11 يونيو، 2025

بغداد/المسلة: انحرفت العملية الديمقراطية في بعض محافظات العراق عن مسارها الطبيعي، بعدما تسللت الصراعات السياسية إلى مفاصل الإدارات المحلية، وبدأت ملامح التسييس تطغى على الوظيفة الإدارية، وتحولت بعض المؤسسات إلى أدوات صراع انتخابي لا يُخفى على المراقبين.

وتمظهرت هذه الانعطافة مع تصاعد التجاذبات بين شخصيات سياسية نافذة  واحتدام المنافسة على النفوذ والمقاعد البرلمانية المرتقبة، وبرزت اتهامات متبادلة بتوظيف المواقع الرسمية لتصفية الحسابات، وبتجنيد مؤسسات الدولة في حملات دعائية مستترة.

وفي الرمادي، على سبيل المثال، رُصدت تغييرات إدارية مثيرة في أقضية الرمادي وهيت وحديثة، تحت ذرائع “إعادة الهيكلة” و”تفعيل الأداء”.

واشتد التوتر السياسي مع بداية العام 2025، بعد إعلان مفوضية الانتخابات نيتها إجراء الاقتراع البرلماني في موعده المقرر في أكتوبر، ما دفع عدداً من الكتل السياسية إلى تنشيط قواعدها المحلية، وافتتاح مكاتب انتخابية تحت لافتات تنموية أو خيرية، فيما تسربت معلومات عن تورط مسؤولين محليين في تأمين الدعم اللوجستي لبعض المرشحين.

وتجلت الأزمة أكثر في تصريحات متضاربة تدعو  إلى “تحييد” الإدارات المحلية عن التنافس السياسي، بينما دافع آخرون عن “حق المسؤول في التعبير عن رأيه”، ما أظهر انقساماً حاداً في المواقف وانعكاساً مباشراً للخلافات السياسية على القرارات الإدارية.

وفيما يخص الانبار، واكب ذلك حملة إلكترونية متصاعدة على منصات التواصل الاجتماعي، حيث غرد الناشط محمد الكبيسي: “الإدارة المحلية في الأنبار باتت منصة انتخابية مبكرة”، فيما كتب الباحث رعد الدليمي: “التحول من الخدمة العامة إلى خدمة المصالح.. عنوان المرحلة الجديدة في محافظتنا”.

و ينطبق الامر على الكثير من محافظات العراق.

وساهمت شبكات النفوذ العشائري في تعقيد المشهد، إذ اندمجت الاعتبارات العائلية بالمصالح السياسية، وبرزت تحالفات جديدة غير تقليدية، مستندة إلى قوة المال والمكانة الاجتماعية، ما أعاد إلى الأذهان ما حدث في محافظة ديالى عام 2014، حين أدت الصراعات الانتخابية إلى تعطيل مشاريع خدمية وإقالة مديرين لأسباب غير مهنية، في تكرار لدورة صراع باتت مألوفة في العراق كلما اقتربت الاستحقاقات الانتخابية.

واعتبر مراقبون أن ما يجري  يعكس خللاً بنيوياً في العلاقة بين الدولة والتمثيل السياسي، إذ لم تستطع التجربة الديمقراطية العراقية بعد 2003 أن تفصل بين منطق السلطة ومنطق التنافس، مما جعل الإدارات المحلية ساحة للنفوذ لا منصة للخدمة. الأنبار مسرحاً جديداً للنفوذ.. حين تذوب الدولة في صراع الانتخابات

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author زين

See author's posts

المصدر: المسلة

إقرأ أيضاً:

تصاعد العنف المدرسي في أوروبا .. النمسا وفرنسا تدقان ناقوس الخطر

في مشهد مقلق يعكس تصاعد ظاهرة العنف في المؤسسات التعليمية الأوروبية، شهدت كل من النمسا وفرنسا، اليوم الثلاثاء، حوادث مروعة داخل المدارس، أسفرت عن سقوط ضحايا وخلفت صدمة عميقة في الأوساط التعليمية والمجتمعية، ما يسلط الضوء على التحديات الأمنية والتربوية التي تواجهها الدول الأوروبية في الوقت الراهن.

