في الأول من يونيو/ حزيران الجاري قال الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي متباهيًا في كلمة مسجلة: "تكبدت روسيا خسائر فادحة وملموسة.. وهو أمر مبرّر".

كلمات زيلينسكي جاءت بعد قليل من هجوم شنته عشرات الطائرات المسيرة في العمق الروسي، استهدف قواعد جوية ما أدى إلى تدمير عدد من القاذفات الإستراتيجية، في هجوم هو الأقوى والأبعد تأثيرًا منذ بدء الحرب قبل أكثر من ثلاث سنوات.

الهجوم سلط الضوء مجددًا على الدور الفعال الذي يمكن أن تلعبه المسيرات في المعارك الحديثة والذي برز خلال السنوات القليلة الماضية، وتطور سريعًا خلال عدة معارك مثل معركة العاصمة الليبية طرابلس 2020، حيث لعبت المسيرات دورًا بارزًا في إبعاد قوات خليفة حفتر وحلفائه عن العاصمة بعد أن كانت قاب قوسين أو أدنى من دخولها.

كما برز دور المسيرات واضحًا في حرب إقليم ناغورني قره باغ عام 2020، والتي حسمتها القوات الأذرية لصالحها عقب التوظيف الجيد للطائرات بدون طيار في تدمير خطوط الدفاع الأرمينية بالإقليم وتحقيق السيادة الميدانية.

من هنا فإن الهجوم الأحدث للمسيرات الأوكرانية، والذي يتوقع أن يشكل علامة فارقة في الحرب، نبّه بقوة إلى أهمية الطائرات بدون طيار في الحرب الروسية الأوكرانية.

إعلان

وهو الأمر الذي اهتم به تقرير مهم نشرته أكاديمية الاستخبارات التركية في أبريل/ نيسان الماضي، وحمل عنوان: "استخدام الطائرات بدون طيار في الحرب بين روسيا وأوكرانيا: اللاعبون الجدد في الحرب الحديثة والتحول التكنولوجي للمستقبل".

التقرير تناول تأثير استخدام الطائرات المسيرة في الحرب، وكيف يمكن أن تؤثر على تكنولوجيا الطائرات بدون طيار.

ورغم أن التقرير استعرض كيف استخدم كلا الطرفين المسيرات في الحرب، فإن الملاحظ هو تركيزه على التوظيف الجيد لها من جانب كييف، وكيف نجحت في إحداث توازن مع القوة العسكرية التقليدية التي تتمتع بها روسيا، كما سيأتي ذكره.

وبدا ما ذكره التقرير وفصّله من شرح هذه القدرات، بمثابة توقع مبكر من جانبه، لما يمكن أن تحدثه المسيرات من تأثير متصاعد على سير المعارك.

الأهمية الإستراتيجية للمسيرات

يقول التقرير في فقرة مهمة وذات دلالة: " تُعدّ الحرب الروسية الأوكرانية مثالًا بارزًا على قدرة تقنيات الطائرات بدون طيار على إحداث تغيير جذري في طبيعة الحرب. فقد أثّرت المهام المتعددة للطائرات بدون طيار، مثل الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع والهجوم واللوجيستيات والحرب الإلكترونية، بشكل مباشر على النهج والممارسات الإستراتيجية التي طورتها الأطراف لتحقيق التفوق الميداني".

من هنا فقد عدّد التقرير الأهمية الإستراتيجية للمسيرات، وما أدّته من أدوار مهمة حاسمة في جميع مستويات العمليات العسكرية خلال الحرب الروسية الأوكرانية ومنها:

أولًا: استخدامها خصيصَى لمهام الاستطلاع والهجوم والدعم اللوجيستي، مما أثر بشكل مباشر على مرونة العمليات العسكرية، إضافة إلى عمليات صنع القرار. ثانيًا: نجحت أوكرانيا في تغيير التوجه الإستراتيجي للحرب من خلال استخدامها الفعال طائرة بيرقدار TB2 تركية الصنع.

حيث تتميز هذه الطائرة بقدرتها على التحليق لفترات طويلة، وتنفيذ هجمات بعيدة المدى وعالية الدقة. فيما استهدفت روسيا البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا بطائرات مسيرة انتحارية.

إعلان ثالثًا: تسريع عمليات صنع القرار داخل الجيش، حيث تلعب الصور اللحظية التي توفرها طائرات الاستطلاع بدون طيار، دورًا حاسمًا في مهام المراقبة الميدانية، وتوجيه نيران المدفعية، مما يُمكّن مراكز القيادة من اتخاذ قرارات سريعة ودقيقة. رابعًا: الآثار الاقتصادية للطائرات المسيرة، حيث تتميز بأعبائها المالية الأقل، مع قدرتها على إحداث تدمير واسع وكبير، ويأتي الهجوم الأوكراني الأخير ليثبت صحة ما ذهب إليه التقرير، حيث تمكّنت مجموعة من المسيّرات منخفضة التكاليف والأعباء المالية، من إلحاق خسائر ضخمة بالجانب الروسي، تقدرها أوكرانيا بنحو 7 مليارات دولار، إضافة إلى صعوبة تعويض موسكو هذه الخسائر خلال فترة وجيزة. استفادة كييف من المسيّرات

استبقت الدراسة التي أعدتها أكاديمية الاستخبارات التركية، الهجوم الأوكراني على القواعد الروسية الإستراتيجية، بالتأكيد على الآثار الحاسمة لاستخدام أوكرانيا المسيرات، وذلك قبل أكثر من شهر على تنفيذ الهجوم.

فقد أكد التقرير أن أوكرانيا "طورت حلولًا منخفضة التكلفة وعالية التأثير من خلال تعديل الطائرات المسيرة التجارية في العمليات العسكرية."

مشيرًا إلى أن مثل هذا التعديل أظهر أن "الأطراف ذات الموارد المحدودة يمكنها تحدي القوات العسكرية الكبيرة بإستراتيجيات طائرات مسيرة مبتكرة."

كما يؤكد التقرير أن أوكرانيا نجحت في تعطيل أنظمة الرادار والاتصالات الروسية باستخدام طائرات مسيرة مُدمجة مع تقنيات الحرب الإلكترونية، ما أضعف تنسيق القوات الروسية وحدّ من قدرتها العملياتية الإستراتيجية.

قدرات أوكرانيا الإستراتيجية

يقول التقرير إن الحرب بين روسيا وأوكرانيا وصفت بأنها أول "حرب طائرات مسيرة، ورقمية وسيبرانية في تاريخ الحروب الحديثة."

ففي حين كان استخدام الطائرات المسيرة في الحروب السابقة من جانب واحد، استخدمت كل من أوكرانيا وروسيا في هذا الصراع بنشاط طائرات محلية وأجنبية مسيرة.

إعلان

ورغم اعتراف التقرير بتفوّق روسيا في عدد الطائرات المسيرة، حيث تمتلك ست طائرات مقابل كل طائرة أوكرانية مسيرة، فإن ما أماط عنه اللثام بشأن القدرات الإستراتيجية الأوكرانية في مجال الطائرات المسيرة، كان مذهلًا بالنسبة لدولة متوسطة القوة، كان البعض يتوقع أن يتم اجتياحها والسيطرة عليها في أشهر قليلة وربما بضعة أسابيع.

فخلال الحرب، ازدادت القدرة الإنتاجية العسكرية لأوكرانيا بشكل ملحوظ، حيث تعمل في قطاع الدفاع حوالي 70 شركة حكومية و400 شركة خاصة.

من بين هذه الشركات، تعمل 200 شركة على أنظمة برية وجوية وبحرية بدون طيار، و50  شركة تُطوّر أنظمة حرب إلكترونية، و150 شركة تُصنّع أنظمة أسلحة متنوعة.

وبما أن أوكرانيا لا تملك رفاهية الوقت خلال الحرب فقد لجأت إلى عمليات إنتاج واختبار سريعة للنماذج الأولية، حيث تختبر تلك النماذج ميدانيًا، ومن ثم تدخل إلى مرحلة الإنتاج إذا لاقت الاختبارات ردود فعل إيجابية.

كما شهدت صناعة الطائرات بدون طيار في أوكرانيا تطورًا كبيرًا خلال الحرب. فبينما تراوح الإنتاج السنوي للطائرات بدون طيار في عام 2022 بين ثلاثة آلاف وخمسة آلاف وحدة، وصل هذا العدد إلى ما يقرب من ثلاثمائة ألف وحدة في عام 2023.

ووصلت طاقتها الإنتاجية السنوية إلى مليونَي طائرة مسيرة بحلول عام 2024، حيث يؤكد التقرير أن إنتاج أوكرانيا من الطائرات بدون طيار تجاوز إنتاج دول حلف شمال الأطلسي (الناتو).

وفيما يُعد إنتاج الطائرات بدون طيار في أوكرانيا منخفض التكلفة نسبيًا مقارنةً بالأنظمة المماثلة في الغرب. تتكبد روسيا تكاليف عالية قد تصل إلى مليون دولار تكلفة صواريخ الدفاع الجوي المكلفة بإسقاط مسيرة زهيدة الثمن.

