من فتوى الجهاد إلى نص القانون: الحشد الشعبي يبحث عن صيغة البقاء
تاريخ النشر: 9th, August 2025 GMT
9 أغسطس، 2025
بغداد/المسلة: يثير مشروع قانون تنظيم قوات الحشد الشعبي حالة من الاستقطاب السياسي الحاد في بغداد، وسط توازنات دقيقة بين حسابات النفوذ الإقليمي وضغوط الداخل.
وتبدو ملامح الصراع في البرلمان العراقي انعكاسا لصراع أوسع، إذ تتداخل فيه رهانات واشنطن التي تحذر من تكريس نفوذ إيران، مع حسابات أطراف محلية ترى في القانون فرصة لترسيخ وجود الحشد كمؤسسة عسكرية ذات استقلالية مالية وإدارية، بما يمنحه مساحة أكبر من الحركة داخل منظومة الدولة وخارجها.
وتكشف بنود المشروع المسربة عن توجه لتأسيس أكاديمية عسكرية خاصة بالحشد، وإقرار استقلال مالي يضعه على مسافة من وزارة الدفاع، في خطوة يعتبرها مؤيدوها تصحيحا لوضع قائم منذ 2014 حين تشكلت هذه القوات بفتوى المرجعية لمواجهة تنظيم داعش.
بينما يرى معارضو المشروع، بينهم كتل سنية وكردية وحتى بعض القوى الشيعية، أن إقراره قد يمهّد لنموذج شبيه بالحرس الثوري الإيراني، بكل ما يحمله ذلك من تبعات على توازن القوى داخل العراق.
ويأتي الجدل في توقيت شديد الحساسية إقليميا، مع انشغال إيران بجبهات متوترة في المنطقة وتراجع نفوذ بعض حلفائها، مقابل محاولات واشنطن إعادة رسم قواعد الاشتباك السياسي والأمني في بغداد. ويقرأ بعض المحللين المشروع كجزء من لعبة إعادة التموضع، حيث تسعى فصائل الحشد إلى تحصين مكتسباتها، في حين يحذر آخرون من أن إخراج هذه المؤسسة من الإطار الحكومي الصارم قد يفتح الباب أمام تضخم نفوذها العسكري والاقتصادي، خصوصا في ظل نشاطاتها الاستثمارية المتنامية .
وتحت قبة البرلمان، تتجلى معركة إرادات بين دعاة دمج الحشد في البنية الرسمية وفق قواعد موحدة، وبين أطراف تريد الإبقاء عليه ككيان مستقل على غرار وزارات الدفاع والداخلية.
وتزداد حدة الجدل مع اقتراب الانتخابات التشريعية، حيث يُنظر إلى القانون كأداة انتخابية لتعزيز القواعد الشعبية واستثمار الشرعية الرمزية التي اكتسبها الحشد من معارك السنوات الماضية.
وفي ظل غياب توافق وطني، يبقى المشروع معلقا، ليظل الحشد الشعبي عند تخوم الدولة، يتأرجح بين شرعية السلاح وشرعية السياسة.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts
المصدر: المسلة
إقرأ أيضاً:
أمانة بغداد تقطّع أسلاك العشوائيات: تمليك رسمي وبدل مقسّط بقرار حكومي
8 أغسطس، 2025
بغداد/المسلة: تتسارع في أمانة بغداد خطوات تنفيذ القرار 320 لسنة 2022، الذي وضع إطاراً قانونياً لتمليك الأراضي الزراعية أو التابعة للدولة والمتجاوز عليها بوحدات سكنية ثابتة، بعد عقود من الجدل حول مصيرها.
وتستهدف الخطة مئات المناطق السكنية التي نشأت خارج المخططات الرسمية، لتمنح سكانها سندات ملكية تضع حداً لعدم الاستقرار القانوني والاجتماعي.
وتأتي هذه الإجراءات ضمن مسار حكومي أوسع لمعالجة ملف السكن العشوائي، وتخفيف الضغط عن المدن عبر دمج الواقع العمراني بالقوانين النافذة.
تفاصيل
صرّح أمين بغداد بأن أمانة العاصمة تواصل تنفيذ الإجراءات الخاصة بتمليك الأراضي الزراعية المتجاوز عليها، وفق القرار 320 لسنة 2022، الذي رسم معالم تسويةٍ طال انتظارها بين المواطنين والدولة، بعد سنوات من التداخل القانوني والاجتماعي.
وحدّد القرار الخطوات الواجب اتباعها لمنح سندات ملكية للمواطنين الذين شيّدوا وحدات سكنية ثابتة على أراضٍ تعود ملكيتها للدولة، شريطة ألا تكون مخصصة للنفع العام، ولا تزال هذه الضوابط تُشكّل عنق الزجاجة في تنفيذ القرار.
واستعرض الأمين حجم التحدي قائلاً إن بغداد وحدها تضم أكثر من 300 منطقة مشمولة، تتفاوت كثافتها من مئة دار إلى آلاف الوحدات السكنية، ما يجعل من تطبيق القرار مهمة عمرانية وإدارية على مستوى مدينة بأكملها.
ولم تُبدِ أغلب الوزارات المعنية، والتي تعود ملكية الأراضي إلى حوزتها، تعاوناً يُذكر مع أمانة بغداد في إجراءات التمليك، ما أدى إلى تباطؤ غير معلن، وانغلاق حلقات سلسلة التمليك عند أول استحقاق إداري: نقل الملكية من الوزارات إلى الأمانة.
وواجهت اللجان التنفيذية معضلة إضافية تمثلت في أن كثيراً من تلك الأراضي، رغم أنها مأهولة منذ عقود، لا تزال مصنفة في سجلات بعض الوزارات على أنها مخصصة للنفع العام، ما يتعارض صراحةً مع بنود القرار 320، ويُفرغ مساعيه من جدواها القانونية.
وأكّد الأمين أن الأراضي التابعة لأمانة بغداد، والتي لا تحمل صفة النفع العام، تشكّل القاعدة الأسلم للانطلاق منها، وقد تم إنجاز الإفراز وإصدار السندات في نحو سبع إلى ثمان مناطق بشكل كامل، في خطوة وُصفت بأنها أول موجة من التمليك الفعلي.
وتكفّلت لجان التقدير بإعداد الكشوفات المالية لتلك المناطق، وصدرت قرارات لاحقة من مجلس الوزراء سهّلت من إجراءات المعاملة، بعدما كانت معقدة إلى درجة يعجز فيها المواطن عن إكمالها خلال المهلة المحددة سابقاً بـ90 يوماً.
وأتاح التعديل الجديد تسديد جزء من البدل المالي فوراً، وتقسيط الباقي، وهي آلية تمويلية تتناسب مع طبيعة المناطق المشمولة، والتي يغلب عليها الطابع الشعبي، وتقطنها غالباً فئات ذات دخل محدود.
وتواصل أمانة بغداد التنسيق مع دوائر التسجيل العقاري والإسكان لوضع جدول زمني موسّع يشمل المناطق المتبقية، وسط تأكيدات بأن أي منطقة لا يثبت تخصيصها للنفع العام ستدخل تدريجياً ضمن المشروع.
وتمثّل هذه الإجراءات جزءاً من سياسة حكومية أوسع لاحتواء السكن العشوائي وتدعيم الاستقرار الاجتماعي، في مدينة تحتضن ما يزيد على مليون ونصف مواطن يسكنون في وحدات لا تملك سنداً قانونياً واضحاً.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts