الخرطوم- أعلن رئيس الوزراء السوداني الجديد كامل إدريس، هيكل "ّحكومة الأمل" التي يجري مشاورات لتشكيلها من 22 وزارة، مع استحداث هيئة للشفافية والنزاهة لمكافحة الفساد، وتعهّد بالتقشف والعدل والتسامح ومحاربة التطرف.

وحلّ إدريس في مطلع يونيو/حزيران الجاري الحكومة المكلفة منذ يناير/كانون الثاني 2022، وذلك بعد يوم من أدائه اليمين الدستورية رئيسا للوزارة.

وكلف الأمناء العامين ووكلاء الوزارات بتسيير المهام مؤقتا إلى حين تشكيل حكومة جديدة.

وحدد إدريس، في خطاب متلفز اليوم الخميس "المشكلات القديمة المتجددة التي يعاني منها الوطن"، أبرزها:

عدم وضع الشخص المناسب في المكان المناسب. وضعف الإدارة والقيادة الرشيدة. وإهمال التنمية المتوازنة وعدالة توزيع الثروة والسلطة. والفساد. وصعوبة قبول الآخر لأسباب حزبية وطائفية وعرقية ودينية وجهوية.

وقال "تأمل حكومتكم المدنية القادمة، حكومة الأمل، في معالجة هذه القضايا عبر أسلوبٍ إداري وقيادي رصين يجمع ما بين العلم والمهنية والخُلُق القويم وبمعايير نجاح وضوابط قياس".

وأوضح أن شعار حكومته هو "الأمل" ورسالتها "تحقيق الأمن والعيش الرغيد والرفاه للشعب"، وترتكز رؤيتها على الانتقال بالسودان إلى مصاف الدول المتقدمة، وأن القيم الجوهرية للحكومة ستكون "الصدق والأمانة والشفافية والعدل والتسامح".

وأضاف رئيس الوزراء أن "حكومة الأمل المدنية" ستكون أول حكومة في تاريخ السودان تجمع بين حُسنيين "تكنوقراط بحكم الناس من خلال وكالة خادميهم العلماء بناء على خبرتهم وخلفيتهم التقنية، ولا حزبية بحيث لا ينتمي منتسبوها للأحزاب السياسية وستمثل صوت الأغلبية الصامتة".

وكشف رئيس الوزراء أن حكومته ستكون زاهدة في ذاتها وفعلها وفي منع الإسراف والتبذير، ويتحلى وزراؤها بالمعرفة والجدارة والخبرات.

إعلان حكومات موازية

وأكد إدريس أن حكومته ستكون من كفاءات وطنية مستقلة بلا محاصصات حزبية أو سياسية. وتعهّد بالصدق والنزاهة والعدل، والسعي لرفاهية الشعب، "عبر خطط إستراتيجية وبرامج عمل قابلة للتنفيذ".

وأشار رئيس الوزراء إلى أن هناك قائمة طويلة من المجالس والهيئات والأجهزة والمفوضيات غير الضرورية، تمثل "حكومات موازية تستنزف المال العام"، مؤكدا أن الحكومة ستعمل على مراجعتها من حيث إلغائها أو دمجها في الوزارات وإبقاء الحد الأدنى منها للضرورة القصوى بعد تفعيل أدوارها، وربما لآجال محددة.

ووجّه دعوة إلى الخبرات والكفاءات الوطنية في داخل البلاد وخارجها لإرسال سيرهم الذاتية عبر وسائل تواصل سيعلن عنها لاحقا من أجل الاستفادة منهم في وظائف قيادية لتطوير وبناء الخدمة المدنية في البلاد.

دمج وتعديل

وحدد رئيس الوزراء هيكل حكومته المرتقبة مخفِّضا عدد الوزارات من 24 وزارة حاليا إلى 22 وزارة، وحدّدت الوثيقة الدستورية بأن لا تزيد على 26 وزارة.

