سواليف:
2025-08-09@06:59:25 GMT

تأملات قرآنية

تاريخ النشر: 19th, June 2025 GMT

#تأملات_قرآنية

د. #هاشم_غرايبه

يقول تعالى في الآية 217 من سورة البقرة: “وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىٰ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا”.
في هذه الآية الكريمة يقرر الله تعالى حقيقة ماثلة ودائمة، لم تنتهي بانتصار الدعوة على القوة المعادية وهي مشركي قريش، وإنما ستبقى دائمة متواصلة بدلالة (وَلَا يَزَالُونَ).


هؤلاء المعادون المحاربون لمنهج الله هم من سماهم الله تعالى بالكافرين، وهم من حددهم بوضوح في سورة البينة، والتي ابتدأت بكشف عنصري الكفر الذي يتألف منه معادو الرسالة المحمدية، وهما أهل الكتاب والمشركين: “لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّىٰ تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ”، وتشكل هذا التحالف فور أن أنزل الله البينة، التي تعني الأمر الواضح الجلي، وهي ان الدين عند الله هو الاسلام، وأنه أستكمل نهائيا بهذه الرسالة، لذلك فهذا هو منهج الله الذي يجب ان يتبعه من يعتبر نفسه مؤمنا بما أنزل الله من رسالات سابقة (أهل الكتاب)، أو لم يكن مؤمنا وظل يتبع آلهة غير الله.
هذه البينة حددها تعالى بنص صريح بانها رسوله والقرآن الذي أنزله عليه ليتلوه على الناس ويبين لهم آياته: “رَسُولٌ مِّنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُّطَهَّرَة”ً، ثم يبين أن هذه الرسالة لا تخالف ما أمر به أهل الكتاب على لسان أنبيائهم، وهو المرتكزات الأساسية للدين، التي هي المبدأ العقدي للإيمان (التوحيد)، والمبدأ العبادي التطبيقي الذي يؤكده وهو العبادات المفروضة وهي الصلاة والزكاة، ونلاحظ أنه تعالى لم يذكر المرتكز التالث للدين وهو التشريعات، وذلك لأن لكل رسالة تشريعات خاصة بها كان يعدلها في كل رسالة تالية، وبالطبع فكل تعديل هو بديل يلغي ما قبله، لذلك كانت تشريعات الرسالة المحمدية مغنية على كل ماسبقها، والكتاب الأخير (القرآن) مهيمن عل جميع الكتب السابقة، لأنه يحتوي على المبدأين الأساسيين ويحدّث كثيرا من الأحكام بما استوجبه التطور البشري.
المعاندة وخوف فقدان االمكاسب، والكبر والميل الى اتباع المنظومة الفكرية للسلف، هي العائق الأكبر أمام اتّباع الرسالة المحمدية، لكن رفض أهل الكتاب اتباعها، كان أكثر تشددا لوجود عامل آخر هو الحسد لمن أنزلت عليهم الرسالة، فقد اعتادوا أن تكون النبوة في نسل الفرع الاسحاقي من بني ابراهيم، وانتقالها الى الفرع الاسماعيلي حرق قلوبهم حسدا، خاصة وأنهم يعلمون أنها آخر الرسالات وأهمها.
هذا هو تفسير سبب عداء أهل الكتاب الشديد للإسلام، مع أنه يفترض أن يكون الأقرب لهم من منهج الكفر، إلا أننا نشهد تحالفا والتقاء بين جميع الأطراف المتبعة للمناهج الزائعة على تعددها وتناقض مصالحها، وشهدنا هذا الاصطفاف يلتئم على محاربة متبعي منهج الله على مر العصور، وفي كل الحالات:
ففي فجر الدعوة تحالف أهل الكتاب مع المشركين في المعركة المصيرية (الخندق)، مع أن عقيدة المسلمين أقرب لهم، فكان الأحرى أن يحالفوا من يعبدون الله وليس عبدة الأصنام.
ورأينا الروم يحالفون أعداءهم التاريخيين الفرس على محاربة المسلمين في معركة الفراض.
كما انخرط الأوروبيون المتصارعون طوال تاريخهم، على مختلف قومياتهم في الحلف الصليبي لمحاربة المسلمين، وغزوهم في عقر دارهم، مع أن الدولة الاسلامية في فتوحاتها تجنبت أوروبا ولم تهدد بغزوها، وانخرط الطرفان المتعاديان: الأوروبي الغربي الكاثوليكي مع الشرقي الارثوذوكي، في كل الحملات الصليبية ضد المسلمين.
وفي الحرب العالمية الأولى، لم يشفع للدولة العثمانية انضمامها لتحالف المحور الذي قادته ألمانيا ضد دول أوروبا الغربية، فبقي عداؤها للمسلمين الأتراك قائما الى اليوم، فظلت الأشد عداء لتركيا التي ناصرتها، والأكثر ممانعة لانضمامها للاتحاد الإوروبي، وتعلن وبشكل صريح أن ذلك بسبب أن عقيدة الأتراك إسلامية، بالمقابل فهي تبدي ودا وتلتقي مع المتعصبين الأوروبيين ضدها، وتنضوي تحت تحالفاتهم في محاربة المسلمين (مثل دعم الكيان اللقيط وفي حروب امريكا على الارهاب وعلى أفغانستان والعراق وعلى القطاع وعلى ايران)، وتتناسى إذلالات الأوروبيين وأمريكا لها على مر العصور، وما أذاقوها من ويلات ودمار غير مسبوق في الحربين العالميتين.
هكذا يبين كتاب الله ان الحروب العدوانية التي تتعرض لها أمتنا طوال تاريخها، ليست صراعات قوميات ولا أطماع بالموارد الطبيعية، بل هي بهدف صدها عن الدين.
لذلك نرى الأنظمة الاسلامية: بقدر ابتعادها عن الدين تكون مقربة عندهم، وبمدى معاداته يساعدونها بالمنح والقروض.