ويؤكد التقرير أن دمج الذكاء الاصطناعي في المسيرات الأوكرانية، أتاح لها إمكانية تحدي الدفاعات الجوية الروسية، وتحييد صواريخ دفاعية باهظة الثمن، مع ارتفاع معدلات دقة الإصابة لديها إلى نحو 80%، مقارنة بقدرات طائرات أخرى قد يصل المعدل فيها إلى نحو 50%.

إعلان

هذا التطور الكمي والكيفي أتاح لأوكرانيا تنفيذ عدد من الهجمات المنسقة باستخدام الطائرات بدون طيار ضد البنية التحتية العسكرية الروسية،

ففي أغسطس/ آب 2024 استهدفت أوكرانيا بأكثر من مائة مسيرة قاعدة مارينوفكا الجوية، مما تسبب في انفجار كبير. وسُجّل الهجوم واحدًا من كبرى العمليات التي وقعت حينها. لكن الهجوم الأخير المسجل مطلع يونيو/ حزيران الجاري، تخطى بأرقامه ومعطياته ما تحقق من قبل.

فقد استخدمت كييف 117 طائر مسيرة، استهدفت قواعد تبعد عن الحدود الأوكرانية الروسية بآلاف الكيلومترات، مثل قاعدة بيلايا في إيركوتسك التي تبعد عن الحدود 4500 كيلومتر، وقاعدة أولينيا بالقرب من مورمانسك في الدائرة القطبية الشمالية، على بُعد أكثر من 2000 كيلومتر، وقاعدة إيفانوفو الجوية، على بُعد أكثر من 800 كيلومتر.. إلخ.

الأمر الذي حمل مسؤولًا عسكريًا أميركيًا على القول إن "هجوم أوكرانيا أظهر مستوى من التطور لم يشهدوه من قبل."

لكن هذا التطور رصده التقرير التركي بدقة، حيث أشار إلى أن "ازدياد إنتاج أوكرانيا من الطائرات بدون طيار وقدراتها الهجومية أدى إلى زيادة الضغط على أنظمة الدفاع الجوي الروسية". متحدثًا بصراحة عن "ثغرات في أنظمة الدفاع الجوي الروسية"، وعدم قدرة روسيا على حماية مجالها الجوي الشاسع.

والخلاصة

إن التقرير الذي أعدته أكاديمية الاستخبارات التركية، نجح في رصد تأثير الطائرات المسيرة في الحرب الروسية الأوكرانية، وخاصة من جانب أوكرانيا التي تنبهت إلى أهمية الطائرات بدون طيار في إحداث توازن مع القوة العسكرية الروسية الكبيرة.

كما أنه كشف ضعف الاستجابة الروسية لتلك التطورات، بحيث فشلت موسكو في رصد التطور الأوكراني في إنتاج واستخدام الطائرة المسيرة، والتباطؤ الواضح في تطوير منظومتها الدفاعية، حتى إنها تفاجأت بضرب قواعدها الجوية وقاذفاتها الإستراتيجية وهي رابضة على الأرض في أعماق الدولة الروسية.

إعلان

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الحج حريات الحج الحرب الروسیة الأوکرانیة الطائرات بدون طیار فی الاستخبارات الترکیة الطائرات المسیرة فی طائرات مسیرة خلال الحرب التقریر أن فی الحرب أکثر من

إقرأ أيضاً:

حرب الاستخبارات السرية بين إيران وإسرائيل بدأت

عقب إعلان وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل، بعد اثني عشر يومًا من القتال، اتفق معظم المحللين على أنّ الهدنة التي أُعلن عنها بوساطة أميركية وقطرية تقف على أرضية "هشة"، مع احتمال عودة المواجهة المباشرة بين طهران وتل أبيب في أي لحظة ودون سابق إنذار. كما اتفقوا أيضًا على أن المواجهات بين إيران وإسرائيل عادت إلى "المنطقة الرمادية".

ففي العشرين عامًا التي سبقت حرب يونيو/ حزيران، كان الكيان الصهيوني يسعى عبر أدواته الأمنية إلى ضرب إيران، في حين كانت الجمهورية الإسلامية تعتمد على إستراتيجية "حلقة النار" (أو طوق النار) في ملاحقة مصالح تل أبيب.

في هذا النمط من المواجهة، يسعى الطرفان إلى إلحاق أضرار متبادلة عبر ضربات غير مباشرة "دون عتبة الحرب"؛ بغية تحقيق أهداف عادة ما تُلاحَق في الحروب التقليدية المباشرة.

وبعد مرور أكثر من أربعين يومًا على نهاية الحرب الأخيرة، شهدت كل من إيران والأراضي الفلسطينية المحتلة سلسلة من الأحداث والتطورات اللافتة، لم يُنسب أي منها رسميًا إلى الطرف الآخر، بل جرى تداولها في الإعلام المحلي على أنها "حوادث عرضية" أو ناجمة عن "أسباب تقنية" لا صلة لها بالعدو.

غير أن هذه الحوادث لم تقتصر على الاغتيالات أو أعمال التخريب التقليدية، بل اتسعت رقعتها لتشمل هجمات سيبرانية، وعمليات نوعية يُرجح ضلوع حلفاء طهران الإقليميين فيها، خاصة في البحر الأحمر.

تسرب غاز أم حرب خفية؟

مع التجميد المؤقت للتوتر بين إيران وإسرائيل، وبالرغم من توقف الضربات المباشرة التي استهدفت مصالح الطرفين، فقد دخلت "حرب الظلال" أو "الحرب الاستخباراتية" بين الجانبين مرحلة جديدة.

فعلى سبيل المثال، 28 يونيو/ حزيران 2025 (أي بعد أربعة أيام فقط من إعلان وقف إطلاق النار)، أفادت بعض وكالات الأنباء بوقوع انفجارات غامضة في غرب العاصمة طهران.

إعلان

وفي اليوم التالي مباشرة، سُجّل انفجار في مصفاة تبريز، وقد أرجعت وسائل الإعلام الإيرانية سببه إلى حادث عرضي في خزان نيتروجين. ثم، في الأول من يوليو/ تموز، سُمع دوي انفجارات في منطقة شهرري جنوب شرقي محافظة طهران.

وفي 14 يوليو/ تموز، وقع انفجار داخل مجمع سكني في منطقة "برديسام" بمدينة قم. أما في 19 يوليو/ تموز، فقد اندلع حريق مريب في الوحدة 70 بمصفاة نفط آبادان، أسفر عن مقتل أحد العاملين في المصفاة.

سلسلة من الحوادث المشابهة وقعت خلال الأسابيع الأخيرة، وقد نُسبت أسباب بعضها إلى "تسرّب غاز"، بينما لم يُعلن عن سبب واضح للبعض الآخر حتى الآن.

ما يلفت الانتباه هنا أن إسرائيل لم تتبنَّ أيًّا من هذه العمليات، فيما لم تُبدِ طهران هي الأخرى أي رغبة في توجيه أصابع الاتهام إلى إسرائيل، ولا في نسب هذه الحوادث إلى تصعيد أمني مباشر من جانبها. ويبدو أن هذا الامتناع الإيراني متعمد، ويرتبط برغبتها في عدم فتح جبهة صدام مفتوح في الوقت الحالي.

ويُرجّح أن يكون منفذ هذه العمليات هو وحدة "قيصرية"، وهي الوحدة المسؤولة داخل الموساد عن تنفيذ العمليات السرية المعقدة، والتي تشمل الاغتيال الانتقائي، والتخريب، والاختراق الأمني. كما أن وحدة "متسادا"، المعروفة بـ"فرع العمليات الخاصة"، هي المسؤولة عن تنفيذ العمليات شبه العسكرية والتخريبية خارج الحدود الإسرائيلية.

في المقابل، وقعت حوادث مشابهة داخل الكيان المحتل. ففي 30 يونيو/حزيران، أفادت بعض المصادر العبرية بأن مجموعة من المستوطنين الصهاينة شنوا هجومًا على أحد المراكز الأمنية الإسرائيلية التي كانت مزوّدة بأنظمة أمنية متطورة، وتمكنوا من اقتحامه وإضرام النار فيه!

ثم، في 25 يوليو/ تموز، أعلنت الحكومة الإسرائيلية أن عطلًا فنيًا "غير اعتيادي" قد طرأ على منظومة توزيع الكهرباء، ما أدى إلى انقطاع واسع للتيار في تل أبيب. هذا الخلل لم يقتصر على انقطاع الكهرباء، بل تسبب كذلك في سلسلة انفجارات وحرائق غريبة في معدات الضغط العالي، من بينها محطات توزيع ومحولات كهربائية رئيسية.

ومن الجدير بالذكر أن حوادث مشابهة كانت قد وقعت في الأسبوع الذي سبقه في منظومة الكهرباء داخل القدس المحتلة.

