علماء ينتجون حساء المادة الذي نشأ بعد لحظة من الانفجار العظيم
تاريخ النشر: 20th, June 2025 GMT
في مصادم الأيونات الثقيلة النسبية في مختبر بروكهافن بالولايات المتحدة، يتم تسريع نوى الذهب إلى سرعات قريبة من سرعة الضوء، ثم تُصطدم ببعضها بعضا، مما يؤدي إلى "ذوبان" النوى وتحرير الكواركات والغلونات، وهي جسيمات دون ذرية من مكونات النواة.
الحساء المكون من هذه الضربات يسمى "بلازما كوارك-غلون"، ويمثل حالة فائقة الحرارة والكثافة، تعود إلى اللحظات الأولى بعد الانفجار العظيم، حيث نشأت جسيمات المادة الأساسية قبل تكوّن البروتونات والنيوترونات.
ولأن تلك الحالة تتكوّن وتفنى في زمن قصير جدا (تختفي بعد تريليون جزء من التريليون من الثانية)، فإنه تصعب مراقبتها مباشرة، وحسب دراسة نشرت مؤخرا في دورية فيزيكال ريفيو ليترز، فقد استخدم العلماء طرقا مبتكرة لدراسة هذه الحالة بدقة.
أحد هذه الطرق هي أنه عند التصادم تنبعث جسيمات فردية عالية الطاقة تؤدي إلى تدفقات من الإشعاع تخبر العلماء بما يحدث داخل البلازما المتكونة.
الدراسة أظهرت كذلك أن البلازما تتفاعل مع هذه التدفقات الإشعاعية، فتندفع جانبا على نحو يشبه الأمواج خلف زورق يتحرك في الماء.
وخلال التجارب، تمكن للعلماء من عمل أول قياس مباشر يشرح كيفية توزيع الطاقة في البلازما، كما ظهر أن البلازما تستجيب للنفاثات كسائل فائق الميوعة
وبشكل عام، يعرف السائل فائق الميوعة بأنه نوع غريب من السوائل يمتلك خصائص غير عادية جدا لا تحدث في السوائل العادية، حيث لا يملك مقاومة للحركة (لا يوجد فيه احتكاك داخلي تقريبا)، ويمكنه التدفق إلى الأبد في أنبوب مغلق دون أن يتوقف، ويمكنه التسلق على جدران الحاوية من تلقاء نفسه، ويتحرك من خلال فتحات صغيرة جدا لا تستطيع السوائل العادية المرور منها.
يفيد هذا النوع من التجارب في "إعادة بناء" دقيقة لحساء الانفجار العظيم، إذ يُعتقد أن هذا النوع من البلازما كان موجودا بعد نحو 20 ميكروثانية من الانفجار العظيم، أما الآن فيمكن إنتاجه في داخل المختبر.
إعلانكما أن هذه النتائج تفتح الباب لبيانات جديدة تتحدى النظريات الحالية في فيزياء الطاقة العالية وتدفع لتطوير نماذج أكثر دقة، بشكل يسهم في فهم تكوين المادة الأساسية التي نشأ منها الكون، وتفسير كيفية تحوُّل الكواركات والغلوونات الحرة إلى بروتونات ونيوترونات.
كما أن هذا الكشف يحل لغز "تخميد النفاثات"، فعندما يحدث تصادم قوي بين نواتين ذريتين (مثل نوى الذهب أو الرصاص) في مسرّع جسيمات، تتولد جسيمات طاقة عالية جدا، هذه الجسيمات تندفع إلى الخارج على شكل "نفاثة"، وحينما تتحرك خلال حساء بلازما الكوارك جلوون فإنها تفقد الطاقة.
ظل ذلك لغزا لفترة طويلة، حتى أثبتت الدراسة الجديدة أن الطاقة لا تختفي، بل تتحول إلى حركة جانبية تظهر في صورة موجات، مما يحل إشكالية ظاهرة إخماد النفاثات.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الانفجار العظیم
إقرأ أيضاً:
يمتد عبر 11 دولة وأكثر من 6 آلاف كيلومتر.. إليك مشاهد مذهلة من الأخدود الإفريقي العظيم
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- يتذكر المصور الجنوب إفريقي شيم كومبيون اللحظة التي اشعلت شغفه بالوادي المتصدع الكبير.
