الثورة نت:
2025-08-04@11:52:41 GMT

أمن الشرق الأوسط تهدده «إسرائيل»

تاريخ النشر: 18th, June 2025 GMT

 

 

لن تكون منطقة الشرق الأوسط أكثر أمنا بعد العدوان الإسرائيلي على إيران واستهدافها منشآتها النووية والاقتصادية. فقد سبقتها خطوات لإضعاف النفوذ الإيراني على رأسها اغتيال الرموز المقاومة للاحتلال واستهداف محاور التماس مع «إسرائيل» في سوريا ولبنان.
فمنذ العام 1948م عانت المنطقة من حالة التوتر والاضطراب وعدم الاستقرار لأسباب على رأسها الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين.

فالحروب إنما تشنها «إسرائيل» والاغتيالات تمارسها تل أبيب، والتهديدات تنطلق من الأراضي المحتلة. والهدف من تلك السياسة ضمان غياب الجهات الفاعلة لإبقاء المنطقة في حالة أمن واستقرار. وقبل الاحتلال عانت المنطقة من الاستعمار، وبعد اكتشاف النفط أصبحت تُعامَل كبقرة حلوب للدول الغربية، وحُرمت من حقوقها الأساسية المشروعة وعلى رأسها السيادة. فهذه غزة لا تعيش حصارا فحسب بل يُرتكب بحقها جريمتان وفق القانون الدولي: الأولى تعريضها للحرمان من الغذاء والدواء وما ينجم عن ذلك من انتشار المجاعة والمرض. والثاني السعي المتواصل لضمها للكيان لتضاف للأراضي التي احتلت في العام 1948 وكذلك في 1967م.
وتكفي الإشارة إلى أن قوات الاحتلال قتلت وجرحت في الأسابيع الأخيرة بدم بارد أكثر من 600 من الفلسطينيين الذين هرعوا للحصول على وجبة طعام كانت وكالات الإغاثة الدولية توزعها في غزة. ولا يكاد يمر يوم بدون سقوط العشرات ضحايا للعدوان والاحتلال. يتم ذلك علنا وليس سرًّا، في واحدة من أكثر حقب الاحتلال بشاعة وإجراما.
أمام هذه الحقائق، فشل هذا العالم المترامي الأطراف في القيام بواجبه تجاه شعب يتعرض للاحتلال والإبادة وفق سياسة ثابتة تهدف لمحو الهويّة الفلسطينية بعد قضم تلك البقعة الجغرافية في بلاد الشام التي تسمّى «فلسطين». وأصبح واضحا بدون لبس أو غموض أن هناك حربا إسرائيلية ـ أمريكية ليس على فلسطين فحسب بل على العمل الدولي المشترك الذي توافقت عليه دول العالم بعد الحرب العالمية الثانية لكي يكون جامعا للدول والشعوب على أساس العيش الآمن والتعاون المشترك والتصدي للعدوان والظلم ومكافحة المجاعة والفقر والاستبداد.
لقد كانت هناك أحلام وردية تراود رموز ما يسمى «العالم الثالث» آنذاك للنهوض ضمن قيم العدالة وحق تقرير المصير لإقامة منظومات سياسية حديثة على أساس المصير المشترك وحكم القانون. وكانت هناك قضايا دولية عديدة تتطلب موقفا دوليا واضحا وقويّا، ولكن الملاحظ أن أغلب هذه القضايا ما يزال عالقا أمام عجز العالم عن اتخاذ قرارات ذات معنى للتعاطي معها. ومنها قضية الحريات وتقرير المصير ومسائل السيادة وحكم القانون. وما تزال هناك قضية فلسطين التي بقيت تتحدى ضمير العالم منذ أكثر من ثلاثة أرباع القرن وما تزال تستعصي على الحل. هذا بالإضافة لقضية كشمير وميانمار وسواهما.