مقالات ذات صلة كاريكاتير عماد عواد 2025/06/19

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: تأملات قرآنية هاشم غرايبه أهل الکتاب

إقرأ أيضاً:

خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف

مكة المكرمة

أوصى فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور أسامة بن عبدالله خياط، المسلمين بتقوى الله فإن التقوى سبيل الأيقاظ، ونهج أولي النهى، وطريق أولي الأبصار، فيها الأمن من العثار، والفوز بالجنة والنجاة من النار.

وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم في المسجد الحرام: “آية من كتاب الله تعالى اشتملت على جميع مصالح العباد في معاشهم ومعادهم، وفيما بينهم وبين ربهم، فهي جديرة بإدامة النظر في معانيها، وفهم مراميها، وكمال الحرص على العمل بما جاء فيها، إنها قوله -عز اسمه-: (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبَرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُواْ عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)”.

وأضاف الشيخ أسامة أن من الواجب الذي بين العبد وبين الخلق من المعاشرة والمعاونة والصحبة، أن يكون اجتماعه بهم، وصحبته لهم، تعاونًا على مرضاة الله وطاعته، التي هي غاية سعادة العبد وفلاحه، ولا سعادة له إلا بها، وهي البر والتقوى اللذان هما جماع الدين كله.

وأوضح فضيلته أن حقيقة البر هو الكمال المطلوب من الشيء، والمنافع التي فيه والخير، فالبر كلمة جامعة لجميع أنواع الخير والكمال المطلوب من العبد، وفي مقابله الإثم: وهي كلمة جامعة للشرور والعيب الذي يذم العبد عليها.

وأكّد فضيلة الشيخ خياط أن الله سبحانه أخبر أن البر هو: الإيمان بالله وبملائكته وكتبه ورسوله واليوم الآخر، وهذه هي أصول الإيمان الخمسة التي لا قيام للإيمان إلا بها، وأنه الشرائع الظاهرة من إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والنفقات الواجبة، وأنه الأعمال القلبية التي هي حقائقه من الصبر والوفاء بالعهد، فتناولت هذه الخصال جميع أقسام الدين، ثم أخبر سبحانه أنها هي خصال التقوى بعينها.

وبين الشيخ أسامة خياط أن حقيقة التقوى العمل بطاعة الله إيمانًا واحتسابًا، أمرًا ونهيًا، يحمل العبد على أن يفعل ما أمر الله به، إيمانًا بالأمر، وتصديقًا بوعده، ويترك ما نهى الله عنه، إيمانًا بالنهي، وخوفًا من وعيده، كما قال طلق بن حبيب: “إذا وقعت الفتنة فأطفئوها بالتقوى، قالوا: وما التقوى؟ قال: أن تعمل بالطاعة على نور من الله، ترجو ثواب الله، وأن تترك معصية الله على نور من الله، تخاف عقاب الله”، وهذا من أحسن ما قيل في تعريف التقوى وبيان حقيقتها.

وشدد على أن من أظهر المعينات للتعاون على البر والتقوى تربية النفس وتعويدها على هذا الخلق، لاسيما في مراحل النشأة الأولى داخل الأسرة، بأن ينشأ أفرادها على أساس متين من التعاون على الخير فيما بينهم، ويبين لهم ضرورته ولزومه، وجميل آثاره، وحسن العاقبة فيه، ثم تتسع الدائرة لتعم ذوي القربى والجيران، ببذل الحقوق، وأداء الواجبات المفروضة، من صلة وإحسان، وتآزر وتراحم، تمتد حلقاته فتشمل المجتمع المسلم كله.

كما تحدث فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالباري بن عواض الثبيتي، عن سورة قريش وما تحمله من معانٍ عظيمة، وأنها من السور القصيرة في مبناها، العميقة في معناها، والتي تشرق على القلوب بندائها الخالد ووقعها العميق في النفس والروح.

وأوضح فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم في المسجد النبوي، أن آيات هذه السورة تلهم القلب، وتفتح بصيرته على معنيين عظيمين، رزق الطعام بعد الجوع، ومنح الأمان بعد الخوف، وهما بلا شك دعامتان أساسيتان للحياة الكريمة، فمن ظفر بهما فقد حاز من الدنيا كنزين لا يُقدّران بثمن.

وقال: “إن نعمة الطعام في زمن الجوع ليست مجرد غذاء، بل هو حياة توهب، ورغيف يقيم صلبًا، وقطرة ماء تنعش روحًا، ودفء يكسو برد الحاجة، وكرامة ترمم كسور الفقر، أما حين يحرم الإنسان من ذلك فلا تجوع معدته، بل تجوع كرامته، وتذبل إنسانيته، قال تعالى: (أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ)”.

وأضاف الشيخ الثبيتي: “إن نعمة الأمن من الخوف هي السكينة التي تغمر الحياة، وطمأنينة الليل التي تهنأ معها النفس، وراحة الأطفال في أحضان الأمهات، والشعور بأن الغد قادم لا يحمل الرعب يبيت المرء فلا خوف يزعجه، ويصحو فلاهم يزعجه، قال تعالي: (وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ)”.

وأكّد إمام وخطيب المسجد النبوي أن نعمة الأمان من أعظم النعم التي لا يشعر الإنسان بقيمتها ما دامت حاضرة في حياته، ولا يدرك قدرها إلا إذا افتقدها، أو رأى غيره يعيش في فقدانها، فعندما يعمّ الخوف أرضًا، يُسلب الناس راحة النوم، وتفقد الطمأنينة، ويصبح النهار جحيمًا، والليل كابوسًا مستمرًا، مشيرًا إلى أن سر السعادة الحقيقي، ومصدر الهناء الدائم، وراحة البال، وأجل ما يرزق به الإنسان من النعم لفتة النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله البليغ: (من أصبح منكم آمنا في سربه، مُعافى في جسده عنده قوت يومه، فَكَأَنَّما حيزت له الدنيا) رواه الترمذي وابن ماجه.

وأفاد فضيلته أن المراد بقوله تعالى: (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَٰذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ)، هي دعوة رقيقة وحازمة، للتوجه بالعبادة والخضوع لله وحده، الذي لا تأتي النعم إلا من خزائنه، ولا يرفع الخوف إلا برحمته، مبينًا أن الله تعالى، هو وحده من أطعم قريشًا بعد جوع، وساق إليهم الرزق من كل صوب، وهو الذي آمنهم بعد خوف، وهيأ لهم أسباب الأمان والاستقرار، وحصنهم بحرمة البيت الحرام.

