سعيد بنيس: المغرب الذي نعرفه انتهى... و"نيُوتمغربيت" تُنذر بتحولات سوسيولوجية عميقة
تاريخ النشر: 19th, June 2025 GMT
في مداخلة مثيرة للتفكير خلال ندوة علمية نظمتها الجمعية المغربية لعلم الاجتماع بكلية علوم التربية بالرباط، اليوم الأربعاء، تحت عنوان « أي دور لعلم الاجتماع في فهم وتفسير التحولات الاجتماعية؟ »، أطلق سعيد بنيس، أستاذ علم الاجتماع بجامعة محمد الخامس، سلسلة من الأفكار الجريئة التي حذرت من نهاية المغرب الذي نعرفه، لصالح مغرب جديد تشكله التكنولوجيا، والرقمنة، وتحولات المجتمع الافتراضي.
تحولات عميقة: من الواقع إلى الافتراضي
أكد بنيس أن المغرب يعيش تحولًا جذريًا يتمثل في الانتقال من « مجتمع التواصل الواقعي » إلى « مجتمع الاتصال الرقمي »، ومن « ثقافة الشفهي » إلى « ثقافة السمعي البصري »، حيث أصبح التعبير المجتمعي اليوم محكومًا بالوسائط الرقمية.
وأشار إلى أن المواطنة نفسها أخذت شكلاً جديدًا تحت مسمى « المواطنة الافتراضية »، مع بروز ما أسماه بـ »التنشئة الافتراضية داخل محاضن ديجيتالية »، بل وحتى داخل فضاء الذكاء الاصطناعي.
واستند بنيس إلى معطيات بحث ميداني وطني أنجزته الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات سنة 2018، ليدق ناقوس الخطر بشأن تأثير الرقمنة على الروابط المجتمعية. أبرز الأرقام تشير إلى أن 99% من المغاربة يستخدمون الإنترنت، و94.3% من المستخدمين فوق سن الخامسة يشاركون في المنصات الاجتماعية، مقابل وعي ضئيل بالمخاطر المرتبطة بها (21% فقط).
وطرح بنيس سلسلة من التساؤلات المحورية حول مدى صلاحية أدوات علم الاجتماع التقليدية لمواكبة التحولات المتسارعة في زمن الرقمنة، مقترحًا تطوير منهجيات جديدة تعتمد على « الميدياغرافيا » و »الأنثروبولوجيا الديجيتالية »، ومقاربة ثنائية تجمع بين الواقعي والافتراضي لفهم المجتمعات المعاصرة.
تحذير من الانحرافات الرقمية
وتوقف بنيس عند مخاطر المنصات الرقمية الكبرى (GAMA)، واستشهد بحالة منصة « تيك توك » في فرنسا، حيث شكلت أحد أسباب انتحار الشباب، والقيام بعمليات سادية على الجسد، واضطرابات الأكل.
ووصف هذا الانحراف الرقمي بأنه بات أحد تحديات السياسات العمومية، نظرًا لتزايد العنف، التنمر، الابتزاز، والكراهية، مضيفًا أن « الرابط الاجتماعي بات يمر عبر جسر افتراضي »، وهو ما يستدعي إعادة التفكير في مفاهيم التراحم وصلة الرحم في ظل هيمنة رموز مثل: « بلوك »، « لايك »، « سينيال »، و »ديبلوكي ».
من « تمغربيت » إلى « نيُوتمغربيت »
من بين المفاهيم اللافتة التي طرحها سعيد بنيس، تلك المتعلقة بظهور شكل جديد من الهوية سماه « نيُوتمغربيت »، تتأسس على التفاعلات الرقمية، وتتجلى في سلوكيات ومواقف تعيد تشكيل علاقة الفرد بذاته وبمحيطه.
واختتم بنيس مداخلته بالدعوة إلى إحداث مسارات علمية في السوسيولوجيا الرقمية داخل الجامعة المغربية، وإنشاء معهد وطني للعلوم الاجتماعية يكون همزة وصل بين البحث الأكاديمي وصناعة القرار.
كلمات دلالية العلوم الإجتماعية سعيد بنيس
المصدر: اليوم 24
كلمات دلالية: العلوم الإجتماعية سعيد بنيس
إقرأ أيضاً:
منى عبد الوهاب: لا لحظر تيك توك.. نعم لتنظيم المحتوى وضبط الفوضى الرقمية
طالبت الإعلامية منى عبد الوهاب بضرورة وضع ضوابط واضحة وصارمة لمحتوى تطبيق "تيك توك"، مؤكدة أن حالة الفوضى في نوعية المحتوى المتداول عبر المنصة تهدد الذوق العام، وتكرّس لمستوى متدنٍ من الوعي والسلوك، خاصة في أوساط الشباب.
أوضحت عبد الوهاب خلال استضافتها في برنامج "الستات" على قناة النهار، أن حظر التطبيق ليس هو الحل، واصفة الدعوات لحظره بأنها رد فعل عشوائي وسطحي، لا يلامس جوهر الأزمة.
وقالت:"أنا بشوف إن الكلام عن حظر التيك توك مش هو الحل، لأنه مجرد رد فعل سطحي. المشكلة الحقيقية إن التيك توك بقى مليان ألفاظ خارجة وسلوكيات غريبة، ومفيش ضوابط تحكم اللي بيتعرض عليه."
وأشارت عبد الوهاب إلى أن الحل الذكي والمتوازن يتمثل في الحفاظ على وجود المنصة مع فرض رقابة واضحة وتنظيم المحتوى، قائلة:"المنع مش حل.. الحل إننا نضع قواعد واضحة ونتفق على شكل المحتوى المسموح. المنع هيزود الجذب ويخلق منصات بديلة خارج السيطرة."
لفتت عبد الوهاب إلى أن من يقدمون محتوى هابطًا على "تيك توك" ليسوا دائمًا باحثين عن الشهرة فقط، بل في كثير من الحالات يعكسون واقعًا مريرًا لمستوى الوعي، وقالت:"إحنا متخيلين إن الناس بتعمل كدا عشان تتشهر، لكن الحقيقة إنهم كدا فعلًا.. وده أخطر، لأنه معناه إن في مشكلة وعي مجتمعية محتاجة تدخل."
وشددت الإعلامية على أن ضبط المحتوى مسؤولية مجتمعية، تبدأ من الأسرة، وتمر بالمؤسسات التعليمية والإعلام، وليس الدولة فقط. ودعت إلى إطلاق حملة توعوية وطنية، تتضافر فيها الجهود الرسمية والشعبية لرفع مستوى الوعي وتنظيم ما يُعرض على المنصات الرقمية.