جريدة الرؤية العمانية:
2025-06-17@01:17:53 GMT

مكانة الأوامر السامية في التشريع

تاريخ النشر: 16th, June 2025 GMT

مكانة الأوامر السامية في التشريع

 

 

د. أحمد بن محمد بن راشد الهنائي **

 

بمطالعة المادة (48) من النظام الأساسي للدولة التي نصَّت على أنَّ: "السلطان رئيس الدولة، والممثل الأسمى لها، والقائد الأعلى، ذاته مصونة لا تمس، واحترامه واجب، وأمره مُطاع، وهو رمز الوحدة الوطنية، والساهر على رعايتها وحمايتها".

ومفاد هذا النص الدستوري حسبما ورد في تفسير وزارة الشؤون القانونية- آنذاك- بموجب الفتوى رقم (162700020717) بتاريخ 12/1/2017: "أن جلالة السلطان المُعظم- حفظه الله ورعاه- هو صاحب الحكم، ورأس كل السلطات، يُؤتمر بأمره فيطاع إعظامًا له، وإجلالًا لقدره، وأن ما يصدر من لدن جلالته بهذه الصفة من أوامر سامية، فهي تسمو وتعلو وتسود على كل ما عداها من قرارات أو تصرفات أو قواعد قانونية مهما كان مصدرها، الأمر الذي يفرض على كافة السلطات في الدولة واجب الالتزام بها، والنهوض إلى تنفيذها، ولا يتأتى لأي منها الخروج على مقتضياتها، أو إهدارها، أو عدم التعويل عليها، وإلا فقدت التصرفات الصادرة عنها الأساس الشرعي لوجودها".

وباستقراء المبادئ المستخلصة من الأحكام الصادرة عن الدائرة الجزائية بالمحكمة العليا للسنة القضائية الثانية والعشرين، والناصة على أن: "من المقرر أن تشكيل اللجنة العليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا تم بموجب الأوامر السامية من جلالة سلطان البلاد برئاسة معالي السيد وزير الداخلية مع أعضاء آخرين وأن قرارات هذه اللجنة تستمد قوتها التشريعية من تلك الأوامر السامية بموجب المادة (41) من النظام الأساسي للدولة السابق، والمادة (48) من النظام الأساسي للدولة الصادر بموجب المرسوم السلطاني رقم (6/2021) وكان من ضمن قراراتها قرار ينص على وقف التجمعات مثل مناسبات الأعراس والعزاء، وذلك في اجتماع اللجنة المنعقدة في (15/3/2020م)، وبناءً عليه تصبح هذه القرارات صادرة من جهة ذات اختصاص بأمرٍ سامٍ".

ولئن كان المبدأ القضائي- سالف الذكر- الذي آلَ إليه حُكم المحكمة العليا، في اعتبار ما يصدر من قرارات من قبل اللجنة العليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا، قرارات واجبة التنفيذ بالاستناد إلى تشكيل اللجنة الذي تم بموجب أوامر سامية، فإنه لا مناص أن الأوامر السامية لمولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم- أعزه الله- تنزل منزلة التشريع، ومن ثم يكون لها قوة القانون في التنفيذ.

وبالنظر إلى التكييف القانوني للأوامر السامية الصادر بموجب فتوى وزارة الشؤون القانونية، سالفة البيان، فإن البيِّن أن الأوامر السامية تكون في منزلة السمو والعلو والسيادة على كل ما عداها من قرارات أو تصرفات أو قواعد قانونية مهما كان مصدرها.

والأوامر السامية تسمو وتعلو وتسود على ما عداها من القرارات أو التصرفات التي تصدر عن مختلف السلطات العامة في الدولة، وبالوقوف على عبارة "أو قواعد قانونية مهما كان مصدرها"، فإن الأوامر السامية هنا كذلك تكون في منزلة السمو والعلو والسيادة على أي قاعدة قانونية. ووفقًا لمبدأ تدرج القواعد القانونية، فإن النظام الأساسي للدولة يتربع في أعلى قمة الهرم التشريعي في سلطنة عُمان، ثم يأتي من بعده القانون العادي، ثم القانون الفرعي؛ وصولًا إلى القرارات الفردية التي تتمثل في القرارات الوزارية.

وبالتسليم في تموضع منزلة الأوامر السامية منزلة التشريع من حيث المكانة والسمو، ولكون فتوى وزارة الشؤون القانونية، قد جاءت بالنص على سُمو وعُلو تلك الأوامر على ما عداها من قواعد قانونية (مهما كان مصدرها)، وحيث إن التشريعات بمختلف أنواعها عبارة عن قواعد قانونية باستثناء ما قد يُطلق على النظام الأساسي للدولة من مصطلح مغاير- قواعد دستورية- بحسب ما جرى عليه الفقه القانوني، فإن السؤال الذي قد يوجه- إلى الجهة المختصة- في شأن منزلة الأوامر السامية لمولانا جلالة السلطان المعظم- حفظه الله ورعاه- هل هي في منزلة التشريع الدستوري (النظام الأساسي للدولة) أم في منزلة التشريع الوضعي (القانون العادي)؟

** دكتوراه في القانون الدستوري والعلوم السياسية

نائب الرئيس التنفيذي للمكتب الوطني للمحاماة

رئيس مركز البحوث والدراسات الجامعية

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

الجروشي: سجون المليشيات في طرابلس غير قانونية

قال عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب طارق الجروشي إن السجون التي تسيطر عليها المليشيات المسلحة في طرابلس هي أماكن احتجاز غير رسمية.

وأضاف الجروشي في تصريح صحفي أن هذه السجون قنبلة موقوتة في خاصرة العاصمة المختطفة من قِبل الميليشيات.

يشار إلى أن تقريرا برلمانيا عن اشتباكات طرابلس في مايو الماضي، جاء خلاله الحديث عن واقعة إطلاق عشوائي وفرار لمحتجزين في سجني ميليشيا «دعم الاستقرار»، وكذلك «الجديدة» التابع للشرطة القضائية، الذي كان يخضع لإمرة الميليشياوي أسامة نجيم، وهو ما عدّته لجنة الدفاع والأمن القومي في تقريرها أنه «يزيد الأوضاع الأمنية سوءاً في العاصمة».

 

الوسومسجون ليبيا

مقالات مشابهة

  • مركز الامتحانات يعلن حصيلة «الغياب والغش» بامتحانات التعليم الأساسي
  • الحكومة الليبية: الرئاسي يمارس الابتزاز السياسي والمالي ويتجاوز الصلاحيات   
  • مدير صحة الخرطوم يعلن انطلاق تنفيذ المهام من رئاسة الوزارة وإنهاء العمل بموجب لجنة الطوارئ الصحية
  • أنا على يقين أن المحرك الأساسي للقضايا عبر الميديا هم القحاتة
  • «أرويا كروز» ترسّخ مكانة السعودية السياحية
  • شرطة المرور تتوعد المفحطين بإجراءات قانونية رادعة
  • كأس العالم للأندية.. ميسي وسواريز يقوان هجوم ميامي في التشكيل الأساسي لمواجهة الأهلي
  • سلطات شرق ليبيا تحاصر قافلة الصمود وتشترط إجراءات قانونية
  • الجروشي: سجون المليشيات في طرابلس غير قانونية