جريدة الرؤية العمانية:
2025-12-12@12:29:41 GMT

مكانة الأوامر السامية في التشريع

تاريخ النشر: 16th, June 2025 GMT

مكانة الأوامر السامية في التشريع

 

 

د. أحمد بن محمد بن راشد الهنائي **

 

بمطالعة المادة (48) من النظام الأساسي للدولة التي نصَّت على أنَّ: "السلطان رئيس الدولة، والممثل الأسمى لها، والقائد الأعلى، ذاته مصونة لا تمس، واحترامه واجب، وأمره مُطاع، وهو رمز الوحدة الوطنية، والساهر على رعايتها وحمايتها".

ومفاد هذا النص الدستوري حسبما ورد في تفسير وزارة الشؤون القانونية- آنذاك- بموجب الفتوى رقم (162700020717) بتاريخ 12/1/2017: "أن جلالة السلطان المُعظم- حفظه الله ورعاه- هو صاحب الحكم، ورأس كل السلطات، يُؤتمر بأمره فيطاع إعظامًا له، وإجلالًا لقدره، وأن ما يصدر من لدن جلالته بهذه الصفة من أوامر سامية، فهي تسمو وتعلو وتسود على كل ما عداها من قرارات أو تصرفات أو قواعد قانونية مهما كان مصدرها، الأمر الذي يفرض على كافة السلطات في الدولة واجب الالتزام بها، والنهوض إلى تنفيذها، ولا يتأتى لأي منها الخروج على مقتضياتها، أو إهدارها، أو عدم التعويل عليها، وإلا فقدت التصرفات الصادرة عنها الأساس الشرعي لوجودها".

وباستقراء المبادئ المستخلصة من الأحكام الصادرة عن الدائرة الجزائية بالمحكمة العليا للسنة القضائية الثانية والعشرين، والناصة على أن: "من المقرر أن تشكيل اللجنة العليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا تم بموجب الأوامر السامية من جلالة سلطان البلاد برئاسة معالي السيد وزير الداخلية مع أعضاء آخرين وأن قرارات هذه اللجنة تستمد قوتها التشريعية من تلك الأوامر السامية بموجب المادة (41) من النظام الأساسي للدولة السابق، والمادة (48) من النظام الأساسي للدولة الصادر بموجب المرسوم السلطاني رقم (6/2021) وكان من ضمن قراراتها قرار ينص على وقف التجمعات مثل مناسبات الأعراس والعزاء، وذلك في اجتماع اللجنة المنعقدة في (15/3/2020م)، وبناءً عليه تصبح هذه القرارات صادرة من جهة ذات اختصاص بأمرٍ سامٍ".

ولئن كان المبدأ القضائي- سالف الذكر- الذي آلَ إليه حُكم المحكمة العليا، في اعتبار ما يصدر من قرارات من قبل اللجنة العليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا، قرارات واجبة التنفيذ بالاستناد إلى تشكيل اللجنة الذي تم بموجب أوامر سامية، فإنه لا مناص أن الأوامر السامية لمولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم- أعزه الله- تنزل منزلة التشريع، ومن ثم يكون لها قوة القانون في التنفيذ.

وبالنظر إلى التكييف القانوني للأوامر السامية الصادر بموجب فتوى وزارة الشؤون القانونية، سالفة البيان، فإن البيِّن أن الأوامر السامية تكون في منزلة السمو والعلو والسيادة على كل ما عداها من قرارات أو تصرفات أو قواعد قانونية مهما كان مصدرها.

والأوامر السامية تسمو وتعلو وتسود على ما عداها من القرارات أو التصرفات التي تصدر عن مختلف السلطات العامة في الدولة، وبالوقوف على عبارة "أو قواعد قانونية مهما كان مصدرها"، فإن الأوامر السامية هنا كذلك تكون في منزلة السمو والعلو والسيادة على أي قاعدة قانونية. ووفقًا لمبدأ تدرج القواعد القانونية، فإن النظام الأساسي للدولة يتربع في أعلى قمة الهرم التشريعي في سلطنة عُمان، ثم يأتي من بعده القانون العادي، ثم القانون الفرعي؛ وصولًا إلى القرارات الفردية التي تتمثل في القرارات الوزارية.

