وفقا للدراسات الحديثة، تعاني 20 إلى 30% من الحوامل من مشاكل في الصحة النفسية، ولفترة قد تمتد طوال 12 شهرا بعد الولادة. بعض هذه المشاكل قد يسهل إدارتها بخطوات بسيطة تشمل العناية الذاتية وطلب الدعم العاطفي من العائلة والأصدقاء، إلا أن بعضها الآخر يتطلب تدخل أخصائي نفسي، لا سيما مع وجود أعراض متفاقمة قد تحتاج إلى خطة علاج دقيقة لتجاوزها.

مشاكل الصحة النفسية أثناء الحمل

هناك العديد من العوامل التي قد تؤثر على الصحة النفسية للحامل، وعلى رأسها التغيرات الجسدية والعاطفية التي تشهدها المرأة خلال فترة الحمل، بالإضافة إلى التغيرات الهرمونية.

إذ ترتفع مستويات هرمون الكورتيزول في جسم الحامل، لتصل إلى ذروتها في الأسابيع القليلة الأخيرة من الثلث الثالث من الحمل. هذا التغير الهرموني يعد ضروريا لنمو الجنين، فهو يساعد على نمو الدماغ والرئتين بشكل صحي.

ومع ذلك، فإن ارتفاع مستويات الكورتيزول قد يؤثر سلبا على مشاعر الحامل، إذ يرتبط ارتفاع مستويات الكورتيزول بحالات مثل القلق والاكتئاب، ومن المحتمل أن يؤثر هذا الارتفاع أيضا على تقلبات المزاج أثناء الحمل.

يعد القلق والاكتئاب من أبرز مشاكل الصحة النفسية التي تواجه الحامل، ويصاحب ذلك أعراض مثل الانفعال، والأرق، أو تغير أنماط النوم، والغثيان الصباحي، وتغيرات الشهية، وتقلبات المزاج. كذلك يصعب على النساء المصابات بالاكتئاب القيام بالمهام اليومية الاعتيادية، ويفقدن الشعور بالمتعة والشغف، كما تزيد حساسيتهن تجاه انتقادات الآخرين أو تعليقاتهم.

وعلى الرغم من أن هذه الأعراض قد تكون شائعة في فترة الولادة، فإن زيارة اختصاصي نفسي تعد ضرورة قصوى في حال كانت مستمرة أو رافقتها أعراض أخرى أكثر جدية مثل نوبات الهلع أو الأفكار المقلقة، مثل الرغبة في أذية النفس أو الآخرين.

تعاني 20 إلى 30% من النساء الحوامل من مشاكل في الصحة النفسية لفترة قد تمتد طوال 12 شهرا بعد الولادة (غيتي إيميجز) متى تلجئين إلى المختص النفسي؟

غالبا ما تهمل مشاكل الصحة النفسية خلال الحمل وما بعد الولادة، وتترك من دون علاج، إما بسبب عدم أخذ هذه المشاكل على محمل الجد، أو خوفا من الوصمة المجتمعية المرتبطة بطلب العون من المتخصصين النفسيين. لكن إهمال هذه المشاكل، يحمل آثارا بالغة وطويلة الأمد على المرأة وأسرتها، وكذلك على النمو العاطفي والاجتماعي والمعرفي للأطفال.

إعلان

استشارة الاختصاصي النفسي ستساعدك في تحديد الحالات التي قد تتطلب تدخلا طبيا أو تنذر بتداعيات طويلة الأمد على صحتك النفسية. ومن الأمراض الشائعة التي تصيب النساء وتتطلب علاجا فوريا، نذكر:

1- اكتئاب ما بعد الولادة: يعد الاكتئاب ما بعد الولادة من الأمراض الشائعة للغاية، إذ تشير الدراسات إلى أن واحدة من كل خمس نساء قد يعانين من هذه الحالة. وتشمل أعراضها:

مشاعر الغضب والانفعال. عدم الاهتمام بالطفل. اضطرابات النوم والشهية. البكاء والحزن. مشاعر الذنب أو اليأس. فقدان الاهتمام أو المتعة في الأشياء التي كنت تستمتعين بها سابقا. أفكار محتملة لإيذاء الطفل أو نفسك.

