مثال للبسالة ونكران الذات.. جهاز العاشر ينعى منقذ المدينة من كارثة مروعة
تاريخ النشر: 8th, June 2025 GMT
أصدر جهاز مدينة العاشر من رمضان بمحافظة الشرقية بيانا نعي فيه قائد سيارة نقل وقود والذي لقي مصرعه متأثرا بإصابته التي أودت بحياته جاء فيه بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره، ينعي جهاز تنمية مدينة العاشر من رمضان ببالغ الحزن والأسى، فقيد المدينة السائق خالد محمد شوقي عبد العال، الذي ضرب أروع أمثلة الشجاعة والتفاني، حيث ضحى بحياته لإنقاذ مدينة كاملة من كارثة محققة خلال حادث الحريق الذي اندلع بمحطة وقود بالمجاورة 70.
كان الفقيد مثالاً للبسالة ونكران الذات، ويمثل رمزا مشرفًا للفداء والعمل بإخلاص ويتقدم المهندس علاء عبد اللاه مصطفى، رئيس جهاز تنمية المدينة وجميع العاملين بالجهاز، بخالص التعازي والمواساة الأسرة الفقيد وأحبائه، سائلين المولى عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته، ويلهم أهله وذويه الصبر والسلوان.
من جانبه حصل موقع صدي البلد علي مكان تشييع جثمان البطل خالد محمد شوقي عبد العال حيث أنه من المقرر تشييع الجثمان بمقابر الأسرة بقرية مبارك التابعة لبني عبيد بمدينة المنصورة محافظة الدقهلية كما أنه من المقرر إقامة صوان العزاء للفقيد
من جانبه فقد أكد أحمد مجدي أحد أقارب الفقيد في تصريح خاص لموقع صدي البلد أنه من المقرر نقل الجثمان عقب الانتهاء من الإجراءات القانونية وتشييع الجثمان ودفنه بمقابر الأسرة وايضا تنظيم العزاء بذات القرية.
كانت مدينة العاشر من رمضان شهدت نشوب حريق بسيارة نقل وقود داخل محطة بنزين وعلي الفور قام "خالد محمد شوقي" بالاسراع فوراً وقاد السيارة ونقلها خارج محطة الوقود لينقذ المدينة من كارثة.
ومن جانبه أصدر المهندس علاء عبد اللاه مصطفى، رئيس جهاز تنمية مدينة العاشر من رمضان، قراراً بتسمية أحد شوارع المدينة باسم السائق البطل خالد محمد شوقي عبد العال، تخليدا لذكراه وتكريماً لموقفه البطولي الذي عبّر عن أسمى معاني الشجاعة والإخلاص في العمل.
وأكد رئيس جهاز مدينة العاشر من رمضان أنه يأتي هذا القرار في إطار حرص جهاز تنمية المدينة على الاحتفاء بأبناء العاشر من رمضان الذين تركوا بصمات إنسانية ووطنية خالدة، وتأكيداً على أن البطولة ليست حكرا على ساحة المعركة، بل قد تتجلى في أبهى صورها في ميادين الحياة اليومية، حين يقدم الإنسان روحه فداءً لواجبه أو من أجل سلامة الآخرين.
أضاف المهندس علاء عبد اللاه مصطفى أن هذا التكريم ليس فقط تخليدا لاسم البطل، بل هو رسالة مجتمعية تكرّس ثقافة الاعتراف بالجميل وتُعلي من قيمة التضحية ونُبل المواقف، مضيفا: "إن مدينة العاشر من رمضان لا تنسى أبناءها الأوفياء، وسيظل اسم خالد محمد شوقي عبد العال شاهدا على أن الإخلاص في العمل قد يُخلّد كالذهب في وجدان الأجيال القادمة."
كان خالد عبد العال والمعروف بسائق عربة وقود محطة بنزين العاشر من رمضان مصرعه متأثرا بإصابته بعد أيام من إصابته بحروق متفرقة في الجسد، عفي قيامة بالتضحية بحياته ونفسة من أجل إنقاذ آلاف المواطنين من حريق نشب داخل محطة الوقود وذلك وسط حالة من الحزن التي انتابت جميع رواد مواقع التواصل الاجتماعي فيس بوك بمحافظة الشرقية.
أكد رواد مواقع التواصل الاجتماعي أن الفقيد ضحي بنفسة من أجل إنقاذ مدينة العاشر من رمضان من حريق عقب نشوب حريق بسيارة وقود داخل محطة بنزين بالمدينة وقام بقيادة السيارة مما ادي الي إصابته بحروق متفرقة ولقي مصرعه اليوم.