هل فقد العمل الدولي المشترك ومؤسساته مبررات الوجود؟ ولكن ما البديل لذلك؟ كيف يمكن منع العدوان والاحتلال والتعدّي على سيادة الدول وحقوق الشعوب؟ لماذا يستمر الشعب الفلسطيني مشرّدا ومضطهدا طوال هذه الحقبة؟
في الأسبوع الماضي حدث العدوان الإسرائيلي على الجمهورية الإسلامية وسيادتها ومنشآتها التكنولوجية والاقتصادية. وكان عدوانا كاسحا، نجم عنه تدمير بعض المنشآت النووية الإيرانية وقتل العديد من خبرائها في هذا المجال وعلى رأسهم القائد العام للحرس الثوري، حسين سلامي بالإضافة لستة علماء نوويين . ومن المؤكد أن إيران تعرضت لضربة موجعة بهذا العدوان الذي جاء بعد أقل من عام من الاستهداف الإسرائيلي لحلفائها في المنطقة وقتل السيد حسن نصر الله، زعيم حزب الله في لبنان. وتوقّع الكثيرون ردّا إيرانيا يتناسب مع العدوان الإسرائيلي، ولكنه لم يتحقق، الأمر الذي شجّع نتنياهو على الاستمرار في استهداف طهران.
الأمر المثير للقلق غياب الآليات الدولية التي تمنع العدوان، وهذا واضح من استمرار الاعتداءات الإسرائيلية على قطاع غزّة منذ أكثر من 20 شهرا، التي تؤدي لقتل العشرات يوميا، بدون أن يكون هناك موقف دولي رادع، سواء من الأمم المتحدة أم مجلس الأمن الدولي أم الاتحاد الأوروبي. فكأن هذا العالم يقول للإسرائيليين: افعلوا ما شئتم ولا تخشوا شيئا. وكما يقال: من أمن العقوبة أساء الأدب. ولقد أصبح واضحا أن لدى «إسرائيل» وحلفائها مبدأ ثابتا بالحفاظ على التفوق العسكري الإسرائيلي بأي ثمن. ومن أهم مقومات هذا التفوق امتلاك السلاح النووي. وقد غض العالم طرفه عن المشروع النووي الإسرائيلي منذ تأسيسه.
فقد بدأت إسرائيل العمل في المجال النووي بعد وقت قصير من تأسيس كيانها في العام 1948. ودعمتها فرنسا في أواخر الخمسينيات في بناء مفاعل نووي ومصنع لإعادة التجهيز في ديمونا. ويعتقد أنها بدأت إنتاج السلاح النووي في أواخر الستينيات بدعم غربي مباشر.
ولم يعرف العالم تفصيلات ذلك المشروع إلا في العام 1986 عندما قدّم مردخاي فعنونو، وهو فني نووي إسرائيلي سابق، تفاصيل وصورًا واضحة لصحيفة «صنداي تايمز» عن برنامج أسلحة نووية إسرائيلية كان يعمل ضمنه لمدة تسع سنوات، وشمل ذلك معدات لاستخراج مواد مشعة لإنتاج أسلحة ونماذج معملية لأجهزة نووية حرارية (أجهزة تستخدم لصناعة قنابل هيدروجنية). واستمرت في تطوير ذلك المشروع حتى استطاعت تصنيع القنبلة النووية وأصبح لديها مخزون كبير يقدّر بـ 200 رأس نووية. تم ذلك بغطاء غربي محكم، حال دون إخضاع المشروع لرقابة دولية. ومورست ضغوط واسعة على الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومنعها من التدخل في ذلك أو المطالبة بزيارة المنشآت في صحراء النقب. ولم يُخضع المجتمع الدولي الكيان الإسرائيلي لضغوط أو عقوبات بسبب ذلك، بل تماهى مع السياسة الغربية بشكل واضح.