2- القلق أثناء الحمل أو بعد الولادة: تشير الأبحاث إلى أن واحدة من كل 5 نساء قد يعانين من القلق أو القلق المصحوب بالاكتئاب خلال فترة الحمل أو بعد الولادة. وتشمل الأعراض:

القلق المستمر. الشعور بأن شيئا سيئا قد يحدث. التفكير الزائد. اضطرابات النوم والشهية. الرغبة بالحركة المستمرة وعدم القدرة على الاسترخاء. أعراض جسدية مثل الدوخة والهبات الساخنة والإسهال والغثيان. مشاعر الغضب والانفعال.

قد تعاني بعض النساء أيضا من نوبات هلع متكررة، تشمل ضيق في التنفس، وألم في الصدر، ورهاب الأماكن المغلقة، ودوخة، وخفقان في القلب، وخدر ووخز في الأطراف. وتهدأ هذه النوبات عادة بعد 5-7 دقائق.

3- اضطراب الوسواس القهري: يتميز اضطراب الوسواس القهري خلال الحمل أو بعد الولادة، بالتفكير المستمر بأفكار غير مرغوبة أو هواجس مخيفة مع وجود رغبة مفرطة وغير منطقية للقيام بأفعال معينة (دوافع قهرية). غالبا ما تتمحور هذه الهواجس والدوافع القهرية حول صحة وسلامة الحمل و/أو الطفل.

تجد بعض الأشخاص أن هذه الهواجس والقلق القهري قد تعيقهن عن أداء مهامهن اليومية الاعتيادية (تنظيف الأسنان، قيادة السيارة، مغادرة المنزل).

يمكن أن تشمل أعراض الوسواس القهري أثناء الولادة ما يلي:

الهواجس، أو ما يُسمى أيضا بالأفكار المُتطفلة، وهي أفكار أو صور ذهنية مُستمرة ومتكررة، غالبا ما ترتبط بالطفل. القيام بأشياء معينة مرارا وتكرارا، لتقليل المخاوف والهواجس. قد يشمل ذلك أمورا مثل الحاجة إلى التنظيف باستمرار، أو التحقق من الشيء ذاته عدة مرات أو إعادة ترتيب الأشياء. شعور بالرعب حول هذه الأفكار. الخوف من البقاء وحيدة مع الرضيع. الإفراط في حماية الرضيع.

4- اضطراب ما بعد الصدمة أثناء الولادة (PTSD): يحدث اضطراب ما بعد الصدمة أثناء الولادة نتيجة تجربة مؤلمة أو مخيبة للآمال أثناء الحمل أو الولادة أو ما بعد الولادة. قد تشمل هذه الصدمات مضاعفات الحمل، أو تدلّي الحبل السري، أو الولادة القيصرية غير المخطط لها، أو استخدام جهاز شفط أو ملقط الولادة، أو نقل الطفل إلى وحدة العناية المركزة لحديثي الولادة، أو الشعور بالعجز و/أو نقص الدعم والطمأنينة أثناء الولادة، أو حدوث مضاعفات أو إصابات جسدية شديدة مرتبطة بالحمل أو الولادة.