كانت الأجهزة الأمنية بالشرقية تلقت إخطارا يفيد نشوب حريق بسيارة بمحطة بنزين بالعاشر من رمضان، وإصابة 4 أشخاص بحروق متفرقة.
انتقل ضباط المباحث إلى مكان البلاغ، وتبين من التحريات نشوب حريق بسيارة محملة بالوقود قبل تفريغ الحمولة داخل محطة بنزين بالعاشر من رمضان، وتم إبلاغ الحماية المدنية والدفع بعدد من سيارات الإطفاء، وتمكنت قوات الحماية المدنية من السيطرة على الحريق، وأسفر عن إصابة 4 أشخاص بحروق بأماكن متفرقة واختناق وتم تقديم الرعاية الصحية اللازمة لهم.
تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي فيديوهات تظهر قيام سائق سيارة الوقود ويدعي «خالد» بقيادة السيارة وهي مشتعله محاولا أبعادها عن محطة البنزين ما أدى إلى إصابته بحروق متفرقة بأنحاء الجسد وتم نقل المصاب إلى المستشفى ولكنه فارق الحياة اليوم.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: العاشر من رمضان الشرقية بمحافظة الشرقية جهاز تنمية مدينة العاشر من رمضان مدینة العاشر من رمضان نشوب حریق بسیارة بحروق متفرقة محطة بنزین جهاز تنمیة داخل محطة
إقرأ أيضاً:
بين منى وأخرى في عِقْدٍ آخر.. قراءة في مجموعة «ظلّ يسقط على الجدار»
محمود حمد -
يقول شكري شعشاعة بين يدي كتابه (ذكريات): «مررتُ بأيّام طويلة ظلماء، فرأيتني أسْتعصم بالكتابة أعلّل بها نفْسي، وأهدف إلى إشغالها بالخواطر وبالذكريات وبالعبر. واتخذت الماضي للحديث مجالا؛ فهو رحب الأفق، رحب الصّدر». ما الذي يمكن أنْ تجده الذات في ماضيها لتستعصم بالكتابة مسترجعة ذكريات الماضي؟. إن فكرة الاسترجاع تختلف باختلاف موقف الإنسان من لحظته الآنية؛ إذ يبدو الهرب فكرة فارغة عمليّا، لكنّ العمل الفنّي يستجيب إلى ضرورة الخبرات لتشكيل مادّته الحاضرة.
في مجموعة الكاتبة منى حبراس (ظلّ يسقط على الجدار) التي تأتي في أربعة أقسام تُستدعى الذكريات بعلاقات متباينة المستويات بين الكاتبة وذاتها الأخرى في فترات الاسترجاع، وحين نتلمّس شفافية الفكرة في بعض أشكال الاسترجاع؛ نجد أنّ العمل يخرج من حساسيته الفنيّة إلى صرامة تضمين الفكرة، وكأنّ العمل يلجأ إلى الدائرة الشعوريّة لتضميد هذه الصلابة، وبين منى في القسمين الأول والثاني والأخرى في القسم الثالث (الأشياء في بحثها عن المعنى) مسافة لا تُقاس بالزمن أو وضوح الملامح؛ بل بتداخل المُستعاد، وعرض تطوّره في أطره على معايير قدرته على رؤية موازية لحياة الحاضر، وكثير ما يُشعر القارئ بأنّ على القسمين الأوليين أنْ يولدا وينشآ في مكان آخر، لا تمسّه قسوة الرؤية العمليّة لتحوّلات الطفولة، ويمكن أن يُرى التقسيم من جانب آخر يرجع إلى فكرة تتجاوز الاسترجاع إلى الرغبة في البقاء في فترات الطفولة وذكريات تغيّراتها العمريّة في ظل الأحداث التي انبنت عليها قصص القسمين؛ ففي قصّة (الفتاة في المرآة)على سبيل المثال يمتدّ شعور الاهتمام بالانعكاس إلى المرحلة الجامعيّة، ليس لكونه شكلا من خيبة الظن المتعلّق بفهم الانعكاس؛ بل لأنه تطور إلى ألفة. «وجود الفتاة الأخرى كان