برغم ما شهده البَشَر في كامل طول وعرض الكرة الأرضيَّة، وعلى اختلاف مستويات تقدُّم بلدانها، من قسوة كبرى أثناء تجربة فيروس كورونا المُرعبة، وما خلَّفته من تداعيات إنسانيَّة واجتماعيَّة واقتصاديَّة لا نزال ندفع فاتورتها حتى الآن، ولا يزال عالقًا في الأذهان ما أحدثه (كوفيد19) من مآسٍ جعلت مِنْه مرحلة تاريخيَّة وحقبة زمنيَّة ستظلُّ تُروى في التاريخ الإنساني الشَّخصي والوطني والعالَمي، إلَّا أنَّ هذه الأهمِّية وهذا التأثير الكبير تجاهل تطوُّرات الفيروس الحاليَّة، فقَدْ فوجئتُ بطبيب يطالبني بإجراء فحوصات للتأكُّد من إصابتي بالمتحوِّر الكوروني الجديد، الذي يطلق عليه (BA.
إنَّ سلبيَّة نتيجة الفحص، والتأكُّد أنَّها نزلة برد عاديَّة، لَمْ تَحُل بَيْني وبَيْنَ التساؤل المنطقي، كيف لشخص يعمل في مجال الإعلام لَمْ يسمع ولا يقرأ عن هذا الضيف الثقيل رغم مرور فترة كبيرة على اكتشافه؟ وظننتُ أنَّ هناك تجاهلًا متعمَّدًا من وسائل الإعلام، لكنَّني فوجئت بأنَّ خبر الفيروس موجود بشكلٍ واسع، وتناقلته معظم وسائل الإعلام المحلِّيَّة والعالَميَّة، وظننتُ أنَّني بشكلٍ ذاتي تجاهلته لا إراديًّا، لكنَّني مع سؤالي للمحيطِين بي وجدتُ نَفْس الحالة من التجاهل اللاإرادي، فهل كان لصعوبة تجربة كورونا السابقة وقسوتها والخوف من تكرارها دَوْر في هذا التجاهل العمدي؟ أم أنَّ الإنسان العالَمي بات حريصًا على التعايش معها دُونَ الخوف والهلع الذي كان مصاحِبًا لها في فترتها الأولى؟
نحن أمام تصرُّف إنساني غريب، حيث لا تزال كورونا جزءًا من موروثاتنا الشفهيَّة، وإحدى أهمِّ القصص التي نتحدَّث عن حقبتها في اللقاءات العائليَّة ومع الأصدقاء، وتظلُّ تداعياتها الاجتماعيَّة والاقتصاديَّة شاهدًا يذكِّرنا بما عانيناه وقتها، ما فقَدْنا من أعزَّاء نتيجة التخاذل العالَمي الذي عرفنا فيما بعد أنَّه كان متوقعًا؛ نظرًا لتجاهل الدوَل للبحث العلمي في هذا المجال، والاستمرار في إنفاق الأموال على تطوير الأسلحة وغيرها من أوْجُه الإنفاق التي تتجاهل صحَّة الإنسان، ولا تضعها في سلَّم أولويَّاتها بالشَّكل الذي تستحقُّه، وغيرها من الأسباب التي جعلت أعتى النُّظم الطبيَّة تسقط أمام هذا الفيروس البسيط. وبرغم هذا التذكُّر الجمعي، إلَّا أنَّ العيون تتجاهل ـ بشكلٍ لا إرادي ـ أيَّ خبر يُعِيد إلى الأذهان إمكان عودة تلك الحقبة حتى لو كانت أقلَّ شراسة. ولعلَّ هذا التجاهل على مستوى الدوَل والحكومات والأفراد من عودة انتشار متحوِّرات كورونا، يظلُّ لعبًا بالنَّار. فبحسب العديد من العلماء المتخصِّصين يؤكِّد استمرار المتحوِّرات الجديدة في الظهور، ويحذِّر من التهاون في التعامل معهم. صحيح أنَّ الجُدد لا تُشكِّل خطرًا كارثيًّا يُمكِن أن يتسبَّبَ في موجة مُرعبة، لكن لا يُمكِن أن نغمضَ أعيُننا عن الخطر على المدى الطويل، فوفقًا لهؤلاء العلماء لا تزال الإصابة بالعدوى (وتكرار الإصابة بها) مشكلة حقيقيَّة يستغلُّها المتحوِّر الجديد لإضفاء عبء مستمرٍّ وثقيل على عاتق البَشَريَّة، بحسب وصفهم لَمْ تنتهِ معركتنا مع كورونا بعد، مؤكِّدين أنَّ السماح بانتشار الفيروس بهذه الوتيرة المُخيفة والشرسة بمثابة اللَّعب بالنَّار، وأي نار؟ فذاكرتنا تعي جيِّدًا كيف اكتوينا مِنْها؟ وكم فقَدْنا من أعزَّاء بسبب التخاذل والتهاون والجشع العالَمي.