قد تشمل أعراض اضطراب ما بعد الصدمة أثناء الولادة ما يلي:

ذكريات الماضي المؤلمة (والتي قد تكون في هذه الحالة الولادة نفسها). الكوابيس. تجنب تذكر أي شيء مرتبط بالحدث، بما في ذلك الأفكار والمشاعر والأشخاص والأماكن وتفاصيل الحدث. زيادة الإثارة المستمرة (التهيج، صعوبة النوم، اليقظة المفرطة، استجابة مفاجئة مبالغ فيها لأي نوع من أنواع المحفزات). القلق ونوبات الهلع. الشعور بعدم الواقعية والانفصال. إعلان

5- اضطرابات المزاج ثنائي القطب: تشير الأبحاث إلى أن 50% من النساء المصابات بالاضطراب ثنائي القطب يتم تشخيصهن لأول مرة في فترة ما بعد الولادة. هناك مرحلتان لاضطراب المزاج ثنائي القطب: فترات الانخفاض والارتفاع. تُسمى فترة الانخفاض سريريا بالاكتئاب، بينما تُسمى فترة الارتفاع الهوس أو الهوس الخفيف.

يمكن أن يبدو الاضطراب ثنائي القطب مماثلا للاكتئاب الشديد أو القلق ويمكن أن يشمل أعراضا مثل:

فترات من المزاج الاكتئابي الشديد والانفعال. تحسن الحالة المزاجية وزيادة الطاقة عن المعدل الطبيعي. السرعة في الكلام. حاجة قليلة إلى النوم. الإفراط في التفكير. إيجاد صعوبة في التركيز. الثقة المفرطة والاندفاع. فقدان القدرة على إصدار أحكام متوازنة. سهولة التشتت. الشعور المتضخم بأهمية الذات. الأوهام و/أو الهلوسة في الحالات الأكثر شدة.

قد تكون الولادة محفزا محددا لنوبة الهوس، والتي قد يتبعها ظهور الاكتئاب.

6- الذهان ما بعد الولادة: الذهان ما بعد الولادة (PPP) هو اضطراب خطير، يبدأ عادة في أول أسبوعين (ولكن يمكن أن يستمر حتى عام بعد الولادة). يعتبر هذا النوع من الذهان نادرا إذ يصيب امرأة واحدة من كل ألف امرأة تقريبا.

يمكن أن تشمل أعراض الذهان ما بعد الولادة ما يلي:

الأوهام أو الأفكار الغريبة. الهلوسة (رؤية أو سماع أشياء غير موجودة). الشعور بالانزعاج الشديد. فرط النشاط أو وجود طاقة أكثر من المعتاد. الاكتئاب الشديد أو انعدام العاطفة. انخفاض الحاجة إلى النوم أو عدم القدرة على النوم. جنون العظمة والشك. التقلبات المزاجية السريعة. صعوبة التواصل في بعض الأحيان.

العلاج الفوري للنساء اللواتي يعانين من هذا الاضطراب ضروري للغاية، لا سيما وأنهن أكثر عرضة لإيذاء أنفسهن أو الآخرين.

كيف تهتم الحامل بصحتها النفسية؟

حتى في الحالات التي لا تتطلب تدخل الاختصاصي النفسي، تتعرض النساء للعديد من الضغوطات التي تؤثر على حالتهن النفسية، والتي تستدعي عناية ذاتية تضمن الحفاظ على التوازن العاطفي والذهني. بما في ذلك:

تخصيص وقت للراحة والاسترخاء: أعباء الحمل والأمومة لا ينبغي أن تنسيك أهمية الاعتناء بذاتك. حاولي تخصيص وقت للقيام بنشاط يساعدك على الاسترخاء وتجديد طاقتك. قد يكون ذلك نشاطا بسيطا كالمشي، أو السباحة، أو التحدث مع أحد الأصدقاء أو ممارسة هواية مفضلة. إعطاء الأولوية للنوم والراحة: من الضروري لك ولطفلك ضمان حصولك على قسط كاف من النوم ليلا، وأخذ قيلولة خلال النهار عند الحاجة. اتباع نظام غذائي صحي: يُعد اتباع نظام غذائي صحي ومتوازن أمرا بالغ الأهمية أثناء الحمل. فالتغذية الجيدة ليست مهمة فقط لضمان نمو الجنين بشكل صحي، بل تعد أيضا أساسا للصحة النفسية الجيدة. مشاركة تجارب الأمومة: قد يكون من المفيد الانضمام إلى مجموعات أو مساحات تجمع الأمهات الجدد ليشاركن أفكارهن والصعوبات التي يواجهنها في التعامل مع الحمل أو الطفل بعد الولادة. هذه المشاركة تسهم في تحسين حالتك النفسية والحصول على الدعم الكافي من النساء الأخريات. التواصل مع العائلة والمجتمع: من الضروري تخصيص وقت للتواصل مع العائلة والأصدقاء للحصول على الدعم النفسي، وعدم تمضية كل الوقت في تلبية احتياجات الطفل على حساب صحة الأم النفسية. التمارين الرياضية والنشاط البدني: قد تشمل العناية بالنفس تخصيص وقت لممارسة الرياضة بانتظام، حتى لو كان ذلك مجرد الخروج من المنزل لنزهة سريعة أو القيام ببعض التمارين في المنزل. لا تقتصر فوائد ذلك على الجانب البدني فحسب، بل قد تمتد إلى الجانب النفسي أيضا.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات ما بعد الولادة أثناء الولادة الصحة النفسیة ثنائی القطب أثناء الحمل تشمل أعراض تخصیص وقت الحمل أو یمکن أن التی قد

إقرأ أيضاً:

هل حبوب منع الحمل آمنة للرجال وفعالة؟

أرسلت الأبحاث التي أجرتها كلية الصيدلة بجامعة مينيسوتا، والتي نشرت في مجلة Communications Medicine ، الأساس لأول حبوب منع الحمل للرجال الخالية من الهرمونات لدخول التجارب السريرية.

الوقاية من المضاعفات.. أعراض سرطان المثانة في المراحل الأولى والأخيرةاتخلص من تساقط الشعر بـ 10 طرق طبيعية

الدواء الجديد، المسمى YCT-529، هو أول وسيلة منع حمل للرجال خالية من الهرمونات تُؤخذ عن طريق الفم، طُوّر YCT-529 بالتعاون مع جامعة كولومبيا في نيويورك وشركة YourChoice Therapeutics، ويعمل كوسيلة لمنع الحمل عن طريق إيقاف إنتاج الحيوانات المنوية.

توصل البحث إلى:

في الفئران الذكور، تسبب الدواء في العقم وكان فعالاً بنسبة 99% في منع الحمل في غضون أربعة أسابيع من الاستخدام.

كما أدى الدواء إلى خفض عدد الحيوانات المنوية في غضون أسبوعين من بدء تناول الدواء.

كما استعادت الفئران خصوبتها بالكامل بعد إيقاف الدواء، استعادت الفئران خصوبتها في غضون ستة أسابيع.

ولم يتم الكشف عن أي آثار جانبية للدواء في أي من المجموعتين.

طباعة شارك حبوب منع الحمل حبوب منع الحمل للرجالة دواء منع الحمل للرجال

مقالات مشابهة

  • ماذا يحدث لعظامك لو تعرضت للمروحة أثناء النوم مباشرة؟
  • حلول مناسبة لمشاكل الرضاعة الطبيعية بعد الولادة
  • صلاة الأوابين .. اعرف حكمها وفضلها ومتى تؤدى وعدد ركعاتها
  • حسام موافي: التعلل بالحالة النفسية لا يبرر الوقوع في براثن المخدرات
  • هل حبوب منع الحمل آمنة للرجال وفعالة؟
  • إذا نام المصلي طوال الخطبة هل تحسب له جمعة؟ أمين الفتوى يجيب
  • معاريف: الأمراض النفسية للجنود وباء صامت يقوّض المجتمع الإسرائيلي
  • متوسط العمر المتوقع عند الولادة في تركيا أقل من متوسط الاتحاد الأوروبي
  • حزب الله أمام لحظة الحسم: هل سيقاتل؟ ومَن ومتى؟
  • الحزام الناري.. اكتشف الأسباب والأعراض وطرق العلاج