يمنحني شعورا بالمشاركة... غير أن وجوده مُستقلّا كآخر كان يُثير فيَّ كوامن التّحدّي «ص12، فمن الذي تحاول الكاتبة إبقاءه ومن هي الذات الأخرى في الزمن الحاضر، «علّمتني المرآة أن المتلقي الأول ليس شخصا غيري، وأن الحكم على أفعالي وأقوالي يبدأ من عرضها عليّ أوّلا، ثم أهلا بأحكام الآخرين» ص14. تتّضح بلا أدنى شك المسافة بين الذاتين ( منى / الأخرى ) في ذات واحدة، بين رؤية بريئة تكتشفها طفلة تقف أمام المرآة التي تقول عنها بعد وعي متأخر: «ولكنّ المرآة بلا ذاكرة «ص14، ورؤية حادّة أنتجت «لاحقا تعلّمت كيف أوجد الآخر في انعكاسي على المرآة» ص12، وبين ذات طفلة وأخرى لا تعرفها ـــ تطوّرا ـــ ذات تتبّع انعكاس المرآة ملموسا بجانب عمليّ يستعد شعور فترة ماضية؛ «في أيّام الجامعة كنت أحرص على اسْتخدام المصعد المزدحم دائما في كلّية الآداب... ولكم تصيبني المصاعد التي بلا مرايا بإحباطٍ مُخيّب» ص13. وفي محاولة التوازي مع فكرة الموت نجد أنّ الكاتبة تستحضر فترتي الذات أمام المعنى في قصّتها (قريبا من الموت)؛ وعلى الرغم أنّ الفكرة ولدت في الحاضر باعتبار الاسترجاع تنشيط لذاكرة طفلة السابعة؛ لكنّ الكتابة وقعت في زمن ذاتٍ شكّلتها بنية الكتابة بتسليم الطفلة، وهو تسليم ـــ كما نلمس في القصّة ــ يستحضر كل اختلاف مستويات الوعي بثيمة الموت؛ من الاكتشاف إلى اليقين، «تلعب الحياة والموت معنا لعبة الغمّيضة... كلاهما منزوع الأهليّة والإدراك» ص32. وإلى هنا يمكن أن نقف على منطلق أنْ تلوذ الذات الكاتبة ببساطة شعور الطفلة في حاضره، فتعيش الذاتين لمواءمة الفكرة فلسفيّا.
تأتي ذوات الآخرين ــ في القسم الثاني ــ باختلاف مستويات الوعي وعلاقاتهم الاجتماعيّة بذات الكاتبة مستعيدة مواقفها وردّات فعلها من غيابها أو من عمق تأثيرها في ذكرياتها أو حتى تطوّرها، فأمها تمسك بزمام عجزها أمام الحب الفطريّ، «فالأمهات لا يربّيننا وهنّ على قيد الحياة» ص36، فالمسافة هنا تستند على استعادة حالات الاحتياج والمسؤوليّة؛ إذ تعوّل الذات على فضاء عاطفي يحمل عنها عبئا يرتبط بشعور التقصير دائما. فهم معنى الموت عمليّا لم يكن في تذكر لحظات تحقّقه في قصّة «عليا» أكثر من مفارقة عجيبة تقيسها ذات الكاتبة ببراءة الطفولة، وإلا فهي «لم أبكِ يومئذٍ، ولا في الأيام التي تلت ذلك» ص38، بينما كان موت الأم «أسما» يتجذّر في ذكريات الذات الكاتبة عبر صفحات اجتماعيّة سجّلت أسماء شخوص وأماكن ومواقف لا يمكن أن تُنسى، لهذا «تركت فراغا يلوّنه بياض بقي رغم كل هذه السنوات» ص48، فذات الكاتبة ارتبطت بشخصيّة الراحلة بحضور يوم عرفة. ونجد أن التناظر في قصّة («ميعاد» إذ تختار ميعادها بدقّة) جاء على شكل صراع أظهر شخصيّة الآخر الذي اختار طريقه، وقد تطوّر هذا الصراع من مشاركة الصفّ المدرسيّ في أوّل يوم بالمدرسة إلى ترك المدرسة بعد إعادة الصف الخامس مرّتين، وبعد سنوات تدرك الكاتبة معنى قرار «ميعاد» الذي «انحازت لكرامتها بسبب معلّمة تعاقب تلميذاتها وكأنها تنتقم منهن لخلاف شخصيّ» ص71.