في العام 2002، أثناء البحث عن مغامرةٍ عندما كان في العشرينيات من عمره، ادّخر كومبيون ما استطاع من المال، وباع ما لم يكن بحاجة إليه، واشترى سيارة "لاند روفر".. ومن ثمّ انطلق في رحلة شمالاً مع صديق، ولم يَعُد الثنائي إلى ديارهما إلا بعد 7 أشهر.
كانت الرحلة أول تجربة لكومبيون مع الصدع، المعروف أيضًا باسم نظام صدع شرق إفريقيا، الذي يمتد لمسافة تتجاوز 6،400 كيلومتر من بوتسوانا وموزمبيق جنوبًا إلى جيبوتي والبحر الأحمر شمالاً، وصولاً إلى الأردن.
تشكّلت وديان هذا المعلم، الممتد عبر 11 دولة، من خلال تمزق الصفائح التكتونية ببطء.
وينمو الشق شيئًا فشيئًا حتى يأتي يوم سيغمر خلاله البحر اليابسة بعد ملايين السنين، وسيشكّل ذلك تذكيرًا صارخًا وجميلاً بأنّ لا شيء يدوم.
خلال الرحلة، زار كومبيون مدينة ناكورو في كينيا، حيث تنحدر الأرض وتمتد بحيرة "ناكورو" الحاضنة لأسراب هائلة من طيور الفلامينغو الوردية. وقال المصور: "كانت تلك لحظة مؤثِّرة. اتّضح كل شيء لي في تلك اللحظة".
تدرَّب كومبيون في مجال الحفاظ على الحياة البرية وإدارتها، كما نظَّم رحلات سفاري على طول الصدع، أثناء توثيق مناظره الطبيعية، وحياته البرية، وسكانه لأكثر من 20 عاماً.
وقد جُمعت أعماله الآن في كتابه السابع وأول كتاب فني له بعنوان "الصدع: ندبة إفريقيا" (The Rift: Scar of Africa)، وهو مشروع ضخم يسعى إلى تصوير روعة الصدع.
يتوزع الكتاب على خمسة فصول تستكشف الأصول الجيولوجية للصدع، وتطور أسلاف البشر، وسكانه من البشر اليوم، والتنوع البيولوجي، وتأثير عصر " الأنثروبوسين"، أي الفترة التي أصبح خلالها النشاط البشري يؤثر بشكلٍ كبير على الكوكب.
سكان الصدعسعى كومبيون للتواصل مع العديد من الشعوب والقبائل التي تعيش على امتداد الصدع، وتوطيد العلاقات مع المجتمعات المحلية خلال زياراته سواءً كمرشد سفاري أو كمصور.
يُعد وادي أومو في إثيوبيا من أكثر المواقع تنوعًا، حيث تقطنه قبائل عديدة، منها "بودي"، و"سوري"، و"كارو"، و"كويغو".
وبما أنّ السياحة غير خاضعة للرقابة في تلك المناطق، أكّد كومبيون: "نذهب إلى هناك في مجموعات صغيرة لنحافظ على علاقتنا بأفراد القبائل الذين نعيش معهم. نأخذ هذه المسؤولية على محمل الجد، لأننا نريد علاقة طيبة ومُتبادلة بين الجميع".
كما كوّن المصور صداقات مع دعاة حماية البيئة، بمن فيهم الراحل مارك ستالمانز، الذي ترك إرثًا رائعًا في إعادة تأهيل منتزه "غورونغوسا" الوطني في موزمبيق، ليتحوّل من مساحة صيد مُدمّرة خلال سنوات الحرب الأهلية إلى بؤرة مزدهرة للتنوع البيولوجي.
مستقبل الصدعيشهد الصدع توسّعًا حضريًا متزايدًا، فتقع نيروبي وأديس أبابا على حدوده مباشرةً، وتُعدّان أبرز رموز الحداثة.
ولكن تزخر علامات التطور في كتاب كومبيون.
بعضها مهيب ومسالم، كحقول توربينات الرياح على سفح تل على سبيل المثال. لكن تدل أمثلة أخرى إلى المشاكل التي أثارها عصر "الأنثروبوسين"، مثل صورة وثّقها لصياد يسحب شبكته خلال الغسق.