من هنا تصبح الأصوات الداعية لإبقاء منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل خاوية، فكيف يتحقق ذلك في ضوء ازدواجية السياسة بفرض الضغوط والعقوبات على الدول العربية والإسلامية واستثناء «إسرائيل» منها؟
وفي ضوء المبدأ الغربي الذي يهدف للحفاظ على رجحان الميزان العسكري في الشرق الأوسط لصالح «إسرائيل» انتهت مقولة الحفاظ على أمن هذه المنطقة. فالأمن إنما يتحقق عندما يشعر الفرقاء بوجود وسائل ردع متساوية لدى جميع الأطراف. أما حين يتمتع أحدها بتفوق عسكري دائم يصبح الحفاظ على الأمن مستحيلا، ويبقى ذلك خاضعا لإرادة الطرف الأقوى وقراره.
فالحروب والتوترات في المنطقة تعود بجذورها في أغلب الحالات لسياسات «إسرائيل». فهي تارة تستهدف الدول المجاورة بالعدوان (العراق وسوريا ولبنان بشكل خاص) وأخرى تمارس سياسة كسر العظم مع الفلسطينيين في الضفة الغربية، وثالثة بفرض الهيمنة المطلقة على قطاع غزة ولو تطلّب ذلك التشبث بسياسات التجويع والحرمان من الدواء والماء. ورابعة ممارسة استهداف الرموز والقادة للحركات والدول المناوئة للاحتلال، بدون رحمة أو شفقة. فليس لدى «إسرائيل» مانع من قتل أكثر من 50 ألفا من الفلسطينيين انتقاما لمصرع 1200 إسرائيلي في 7 اكتوبر 2023. التوازن هنا غير مقبول من الجانب الإسرائيلي، بل التفوق الدائم في كل شيء، فلا مكان لما جاء في السياق التاريخي للوجود اليهودي خصوصا قانون «السن بالسن، والعين بالعين». بل أن سياسات نظام الاحتلال قامت على أساس مبدأ الانتقام الشامل لكل عمل يصيب المحتلّين بأذى. وهكذا يفرض على العالم العيش في ظروف تفتقر لمبادئ الحرّيّة والعدالة وحق تقرير المصير والمساواة بين البشر.
وعلى هذا الأساس يمكن النظر لما حدث مؤخرا أنه تجسيد للأيديولوجية الإسرائيلية التي ترفض مبدأ «النفس بالنفس، والعين بالعين» وتصرّ على أن تكون عقوبة استهداف الإسرائيليين في أي مكان مضاعفة وذلك انطلاقا من مشاعر الاستعلاء والاستكبار والسعي للاحتفاظ بالتفوق الإسرائيلي حتى في مسائل الموت والحياة. وها هو حصار غزّة المستمر منذ 7 أكتوبر 2023، يتواصل بدون صدور دعوات دولية فاعلة لإنهائه، وكأن التجويع أصبح سلاحا مشروعا ضد الأبرياء.
لقد استهدفت «إسرائيل» إيران مرات عديدة، ولم تعلن دول العالم موقفا داعيا لوقف العدوان أو شجبه أو محاولة معاقبة من يقوم به. وجاء العدوان الأخير ليكرر المأساة الإنسانية في غياب موقف دولي رشيد، يفضي لمعاقبة من ينتهك القانون الإنساني الدولي من جهة ويهرع لإغاثة ضحايا ذلك الانتهاك. بل أن هذا العالم كثيرا ما ساوى بين الضحية والجلاد، واكتفى بالتفرّج على ما يجري من حمامات دماء لا تتوقف خصوصا في غزّة.