ودمج إدريس وزارة العمل والموارد البشرية في وزارة الرعاية الاجتماعية. كما تم دمج وزارتي التجارة والصناعة، والري والزراعة، وألغى وزارة الاستثمار وأنشأ بدلا عنها "الجهاز القومي للاستثمار"، كما عدل اسم وزارة الخارجية وصارت "وزارة الخارجية والتعاون الدولي".

وغيّر أيضا وزارة التربية والتعليم وأصبحت "وزارة التعليم والتربية الوطنية"، وكذلك وزارة البيئة إلى "وزارة البيئة والاستدامة"، وأضاف التنمية الريفية لوزارة الحكم الاتحادي وتم فصل التخطيط الاقتصادي من "وزارة المالية"، وألحقه بالمجلس القومي للتخطيط الإستراتيجي.

وتلا إدريس أسماء الوزارات وهي: الدفاع والداخلية والموارد البشرية والرعاية الاجتماعية، والتحول الرقمي والاتصالات، والثروة الحيوانية والسمكية، والصحة، والتعليم العالي والبحث العلمي، والثقافة والإعلام والسياحة، والطاقة التي حذف منها النفط، والبنى التحتية والنقل.

وأبقى على وزارات الشباب والرياضة، والعدل، وشؤون مجلس الوزراء، ووزارة الشؤون الدينية والأوقاف، التي قال إنها ستهتم بدُور العبادة وترسيخ الوسطية في الدين والتديُّن ومحاربة التطرُّف وبناء جسور التسامح.

كما أعلن رئيس الوزراء استحداث "هيئة النزاهة والشفافية"، بسلطات قانونية واسعة تمكّنها من محاربة الفساد، بدلا عن "مفوضية مكافحة الفساد" التي صدر قانونها في وقت سابق لكنها لم تمارس مهام.

يُشار إلى أن منصب رئيس الوزراء ظل شاغرا أكثر من 3 أعوام، حيث كلف رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان في يناير/كانون الثاني 2022 الأمين العام لمجلس الوزراء عثمان حسين وزيرا لشؤون مجلس الوزراء، وتسيير مهام رئيس الوزراء بعد استقالة رئيس الوزراء الانتقالي عبد الله حمدوك.

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2021، أعلن البرهان حالة الطوارئ في السودان، وحل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين، وعلّق العمل ببعض بنود الوثيقة الدستورية الخاصة بإدارة المرحلة الانتقالية والشراكة مع تحالف قوى الحرية والتغيير بعد إزاحتها عن السلطة.

وصادق المجلس التشريعي المؤقت (مجلس السيادة ومجلس الوزراء) على تعديلات على الوثيقة الدستورية في فبراير/شباط الماضي، تم منح مجلس السيادة بموجبها سلطات واسعة، منها تعيين وإعفاء رئيس الوزراء، إضافة لتعيين وإعفاء حكام الولايات.

إعلان

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات رئیس الوزراء مجلس الوزراء حکومة الأمل

إقرأ أيضاً:

حكومة الأمل وبطء الإيقاع

صحيح أن الوقت لا يزال مبكراً للحكم على أداء حكومة الأمل، لكن الملاحظة التي لا تحتاج إلى كثير تحليل أو تمحيص هي أن الإيقاع بطيء، والمرحلة لا تحتمل هذا البطء، بل تتطلب حركة أسرع، تليق بتحديات ما بعد الحرب، دون أن نقع في فخ الاستعجال غير المحسوب.
منذ إعلان التشكيل الوزاري وحتى اللحظة، لا يزال مقعدا وزير الصحة ووزير الثروة الحيوانية مثار تساؤلات. أين هما؟ لماذا غابا عن المشهد؟

رئيس الوزراء الدكتور كامل إدريس لمح في لقائه الأخير مع الإعلاميين السودانيين بالقاهرة إلى احتمال استبدال وزير الثروة الحيوانية، وهو تصريح صريح، لكنه يفتح باباً مشروعاً للسؤال:
هل نحن بحاجة إلى كل هذا الوقت لاتخاذ قرار واضح؟