وبالتسليم في تموضع منزلة الأوامر السامية منزلة التشريع من حيث المكانة والسمو، ولكون فتوى وزارة الشؤون القانونية، قد جاءت بالنص على سُمو وعُلو تلك الأوامر على ما عداها من قواعد قانونية (مهما كان مصدرها)، وحيث إن التشريعات بمختلف أنواعها عبارة عن قواعد قانونية باستثناء ما قد يُطلق على النظام الأساسي للدولة من مصطلح مغاير- قواعد دستورية- بحسب ما جرى عليه الفقه القانوني، فإن السؤال الذي قد يوجه- إلى الجهة المختصة- في شأن منزلة الأوامر السامية لمولانا جلالة السلطان المعظم- حفظه الله ورعاه- هل هي في منزلة التشريع الدستوري (النظام الأساسي للدولة) أم في منزلة التشريع الوضعي (القانون العادي)؟

** دكتوراه في القانون الدستوري والعلوم السياسية

نائب الرئيس التنفيذي للمكتب الوطني للمحاماة

رئيس مركز البحوث والدراسات الجامعية

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

وزارة التجارة تكشف عن أبرز مزايا قواعد المستفيد الحقيقي

كشفت وزارة التجارة عن أبرز مزايا قواعد المستفيد الحقيقي، الذي يعرف بأنه الشخص أو الأشخاص ذوو الصفة الطبيعية، ويمتلك سيطرة فعلية نهائية مباشرة أو غير مباشرة على الشركة.

وتعزز القواعد الشفافية في الشركات والامتثال للمتطلبات الدولية، إضافة إلى بناء قاعدة بيانات دقيقة تحفظ بيانات المستفيدين الحقيقيين في قطاع الأعمال، إذ تسهم القواعد في تيسير إجراءات الإفصاح عن بيانات المستفيد الحقيقي، وذلك بتوحيدها مع إجراءات طلب تأسيس الشركة أو التأكيد السنوي للسجل التجاري.

كما توفر القواعد دليلًا إرشاديًا يساعد الشركات على الالتزام بتحديد المستفيد الحقيقي والإفصاح عن بياناته والاحتفاظ بها.

وتضمنت القواعد ضمان سرية سجل المستفيد الحقيقي، حيث لا يُتاح الاطّلاع عليه إلا للجهات الرقابية والسلطات المختصة، وفقًا للأنظمة ذات العلاقة، مع التزام الوزارة بإشعار كل من تُدرج بياناته بوصفه مستفيدًا حقيقيًا.

وبحسب القواعد تحفظ الوزارة والمصفي، بحسب الحالة، بيانات المستفيد الحقيقي لمدة خمس سنوات بعد شطب الشركة؛ لضمان الشفافية وإمكانية الرجوع إليها عند الحاجة.

وأكدت الوزارة أن قواعد المستفيد الحقيقي تمثل خطوة مهمة لتعزيز الموثوقية في التعاملات التجارية، ودعم البيئة التنظيمية في المملكة، ولا توجد أي رسوم مالية على قيد بيانات المستفيد الحقيقي أو التأكيد السنوي عليه.

وزارة التجارةأخبار السعوديةقطاع الأعمالقد يعجبك أيضاًNo stories found.

مقالات مشابهة

  • فتوح: مصادقة الاحتلال على إقامة 19 مستعمرة جديدة انتهاك مضاعف للقانون الدولي
  • السوداني:شهداء الحرب ضد داعش لهم منزلة عظيمة عند الله
  • المفوضية السامية لـ«اللاجئين» تشيد بدعم الإمارات للجهود الإنسانية لعام 2026
  • سلاح الأسراب القاتلة.. كيف غيّرت التكنولوجيا قواعد حرب الكرملين بأوكرانيا
  • «الأعلى للدولة» يستعرض مع هيئة مكافحة الفساد جهود المساءلة
  • وزارة التجارة تكشف عن أبرز مزايا قواعد المستفيد الحقيقي
  • زيلينسكي يعرب عن استعداده لتغيير التشريع لإجراء انتخابات رئاسية بعد دعوة ترامب
  • كيف واجه ميلانشون اتهامه بمعاداة السامية والتحيز للمسلمين؟
  • المفوضية السامية لحقوق الانسان تنظم ندوة حول العدالة الانتقالية والإعلام بعدن
  • البورصة توقع غرامات بـ170 ألف جنيه على 13 شركة مخالفة