وأشار الدكتور الثبيتي إلى أن الجزيرة العربية قبل الإسلام كانت تعيش في الفقر الشديد، ويعمّها الخوف الدائم، حيث تقلبت حياتهم بين الحاجة والحرمان، وتحاصرهم الغارات وترهبهم الصراعات، وحين جاء الإسلام، تبدلت أحوالهم من شتات إلى وحدة، ومن جوع إلى وفرة، ومن خوف إلى أمن، ومن جزيرة منسية إلى أمة أقامت حضارةً امتد نورها شرقًا وغربًا، وأن هذا التحول العظيم لم يكن إلا بفضل الله تعالى، وهدايته، ونعمته التي نزلت عليهم من حيث لا يحتسبون، ومن هنا، جاء نداء السورة واضحًا، اعبدوا رب هذا البيت، فهو وحده الذي أطعم، وآمن، وأكرم، وهدى.

وأكّد فضيلته، أن من تمام شكر النعمة أن تُطاع لا أن تُنسى، وأن يُصان الفضل لا أن يغفل، فالشكر الحقيقي لا يختزل في كلمات تقال، بل يبدأ من إقرار في القلب، ويتجلى في نطق صادق باللسان، ويُترجم إلى عمل صالح بالجوارح، فهو صاحب الفضل سبحانه.
وتابع إمام وخطيب المسجد النبوي قائلًا: “لايسعنا إلا أن نستحضر بقلوب دامعة حال أهلنا في فلسطين، وحال أمة تختنق بالوجع، شحّ الغذاء، وغاب الأمان، والمشهد ازداد ضيقًا حتى خنق الأنفاس، فالجوع بلغ أقصى مداه، وسلّ سيفه على رقاب وهنت من الألم، وذبلت أجسادها، وجفت حلوقها من الظمأ والحرمان، وفي مقابل هذا الألم، تتحرك القلوب الحية، والنفوس التي لا تزال تعرف معنى العطاء، عبر القنوات الرسمية الموثوقة، فتُمدّ الأيادي الصادقة بالطعام، والدواء، والماء، نصرةً لمن أنهكهم الجوع، ورفقًا بمن سلبوا أدنى مقومات الحياة، فهي لحظة يمتحن فيها الصدق، وتختبر فيها النوايا، فليكن لنا فيها سهم”.

وأكّد الشيخ الثبيتي أنه لايخفى على أحد ما تقوم به قيادة هذه البلاد المباركة -أيدها الله- من دور فاعل ومواقف مشرفة، في نصرة القضية الفلسطينية من خلال دعمها وحضورها المؤثر في المحافل الدولية، ومبادرتها المتواصلة، في المؤتمرات الإقليمية والعالمية، دفاعًا عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، ودعمًا لصموده، وعدالة قضيته.

وختم فضيلته الخطبة موصيًا المسلمين بالإكثار من الدعاء، فإن الدعاء باب لا يغلق، والنية الصادقة عمل لا يضيع، والكلمة الطيبة أثرها واسع، مستشهدًا بقوله تعالى: (إِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ).

مقالات مشابهة

  • الاعتراض على قدر الله بهذا الفعل.. يجعلك من المغضوب عليهم
  • اتحاد الكتاب العرب يرفض الخطة الإسرائيلية لاحتلال قطاع غزة
  • كيفية الإخلاص في الدعاء.. 8 خطوات تحقق لك الاستجابة
  • امام وخطيب المسجد النبوي: نعمة الأمان من أعظم النعم
  • خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف
  • دعاء الرزق الذي لا يرد .. ردده ليلة الجمعة
  • لماذا لم يحسم القرآن الكريم عدد أصحاب الكهف؟ أسرار قرآنية
  • علماء وخطباء ريمة يؤكدون وجوب اتحاد المسلمين لنصرة الشعب الفلسطيني
  • لقاء الموسع لعلماء ريمة يؤكد وجوب اتحاد المسلمين ووقوفهم صفا واحدا لنصرة غزة