في بلد تتراجع فيه سبل الإنتاج، لا يمكن ترك وزارة مثل الثروة الحيوانية معلقة بهذا الشكل. الكفاءات موجودة، والخبرات لا تنقص، والناس تنتظر من يتولى الأمر بشجاعة ويبدأ العمل فوراً.
أما وزارة الصحة، فغياب الوزير عنها يُشبه ترك المريض في غرفة الإنعاش دون طبيب. النظام الصحي في السودان يئن تحت ضربات الحرب، والمستشفيات إما دُمِّرت أو أُغلقت أو تكاد. البلد بحاجة إلى إعادة إعمار صحي، وتدخل عاجل لمكافحة الأمراض، والتخطيط لتطعيم الأطفال، وتأمين الأدوية المنقذة للحياة.

فهل من المقبول أن تمر هذه الأيام الحرجة دون وزير صحة على رأس الوزارة؟
وعلى الطرف المقابل، ومن غير انحياز، أجد أن وزير الداخلية هو الأسرع إيقاعاً بين زملائه. والسبب ربما يعود إلى أنه من أبناء المهنة، يعرف الأرض التي يقف عليها، ومداخل الملفات، فباشر مهامه مباشرة دون تأخير، وهذا بالضبط ما ننتظره من باقي الفريق الوزاري.
السيد رئيس الوزراء قال إنه يعمل 22 ساعة في اليوم، وهذا جهد ضخم لا يُنكره أحد، ويعكس درجة عالية من الالتزام، لكننا يا سيادة الرئيس لا نريد أن تعمل وحدك. نريد حكومة تعمل بكامل طاقتها، وزراء على الأرض، يقودون الملفات من الميدان لا من المكاتب، يتحركون كما تحرك وزير الداخلية، ويمنحون هذا الشعب جرعة أمل حقيقية، لا مجرد اسم لحكومة جديدة.
ولعل ما قاله نابليون بونابرت يصلح أن يكون رسالة لكل من يتردد أو يماطل: “التأجيل يسرق الوقت، والتردد يسرق الانتصارات.”

وكما أوجز توماس جيفرسون: “إذا كان يجب أن تفعل شيئاً، فافعل ذلك الآن.”
هذه ليست شعارات، بل دروس من تجارب أمم عرفت أن لحظة القرار قد تكون هي الفارق بين النجاح والفشل.

هذا شعب صبر كثيراً، وتحمّل ما لا يُحتمل، و ظل واقفاً رغم الانكسارات، لكنه أيضاً شعب يعرف متى ينفد الصبر… فلا تختبروا صبره أكثر من اللازم.

فالإيقاع في العمل الحكومي يشبه إيقاع الموسيقى؛ إن كان بطيئاً حد الملل، فقد المستمعون اهتمامهم، وإن كان سريعاً حد الفوضى، ضاعت النغمة. المطلوب إيقاع ثابت، محسوب، وواعٍ بحساسية اللحظة…
وإن أردنا أن نكسب المعركة، فلنُسرِع الخُطى دون أن نتعثر.

✍️ عميد شرطة (م)
عمر محمد عثمان
8 أغسطس 2025م

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • حكومة الأمل وبطء الإيقاع
  • كامل إدريس: الحكومة السودانية ستعود للخرطوم قبل نهاية أكتوبر
  • رسائل أمل ومشاريع إعادة إعمار.. مشاهدات من لقاء رئيس مجلس الوزراء د.كامل إدريس
  • إليكم أهداف ورقة برّاك التي وافق عليها مجلس الوزراء
  • برلماني يثمن زيارة رئيس الوزراء الانتقالي بالسودان لمصر
  • خلال استقباله كامل إدريس.. الرئيس السيسي يشدد على دعم مصر الكامل لإنهاء الأزمة الإنسانية بالسودان
  • مدبولي: مصر ترفض أي مساس بالسودان تحت أي مسمى
  • رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس يصل مطار القاهرة الدولي
  • عاجل | رئيس الوزارء يعلن الموعد الرسمي لافتتاح المتحف المصري الكبير
  • رئيس البرلمان العربي: الأجواء الإيجابية لانتخابات الشيوخ تعكس حرص مصر على تعزيز الشفافية والنزاهة