإذاعية العربية، بما في ذلك إذاعات عامة وخاصة، حيث بلغ عدد الأغاني المشاركة 11 عملاً غنائيًا و8 مقطوعات موسيقية من عدة دول عربية.

موضوع المسابقة

نُظمت الدورة الحالية تحت عنوان يحمل طابعًا وجدانيا عميقًا، حيث اختير موضوع “الوطنية” ليكون محور الأعمال الغنائية المشاركة، بتوزيع أوركسترالي يتوافق مع جمالية اللحن وعمق المعنى. وأكد الاتحاد أن اللجنة المنظمة اشترطت أن تعبر الأغاني عن معاني الانتماء والتضحية والفداء، وأن تُقدم بلغة مفهومة تعلي من القيم الوطنية الجامعة.

واشترطت اللجنة أيضًا في تقديم المقطوعات الموسيقية أن تكون مؤلفة وفق المقامات العربية وتقديمها في توزيع أوركسترالي كامل. وأشار الاتحاد إلى أن الأعمال المقدمة تنوعت في الأسلوب والطرح، لكنها التقت جميعًا حول جوهر واحد هو حب الوطن والاعتزاز بالهوية العربية.

أسندت الجائزة الأولى إلى الفنان الأردني نبيل سمور عن أغنية “كأن الدار ترثيني نوافذها”، فيما حصل على الجائزة الثانية الفنان العماني عبد الحميد الكيومي عن أغنية “موطن الجلال”، وذهبت الجائزة الثالثة إلى الفنان المصري إيهاب عبد السلام عن أغنية “موسيقى النضال”.

تتويج الفائزين

سيتم تتويج أصحاب الجائزة الأولى في مسابقة الأغنية ومسابقة المقطوعة ضمن فعاليات الدورة 25 للمهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون، المزمع عقده في الفترة من 23 إلى 26 يونيو الجاري في تونس. كما ستقوم الإدارة العامة للاتحاد ببث جميع الأعمال المشاركة عبر منصات التبادل الإذاعي، إلى جانب تخصيص رابط خاص على موقع الاتحاد الإلكتروني لعرض هذه الأعمال أمام جمهور أوسع من المهنيين والمهتمين.

الوسومالأغنية العربية الشاعر أزهري محمد علي

مقالات مشابهة

  • عبد اللطيف البوني: في قبايل العيد.. أرى شجرا يسير
  • حزب حقوق:السوداني”يجامل” الإقليم على حساب قانون الموازنة والدستور
  • شاهد بالفيديو.. تسابيح خاطر تواصل إستفزاز جمهور مواقع التواصل: (السودان يحتاج إلى ترليون دولار لإعادة الحياة لما قبل 15 أبريل وسلطات بورتسودان تستمر في إطلاق الوعود الكاذبة)
  • زيارة الوفد الإثيوبي إلى بورتسودان: رسائل مزدوجة في زمن التحولات الإقليمية
  • منتدى الإعلام السوداني: تعديلات قانون الصحافة تهدد حرية الإعلام وندعو لتأسيس هيئة مستقلة
  • قراءة في تحولات العلاقة: الحوثيون ونظام الأسد.. من دعم تكتيكي إلى تحالف إقليمي .. قراءة تحليلية
  • الشاعر السوداني أزهري محمد علي يشارك في لجنة تحكيم مهرجان الأغنية العربية
  • كامل الوزير يلتقي وزير التنمية العمرانية السوداني لبحث آفاق التعاون
  • السوداني:رواتب الإقليم ضمن الدستور وقانون الموازنة