ففي حادثة غير مسبوقة، أدى إطلاق نار داخل مدرسة في مدينة جراتس، جنوب شرق النمسا، إلى مقتل ما لا يقل عن 11 شخصا، بينهم منفذ الهجوم، بحسب ما نقل التلفزيون الرسمي عن وزارة الداخلية. 

أوضحت الشرطة عبر منصة "إكس" (تويتر سابقًا) أن "وحدات تدخل خاصة" تواجدت سريعًا في مكان الحادث، بينما تم إخلاء المدرسة بالكامل.

ووفق المعلومات الأولية، فإن منفذ الهجوم هو أحد التلاميذ، أطلق النار على زملائه وأساتذته، مما تسبب في وقوع إصابات بالغة لعدد من الطلاب والمعلمين. 

ووصف المتحدث باسم الشرطة، فريتس جروندنيج، ما جرى بأنه "مأساة مروعة"، مشيرًا إلى أن "النمسا ليست معتادة على مثل هذه الهجمات داخل المدارس".

وفي حادثة موازية، هزت فرنسا جريمة طعن مروعة وقعت أمام مدرسة في بلدة نوجان بشرق البلاد، حيث قتلت مشرفة تعليمية تبلغ من العمر 31 عامًا على يد طالب يبلغ من العمر 15 عامًا، وذلك أثناء عملية تفتيش الحقائب عند بوابة المدرسة. 

وأسفر الهجوم كذلك عن إصابة ضابط شرطة بجروح طفيفة أثناء محاولته توقيف الطالب المعتدي.

وأعرب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن حزنه العميق، وكتب في منشور على منصة "إكس": “بينما كانت ترعى أبناءنا في نوجان، فقدت مساعدة تربوية حياتها، ضحية لعنف أعمى. الأمة في حداد، والحكومة تعبأت للحد من الجريمة.”

وتشير هذه الحوادث الدامية إلى تصاعد مظاهر العنف داخل المؤسسات التعليمية الأوروبية، سواء عبر حوادث فردية أو هجمات مسلحة وطعنات قاتلة. 

وبالرغم من أن أوروبا كانت تعد من المناطق الأكثر أمانًا في العالم فيما يخص المؤسسات التعليمية، إلا أن العقود الأخيرة شهدت تغيرًا مقلقًا في هذا المشهد، بفعل عوامل نفسية واجتماعية معقدة، من بينها التنمر، تفكك الأسرة، ضعف الرقابة التربوية، وتنامي تأثير وسائل التواصل الاجتماعي في تشكيل السلوك العدواني لدى بعض المراهقين.

ودفعت الحوادث الأخيرة في النمسا وفرنسا العديد من المسؤولين وخبراء التعليم إلى المطالبة بإعادة النظر في السياسات التربوية والأمنية داخل المدارس، وتعزيز آليات الدعم النفسي والاجتماعي للتلاميذ، بالإضافة إلى تشديد الرقابة على الأسلحة والتكنولوجيا المستخدمة داخل الحرم المدرسي.

كما تعالت الأصوات المنادية بضرورة إشراك أولياء الأمور بشكل أكبر في مراقبة سلوك أبنائهم، وتفعيل برامج التوعية بمخاطر العنف وطرق الوقاية منه، من خلال تعاون فعال بين المدارس وأجهزة الأمن والصحة النفسية.

طباعة شارك فرنسا النمسا إطلاق نار

مقالات مشابهة

  • مستقبل وطن: التكاتف خلف القيادة السياسية واجب وطني لمواجهة التحديات الراهنة
  • المفوضية تدعو مخولي التحالفات والأحزاب السياسية لتسلّيم قوائم المرشحين
  • الحج السعودية تدعو المؤسسات والوكلاء الخارجيين إلى الالتزام بتوثيق عقود إسكان المعتمرين
  • نينوى تحت مجهر الفساد: شبكة تستغل عقارات الدولة لمصالح شخصية
  • عزمي عبد الرازق: مِن هنا
  • تصاعد العنف المدرسي في أوروبا .. النمسا وفرنسا تدقان ناقوس الخطر
  • رئيس «الغربية الأزهرية» يوجه بإعادة هيكلة وندب المعلمين وتحسين جودة التعليم
  • رئيس منطقة الغربية الأزهرية يعقد اجتماعًا لمناقشة خطة العمل المستقبلية
  • تقرير أمريكي:إيران من تتحكم بطاقة العراق وهي مصدر هشاشته السياسية والاقتصاية