*كاتب بحريني

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

مسؤولة «غرينبيس» الشرق الأوسط لـ«الاتحاد»: تداعيات بيئية واقتصادية خطيرة لحرائق الغابات في سوريا

أحمد عاطف (دمشق)

اعتبرت كنزي عزمي، مسؤولة الحملات الإقليمية في منظمة «غرينبيس» الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أن حرائق الغابات والأراضي الزراعية أصبحت أكثر تكراراً وحدة، بسبب الاحترار العالمي المتسارع في المنطقة، مؤكدة أن سوريا تعاني شحاً في المياه، وتراجعاً في الغطاء النباتي، مما يجعل البيئة أكثر هشاشة، ويزيد من خطر اندلاع الحرائق. وذكرت عزمي، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن حرائق الغابات تعكس أزمة مناخية حادة، مما يتطلب استجابة سياسية ومالية جادة، حيث باتت الحرائق أشد حدة وأكثر تكراراً، بسبب تغير المناخ، خاصة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، التي ترتفع حرارتها بمعدل ضعف المتوسط العالمي.
وأفادت عزمي بأن آثار الحرائق في سوريا تتجاوز مجرد فقدان الأشجار، إذ تمتد إلى تهديد الأمن الغذائي، وتفكك النسيج المجتمعي، وتدمير مصادر الرزق، وفقدان التنوع البيولوجي، واختلال التوازن البيئي على المدى البعيد.
وأشارت عزمي إلى تضرر الأراضي الزراعية في سوريا نتيجة الحرائق، مما أدى إلى تدمير محاصيل استراتيجية، مثل أشجار الزيتون والفاكهة، إضافة إلى زيادة انعدام الأمن الغذائي في البلاد. وقالت المسؤولة البيئية، إن الحرائق لا تندلع بسبب التغير المناخي فقط، بل تسهم فيه أيضاً، إذ تطلق كميات ضخمة من ثاني أكسيد الكربون، مما يؤدي إلى زيادة الاحتباس الحراري. 
وفي المقابل، تؤدي موجات الجفاف والحر الشديدة إلى اشتداد ألسنة اللهب، وبالتالي تتكرر الكارثة بوتيرة أسرع. وكانت النيران قد التهمت أكثر من 16 ألف هكتار من الغابات والأراضي الزراعية في سوريا، وهو ما يعادل نحو 3% من مساحة الغطاء الغابي في البلاد، وذلك في أحدث موجة من الحرائق، التي طالت نحو 45 قرية، وتضرر بسببها أكثر من 1200 عائلة. كما أدت الحرائق إلى انبعاث كميات هائلة من الغازات السامة، مثل أول أكسيد الكربون، وأكاسيد النيتروجين، وثاني أكسيد الكبريت، مما زاد من معدلات تلوث الهواء، خاصة في المناطق الريفية، مع تأثيرات مباشرة على صحة السكان، وتحديداً مرضى الربو والجهاز التنفسي.

أخبار ذات صلة مقتل عنصر أمن سوري في هجوم مسلح بالسويداء «أبوظبي للزراعة» تنال أول شهادة عالمية في الذكاء الاصطناعي بالقطاع

مقالات مشابهة

  • "الشرق الأوسط للرعاية الصحية" تعلن عن نمو قوي في الإيرادات وصافي الربح للربع الثاني 2025
  • "عمانتل" تدعم المؤتمر السنوي لجمعية علاقات المستثمرين في الشرق الأوسط
  • مسؤولة «غرينبيس» الشرق الأوسط لـ«الاتحاد»: تداعيات بيئية واقتصادية خطيرة لحرائق الغابات في سوريا
  • وزير الزراعة ومحافظ الشرقية يتفقدان أكبر مصنع لإنتاج اللقاحات البيطرية في الشرق الأوسط
  • ظريف يقترح آلية إقليمية موسعة لإنهاء المخاوف من برنامج إيران النووي
  • ويتكوف: حماس منفتحة على التخلي عن سلاحها.. ونتنياهو ملزم بإنهاء الحرب
  • أكواد فري فاير مجانا 2025 غير مستعمل سيرفر الشرق الأوسط.. هدايا وأسلحة نادرة
  • وزير الخارجية الأمريكي يبحث مع نظيرته الكندية الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط
  • عبد المنعم سعيد: حل الدولتين يجعل إسرائيل سنغافورة في الشرق الأوسط
  • «خبير استراتيجي» يكشف خطة نتنياهو لتغيير الشرق الأوسط