وبعيدًا عن هذه الأعمال الأمنية الداخلية، فقد أطلقت جماعة أنصار الله (الحوثيون) في 6 يوليو/ تموز صواريخ جديدة استهدفت الأراضي المحتلة، في خطوة تُعد استمرارًا للمواجهة الإقليمية عبر "الوكلاء".

وفي سياق هذه "المعركة غير المتكافئة"، يبدو أن إيران تسعى، بالتعاون مع حلفائها الإقليميين، إلى استهداف مصالح إسرائيل وحلفائها داخل الأراضي المحتلة وخارجها، كجزء من إستراتيجية تهدف إلى موازنة التفوق الإسرائيلي في مجال «الحرب المعلوماتية» والتقنية.

عودة ظلّ الحرب

إن فشل الولايات المتحدة وإسرائيل في تحقيق أهدافهما خلال الحرب التي دامت اثني عشر يومًا، فضلًا عن غياب صيغة أمنية جديدة في منطقة غرب آسيا، يطرح احتمالًا جادًا باستئناف موجة ثانية من الهجمات ضد إيران.

وقد جاء تصريح عباس عراقجي، لشبكة "فوكس نيوز" -والذي أكد فيه استمرار تخصيب اليورانيوم على الأراضي الإيرانية- ليثير ردّ فعل من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي غرّد مهددًا بشنّ هجوم جديد على إيران "إذا اقتضت الضرورة".

إعلان

وفي هذا السياق، شدد وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في اجتماع جمعه بكبار القادة العسكريين، على ضرورة إعداد خطة فعالة لمنع استئناف البرنامجين النووي والصاروخي الإيرانيين.

ووفقًا لمجلة "نيوزويك"، فقد سبق أن حذر عدد من القادة العسكريين الإيرانيين من أنهم في حالة جهوزية تامة، وقادرون على استئناف الحرب مع إسرائيل في أي لحظة، بل وتوعدوا بأنه، في حال تعرضهم لهجوم مشترك من واشنطن وتل أبيب، فإنهم لن يتراجعوا، ولن يُظهروا أي رحمة.

بعيدًا عن هذه التصريحات السياسية والعسكرية، وفي ظلّ التصعيد المتزايد لما يُعرف بـ"الصراع شبه المتماثل" داخل المنطقة الرمادية، تتعاظم احتمالات العودة إلى مواجهة عسكرية مباشرة. ونظرًا لإصرار الجيش الإسرائيلي على اعتماد إستراتيجية "الهجوم الاستباقي"، وتفضيله مبدأ "المفاجأة"، يُتوقع أن تكون الضربة الأولى في الجولة المقبلة من التصعيد من نصيب إسرائيل والولايات المتحدة.

لكن ولأن عنصر المفاجأة قد استُخدم مسبقًا، فإن تكرار التكتيك ذاته يتطلب ابتكارًا تقنيًا جديدًا. هذا الابتكار قد يتمثل في اغتيال شخصية سياسية أو عسكرية رفيعة المستوى، أو تنفيذ عملية اختراق أمني على غرار "حادثة أجهزة النداء اللاسلكية" في لبنان، أو تفجير منشأة رمزية أو حساسة داخل الأراضي الإيرانية، بما يؤدي إلى إرباك مركز القيادة، وتفكيك حلقة القرار، وتهيئة الأرضية لعدوان جديد يستهدف العمق الإيراني.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحنمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معناتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتناشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتناقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • 8 قتلى بضربات روسية على كييف .. و أوكرانيا تسقط 3 صواريخ و288 مسيرة خلال الليل
  • واشنطن تبلغ مجلس الأمن بضرورة إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية في هذا الوقت
  • يولكا في حماية بوتين.. تعرّف على التقنية الروسية الجديدة المضادة لتهديدات الطائرات المسيّرة
  • روسيا تهاجم أوكرانيا بأكثر من 300 طائرة مسيرة و8 صواريخ
  • حرب الاستخبارات السرية بين إيران وإسرائيل بدأت
  • الاستخبارات الروسية: الأمريكيون والبريطانيون يبحثون مع يرماك وبودانوف وزالوجني آفاق استبدال زيلينسكي
  • بعد إيقافها بسبب فضيحة التجسس.. استئناف مسيرة مدربة كندا
  • الحرب الروسية الأوكرانية: كتاب لمركز المستقبل للأبحاث والدراسات يفوز بجائزة ثقافية لعام 2025
  • «زيلينسكي»: أوكرانيا تقترب من التوصل إلى اتفاق مع هولندا لإنتاج طائرات مُسيّرة
  • الاستخبارات الروسية: واشنطن ولندن ناقشتا احتمال استبدال زيلينسكي