القسم الثالث من المجموعة تبرز الأشياء والأماكن والجهات معاني في ذكريات واستعادات الكاتبة، فعلاقتها بالفجر تعبّر عن صراع غير متكافئ مع الزمن، إذ تجد نفسها تفقد ارتباطها به عبر مراحل الدراسة والعمل، وتعبّر تفاصيل الانتقالات عن الشعور الذي دفع إلى كتابة «حديث الفجر»، بعد استعادته من ازدحام الحياة؛ «جلس معي يستمع لحكاياتي وثرثرتي على لوح المفاتيح» ص78. وتوظّف منى حبراس حدّة اللون النفسيّة في علاقتها باللون الأحمر في قصّة «قلم أحمر»، إذ تطوّر الأمر من حرمان استخدامه في الصف المدرسيّ إلى أزمة نفسيّة سببها قارئ يضع على كتابها خطوطا حمراء، ثم يكشف استخدام القلم الأحمر جلدا للذات على أخطاء ما كان لها أنْ تمرّ في مخطوطة كتاب. وتأتي المغرب في المجموعة «نقاء الأصدقاء» ص100، و«وجوه الزملاء في جامعة محمّد الخامس» ص100، ومشاغبات ووقفات الأصدقاء، ووجوه الأساتذة، «ذاكرة الروائح التي أحببتها، ووشوم الأرواح التي فاضت محبّة..» ص101، فالكاتبة لا تكتب عن المكان هنا بل تكتب احتواء يعيّن العلاقة بين الفضاء والذات بشكل يختلف عن قراءته من تماس سياحيّ، فالزمن الذي تقاطر بمتغيّراته الثقافية والاجتماعيّة ميّز (الأخرى) هنا عن منى التي استعدنا منها تفاصيل طفولاتها المتعددة أمام الذوات في القسمين السابقين، لا يمكن قراءة هذا القسم بأدوات فنيّة توظّف الوقوف بمحاذاة الاستعادة هنا، يمكن أن تكون (الأخرى) مرحلة تختلف تماما عن (منى) هناك.
ما نجده في القسم الأخير يختلف تماما من حيث فنّيته عما سبق، فالكتابة وما يرتبط بها هي مادّة الالتفات إلى جوانب أكثر تجاوزا للذات بالمعنى الحسّاس للمقاربة الشعوريّة التي انعكست بها ذكريات الكاتبة (منى)، فـ(الأخرى) هنا تحدّد مواقفها وتكشف عن علاقتها بمراحل ومنعطفات في حياتها الثقافيّة، فالكتابة مثلا ولادة تنشد فيها الكاتبة هدفا لاختيار ذاتي لا يدركه الآخر، «ولدتُ وبداخلي رغبة كتابة لا تتحقّق» ص117، ويتعيّن الطريق بشكل عكسي ينطلق من القراءة التي فتحت آفاق الرغبة في البحث واكتشاف الحيوات في الأعمال الفنيّة، ثم نجدها في (معرض الكتاب وأنا) تعبّر عن تساؤلات المثقّف القارئ أمام تعدد عناوين الكتب المعروضة؛ بين ضبط الاختيار وشغف الاقتناء، ومع تطوّر الرؤى يشكّل (فن السيرة الذاتيّة) حقلا مغريا لفن التّلصص على حياة الآخرين، حيث «استطعت أنْ أعيش مع فن السيرة الذاتيّة أكثر من حياة» ص134. جاءت العلاقة بالمسرح قصّة شغف منذ مسرح المدرسة الذي كان أساسيّا في كل المؤسسات التعليميّة، وإذ به ككثير من الفنون يقاوم غيابه بسبب البدائل والوسائط البصريّة.
في (يوميّات دفتر منسيّ) تغرس الكاتبة مجموعة من الأفكار المتولّدة من رؤيتها ومحيط فهما للثقافة وأشكالها المختلفة، ولهذا نجد مشكلة الرغبة في قراءة كل شيء هاجسا مسيطرا على الكثيرين؛ يودي ببعضهم إلى شتات معرفيّ، وتحضر كذلك (ألوان الحبر) في فترة هيمنة الكتابة بقلم الرصاص، والتعبير عن استخدام الألوان خارج الدفتر المدرسيّ، معبّرة عن فهمها لها فـ«الألوان ليست في شكل المكتوب بالضرورة، وإنما في روحه التي تلوّنه وتكسبه ألوانه الخاصّة» ص155، وتستحضر علاقتها مع إضاءة الغرفة ودورها في تحسين مناخ القراءة، والابتعاد عن وسائل التواصل الاجتماعي وصراع الرغبة في العودة إليها، وغيرها مما استحضرته الكاتبة (الأخرى) في مجموعة من المقالات المنشورة والشذرات المتنوّعة.
حاولت في هذه السطور قراءة ذاتين للكاتبة منى حبراس في مجموعتها، والتي أظهرت ملامحها بسهولة من خلال فنيّة السّرد وسيطرة الفكرة المباشرة.
محمود حمد شاعر عماني