إبراهيم بدوي
[email protected]
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: العال م
إقرأ أيضاً:
كورونا الشمس تكشف وجهها الخفي… ظاهرة فلكية نادرة فى مدينة مصرية| إيه الحكاية؟
في حدث يعد من أبرز الظواهر الفلكية في القرن الحادي والعشرين، يستعد العالم لمشاهدة «كسوف القرن» في الثاني من أغسطس 2027، حيث ستشهد سماء الأرض كسوفا كليا استثنائيا يكشف جمال «كورونا الشمس» في لحظة نادرة لا تتكرر كثيرًا.
يصنف الكسوف المرتقب ككسوف شمسي كلي، وهو النوع الأندر بين أنواع الكسوف، إذ يحجب القمر قرص الشمس بالكامل، ما يسمح بظهور هالة الشمس أو «الكورونا» في مشهد بصري يخطف الأنظار.
وتعد الكورونا الطبقة الخارجية المتوهجة من الغلاف الجوي للشمس، تمتد لملايين الكيلومترات، وتبدو كخيوط ضوئية غير منتظمة تشبه شرارات هادئة تحيط بالقمر المعتم لحظة الاصطفاف.
حسابات فلكية دقيقة تتنبأ بالظاهرة قبل عقوديعتمد العلماء على معادلات معقدة تغذى في حواسيب متخصصة لتحديد مواقع الشمس والقمر والأرض بدقة عالية.
وتشير وكالة ناسا إلى أن هذه الحسابات تتيح تتبع حركة الأجرام السماوية عبر الزمن، سواء إلى الأمام أو الخلف، لضبط اللحظة التي يصطف فيها الثلاثي على خط واحد، ما يجعل التنبؤ بمثل هذه الأحداث ممكناً قبل سنوات طويلة.
لماذا يلقب بكسوف القرن؟على الرغم من أن القرن الحادي والعشرين سيشهد نحو 224 كسوف شمسي، فإن كسوف أغسطس 2027 يحظى بتميز خاص، ليس فقط لأنه كسوف كلي يشكل أقل من ثلث كسوفات هذا القرن، بل لأنه أيضًا الأطول زمنا منذ أكثر من ثلاثة عقود.
وتقدر مدة الظلام الكامل بنحو 6 دقائق و23 ثانية، وهي فترة استثنائية مقارنة بكسوفات لا تتجاوز عادة ثواني أو دقيقة واحدة. وآخر كسوف اقترب من هذه المدة كان عام 1991 واستمر 6 دقائق و52 ثانية.
الأقصر المسرح الذهبي للظاهرةفي مفاجأة تحمل بعدا سياحيا وعلميا، ستكون مدينة الأقصر أفضل موقع عالمي لمشاهدة الكسوف في ذروته.
وبحسب موقع «سبيس»، فإن نقطة «الكسوف الأعظم» ستتمركز فوق شمال أفريقيا، وبشكل أدق قرب الأقصر، ما يمنح المدينة فرصة ذهبية لاستقطاب آلاف الزوار والباحثين الراغبين في رصد الحدث من موقعه المثالي.
مشهد بصري يخطف الأنفاس وتحذيرات ضروريةيعد هذا الكسوف من الظواهر الفلكية عالية الجاذبية للجمهور، إذ يتحول النهار إلى شبه ليل لعدة دقائق، فيما يبرز تاج الشمس المتوهج بوضوح مدهش.
لكن الخبراء يشددون على خطورة النظر المباشر إلى الشمس في أي مرحلة من مراحل الكسوف، باستثناء اللحظة القصيرة التي يختفي فيها القرص الشمسي تمامًا، مؤكدين ضرورة استخدام نظارات الرصد المعتمدة.
استعدادات علمية وسياحيةومع اقتراب موعد الحدث، بدأت المؤسسات العلمية والسياحية التحضير لسلسلة فعاليات تشمل رحلات رصد، محاضرات علمية، وورش توعية للجمهور.
ويتوقع أن يجذب «كسوف القرن» حضورا دوليا واسعا، يمنح الأقصر دفعة كبيرة على خريطة السياحة العالمية، ويحول الظاهرة إلى حدث علمي وسياحي متكامل يرسخ مكانة المدينة كوجهة فلكية مميزة.